"مرآة البحرين" تنشر بيانا لعبدالهادي الخواجة: مجموعات صغيرة قد تكون قابلت عنف السلطة بالتفجيرات أو أجهزة أمنية خائفة

2014-03-12 - 2:41 ص

مرآة البحرين (خاص): قال الناشط الحقوقي عبدالهادي الخواجة إن مجموعات صغيرة يئست من السلمية قد تكون وراء التفجيرات الأخيرة في البحرين في مقابل عنف السلطة، مضيفاً "أو أنها تأتي ضمن مخطط أمني لتبرير التصعيد الأمني ضد النشطاء والمعارضين، أو خليط من هذا وذاك".

الخواجة الذي يقضي حكما بالسجن المؤبد حمّل السلطة مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع "لاستمرارها حتى الآن في التهجم الأمني القمعي (...) ولرفضها الاستجابة للمطالب الشعبية، والمماطلة في تنفيذ التوصيات الحقوقية الدولية".

وفي بيان صادر عنه اليوم (11 مارس/ آذار) تقوم "مرآة البحرين" بنشره كاملا لفت الخواجة إلى "فقدان السلطة للمصداقية في ما تدعيه وتعلن عنه. يحيط بتلك الحوادث الكثير من الشبهات والتساؤلات"، لافتا إلى الانتهاكات الأمنية والقانونية التي تعقب كل حادث أمني "وتتعارض بشكل صريح مع القوانين الدولية".

وشنت القوات الأمنية عقب تفجير الديه الذي قالت الداخلية إنه أودى بحياة 3 من عناصرها حملة مداهمات ليلية في بلدتي السنابس وجدحفص أسفرت عن اعتقال 25 شخصا، اتهمتهم الأجهزة الأمنية لاحقا بالتفجير مستندة على اعترافاتهم، فيما أعلن مقرر التعذيب عن رفضه أمس لإدانة أي متهم وفقا لاعترافات انتزعت تحت وطأة التعذيب.

ونبّه الناشط الخواجة الذي يكمل عامه الثالث في السجن إلى أن السلطة توظف تلك الحوادث "لتعبئة الرأي العام الداخلي والخارجي ضد معارضتها والنشطاء المستقلين، ولتبرير الإجراءات القمعية"، مشيرا إلى "استعانة السلطة بشبكة من المؤسسات التي ترتبط بها لتبرر لها انتهاك حقوق الانسان بذريعه حفظ الأمن".

ورأى أن السلطة أخفقت خلال السنوات العشر الأخيرة في احتواء الجمعيات والمجموعات السياسية المعارضة، حتى أفرز حراك 2011 حركة "ائتلاف شباب 14 فبراير"، مشددا على أن كل تلك المجموعات والجمعيات تلتزم في خطابها وبرامجها النهج السلمي، مؤكدا "ورغم ذلك فقد حاولت السلطة جاهدة وسم هذه المجموعات والشخصيات المحسوبة عليها بالارهاب" وفق تعبيره.

وعن العناصر الذين قتلوا وأصيبوا في حادثة الديه، قال "هم عناصر في القوات الخاصة المتورطة في محاصرة المناطق السكنية وخنقها بالغازات الخطرة، ومداهمة البيوت والاعتداء على ساكنيها بما فيهم النساء والأطفال، والاستخدام المفرط للقوة ضد المحتجين".

وتابع "غالبيتهم من غير البحرينيين. وكشفت السلطة عن هوية الضابط الإماراتي ولكنها عمدت إلى إخفاء جنسية عنصري الأمن الآخرين: باكستاني ويمني"، مؤكدا أنه ينطبق على العناصر الذين يتم تجنيدهم في القوات الخاصة صفة "المرتزقة" وفقاً "للاتفاقية الدولية لحظر تجنيد المرتزقة" والمواثيق الدولية ذات العلاقة.

وانتقد الخواجة "بعض الجهات الدولية والسياسية والدبلوماسية" للمسارعة لإدانة الحوادث الأمنية، مبينا بأن "هذه الجهات تتبنى كل ما يصدر عن الجهات الرسمية وكأنه حقائق، وتعطي نفسها الحق في أن تفرض على الجهات المعارضة للسلطة إصدار بيانات شجب وإدانة تتوافق مع ما تريده السلطة".

الخواجة دعا من سجنه في جو إلى وقف الانتهاكات اليومية وإطلاق سراح المعتقلين ووقف المخاطر على حياة وسلامة جميع الأفراد، وسحب القوات الخاصة، وإطلاق حرية التعبيير والتجمع السلمي، وهو السبيل الوحيد "لتفادي تفاقم الأوضاع وتحول البحرين إلى سوريا أخرى" على حد تعبيره. فيما يلي نص البيان كاملاً:

ملاحظات الناشط الحقوقي عبدالهادي الخواجة بشأن الأحداث الأخيرة في البحرين

أولاً: يجب التأكيد دوما على أن لكل فرد الحق في الحياة وسلامة شخصه. وأن الحراك الشعبي في البحرين لا يزال - وكما ينبغي له – سلميا في نهجه العام، ولا تتبنى العنف أي من الشخصيات أو مجموعات المعارضة المعروفة. 

ثانياً: إن ما أعلنت عنه السلطة من إكتشاف أسلحة ومتفجرات وإستهداف حياة رجال الأمن، إما أن يكون من فعل مجموعات صغيرة يئست من الوسائل السلمية في مقابل عنف السلطة وتهربها من المعالجة الحقيقية للأوضاع، أو أنه ضمن مخطط تقوم به أجهزة أو عناصر أمنية بغرض حماية نفسها من المحاسبة، وتبريرالتصعيد الأمني ضد النشطاء والمعارضين، أو خليط من هذا وذاك. 

ثالثاً: ان السلطة هي المسؤول الأساسي عما آلت إليه الأوضاع وذلك:

1. لمسؤوليتها عن المظالم والانتهاكات لعقود طويلة تسببت في انطلاق التحرك الشعبي في فبراير 2011،

2. وللطريقة القمعية التي تعاملت بها مع تلك الأحداث،

3. ولاستمرارها حتى الآن في التهجم الأمني القمعي حتى فاق عدد ضحايا الاستخدام المفرط للقوة والاعتقال التعسفي والتعذيب والمحكومين بشكل جائر، عددهم في الشهور الأولى للأحداث،

4. ولرفضها الاستجابة للمطالب الشعبية، والمماطلة في تنفيذ توصيات اللجنة الملكية لتقصي الحقائق وتعهداتها أمام مجلس حقوق الانسان. والاستعاضة عن ذلك بإجراءات شكلية ومؤسسات لا تتمتع بالمصداقية والاستقلال، يتم الاستفادة منها في حملة الدعاية والعلاقات العامة.

رابعاً: تفتقد السلطة للمصداقية في ما تدعيه وتعلن عنه – وخصوصاً فيما يتعلق بالأوضاع الأمنية والقضايا المتعلقة بحقوق الإنسان – وذلك لأن المسؤولين الفعليين في السلطة – وخصوصاً في الأجهزة الأمنية والقضائية ، هم ذاتهم المتورطين في الانتهاكات منذ أكثر من 40 عاماً وحتى الآن.

خامساً: تحيط بنهج السلطة في الإعلان عن الحوادث الأمنية والتعامل معها كثير من الشبهات والتساؤلات. فالسلطة في أغلب الأحيان لا تنشر تصويراً مقنعاُ للحادث في وقت ومكان حدوثه، وتقوم بحملة إعتقالات واسعة بعد وقوع الحادث وتعلن بعد أيام قليلة القبص على "المتهمين"، وبأنهم قد اعترفوا "دون ضغوط" بكل تفاصيل الحادث، وذلك طبعاً دون السماح لهؤلاء "المتهمين" بالاتصال بالأهل أو المحامين في فترة التحقيق الأولى، ثم يتم التشهير بهم وإدانتهم في وسائل الإعلام قبل إنتهاء النيابة من التحقيق وإحالتهم للقضاء، ثم يتم إيقاع أشد العقوبات عليهم بالاعتماد فقط على "الاعترافات" المقدمة من أجهزة الأمن ومعلومات "المصادر السرية"، ولا تكترث المحكمة بإنكار المتهمين للاعترافات وادعاءهم التعرض للتعذيب، ويستعين القضاة الذين يتم انتقائهم بعناية بحزمة من قوانين أمن الدولة والإرهاب التي تم صياغتها وإعدادها لهذا الغرض، والتي تتعارض بشكل صريح مع قوانين مواثيق حقوق الانسان.

سادساً: بعد الإعلان عن أي حادث أمني تنظم السلطة حملة إعلامية واسعة، توظف فيها الحادث لتعبئة الرأي العام الداخلي والخارجي ضد معارضتها والنشطاء المستقلين، ولتبرير الاجراءات القمعية والقوانين المتشددة التي تريد تمريرها. وتستعين السلطة في هذه الحملات بشبكة متنوعة من الشخصيات والمؤسسات الدينية والإعلامية وأعضاء في مجلسي الشورى والنواب وجمعيات سياسية ومؤسسات مجتمع مدني ومجموعات حقوقية مرتبطة بالسلطة، حيث يقوم هؤلاء بجهد منظم للدفاع عن سياسات السلطة وأجهزة الأمن، والنيل من المعارضين والنشطاء المستقلين عبر وصمهم بالعمالة للخارج والتحريض على الإرهاب، وتحريض السلطة على "الضرب بيد من حديد"، والتبرير لها لانتهاك حقوق الانسان بذريعه حفظ الأمن. كما يتم خلق جو نفسي ضاغط على المعارضين والمحايدين من الشخصيات والمؤسسات لإصدار "تأييدات وإدانات" متوافقة مع خطاب السلطة وإدعاءاتها، وتعتبر أي إنتقاد لإجراءات السلطة أو ممارسة أجهزتها الأمنية، أو المطالبة بضمان الحريات العامة وحقوق المعتقلين، هو نوع من التحريض على الإرهاب ومساندته يستحق الملاحقة القضائية والعقاب.

سابعاً: لقد أخفقت السلطة خلال السنوات العشر الأخيرة في إحتواء الجمعيات والمجموعات السياسية المعارضة – بما فيها تلك المسجلة ضمن قانون الجمعيات السياسية. ثم جاء التحرك الشعبي في فبراير 2011 ليفرز حركة جديدة هي "ائتلاف شباب 14 فبراير" والتي استطاعت حتى الآن وبشكل فاعل مواصلة قيادة الأعمال الاحتجاجية بالرغم من حملات القمع المتواصلة. وهذه المجموعات والجمعيات والحركات تلتزم في خطابها وبرامجها النهج السلمي ولا تتبنى أعمال تفجير أو قتل لرجال الأمن، ورغم ذلك فقد حاولت السلطة جاهدة وسم هذه المجموعات والشخصيات المحسوبة عليها بالارهاب أو التحريض عليه، بغرض القضاء على هذه المجموعات أو تطويقها سياسياً.

ثامناً: إن رجال الأمن الذين تقول السلطة بأنهم فقدوا حياتهم أو أصيبوا في الأحداث الأخيرة، هم عناصر في "القوات الخاصة" المتورطة في محاصرة المناطق السكنية وخنقها بالغازات الخطرة، ومداهمة البيوت والاعتداء على ساكنيها بما فيهم النساء والأطفال، والاستخدام المفرط للقوة في التعامل مع المسيرات "غير المرخصة"، وقد أدى ذلك حتى الآن لقتل أكثر من مائة وإصابة بضعة آلاف من المحتجين وعامة الناس بينهم نساء وأطفال. وتتحاشى السلطة غالباً الكشف عن هويات من تقول أنهم قتلوا أو أصيبوا وذلك لأن غالبيتهم العظمى من غير البحرينيين. وقد اضطرت السلطة للكشف عن هوية الضابط الإماراتي الذي قالت بأنه قتل في الحادث الأخير ولكنها عمدت إلى إخفاء جنسية عنصري الأمن الآخرين (الباكستاني واليمني) الذين قالت بأنهم قتلوا معه، ولم تكشف عن أسماء وجنسيات أحد عشر عنصراً أمنيا قالت بأنهم أصيبوا في نفس الحادث. وينطبق على العناصر الذين يتم تجنيدهم في "القوات الخاصة" صفة "المرتزقة" وفقاً "للاتفاقية الدولية لحظر تجنيد المرتزقة" والمواثيق الدولية ذات العلاقة.

تاسعاً: في كل مرة تعلن السلطة عن وقوع حادث أمني، تطلق العنان للمؤسسات والشخصيات الموالية لها لشن حملة ضد المنظمات والجهات الدولية التي سبق وأصدرت تقارير تنتقد أوضاع حقوق الانسان في البحرين. وذلك بذريعة أن هذه الجهات والمنظمات لا تصدر بيانات تستنكر استهداف رجال الأمن ولا تدين المعارضين والنشطاء الحقوقيين باعتبارهم متورطين في هذه الحوادث! ويتم اتهام هذه الجهات والمنظمات بالتآمر على نظام الحكم في البحرين، ودعم الإرهاب!!

عاشراً: في كل مرة تعلن فيه السلطة عن حادث أمني تسارع بعض الجهات الدولية والسياسية والدبلوماسية لإدانة الحادث وشجب العنف وترفق ذلك بدعوة جميع الأطراف للحوار كوسيلة للخروج من الوضع المتأزم. إلا أن هذه الجهات تتبنى كل ما يصدر عن الجهات الرسمية وكأنه حقائق، وتعطي نفسها الحق في أن تفرض على الجهات المعارضة للسلطة إصدار بيانات شجب وإدانة تتوافق مع ما تريده السلطة. كما أن هذه الجهات لا تصدر بيانات مماثلة عندما يسقط ضحايا على يد النظام، ولا تشير في بياناتها بشأن تلك الحوادث إلى وجود انتهاكات وعنف من طرف السلطة. وهذا يتيح للسلطة أن تستفيد من تلك البيانات في إسناد موقفها وادعاءاتها، وتبرير سياساتها القمعية.

أحد عشر: إن ما تعلن عنه السلطة من مخاطر وضحايا في أوساط رجال الأمن، إن صح وبالحجم الذي تدعيه السلطة، فإنه يضاف إلى الآلاف من ضحايا الانتهاكات التي تقوم بها السلطة والأوضاع التي تسببت فيها. وإن معالجة هذه الأمور لا تكون بمزيد من القمع والحملات الإعلامية وبيانات الإدانة والاستنكار، ولا بترك الأمور لمن يديرون شؤون السلطة والذين لا مصلحة لهم في إيجاد حلول حقيقية. وإنما لا بد من تسخير جميع الجهود لوضع وتنفيذ برنامج عمل واضح وجدول زمني محدد، يضمن للمواطنين بمختلف انتماءاتهم تقرير مصير بلدهم وتحديد ماذا يريدون وكيف السبيل إلى تحقيقه، ولا يوجد سبيل عملي ومقبول لذلك إلا عبر إجراء انتخابات حرة ونزيهة لهيئة وطنية تضع الحلول بشكل توافقي يحفظ مصالح جميع الأفراد والفئات.

اثناعشر: إلى أن يتم التوصل إلى حلول حقيقية للقضايا السياسية والاجتماعية، فإنه لابد من حلول عاجلة لوقف الانتهاكات اليومية وإطلاق سراح المعتقلين ووقف المخاطر على حياة وسلامة جميع الأفراد، وسحب "القوات الخاصة"، وإطلاق حرية التعبيير والتجمع السلمي، وهو السبيل الوحيد لتفادي تفاقم الأوضاع وتحول البحرين إلى سوريا أخرى. 

 

عبدالهادي الخواجة

سجن جو المركزي

11 مارس 2014



التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus