التعليق السياسي: 14 مارس درع الجزيرة وأشياء أخرى
2014-03-14 - 3:18 ص
"لا يحق لأحد يحدد متى ندخل ومن أين نأتي...سؤال غير مشروع وغير قانوني السؤال عن مشروعية دخول قوات درع الجزيرة"
مرآة البحرين (خاص): إنها ذكرى الاحتلال السعودي للبحرين، وكما ذكر بسيوني فإنه "وصلت في مساء ذلك اليوم، قوات درع الجزيرة (قوات دول مجلس التعاون الخليجي)، وكانت أولى التشكيلات التي وصلت البحرين هي وحدات الحرس الملكي السعودي" عبرت الجسر الواصل بين البحرين والسعودية، لتدخل البلاد، وتحوّل معها ثورة الرابع عشر من فبراير من قضية محلية إلى قضية إقليمية ودولية، تشابكت معها الملفات من دمشق حتى اليمن وبغداد، مروراً بلبنان .
ووصلت في مساء ذلك اليوم، قوات درع الجزيرة (قوات دول مجلس التعاون الخليجي)، وكانت أولى التشكيلات التي وصلت البحرين هي وحدات الحرس الملكي السعودي
بالتدقيق في واقع الحال، تجد أن آل خليفة بقرارهم استدعاء قوات خارجية، هدموا الدولة، وأسقطوا هيبتها، وهدموا القانون حتى السيء منه، وهدموا سلطة الدولة ومؤسساتها، وهدموا اقتناع المواطنين بالدولة والقانون والقضاء، لتصبح البلاد في واقع غريب من نوعه يصعب شرحه.
إنها ليست المرة الأولى التي يستعين فيها آل خليفة بغير مواطنيهم، فحين احتل حاكم مسقط سلطان بن أحمد بن سعيد البحرين في 1800، استعان آل خليفة بالسعودية، فأرسل لهم عبد العزيز بن محمد بن سعود إبراهيم بن عفيصان القائد والأمير والداعية في الدولة السعودية الأولى، فخلصهم من العمانيين لكنه أعاد آل خليفة للزبارة ومنها للدرعية، وصارت البحرين جزءا من السعودية حتى 1810. شيء من هذا الخوف ينتاب الملك، وحين بالغ البعض في إظهار الأعلام السعودية تحسس الملك من أن يكون (مطلق الأزيمع) بن عفيصان آخر، فخفف مظاهر السعودة التي ملأت البحرين في مارس 2011.
يجد البحرينون بلدهم بعد 15 عاماً من حكم الملك، أيتاماً من دون دولة ولا قانون ولا عدل، يجدون أن دولاً اقليمية ودولية اعتمدت مبدأ الوصاية على بلدهم وهم كأيتام بلا حول لهم ولا قوة.
المطلوب من البحرينيين اليوم هو الاستسلام للأوصياء والمحتلين وكل شروطهم وإن كانت جائرة. أضحت ساحة الحكم السياسية خالية من أي زعامة شاملة يمكن أن يجتمع حولها المواطنون، فالملك صار بنظر جزء كبير من الشعب قاتلاً ومسؤولاً عن الانتهاكات كلها، وولي العهد دون إرادة سياسية وتحفه شكوك تمتد من البر إلى البحر.
أصبح الوطن بعد الاحتلال، مباحاً لأقصى أنواع الابتزاز والرشوة والسرقة والفساد، لأن سطح القانون لم يعد لوطن إنما صار عوناً بلا شرط لطائفة الموالين وعقاباً وعصاً على طائفة المعارضين.
صار اختراق القانون سهلاً لكل موالٍ طامح، فلا قانون يردعه ولا سلطة سياسية تضع حداً لتجاوزاته، فانقلبت المقاييس فبدلاً من أن يكون القانون فوق كل اعتبار، إذا بمقياس الولاء للنظام يصبح سقفآً على القانون.
بعد دخول الاحتلال، سقطت كل شعارات الملك في القومية والاستقلال والوطنية، فهو ليس قومياً عروبياً لأنه تأسف أمام البريطانيين على خروجهم من البحرين، وسأل سؤاله الشهير الذي لن ينساه مؤرخو التاريخ "من قال لكم أن تذهبوا"
سقط شعار الاستقلالية، لأن البحرينيين يعرفون الآن، أن قرارهم ليس في الداخل. بل في الرياض، ولندن، وواشنطن.
الاحتلال جعل البحرينيين يقتنعون أن القرار ليس في يدهم، إنما يأتي من الخارج مهما كانت مصادره. وبدل أن تكون للبحرينيين هوية واحدة، توالدت عندهم هويات عدة، فبعد دخول الاحتلال السعودي، بدأت عوائل تغير ألقابها لأسماأ بدوية، وآخرون يتحدثون عن أعراقهم في نجد وغيرها، البعض كان أكثر ابتذلاً فبدأ يتحدث بلهجة بدوية سعودية، حتى في الإذاعة والتلفزيون بدأ بعض المذيعين والمذيعات يبذلون جهوداً مضحكة من أجل التحدث بطريقة بدوية تتماهى مع لهجة جنود المحتل الآمر الناهي في البلاد.
مع ذكرى 14 مارس المشؤومة، يبدو حال البحرينيين استثناء في هذا العالم، مسموح باحتلالهم، مسموح بقهر تطلعاتهم المشروعة نحو الحرية وامتلاك ناصية قرارهم، مسموح بأن يستأجر النظام المرتزقة القتلة من كل أنحاء العالم، وأن يُجنس من يشاء وبالكمّ الذي يريده، ليبيد ويُقصي فئة الأكثرية من شعبه، هذا هو المسكوت عنه في خطابات الدول الكبرى بل حتى في خطاب الأمم المتحدة.
مرت ثلاث سنوات، لم يتبدل حال البلد، استمر الحراك ما زال الشهداء يتساقطون، لكن عمر الاحتلال يَقصُر.