مارك أوين جونز: البحرين على حافة الهاوية

2014-03-20 - 6:04 م

ملخصمارك أوين جونز، مدونة مارك أوين جونز

ترجمة: مرآة البحرين

بتاريخ 3 آذار/مارس 2014، تحدثت وزارة الداخلية البحرينية عن انفجار ثلاث قنابل في قرية الديه. وعن أن الإنفجار أسفر عن مقتل ثلاثة من رجال الشرطة بينهم ضابط إماراتي. وأعلنت وزارة الداخلية عن اعتقال 25 شخصًا على علاقة بالهجوم. بطبيعة الحال، سوف تزيد وزارة الداخلية من عمليات الاعتقال، سواء كان المتهم مذنبًا أم بريئًا. والفشل في ذلك يبدو ضعيفًا، وقد يثير التوترات بين أولئك الذين يشكلون لجانًا أهلية والراغبين في الثأر بأسلوبهم الخاص. وقد أفادت جماعات حقوق الإنسان عن مداهمات للمنازل والعقاب الجماعي في الديه في أعقاب الهجوم، (يبين لنا هذا الفيديو شرطيًا يركل أحد المعتقلين عدة مرات بينما المعتقل ملقى على الأرض).

وعلى الرغم من أنه كان هناك أربعة قنابل، إلا أنه من غير الواضح تمامًا من هو المسؤول عنها. فقد ادّعت مجموعتان على الأقل مسؤوليتهما عن الهجوم في الديه عبر وسائل الاعلام الاجتماعية - وهما: سرايا الأشتر وسرايا المقاومة الشعبية. ويمكن قراءة اعتراف المجموعة الأولى هنا، واعتراف المجموعة الثانية هنا. وعلى الرغم من أنه من الممكن أن تكون المجموعتان قد زرعتا قنابل منفصلة، أو قامتا بهجمات منسقة، إلا إنهما لا تذكران ذلك. فقد ذكرت سرايا المقاومة الشعبية بأنها أجرت هجومًا بالقرب من مجمع الهاشمي في الديه. ومجمع الهاشمي هو المكان الذي ظهرت فيه معظم الصور المروعة لعناصر الشرطة الجرحى والقتلى (أمس). (انظر هنا وهنا لمشاهدة مجمع الهاشمي ( اقفز إلى 0.28). وعلى نحو مماثل، أعلنت سرايا الأشتر مسؤوليتها عن الهجوم الذي أسفر عن مقتل ثلاثة من رجال الشرطة - وعلى ما يبدو عند مجمع الهاشمي أيضًا. حتى الآن، نسبت وسائل الإعلام المختلفة الهجمات إلى أطراف مختلفة. على سبيل المثال، نسبت صحيفة الخليج تايمز، الهجمات إلى سرايا المقاومة الشعبية، في حين نسبته كل من وكالة فرانس برس وصحيفة فاينانشال تايمز والجولف ديلي نيوز إلى سرايا الأشتر.

وبغض النظر عمن قام بذلك، فإنه من المثير للاهتمام أن هذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها المجموعتان مسؤوليتهما عن هجمات مماثلة. ففي أيار/مايو، أعلنتا مسؤوليتهما عن هجوم مماثل ضد رجال الشرطة في قرية كرانة (انظر هنا وهنا). ولا نستطيع التأكد ما إذا كان نفس الهجوم، لأنهما حدثا في نفس المكان وفي نفس الوقت تقريبًا. ومن المثير للاهتمام أيضًا أن الحكومة البحرينية كانت تدير حساب سرايا المقاومة الشعبية على تويتر (ليس هناك أدلة تشير إلى أن حسابات الفايسبوك وتويتر كانت تدار من قبل الحكومة). في نهاية المطاف، ليس من الواضح من الذي يدير هذه الحسابات. يمكن أن تكون حسابات ترعاها الحكومة، ويمكن أن تكون لجماعات مسلحة حقيقية، أو أنها يمكن أن تكون لمجموعة من الناشطين الالكترونيين الموهوبين في غرس الخطابة العربية الدينية في الأذهان.

لم تعلن حكومة البحرين رسميًا من المسؤول عن الهجوم، ولكن عرضت الصحف المحلية أسماء كلتا المجموعتين مرارًا في أعقاب انفجارات أخرى. في الآونة الأخيرة، ادّعى شرطي أنه وخلال تحقيقاته قد وجد أن سرايا الأشتر كانت على علاقة مع ائتلاف 14 فبراير. بالإضافة الى ذلك، فإنه يبدو أن الحكومة ستأخذ هذا التهديد بجدية، فقد وضعت مؤخرًا سرايا الأشتر وسرايا المقاومة الشعبية وائتلاف 14 فبراير على قائمة الإرهاب. و يشير الدكتور عبد الهادي خلف بشكل مثير للإهتمام إلى أن نائب رئيس شرطة دبي الفريق ضاحي الخلفان قد تفرد بالاكتشاف أن الشخص الذي قتل الشرطي الإماراتي (على وجه التحديد؟) قد تدرب على يد حزب الله واعتاد القيام بزيارات عديدة الى لبنان. تنحَّ جانبًا يا بيندكت كامبرباتش*.

إثارة العنف

وبعد أن قلنا هذا، فإن هاتين السريتين ليستا وحدهما المسؤولتين عن العنف. فاستخدام المتفجرات، لا سيما قنابل المولوتوف، ليس جديدًا. إذ أنه كان مألوفًا جدًا في أواخر عام 2011، العام الذي بدأت فيه الانتفاضة الأخيرة في البحرين. وكان هناك أيضا عدة تقارير تتحدث عن استخدام عبوات ناسفة يدوية الصنع. منذ فترة، دافع ائتلاف شباب 14 فبراير عن استخدام العنف تحت عنوان الدفاع عن النفس (وليس ضد المدنيين). بالإضافة إلى ذلك، تشير الفيديوهات إلى مواقف فاضحة لبعض الجماعات اتجاه العنف. هناك شريط فيديو يصور صناعة عبوات ناسفة متطورة نسبيًا وموصولة بأجهزة تحكم عن بعد ترجع إلى ما قبل تاريخ 14 شباط/فبراير 2014. وقد تبين أن المعارضة البحرينية غير القانونية تؤيد هذا الفيديو، وهي التي تعاونت في الآونة الأخيرة كثيرًا مع ائتلاف شباب 14 فبراير، لا سيما في الذكرى السنوية لانتفاضة 14 فبراير حيث تبين أنها رفضت أجندة العصيان المدني التي تروج لها المعارضة القانونية في البلاد. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان تضمين شعارات المعارضة الغير قانونية في الفيديو يعني أنها تؤيد العنف.

ولكن، وخلافًا للمعارضة القانونية، التي أدانت بوضوح الهجمات ضد رجال الشرطة، التزمت المعارضة غير القانونية الصمت. وهذا لا يعني أنها تتسامح مع هذه الهجمات، وأنها نوعًا ما غير مستعدة بالإلتزام لإدانة العنف وهذا يعني أنها تذعن لضغوط الحكومة لضبط جماعتها الخاصة بها. وأيضًا، إدانة العنف مسألة إشكالية، حيث يبدو أنها مرتبطة برواية الحكومة التي تعتبر عنف الناشط هجومًا عفويًا وغير مبرر على دولة كريمة وإصلاحية. في الواقع، استمرت الحكومة بقمع المعارضة ولم تفتح المجال أمام متنفس سياسي كافٍ يؤدي إلى إيجاد حل سلمي. وباختصار، فقد تم حرمان الناشطين من صمام سياسي تشاركي آمن، وفي الوقت نفسه يخلق عنف الدولة المتواصل وضعًا يتعذر الدفاع عنه بحيث يرى الكثيرون أن العنف هو وسيلة انتقام مبررة. بطبيعة الحال، هذا التصريح ليس من التصريحات التي تحتفل بالقتل، بل هو من التصريحات التي التي اعترفت بأن القتل مستهجن، بغض النظر عمن هو مسؤول عنه. إلا أن، الإطار التبريري للقتل باسم محاربة الظلم المنهجي هو أعظم بكثير من القتل باسم إدامة نظام استغلالي وغير عادل.

رغم ذلك، تصريح المعارضة القانونية، ورغبة البعض في أن يرى ما حدث (بالأمس) كتلفيق/مؤامرة للحكومة يؤكد الحقيقة القائلة بأن العنف لا يزال يثير امتعاض الكثير من الناس والناشطين وغير الناشطين على حد سواء. وأيًا كان الحال، فإن الفرق البسيط يكون غالبًا كبيرًا في ظل مناخ مشحون بالطائفية والصراع السياسي، ولا يزال هناك عدد من الناس ممن يرغبون في أن تكون المعارضة في مجملها هي المسؤولة عن أي عمل من أعمال العنف. على سبيل المثال، ألقت المنامة برس باللوم على الوفاق فيما يتعلق بهجوم (الأمس). وذكر رجل من المحرق أن هذا لم يكن ثورة "سلمية" (والمعنى هو أن عملًا عنيفًا واحدًا يشوه سمعة الآخرين الذين يؤيدون الطرق السلمية - مغالطة منطقية، ولكن ليست حجة غير مألوفة في البحرين ). وقد ذكرت الحكومة أيضًا إيران كمحرض محتمل في القضية الأخيرة، مما يساهم في المجازات الكلامية التي تعتبر الحكومة حصنًا منيعًا في وجه التطرف الطائفي. وهناك أيضا نظرية تقول بأن الحكومة هي من رتب قضية القنبلة.

التوترات المجتمعية

هناك أيضا قلق متزايد من أن جماعات لجان الأمن الأهلي قد أصبحت متورطة بشكل متزايد في إدارة السياسات الداخلية في البحرين. ففي حين أن استخدام "البلطجية" كان ومنذ فترة طويلة مشكلة، فإن السلفيين المحافظين قد يزحفون الى داخل البحرين أكثر مما مضى. فقد هددت جمعية الأصالة الإسلامية، بمواجهة المتظاهرين المناهضين للحكومة في حال لم تفرض الحكومة عقوبات أكثر صرامة. وبالمثل، فقد انسحبت جمعية الوحدة الوطنية، وهي جمعية معارضة موالية أيضًا من الحوار المقبل إلى أن تعالج الحكومة مسألة "الإرهابيين" بـ "قبضة من حديد". وادّعى الأمين العام لتجمع الوحدة عبد الله الحويحي أيضًا أن المعارضة القانونية تؤيد الإرهاب أساسًا.

حيث سأل "ما هو الهدف من الجلوس الى طاولة الحوار وهناك مشاركون يستخدمون بشكل مباشر أو غير مباشر مظلتهم السياسية لدعم الإرهابيين؟"

وفي الوقت نفسه، طالب الحزب المعارض العلماني، وعد، الذي ما زال أمينه العام إبراهيم شريف في السجن بتهم ملفقة، الحماية من الشرطة بعد أن تم تهديد مقاره. وقد جاء هذا التهديد بعد الهجمات التي تعرض لها مقر جمعية الوفاق المعارضة عقب تفجير يوم الاثنين. بالإضافة إلى ذلك، لا يزال عادل فليفل، الجلاد الذي تحول الى شيخ سلفي، يُحرض على الطائفية، ويذكر كيف يعمل الشيعة والولايات المتحدة معا لمهاجمة السنة (في البحرين وأماكن أخرى في الخليج). وسواء كان البعض سينجر وراء هذا النوع من الكلام الفارغ في البحرين، تلعب الحكومة لعبة خطيرة تثير التوترات الطائفية وتهيئ مناخًا مليئًا بالخوف في أوساط بعض السنة في البلاد. بالمناسبة، أظن أنه لن يتم محاسبة فليفل ولا المئات ممن تجمعوا في المحرق احتجاجًا على مقتل الشرطة بسبب خرق القانون (فالتحريض الطائفي والتجمعات غير القانونية تتعارض مع القانون في البحرين، على الرغم من أن توجيه الشتائم للشيعة و"التجمعات الموالية للحكومة " مسموح به).

بالإضافة إلى ذلك، وفي الوقت الذي لا يزال هناك دائمًا أهمية للسياسات المتخطية للحدود الوطنية في البحرين، فإنه يحتمل أن تفاقم حقيقة كون أحد الضباط من دولة الإمارات العربية التوتر الإقليمي من خلال تحويل الصراع في البحرين إلى قضية عاطفية بالنسبة للمقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة. وبالفعل، فقد أشار رئيس شرطة دبي إلى إرسال ألف شرطي إماراتي إلى البحرين والهدف هو التوضيح لأعداء الخليج العربي بأن أمن البحرين هو أمن الخليج كله. وإذا حدث ذلك، فإنه سوف يسلط الضوء ببساطة على السياسة العلنية والمتفشية بشكل متزايد لقادة دول مجلس التعاون الخليجي غير المنتخبين في إدارة شؤون السياسة وشؤون الشعب البحريني. من الصعب أن تنال هذه الخطوة من المعارضة البحرينية، التي لا يزال الكثير منها يشير إلى أن وجود درع الجزيرة في البحرين هو احتلال أجنبي. كما وأن تدخل القوات الإماراتية لحفظ الأمن الداخلي في البحرين يطرح أيضا أسئلة أخرى حول سيادة البحرين (كما تتناولها آلاء الشهابي هنا). حاليًا، تتم إدارة البلاد من قبل قوة من المرتزقة التي تم استقدامها من العديد من البلدان الأخرى العربية وغير العربية. ومؤخرًا كان هناك إشاعة تقول بأنه تم استقدام قوة جديدة من رجال الشرطة من دول مجلس التعاون الخليجي تحت اسم "أمواج الخليج" وهي الآن نشطة في البحرين (كان طارق الشحي، الضابط الإماراتي الذي قتل، جزءًا من هذه القوة). في الواقع، من الصعب أن نسمي الحكومة التي تعتمد كثيرًا على القوات الأجنبية لحماية النخبة الحاكمة بأنها حكومة ذات سيادة فضلًا عن أنها ذات شرعية. *

إن وجود المزيد من القوات الأجنبية في البحرين لمكافحة ما يسمى الإرهاب " المستوحى من الخارج" يشير إلى أن البحرين قد أصبحت بالفعل ساحة صراع بين ملوك الخليج المضطربين وبين السياسة الشيعية التوسعية التي تشكل حالة لانعدام الأمن بالنسبة لهم أو التحول إلى نظام ديمقراطي و/أو تقاسم السلطة. وهذا ما هو عليه السعوديون، المضطربون دائمًا من المعارضة البحرينية، سواء كانت شيعية أو شيوعية أو قومية.

مؤخرًا، ذكرت الولايات المتحدة أن إيران تزود المسلحين الشيعة في البحرين بالأسلحة والإمدادات الأخرى، وهذا لا يقدم لنا أي دليل أو تفصيل إضافي. وسواء كان هذا صحيحًا أم لا، فإيراد الأسلحة إلى مجموعات مستعدة لاستخدامها هو موضوع في غير محله إلى حد كبير، لأنه من غير المنطقي تشويه سمعة أو معاقبة حركة بأكملها مستعدة للاحتجاج دون اللجوء إلى العنف. وللأسف، تقود السلطات البحرينية حملة عقابية ضد المعارضة في البحرين، سواء كانت قانونية أو غير قانونية. وحاليًا، ليس من الواضح كم سيرفعون ثمن الانخراط في المعارضة. حتى الآن، يبدو أنهم يعالجون الاضطرابات بطريقة استبدادية بالإجمال، فهم يؤججون الوضع ومن ثم يسترضون الموالين الغاضبين بتشديد الحملة على المحتجين المناهضين للحكومة. بطبيعة الحال، أدى هذا الأسلوب الى زيادة الاستياء، وهو ما يفسر الزيادة الأخيرة في العنف. (دعونا لا ننسى أن انفجار الديه جاء بعد أن كان الناس يحتجون على مقتل ناشط شاب في مركز للشرطة ). ومهما حدث، فإن الأيام القليلة المقبلة سوف توفر لنا رؤية واضحة عن المستقبل في البحرين.

** من المثير للاهتمام، أن المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة قد رصوا الصفوف مرة أخرى اليوم ضد قطر باسم الأمن. يبدو أنهم منزعجون من عدم رغبة قطر في مجاراتهم واعتماد صيغة أمنية واحدة لمجلس التعاون الخليجي. كما وحظرت الإمارات العربية المتحدة أعضاء الوفاق، وهي أكبر جمعية معارضة في البحرين. وسيكون ومن المثير أن نرى ما اذا كان السعوديون سيحذون حذوها...


*بيندكت كامبرباتش: مُمثل تلفزيوني وسينمائي ومسرحي بريطاني

 

4 آذار/ مارس 2014
النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus