جستين غينغلر: سياسة العين بالعين في البحرين

2014-03-12 - 1:23 ص

جستين غينغلر، موقع الدين والسياسة في البحرين

ترجمة: مرآة البحرين

بعد شهرين من انتفاضة 2011، أُثار حسين إيبش ضجة بعد أن كتب مقالًا في صحيفة فورين بوليسي تحت عنوان " هل تشكل البحرين تهديدًا إرهابيًا جديدًا؟". وشعر ناشطو المعارضة بالإهانة بشكل خاص من التلميح بأنه يمكن للحراك الذي كان سلميًا بشكل كبير عندئذ أن يتحول إلى عنف أو إرهاب. ويكفي أن نقول أنه من المرجح أن حسين إيبيش تجنب الظهور على حسابه على تويتر لأيام.

بطبيعة الحال، لم يكن إيبيش يقصد بسؤاله استقامة المتظاهرين، بل البيئة السياسية في البحرين. فهو قد أوجز بقوله: " إن النظام الملكي في البحرين ومن خلال عدم إفساحه المجال أمام المعارضة السلمية يخلق الظروف الملائمة لثورة تتسم بالعنف."

أعتقد أن هذا الطرح لم يعد الآن مثيرًا للجدل، لا سيما بعد الهجوم المتعمد والمتطور (يوم أمس) على الشرطة في قرية الديه باستخدام قنبلة تم تفجيرها عن بعد. إذا أراد المرء أن يناقش ويعطي وصفًا لهذه العملية أهي "إرهاب" أم "تمرد"، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المستهدفين هم من الشرطة وليسوا مدنيين، أعتقد أن الجميع سيتفق بأن سؤال إييبش لم يعد سؤالًا بلاغيًا. ( دعوا جانبًا الآن مسألة تورط المسلحين البحرينيين في سوريا، وخصوصًا مع السلفيين.)

ما يشكل قلقًا واضحًا هو طبيعة الإنفجار نفسه الذي سارعت الحكومة في الإشارة إليه مستفيدة من المتفجرات الموصولة بمقابس التي ضبطتها في كانون الثاني/يناير على متن قارب متجه على ما يبدو إلى البحرين. وقتها، ادّعت وزارة الداخلية أن المتفجرات كتب عليها صنع في سوريا، على الرغم من أنني لا أعتقد أن هذه الصلة الواضحة لها دخل بهجوم (الأمس).

يظهر هذا الفيديو، الذي يعتبره البعض مُلَفّقًا من قبل الحكومة، أنصار سرايا الأشتر المسؤولة عن الانفجار على ما يبدو وهم يحتفلون في النويدرات بنجاح عملية الديه المميتة. وبالتأكيد، لا يبعث وجود الصغار في الفيديو على الاطمئنان.

إن الجانب المستغرب في هذه القضية هو تورط ضابط إماراتي – وهو أحد القتلى - في عمليات مكافحة الشغب. وفقًا لبيان وزارة الداخلية فإن هذا الضابط كان "جزءًا من قوات أمواج الخليج ضمن الاتفاقية الأمنية المشتركة لدول مجلس التعاون الخليجي". وبالتالي هو لم يكن جزءًا من قوات درع الجزيرة التابعة لدول مجلس التعاون الخليجي، والتي تصر الحكومة عدم مشاركتها في العمليات المضادة للمظاهرات (وهو الادعاء الذي أيدته لجنة تقصي الحقائق).

ربما يصبح الاتفاق الأمني المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي الذي انعقد في عام 2012  مثيرًا للجدل. حيث إن شروطه لا تزال غير معلنة، وهو يثير غضب واحتجاج بعض البرلمانيين وخاصة الكويتيين منهم. وبالـتأكيد إن الكثيريـن لن يرحبوا بمفاجأة وجود شرطة أجنبية على أرض البحرين.

لقد تحدثت الى عدد من الإماراتيين وهم يعتبرون أن قضية مقتل شرطي إماراتي قد أثارت الاهتمام في الإمارات وأثارت المشاعر المعادية لايران. حتى إن حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد أخذ يرثي طارق الشحي على حسابه على تويتر وكتب يقول: "رجل إماراتي أب لأربعة أطفال ... قد استشهد في البحرين"

يتساءل المرء عن كيفية ترجمة إلى علاقات دولية. فمن ناحية، يستطيع المرء أن يتصور أن مضاعفة الدعم الإقليمي للبحرين تظهر أنهم متحدون في وجه الإرهاب المدعوم إيرانيًا. ومن ناحية أخرى، يمكن للمرء أن يتوقع من دولة الإمارات العربية المتحدة ،بوجه خاص، رد فعل معاكس يقول لآل خليفة: عليكم حل مشاكلكم بأنفسكم، لأنها أصبحت تنعكس على البقية بشكل متزايد.

وفي هذا الصدد، فإن المنصب الرفيع الذي تولاه السعودي محمد بن نايف كوزير للداخلية، وهو الآن المسؤول عن الملف السوري، هو وراء النتائج المحتملة. حيث يقال أنه أكثر براغماتية من والده فيما يتعلق بالنظرة السعودية إلى التنازلات التي ينتظر أن تقدمها البحرين للمعارضة، حتى إنه كان هناك إشاعة بأنه كان وراء إلغاء خطة كانت تهدف إلى دعوة ممثلي الوفاق لإجراء مناقشات في الرياض.

نأمل أن تنجح هكذا ضغوط أو وساطات إقليمية، لأنه من الصعب أن يتم حل الصراع السياسي الذي تحول إلى صراع مسلح داخليًا. وما لم نرَ أن البحرين قد تخلت عن قبضتها الحديدية في تعاملها مع المعارضة التي تمارس العنف، وأن عجزها حتى الآن في القضاء على الهجمات كالتي حدثت أمس ينبع في المقام الأول من الاعتدال في التكتيكات، فإنه ليس من الواضح ما يمكن أن تفعله لتضع حدًا للتمرد المتصاعد. إن اعتقال علي سلمان أو عيسى قاسم لا يذهب بالأمور نحو الأفضل.

في نفس الوقت، وعلى الرغم من التصريحات الرسمية التي تفيد العكس، فإنه على المرء أن يتصور أن الحكومة تنظر إلى الحركة التي تمارس العنف في الشارع بأنها خارجة عن سيطرة الوفاق. وبالتالي فإنه ليس لدى الدولة حافز للدخول في مفاوضات جادة معها لأنه لا يمكنها أن تقدم ما تريده الدولة أي وضع حد لسفك الدماء والدعاية السيئة.

للأسف، يبدو أنه هناك صراع متصاعد يتبع سياسة "العين بالعين" بين الحكومة والمعارضة الراديكالية في البحرين.

 

4 آذار/مارس 2014

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus