"مرآة البحرين" ترسم بالكلمات بورتريه نبيل الأنصاري: من المقامرة بالأموال إلى المقامرة بالأرواح

2011-07-16 - 10:14 ص


الأنصاري... علي يمين المشير


مرآة البحرين (خاص):
فجأة صار نبيل الأنصاري نجم التغطيات الإعلامية. الطبيب الفاشل الذي حاز على لقب "مخرب" في تقييم البعثة الإيرلندية له، يتصدر اسمه منذ يومين متابعات الصحف، بما فيها تلك الغربية. ليس لأنه قام بعملية خارقة، أو ابتكر مصلاً جديداً للقضاء على أمراض مستعصية، لكن لأنه نجح ببساطة، بالغوغاء وفوضى الصبية، رفقة ممرضين "مرضى" قدمهم على أنهم يمثلون جمعية الأطباء، في تخريب مؤتمر كان من المزمع أن يطلع فيه أطباء أجانب، لا علاقة لهم بالأزمة الناشبة منذ 14 فبراير/ شباط، الصحفيين، على نتائج زيارتهم إلى البحرين. حين راح الوزير السابق للشئون الخارجية الإبرلندي ديفيد اندروز يسأل عن أحدهم بعد أن ذكر مواصفاته، وقيل له إنه نبيل الأنصاري رئيس جمعية الأطباء المعين من قبل الحكومة، علق بهذه الكلمات القليلة، لكن ذات الدلالة الضافية: "من العار أن يمثل جمعية الأطباء مثل هذا الشخص المشحون بالكراهية والحماقة، ومن العار أن يتكلم باسم الأطباء، عليه أن يخجل من نفسه".

فضائح 2006
   

هل غريباً، أن يقف نبيل الانصاري رئيس جمعية الأطباء الُمعين من قبل الحكومة، مع الحكومة وضد زملاء المهنة من الأطباء؟ وهل غريباً، أن يحول جمعية الأطباء من ناطقة بلسان الأطباء، إلى ناطقة بلسان الحكومة والرواية الرسمية؟ وهل هناك من هو أكفأ من الانصاري للقيام بهذا الدور اللا مهني واللا أخلاقي؟
دخل الانصاري مستشفى السلمانية في أغسطس/ آب 2004، عُين مباشرة استشارياً ورئيساً لقسم الطوارئ. كانت ندى حفاظ وزيرة للصحة حينها، أشهر قليلة بدأ بعدها يكشف عن سياسته العدوانية والكارهة، ترصد للأطباء والكادر الطبي في قسمه والأقسام الأخرى، تسبب في الضرر لعدد كبير من الأطباء من مختلف الأقسام: تهم مهنية وأخلاقية نسبها للأطباء والكادر الطبي. الخلافات وصلت للصحافة المحلية التي ضجت بالمشاكل اليومية حول السياسة الإدارية الفاشلة والمحبطة التي يتبعها هذا الاداري في قسم الطوارئ، تطور الأمن ليتدخل البرلمان.
موجة كبيرة من طلبات النقل والاستقالات شهدها قسم الطوارئ خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى العرائض التي قدمها الأطباء يشكون فيها سوء إدارته. الزوبعة لم تنته إلا عندما تم تشكيل لجنة عليا للتحقيق في جميع ما تمت إثارته من مشكلات وتجاوزات، تم إقالته على إثرها من رئاسة الطوارئ والحوادث في السلمانية. غاب عن المشهد قبل أن يعود للظهور في نهاية العام 2010.

فرصة الانتقام

تعيين الأنصاري على رأس جمعية الأطباء، كانت بمثابة الفرصة التي أتت له على طبق من ذهب، الطبق مدعوم من الحكومة هذه أيضاً، للانتقام من زملاء الأمس الذين رفضوا إدارته عندما كان على رئاسة قسم الطوارئ، وهو ما يفسر لنا جانباً من الكراهية الملحوظة، التي يمتلئ بها هذا الرجل تجاه زملائه، والحقد الشديد الذي يحمله تجاههم. هي إذاً فرصة تلاقى فيها طرفان متواطئان على الأطباء، الحكومة المتضررة من فضح الأطباء لها أمام العالم، والأنصاري الساخط على رفض الأطباء لسياسته الإدارية سيئة الصيت. ويبدو أن اختياره تحديداً جاء مستفيداً من هذا التوافق المشترك.
عرف الانصاري منذ تعيينه بعدم اعترافه بالكوادر البحرينية واستبدالهم بالأجانب، ففي العام 2006، استبعد الانصاري 80٪ من الأطباء البحرينيين من المشاركين في فعاليات الفورمولا 1، أربعة منهم حاصلون على البورد العربي في طب الطوارئ وجميعهم حاصلون على دورات متقدمة في طب الطوارئ (ATLS)، تم استبدالهم بأطباء أجانب جدد بعضهم حديثو التوظيف [1].
الفريق الذي منع من المشاركة على يد الأنصاري، هو نفسه من تم تكريمه قبلها بعام في 2005 على يد وزيرة الصحة ندى حفاظ، والذي مدحه الأنصاري حينها بأن "المملكة حصلت على شهادة عالمية للمواصفات الطبية وفقاً للمقاييس الدولية"، وأن "أعضاء الفريق الطبي البحرينيون أثبتوا قدرتهم على تحقيق هذا الإنجاز الكبير لأول مرة في الخليج العربي والشرق الأوسط" [2].

بندر 2
 
الأنصاري، خطاب الرئيس المعين للملك

عُرف عن الأنصاري تعطيله لتوظيف الأطباء البحرينين، وتسهيله توظيف المجنسين ودعمهم على حساب الشيعة، أطباء شيعة تم تسقيطهم في الامتحانات لصالح المجنسين. وكان الانصاري يحصل على دعم كامل من الوكيل عبد الحي العوضي، وجاسم المهزع الذي كان يتحكم في وزارة الصحة بكاملها حسب أطباء. كانت فضيحة تقرير البندر قد كُشفت حينها، التجنيس من أجل تغيير التركيبة السكانية في البحرين. ما جعل الكادر الطبي يطلقون على الثلاثي (الأنصاري، العوضي، المهزع) اسم "بندر 2"، وذلك بسبب ممارساتهم الطائفية ودعم المجنسين تحديداً على حساب البحرينيين.
14 طبيب من قسم الطوارئ تقدموا حينها بعريضة يطلبون فيها نقلهم من قسم الطوارئ إلى الأقسام الأخرى احتجاجاً على سوء إدارة الأنصاري لهم ولقسم الطوارئ، معلنين عدم مسئوليتهم عن أي خطأ طبي أو وفاة في القسم بسبب عدم وجود استشاريين متخصصين فيه عدا رئيسه نبيل الأنصاري الذي أكدوا عدم إشرافه على علاج أية حالة وعدم مساعدته لهم في علاج الحالات المستعصية، مشيرين إلى أن مسئولية أي خطأ تقع على عاتق الاستشاري، وذلك بحسب ما أفادهم به المستشار القانوني للوزارة [3].
لم يتورع الأنصاري في تلك الفترة أيضاً، أن ينال من زملاء مهنته، بأن يعقد مؤتمراً صحافياً، في إحدى غرف القسم في مجمع السلمانية الطبي، دون علم الوزارة، والتحدث باسم رابطة الأطباء، متهماً زملائه في قسم الطوارئ بالفساد الأخلاقي. ما استلزم تبرؤ الوزارة من هذا اللقاء والاعلان عن ذلك في الصحافة، وتشكيل لجنة للتحقيق فيما قام به الأنصاري، وبدورها طالبت رابطة الأطباء الأنصاري بتقديم استقالته منها.[4] هكذا يظهر التاريخ سيئ الصيت الذي يربط الأنصاري بالأطباء زملاء المهنة، وما يحمله من حقد وكراهية على زملائه منذ سنوات، ما يجعل شهادته منحازة وغير نزيهة.


لعنة  الخسارة
الخسارة  ملازمة  له،  خاسر  في  الدراسة،  خاسر  في  الإدارة،  خاسر  في  المقامرة،  خاسر  في  شرف  المهنة، خاسر  في  ممارسة  المهنة،  خاسر  في  المؤتمرات  الصحفية،  خاسر  في  النطق،  النطق  بلسان  حكومة  تتهددها الخاسرة  من  كل  جهة . شخص  يعاني  من  ملازمة  الخسارة  كيف  تضع  الحكومة  روايتها  فيه؟

إدمان

الفضيحة المهنية التي حدثت أثناء توليه رئاسة قسم الطوارئ، كانت منع الأنصاري استخدام دواء البيثيدين، بحجة أن له مضار، وتحديد استخدام "المورفين" والأدوية الأخرى المضادة للألم دون الرجوع إلى المعايير الطبية الدولية. مما أدى إلى: إما إلى حصول حالات إدمان أو عدم علاج المرضى بصورة صحيحة. ومن ذلك تحديده إعطاء مرضى السكلر للمورفين، بجرعات عالية، وهو دواء يؤدي تعاطيه بكثرة إلى الإدمان، مما تسبب بحالات إدمان لمرضى السكلر وكانت فضيحة كبيرة تعرض لها.

مقامرة
يُخبر عنه الأطباء والكادر الطبي، أنهم لم يشاهدوه يزاول مهنته كطبيب منذ تعيينه، ولم يُشاهد يعالج المرضى، فيما عدا بعض التوجيهات النظرية. وقد كان منذ تعيينه يقضي وقته متنقلاً بين مكاتب الإداريين العوضي والمهزع. الآن لم يتغير الوضع فلا أحد يشاهده يعاين المرضى أو يعالجهم، بل يقضي طوال وقته في مكتبه وفي موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) مروجاً الرواية الرسمية ضد زملاء مهنته الأطباء.
تم ابتعاث الأنصاري للدراسة في الخارج مرتين خلال سنوات وجوده في طوارئ مستشفى السلمانية، إحداهما للحصول على شهادة الماجستير، والثانية لدراسة مختصة بالطوارئ، لكنه كان يعود خالياً من الشهادة في كل مرة.
أخيراً، فإن الأنصاري الذي تم اختياره من قبل الدولة اليوم ممثلاً لها، ليقوم بالشهادة ضد زملائه الأطباء داخل وخارج البحرين، هو شخص اشتهر بإدمانه للمقامرة، وعُرف عنه أنه أثناء وجوده في كندا للدراسة كان يذهب، بشكل أسبوعي، لمدينة لاس فيغاس الأمريكية، والمشهورة بكثرة عدد الكازينوهات (دور لعب القمار) فيها، وأنه لفرط خسارته في القمار، قام ببيع منزله في مدينة حمد في البحرين بمبلغ 250 ألف دولار، ليتسنى له الحصول على مبلغ للعب، خسره لاحقاً أيضاً، وكان هذا سبباً في طلاقه من إحدى زوجاته.

هكذا ينتقل نبيل الأنصاري من المقامرة بالأموال، إلى المقامرة بأخلاقيات المهنة والإنسان، من أجل فوز في لعبة خاسرة.


(1) الوسط 6 مارس/ آذار 2011
(2) الوسط 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005
(3) الوسط 23 فبراير/ شباط 2006
(4) الوسط 9 يناير/ كانون الثاني 2006

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus