توبي ماتيسن: (لا) حوار في البحرين

2014-03-19 - 8:09 م

ترجمة: مرآة البحرين

توبي ماتيسن، موقع مشروع ابحاث ومعلومات الشرق الاوسط 
في الفترة التي سبقت الذكرى الثالثة للانتفاضة البحرينية في 14 شباط/فبراير2011، اجتاحت الاحتجاجات الواسعة التي ضمت عشرات آلاف المشاركين المملكة الصغيرة مرة أخرى. وفي الوقت نفسه، أثار عدد من الاتصالات بين المعارضة والعائلة المالكة الآمال في استئناف المفاوضات الرفيعة المستوى والمؤدية إلى حل النزاع الذي طال أمده.

واعتُبِر الاجتماع الذي حصل في 15 كانون الثاني/يناير بين الأمير سلمان وزعماء المعارضة، بمن في ذلك علي سلمان، أمين عام الوفاق، الحزب الشيعي الرئيسي، فتحًا. فقد جاء فقط بعد أسبوع من تعليق رسمي لحوار وطني طال لعام ولم يكن مثمرا وبعد أقل من شهر من احتجاز علي سلمان لفترة قصيرة ومنعه من السفر لكلمة ألقاها خلال صلاة الجمعة. لقد كانت انطلاقة مفاجئة ورمزية، لمن يبدو أنه الخط المتشدد من عائلة آل خليفة الحاكمة.

طُلب من جميع الفئات المدعوة للمشاركة في الحوار الذي جدد شبابه إرسال قائمة الرغبات إلى الديوان الملكي. وفي 8 شباط/فبراير، نشر ائتلاف المعارضة، المكون من الوفاق والعديد من الجماعات اليسارية، خارطة طريق لإخراج المملكة من أزمتها. وكانت الخارطة تشمل المطالب الرئيسية في برلمان "كامل الصلاحيات التشريعية" و"حكومة منتخبة" وإجراء استفتاء يوافق على أي قرار وجميع القرارات التي يخرج بها الحوار الوطني الجديدة الذي من المتوقع أن يبدأ.

بالإضافة إلى ذلك، ترغب المعارضة في وقف سياسة تجنيس الأجانب السنة، الذين جاء الكثير منهم للعمل في قطاع الأمن (المحظور على المواطنين الشيعة إلى حد كبير). وتتهم المعارضة الشيعية بشكل أساسي الحكومة بمحاولة تغيير التوازن الديموغرافي في البلاد للتحول من أغلبية شيعية إلى نسبة متساوية أو حتى أغلبية سنية. العائلة المالكة هي سنية. ويقول المنتقدون المتشائمون إن الحكومة تسمح بنظام "رجل واحد صوت واحد" وإعادة رسم الدوائر الانتخابية فقط عندما لا يصبح الشيعة هم الأغلبية. ومن الواضح أن المعارضة تريد نظامًا انتخابيًا أكثر عدالة عاجلًا وليس آجلًا.

شبكة من المصالح
البحرين هي أرخبيل في الخليج العربي يبلغ عدد سكانها حوالي 600 ألف مواطن، وهي تمثل شبكة معقدة من المصالح الاستراتيجية والاقتصادية التي تربط دول الخليج بالغرب منذ الأيام الخوالي للإمبراطورية البريطانية وحتى عصر "الهيمنة "الأمريكية" اليوم. كانت القاعدة البحرية في البحرين منفذًا رئيسيًا للسفن الحربية البريطانية في أواخر أربعينيات القرن الماضي حيث بدأت تستضيف القوات الأمريكية أيضًا. في عام 1971، أصبحت البحرين مستقلة رسميًا، وانسحبت بريطانيا من الخليج، تاركة القاعدة للأمريكيين، الذين جعلوا منها مقرًا للأسطول الخامس، والقوات البحرية الأمريكية في الخليج العربي والبحر الأحمر وبحر العرب وأجزاء من المحيط الهندي. وقد ضمنت القاعدة لفترة طويلة مكانة البحرين في التفكير الاستراتيجي البريطاني والأمريكي إلى جانب الدعم السعودي الذي ضمن أمن نظام آل خليفة.

بعد اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية في عام 1975، أصبحت البحرين أحد المراكز المصرفية الرئيسية، إن لم نقل المركز الرئيسي، في منطقة الشرق الأوسط. وبالفعل، ومنذ الحظر المفروض على النفط عام 1973، انصب المال على دول الخليج المنتجة للنفط والغاز. ورغم إن إنتاج النفط في البحرين متواضع، فإن اقتصادها، وخاصة المال والخدمات والسياحة والعقارات، قد استفاد من الطفرة في المنطقة. وخلال عقود التدخل، حصلت المملكة العربية السعودية والكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة على الملكية الكاملة لمواردها الطبيعية وأصبحوا لاعبين عالميين وأقوياء بجدارة، وفي عام 1981، شكلوا مجلس التعاون الخليجي (مع البحرين وعمان). وباستخدام ثروتها السيادية، اشترت دول الخليج أصولًا رئيسية في الغرب والعالم، وأعادت تدوير الأموال الناتجة عن مبيعات النفط واكتسبت الكثير من القوة الناعمة. واستثمرت أيضا بشكل مكثف في دول الشرق الأوسط الأخرى، حيث فتح تحول الاقتصادات اليبرالية الجديدة منذ سبعينات القرن الماضي فرصًا.

يمكن القول إن السياسات الاقتصادية لليبرالية الجديدة كانت السبب الرئيسي في اندلاع الثورات العربية عام 2011. وكذلك كان لها في البحرين تأثير عميق. فالمضاربات العقارية واستصلاح الأراضي وحاجة الشركات المتعددة الجنسيات لوسطاء محليين عززت إيجاد طبقة رأسمالية صديقة تكونت من الأسرة الحاكمة ومجموعة صغيرة من العائلات التجارية السنية والشيعية. ويتناقض تركيز الثروة بيد الأقلية بشكل واضح مع ظروف معظم البحرينيين، الذين يشعرون وبشكل متزايد بأنهم قد تخلفوا عن الركب. فبدون أرباح النفط الاستثنائية التي يتمتع بها جيرانها، لا يسع البحرين دفع الرواتب العالية لموظفي الخدمة المدنية والبنية التحتية الضخمة وبرامج الخدمات الاجتماعية التي وضعها شركاؤها في دول مجلس التعاون الخليجي للتخفيف من ضربات الليبرالية الجديدة. وقد برز التفاوت أكثر مع ظهور الفساد على نطاق واسع، كما أوضحت نتائج تحقيق دولي حول علاقات ألكوا، أكبر منتج للألومنيوم في الولايات المتحدة، بأفراد العائلة المالكة والمسؤولين البحرينيين. فقد اتهمت ألكوا بدفع رشاوى بعشرات الملايين من الدولارات وفي النهاية دفعت غرامة تصل إلى 384 مليون دولار في الولايات المتحدة لحل هذه المسألة. وكشف التحقيق عن العمولات العالية التي يتقاضاها بانتظام المتحكمون في الاقتصاد البحريني.

وخلافًا لغيرها من البلدان الخليجية الصغيرة، لدى البحرين طبقة عاملة من السكان الأصليين، الذين تجمعوا غالبًا ضمن نقابات. وخلال القرن العشرين، لعبت الإضرابات والحركات المناهضة للاستعمار والأحزاب اليسارية دورًا رئيسيًا في تاريخ البحرين. وقد استوردت الحكومة البحرينية العمالة الرخيصة من الخارج لا لزيادة قوة العمل المحلية، ولكن للحلول مكانها إلى حد ما ولإضعاف الحركة العمالية المضطربة التي تمثلها. وكان الأجانب السنة (إلى حد ما من جنوب آسيا أو الدول العربية الأكثر فقرًا) يعتمدون في كثير من الأحيان على كفلاء داخل النظام. ومن هنا كان العمال المهاجرين أكثر ولاء للأسرة الحاكمة من بقية السكان. وقد غذّت هذه السياسة الاستياء بين البحرينيين الأكثر فقرًا، والكثير منهم، وليس جميعهم، من الشيعة.

الحملة الخليجية
لم يعرف النظام البحريني وحلفاؤه في الخليج والعواصم الغربية تمامًا كيف يتصرفون. فبعد الحملة الأولى، سمح للآلاف من المحتجين التجمع في دوار اللؤلؤة، رمز حداثة الدولة الخليجية في العاصمة المنامة والتي تحيط بها الطرق السريعة والجسور، وما يسمى المرفأ المالي وناطحات السحاب المليئة بالشقق السكنية الباهظة الثمن التي يمتلكها البحرينيون الأثرياء والسعوديون. والعديد من هذه المشاريع العملاقة يمتلكها أفراد من العائلة الحاكمة، لا سيما رئيس الوزراء خليفة بن سلمان، الذي يتهمه عدد من المتظاهرين بالوعكة التي تعاني منها البلاد. عندما تم إعلان الاحكام العرفية في 13 آذار/مارس 2011 أصبح دوار اللؤلؤة النسخة الخليجية لميدان التحرير في القاهرة. تدفقت القوات السعودية، تحت الراية الرمزية لقوة العمل المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي القليل الشهرة، على الجسر الذي يربط البحرين بالسعودية لسحق حركة الاحتجاج السلمية بشكل أساسي. كانت الحركة قد طالبت إلى حد كبير بالعملية الديمقراطية والتغيير التدريجي، وكانت الاشتباكات العرضية مع المتظاهرين ذريعة التدخل مما أدى إلى المزيد من التطرف في الشعارات.

شهدت الأسابيع التي سبقت ذلك اليوم المأساوي مفاوضات سرية بين ولي العهد الأمير سلمان، الذي يقدم نفسه كمصلح، والوفاق. وفي الوقت نفسه، دعا المتشددون في العائلة الحاكمة، الذين يتركزون حول رئيس الوزراء والفرع الملكي أصحاب الفكر الأمني المعروفين بالخوالد، الدول الخليجية المجاورة للمساعدة. لم تكن جميع الدول الخليجية مؤيدة للتدخل. فقد فضلت عمان وقطر والكويت التوصل إلى حل تفاوضي مع إصلاحات سياسية محدودة، ولأسباب ليس أقلها أنهم هم أنفسهم يخشون الهيمنة السعودية في مجلس التعاون الخليجي. ولكن كما قال أحد المسؤولين الخليجيين، "عندما رمى السعوديون والإماراتيون بكل ثقلهم الدبلوماسي على هذه القضية، استسلمنا".

كانت القضية محرجة بالنسبة للداعمين الغربيين الرئيسيين للبحرين: الولايات المتحدة وبريطانيا. ورغم الإنكار في ذلك الوقت، فإنه يبدو الآن أنه من المرجح أن الأمريكيين كانوا يعرفون عن الخطة السعودية لإرسال قوات إلى البحرين: لم يعترضوا، وإن لم يوافقوا. ومن السذاجة الاعتقاد بأن الولايات المتحدة، مع 6 آلاف عسكري ومتعاقد متمركز في القاعدة البحرية، والمعروفة الآن بالاسم المختصر NSA - البحرين (نشاط الدعم البحري -البحرين)، لا يمكنها أن توقف حلفاءها الخليجيين المقربين من غزو المخيم في دوار اللؤلؤة. منذ ذلك الحين، دعت إدارة أوباما لـ "حوار" في البحرين، وشرعت، في الوقت نفسه، في توسيع هائل في القاعدة البحرية، إلى حد ما في المساكن التي يحتاج سحبها من أفغانستان.

ومع ذلك، وبصرف النظر عن الجانب الأمني، وُضعت القوة الاقتصادية والسياسية الهائلة لدول الخليج الغنية موضع التنفيذ للتأكيد على أنه ستتجرأ قلة في العالم العربي أو الغرب على التنديد بالقمع في البحرين. استخدم السعوديون وسائل إعلامهم الناطقة بالعربية لنشر رواية خطة إيرانية للسيطرة على البحرين والتي من شأنها أن تعرض كل دول الخليج العربي للخطر. وقد حذت دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى إلى حد كبير حذوها. الأسر الحاكمة الخليجية تتزاوج من بعضها، ولذا فإن أي انتقاد للعائلة الحاكمة البحرينية يعتبر إهانة لأفراد العائلة المالكة الأخرى أيضًا (ويتم التعامل معه على أنها جريمة في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي).

وكان لحملة العلاقات العامة لهذه الدولة الخليجية عواقب بعيدة المدى. فقد عمدت الجامعات الغربية المعتمدة اعتمادا كبيرا على التمويل الخليجي إلى ردع الأكاديميين عن التحدث عن البحرين، ومارست وسائل الإعلام الغربية الرقابة الذاتية بسبب الضغط الكبير من المستثمرين والمعلنين. ولم يغامر الساسة الغربيون، المولعون بحُقن النقد الخليجي في الاقتصادات المتعثرة والمعتمدين على تبرعات الشركات التي لها مصالح في الخليج، بانتقاد آل خليفة.

قد فعلت الحكومة البريطانية، التي واجهت أزمة اقتصادية في الداخل وضاءلت من عرض القوة في الخارج، كل ما في وسعها تقريبًا للحفاظ على علاقتها الاستراتيجية مع النخبة البحرينية. وكان الكثيرون في المؤسسة البريطانية ولفترة طويلة يرون البحرين كواحدة من أكثر المناطق متعة في الإمبراطورية السابقة، مع أجواء "متسامحة" وعائلة حاكمة محبة للإنجليز. فقد تابع الملك دراسته في الأكاديمية العسكرية في ساندهيرست، ودرس ولي العهد في كامبريدج (الجامعة الأمريكية في العاصمة واشنطن، حيث إن باحة المبنى الرئيسي فيها تحمل اسمه). حقًا، إن واحدة من أكبر مخاوف السفير البريطاني في ربيع عام 2011 كانت دعوة ملك البحرين أو عدم دعوته لحضور حفل زفاف الأمير وليام وكيت ميدلتون. وسّعت بريطانيا تعاونها الأمني أيضًا مع البحرين، مع قائد شرطة سكوتلاند يارد السابق جون ييتس لتقديم المشورة لآل خليفة حول كيفية "إصلاح" الأجهزة الأمنية. فقد أرسلت سكوتلاند يارد موظفًا إلى البحرين، وينتقد الناشطون البحرينيون الاعتقالات المتزايدة لمنظمي الاحتجاجات في عام 2013 بالاعتماد على المعلومات الاستخباراتية التي حصلوا عليها بمساعدة البريطانيين. وفي الوقت نفسه، أصبح جون تيموني، قائد شرطة فيلادلفيا وميامي السابق وسيء السمعة الذي عمد إلى تفريق الاحتجاجات في تلك المدن بالقوة، أيضا مستشارًا أمنيًا للعائلة المالكة البحرينية. وتشير الوثائق المسربة إلى أن تعيينه لقي دعمًا على أعلى المستويات في الحكومة الأمريكية.

الحل أو المربع رقم واحد
يجب النظر إلى اجتماع 15 كانون الثاني/يناير وأفق إجراء حوار وطني جديد في ضوء هذه الشبكات الجيوستراتيجية والسياسية والاقتصادية. يبدو أن المحركين الرئيسيين لمباحثات عام 2014 هم الأمريكيون والبريطانيون.

تمنى المرء لو أن هذه القوى تنحو سياسة أكثر توازنًا تجاه البحرين. على كل حال، أودى قمع الانتفاضة البحرينية بحياة مئة شخص وتدعي المعارضة أن هناك 3 آلاف سجين سياسي، البعض تظهر عليهم علامات التعذيب. ولكن الضغط لا يأتي بسبب بواعث القلق المتعلقة بحقوق الإنسان، ولكنه يأتي بسبب كون استقرار البحرين أمرًا ضروريًا للمصالح الأمنية الغربية. ففي الوقت الذي تستطيع فيه عادة دولة بوليسية ما السيطرة على الاضطرابات، هناك دائما إمكانية حدوث ثورة أو حرب أهلية مستمرة. يعتقد حلفاء البحرين الغربيون وبعض جيرانها الخليجيين أن عقد صفقة هو أكثر استمرارًا، صفقة تنطوي على تقاسم السلطة مع المعارضة دون تقويض الموقع المهيمن للأسرة الحاكمة. "حوارات" مماثلة بدأت في صيف عام 2011 ولكن سرعان ما انهارت لأن النظام لم يكن راغبًا في تقديم تنازلات سياسية كبيرة. بدأت المفاوضات من جديد في أوائل عام 2013، في الوقت المناسب لخلق دعاية جديدة خلال احتجاجات ذكرى بدء الانتفاضة وسباق الفورمولا 1، الذي يسوق تدفقًا سنويًا للصحفيين الذين يتطلعون إلى إضافة نكهة إلى تقارير حلبة السباق بزيارة للشباب الذين يحرقون الإطارات في القرى القريبة من المنامة.

بالتوازي مع الحوار الرسمي، جرت محادثات سرية بين ولي العهد والمعارضة بين آذار/مارس وتموز/يوليو 2013. وفقًا لمقربين من كلا الجانبين، كادت هذه المحادثات أن تؤدي إلى اتفاق، عندما انفجرت يوم 17 تموز/يوليو سيارة ملغومة خارج مسجد واقع في أحد أحياء الطبقات العليا في المنامة حيث يعيش العديد من أعضاء الأسرة الحاكمة. اتهم النظام العناصر الإرهابية في صفوف المعارضة، وأصدر أحكامًا بالسجن المؤبد ضد أشخاص زعم أنهم شاركوا في الهجوم. تشكك المعارضة في رواية الحكومة، وتؤكد أن المتشددين داخل النظام قد نفذوا الهجوم من أجل تخريب المفاوضات. ومهما كانت هوية من زرع القنبلة فقد حقق هدفه في الواقع: توقفت المحادثات السرية وبدأت مجموعة تلو الأخرى تنسحب من الحوار العلني، الذي تحول إلى ورشة نقاش دون جدول أعمال هادف أو جدول زمني واضح.

النظر في أحداث عام 2011 وما بعده، والعقود الماضية في الواقع، يجعل من الصعب التفاؤل حول لقاءات ولي العهد والمعارضة. يبدو أن العائلة الحاكمة، كما في السنوات السابقة، بحاجة إلى الأخبار الإيجابية التي تستطيع شركات العلاقات العامة التي توظفها الحكومة نشرها لتكون دليلًا على "عملية الإصلاح الجارية". ومن المفترض أن تعقد الانتخابات البرلمانية في شهر تشرين الأول/أكتوبر، والأسرة الحاكمة تريد من المعارضة المشاركة. المعارضة كانت قد قاطعت الانتخابات الأخيرة بعد حملة 2011، ومن هنا عاد البرلمان برلمانًا مواليًا. وكما أوضح علي الأسود، ممثل الوفاق في لندن: "العائلة الحاكمة تقول لنا بأن الاصلاح يصبح ممكنًا فقط عندما ترجع المعارضة إلى البرلمان. يريدون منا أن ننسى أساسًا معاناة ونضال ثلاث سنوات، والعودة إلى المربع رقم واحد، حيث كنا قبل عام 2011 ".

حتى وإن وافقت الوفاق والجماعات اليسارية في تحالف المعارضة على مثل هذا السيناريو، وهذا مستبعد، فإن الاشخاص الذين يقودون الاحتجاجات في الشوارع كل ليلة في القرى الشيعية إلى حد كبير لن يهدأوا. حلم المتظاهرين هو سقوط النظام، على الرغم من أنهم يعترفون بأن هذه النتيجة غير محتملة عما قريب. ولا يمكنهم وقف احتجاجاتهم إلا في حال كان هناك تنازلات سياسية حقيقية على الطاولة. وتشمل هذه التنازلات الإفراج أو إعادة محاكمة السجناء السياسيين محاكمة عادلة، ولا سيما الزعماء الـ 13 للمجموعات السياسية غير المرخصة الذين حكم عليهم بالسجن مدة طويلة لدورهم في الانتفاضة. الأسرة الحاكمة غاضبة على هذه الشخصيات المعارضة، التي طالبت بسقوطهم، ولكن يجب إدراج هؤلاء الرجال ضمن العملية السياسية إذا ما أريد أن يكون هناك استقرار طويل المدى في البحرين. حتى الرئيس باراك أوباما قال في أيار/مايو 2011 "السبيل الوحيد للسير قدمًا هو دخول الحكومة والمعارضة في حوار، ولا يمكن أن يكون هناك حوار حقيقي وجزء من المعارضة السلمية في السجن". ولكن، حاليًا، هناك إطلاق حملة "البحرين 13"، كما سماها النشطاء، وستكون لعنة على الأسرة الحاكمة. بالنظر إلى ميزان القوى الإقليمي والدعم المالي والعسكري والسياسي غير المشروط من دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها، والانقسامات العميقة داخل الاسرة الحاكمة وكذلك داخل المعارضة، فإنه من المرجح أن يستمر الجمود في البحرين في المستقبل المنظور.

يتبنى النائب السابق عن الوفاق والمتحدث باسمها في واشنطن، مطر مطر، الآن موقفًا مختلفًا: "في الواقع، من السهل نسبيًا حل مشاكلنا." كيف يمكن أن يكون ذلك؟ يضيف: "في مقارنة إقليمية". في البلدان العربية الأخرى التي شهدت ثورات، مثل مصر وليبيا وسوريا واليمن، انحدرت الصراعات السياسية إلى أعمال عنف وصراع دولي وحرب أهلية. "وبالمقارنة مع هذه الدول"، يتابع مطر، "ليس هناك دفع حقيقي لاستخدام العنف كأداة ثورية وليس هناك حرب أهلية حقيقية في البحرين. أعتقد أنه يمكن إدراج مطالب جميع البحرينيين في تسوية مستقبلية." كلمات هذا السياسي، للتأكيد، يجب أن تلهم كل من يريد لهذا البلد أن يبقى معافى. يقول التاريخ أنه إذا لم يرَ المظلومون سبيلًا لحل سياسي، وإذا بدأت الثقة تتآكل في الأحزاب المعارضة الراهنة والمؤسسات الحكومية، وإذا كان الفاعلون الدوليون الحكوميون وغير الحكوميين على استعداد لدعم الجماعات المتنافسة، فإن البلدان قد تنزلق إلى صراع عنيف بين عشية وضحاها. وبشكل متزايد، كل هذه العوامل قد اجتمعت في البحرين. موقف الغرب هو أن الحوار السيء أفضل من عدم وجود حوار، وأنه في الوقت نفسه يجب على الجميع أن يبدأوا العمل كالمعتاد. ولكن الحوار السيء يقوض أيضًا أولئك الذين يؤمنون بالتسوية ويقوي المتشددين في كلا الجانبين، وعند كلا المجموعتين قاعدة شعبية كبيرة. فالمتشددون يتفقون على الأقل على شعار واحد برز في تجمعاتهم ووسائل الإعلام الاجتماعية: "لا حوار".

13 شباط/فبراير 2014
النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus