راني أميري: الإزدواجية الغربية حيال البحرين وأوكرانيا

2014-03-10 - 1:09 م

راني أميري، موقع كاونتربانش

ترجمة: مرآة البحرين

عندما تحدث الرئيس أوباما مؤخرًا عن مبدأ "أنه لا يحق لأي بلد إرسال قوات إلى بلد آخر وأنه أمر غير مبرر ..." كان بالطبع يشير إلى المخاوف الروسية إزاء الاضطرابات في أوكرانيا وتحرك قواتها باتجاه شبه جزيرة القرم. ولكنه لم يأت على ذكر هذا المبدأ عندما غزت المملكة العربية السعودية البحرين في آذار/مارس 2011 لقمع الأغلبية الشعبية المؤيدة للإصلاح.

وخلافَا لأوكرانيا، فإن الاحتجاجات السلمية في دوار اللؤلؤة في المنامة لم تعزل حكومة منتخبة دستوريًا. من الواضح، أن حكم عائلة آل خليفة الممتد منذ قرون لم يكن مُنتخبًا أبدًا من خلال صناديق الاقتراع. وبالإضافة الى ذلك، فإن التمسك بميثاق العمل الوطني الذي رشحه الملك حمد آل خليفة نفسه لم يكن إلا للتمديد لحكم الأسرة الحاكمة ليس إلا.

وقد وصف ستيفن كوهين، الأستاذ الفخري في الدراسات الروسية والتاريخ في جامعة نيويورك، كيف أدى التحريض الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي على طول الحدود مع روسيا إلى الصراع اليوم في أوكرانيا، حيث قال إنه " على الرغم من أننا نقول دائمًا أن روسيا وبوتين قد غزوا بلد جورجيا الصغير، فإن الواقع ينص على أن القوات العسكرية الجورجية المدعومة أمريكيًا هي التي بدأت الحرب عندما هاجمت المناطق الروسية المعزولة في جورجيا."

ويضيف ستيفن موضحًا أنه "إذا عدنا فقط بضعة شهور إلى الوراء، إلى تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، عندما نزل المحتجون إلى الشوارع في أوكرانيا، قال بوتين لأوروبا ولواشنطن، لماذا تجبرون أوكرانيا على الاختيار بين روسيا وأوروبا؟ نحن مستعدون لأن نضع مع أوروبا خطة شبيهة بخطة مارشال لإنقاذ أوكرانيا. دعونا نفعل ذلك معًا. ولكن رفضت واشنطن وبروكسل ذلك. وأدى هذا الرفض إلى ما نحن عليه اليوم."

ويتابع ستيفن بأن" القضية الأساسية هنا هي أن بوتين، ومنذ ثلاث أو أربع سنوات، قد أوضح بأن لديه خطين حمراوين. تتذكرون خطوط أوباما الحمراء في سوريا. ولكن بوتين كان جادًا. وكان أحد هذين الخطين هو جمهورية جورجيا السوفياتية. ولم يكن يستطيع الناتو أن يذهب إلى هناك. والخط الآخر هو أوكرانيا. ونحن تخطينا الخطين. فقد كانـت هناك حرب في جورجيا في عام 2008، واليوم في أوكرانيا أيضًا لأن الولايات المتحدة وأوروبا قد تخطتا خط بوتين الأحمر. والآن، يمكنكم مناقشة ما إذا كان مع بوتين الحق في وضع ذلك الخط الأحمر، ولكن دعونا نناقشه على الأقل".

وفي مقابل ذلك، يطالب البحرينيون بملكية دستورية ورئيس وزراء منتخب وقضاء مستقل وبرلمان تمثيلي لا تتدخل فيه القوى الخارجية أو الرعاة الأجانب وهذه، وبكل المقاييس، مطالب وطنية. إن الغالبية العظمى من البحرينيين يؤيدون هذه الإصلاحات، وهم ليسوا كالأوكرانيين منقسمين إلى قوتين تتنافسان على السلطة. وإن الإدعاءات الكاذبة حول التدخل الإيراني في شؤون البحرين هي ليست أكثر من قرار مبتذل للديكتاتوريات الخليجية لإثارة المخاوف الطائفية والقومية لشعوبها. حتى أن وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت غيتس قال في ذلك الوقت إنه " لا يوجد لدينا أي دليل على أن إيران قد دفعت بأي من هذه الثورات الشعبية أو المظاهرات في جميع أنحاء المنطقة." وقد أكدت وثائق ويكيليكس على عدم وجود أدلة تثبت مزاعم التدخل الإيراني.

قبل ثلاث سنوات، وبفضل قدوم الجيش السعودي وقوات "درع الجزيرة"، وهي رحلة بطول 16 ميلًا عبر جسر الملك فهد، استطاعت قوات أمن البحرين- 90 % من عناصرها هم من غير البحرينيين-- إخلاء دوار اللؤلؤة. حيث قامت الدبابات والجرافات باقتحام الدوار وقامت قوات مكافحة الشغب بإطلاق النار على المعتصمين في الخيام كما قامت طائرات الهليكوبتر بالتحليق وإطلاق النار على المنازل. وتم إغلاق المستشفيات وتعريض الأطباء للضرب عندما حاولوا معالجة الجرحى. كما حوصرت مستشفى السلمانية في العاصمة وسرعان ما أصبحت مركزًا للاستجواب والتعذيب والمقاومة. ولكن، حتى تاريخ كتابة هذا المقال، لم ترتكب القوات الروسية أي عنف في شبه جزيرة القرم، ولم تطلق أي رصاصة. وعلى النقيض من انتقاد أوباما لبوتين، لم ينتج عن حملة القمع في عام 2011 سوى الدعوة إلى " ضبط النفس".

إن العديد من الانتهاكات في البحرين ظهرت مع الغزو السعودي. ولا يحتاج المرء سوى زيارة موقع مركز البحرين لحقوق الإنسان ليرى كيف أن المحاكمات الصورية وسجن الناشطين المؤيدين للديمقراطية والعقاب الجماعي والانتهاكات الوحشية لحقوق الإنسان قد دمرت المجتمع تمامًا. وقد تجاهلت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيين هذا العدوان السافر، وهي نفسها الدول التي تعبر اليوم عن غضبها من توغل روسيا إلى شبه جزيرة القرم.

ويلاحظ البروفيسور كوهين كيف واجهت روسيا انتهاكات الناتو المتزايدة على طول حدودها والتي بدأت" قبل 20 عامًا عندما بدأ كلينتون بتحريك الناتو باتجاه روسيا. " ومن ناحية أخرى، كيف أن المملكة العربية السعودية جزعت عند تنحي الرئيس حسني مبارك وخشيت من احتمال حدوث انتفاضة شعبية على أراضيها، وكيف ردت بسرعة وبوحشية عند غزوها البحرين (ووصلت الدعوة الرسمية فقط بعد أن كانت القوات السعودية في طريقها إلى البحرين).

لم يتجول الفاشيون في شوراع القرى البحرينية الفقيرة. ولم يذرف وزير الخارجية الدموع على القتلى والمعذبين. ولم يعلق أي دبلوماسي أمريكي على الورود التي بقيت في دوار اللؤلؤة المُهدم. في حين أن بوتين دعا إلى إجراء انتخابات رئاسية حرة في أوكرانيا، فيما لم توجه أي دولة غربية دعوة مماثلة إلى البحرين.
يبدو أن البحرين وأوكرانيا تتقاسمان رواية متشابهة. ولا يمكن للفوارق بين هاتين الدولتين، والنفاق الذي تمارسه الدول الغربية في علاقتها بكل منهما، أن تكون أكثر جذبًا للانتباه.


7 آذار/مارس 2014
النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus