مارك أوين جونز: سياسة الشهرة المضادة للدبلوماسية في البحرين

2014-03-24 - 10:01 م

مارك أوين جونز، صحيفة يور ميدل إيست الإلكترونية

ترجمة: مرآة البحرين

ورد أن بطل العالم الذي اعتزل الملاكمة، جو كالزاغي، قد قصد فندق راديسون بلو في المنطقة الدبلوماسية في البحرين ليروي حكايا حياته المهنية الطويلة واللامعة. إن كلامه العلني والمعسول يعطي فكرة خاطئة عن حقيقة ما يحدث في البحرين حيث يستغل النظام هناك من جديد زيارات مشاهير مثل كالزاغي لإظهار أن الحياة في البحرين طبيعية وهادئة.

غالبًا ما تستفز سياسة"الشهرة المضادة للدبلوماسية "غير المتعمدة ولكن الصارخة أحيانًا الناشطين في مجال حقوق الإنسان لأنها تقوض محاولاتهم الرامية إلى تسليط الضوء على النظام البحريني الذي قتل وعذب العشرات من المدنيين منذ عام 2011.

كالزاغي هو الأخير ضمن سلسلة المشاهير الذين زاروا هذه الجزيرة. منذ اندلاع الاضطرابات في عام 2011،  زار البحرين عدد من المشاهير مثل ممونة الميلك-شايك كيم كارداشيان ومغنية الأوبرا بلاسيدو دومينغو ونجمة البوب العربي نانسي عجرم والمغني البريطاني كالفين هاريس، وآخرهم كان الموسيقار المخضرم إريك كلابتون. وبالإضافة إلى هؤلاء، كانت هناك حشود من سائقي سباقات الفورمولا 1 الذين زاروا البحرين خلال السباق السنوي لجائزة البحرين الكبرى، وهو أيضًا حدث يستخدمه النظام لتعزيز مكانته الدولية وإعطاء صورة عن مدنيته وحداثته.

بطبيعة الحال، يمكننا التمييز بين المشاهير الذين يذهبون إلى البحرين لغرض الترويج الذاتي وجني المال وبين أولئك الذين يذهبون لغرض إطلاق وتفعيل الدعاية التي تدعم النظام الحالي. إن غرض نانسي عجرم من زيارتها كان بالتأكيد هذا الأخير، فقد وصفت، على حسابها في تويتر، البحرين بأنها "بلد جميل يسير على درب النجاح والازدهار عامًا بعد عام". وكان آخرون مثل كيم كارداشيان، أكثر حذرًا بقليل، حيث قالت كارداشيان أنها أرادت أن تصحح الخطأ المتصور حول البحرين. وبعد ذلك غردت، "قدمت لتوي إلى البحرين! يا الله هل أستطيع أن أتجول هنا من فضلك؟ إنه أجمل مكان على وجه الأرض!" إن البحرين، في الواقع، جميلة ولكن تغريدة كارداشيان تغطي القمع السياسي الذي يعاني منه الكثير من البحرينيين.

تشير تغريدات كارداشيان ونانسي عجرم إلى "تهميش المعاناة" وتجاهل أو تغييب الأزمة السياسية في البحرين. وكما صرّح بيرلموتر وواغنر، لا يعمل هذا الخطاب فقط على عدم إظهار ما يحدث فعلاً على الأرض فحسب، بل إنه يُكوّن أيضًا "تصورًا علنيًا ومباشرًا" لتفسير الوقائع وفق رغبة السلطة المهيمنة. وفي هذه الحالة، الواقع الذي ترغب بإظهاره السلطة، التي نحن بصددها وهي حكومة البحرين، هو أن "كل شيء على ما يرام في البحرين". ولذلك وبدلًا من كونها دبلوماسية، تستخدم البحرين المشاهير للتأثير على التصورات العامة لصورة البلد. وبعبارة أخرى - إنها حملة علاقات عامة صارخة وشكل من أشكال "الفخ التسويقي" الطوعي الذي تستطيع البحرين من خلاله أن تعزز فضائلها على ظهر وأكتاف سمعة المشاهير.

كما أنه لا يمكن تبرئة أولئك الذين يختارون عدم التحدث بالسياسة مثل إريك كلابتون. أنا معجب جدًا بكلابتون (ولست معجبًا كثيرًا بكيم كارداشيان)، ولكن رحلته إلى البحرين أثارت خيبة أمل كبيرة من جانبي. يمكن أن ينظر إلى صمته بأنه عمىً متعمد أو إعلان غير معلن عن "حياده" السياسي. ولكن، كما تقول سارة روي أن، "أي ادعاء بالحياد هو ... لا شيء أكثر من لامبالاة متعمدة." وبالمثل، يستحيل أن تظل أي رحلة من رحلات المشاهير غير سياسية لأن مجرد وجودهم ينطوي على قبول ضمني للوضع السياسي الراهن في البلد.

وفي حين أن بعض المؤلفات الأكاديمية التي تتحدث عن دبلوماسية الشهرة تشير إلى أنه أمر "إيجابي بشكل عام"، إلا أنه من المهم ملاحظة الفرق. يمكن القول، أنه يمكن لهذه الدبلوماسية أن تكون مفيدة عندما يتصرف المشاهير كمدافعين لأسباب إنسانية، مثل جورج كلوني فيما يتعلق بدارفور، أو الأعمال الخيرية للأميرة ديانا (رغم عدم موافقة الكثيرين) بيد أن هناك مجالات أكثر التباسًا وهي ما نستطيع أن نطلق عليها اسم " الشهرة المضادة للدبلوماسية "، مثل رحلات دنيس رودمان إلى كوريا الشمالية أو زيارة شون بن إلى بغداد قبل الغزو في عام 2003. ولكن حتى رودمان وبن لم يتبنيا الموقف الأيديولوجي للأنظمة القمعية التي زاروها، ويقول أندرو كوبر أنه يمكن لدبلوماسية كرة السلة التي يعتمدها رودمان أن تضعف شعور كوريا الشمالية بالغيرية، وربما تمهد الطريق لذوبان جليد العداء الأمريكي للنظام.

قالوا أن البحرين ليست منبوذة دوليًا مثل كوريا الشمالية وأنه ليس هناك حاجة لتذويب جليد العلاقات مع الغرب. وأنه على العكس من ذلك، علاقة البحرين الدافئة مع أوروبا والولايات المتحدة هي التي تسمح للمشاهير بتبرير زياراتهم إلى هناك. وأيضا، بقي المشاهير في إطار الدبلوماسية الفعلية في البحرين، واختاروا إما الصمت أو العمل على تعزيز رواية أن النظام البحريني هو نظام تقدمي وأن كل شيء في البحرين على ما يرام. إن العمل على تبييض انتهاكات حقوق الإنسان من خلال تهميش إرهاصات الأزمة السياسية وأزمة حقوق الإنسان هو عمل جبان جدًا كما أن غض الطرف ليس عملًا معذورًا، ففي بعض الحالات، يمكن للصمت أن يكون عملًا جبانًا أكثر من التبييض لأنه يعني أنه لا يوجد حتى قضية سياسية جديرة بالمناقشة أو النقاش.

وبالتالي، فإن الشهرة المضادة للدبلوماسية، سواء المتعمدة أو غير المتعمدة، تتناقض مع التشجيع على حقوق الإنسان في البحرين. ينبغي للمشاهير ألا يشجعوا على إظهار أن الأمور طبيعية وعادية في البحرين، على الأقل إلى أن يُظهر النظام التزامه الحقيقي بالعدالة وحقوق الإنسان.

 

20 آذار/مارس 2014

النص الاصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus