شرعية الحوار بعد انسحاب الوفاق

أنور الرشيد - 2011-07-20 - 6:27 ص



أنور الرشيد*

 
كما هو متوقع، وقلناها في مقالة سابقة إن الحوار ما هو إلا كذبة، يراد لنا تصديقها، فالمعلومات المتواترة حول نتائج الإجماع في المحور السياسي التي خلصت على رفض أن يكون رئيس الوزراء شعبي، يعني أن الحوار يصادر أهم مطالب حركة احتجاج 14 فبراير.  وهي الحركة التي بسببها كان هذا الحوار، وهو المطلب الأساسي والرئيسي، وهو من المطالب المشروعة، ومن أول وأبرز المطالب التي طرحت في دوار اللؤلؤة. 

إن كان كل شيء سيكون على ما هو عليه لا طبنا ولا غدا شرنا. وستظل المعركة أقصد المعركة السياسية وليس المعركة العسكرية، كما سيحاول بعض ضعاف العقول تفسيرها، ستظل مفتوحة إلى أن تتغير موازين القوى، هذه هي طبيعة الصراع. من يعتقد ويراهن وراهن على أن السلطة يمكن أن ترضخ بهذه السهولة لمطالب تسلب منها صلاحيات أو تحجم صلاحيات فهو واهم، ولا يدرك معنى السلطة المطلقة، سبق وأن بينا في مقالة سابقة أيضا بأن الأنظمة المحيطة متشابهة في معظم الأساسيات التسلطية وإن كانت هناك بعض الفروقات، فهي فروقات تختفي في حال وجود تهديد مشترك أو حصول ما يمكن أن يغير بموازين و معادلات مستقِرة.

إن خروج نتائج المحور السياسي برفضها للمطالب الشعبية بألف حجة وحجة ليست بغريبة وكانت متوقعة، وبطبيعة الحال سوف يستمر الصراع وسيستمر سقوط ضحايا وستستمر الهجرة للخارج للبحث إما عن عمل أو عن أمان وسيستمر الاحتقان وستظهر بعض المؤشرات الاقتصادية الكاذبة على انتعاش بعض القطاعات. ويمكن ومن الجائز أن يحدث ذلك نتيجة للضخ المالي الكبير من قبل الأنظمة المحيطة لكي تبين للعالم وللمنظمات والمؤسسات المالية بأن الاقتصاد يستعيد عافيته، ولكنها ستكون استعادة قيصرية سرعان ما ستنهار. 

ولنا تجربة في الكويت منذ ثلاثين عاما وآسف إن استعنت بتجارب كويتية في هذا المضمار، لأننا مررنا بنفس التجربة ونفس سيناريو المعالجة العقيمة ففي بداية الثمانينيات من القرن الماضي، ولكي تلتهي الجماهير عن ما يحدث على الحدود العراقية الإيرانية من صراع ونزاع مسلح شرس، فتحت الحكومة بشكل وهمي سوق المناخ على مصراعيه للتداول بدون ضوابط وانهار بعدها السوق. وإلى هذا اليوم وعلى الرغم من أنهم صرفوا المليارات من الدنانير الكويتية، وليس تومان أو ربيه هندية أو دراخما يونانية أو ليرة تركية، قبل أن يحذفوا منها عدد كبير من الاصفار.

و إلى يومنا هذا يقولون إن الاقتصاد يعاني ويحتاج إلى دعم، إنهم يكذبون وياليتهم يتجملون، إنهم يكذبون ولا يتجملون، الزبدة عادت الأمور كما هي علية بعد عام 1975 وسوف يستمر مسلسل الصراع كلما سنحت الفرصة لأي طرف لتسخن الأجواء ويرفع سقف المطالبات وسيستغلها البعض، وسيتكرر  السيناريو نفسه، ولكن مع بعض الرتوش التي ستميز كل مرحلة عن أخرى. 

إن انسحاب الوفاق هو انسحاب تاريخي ومبرر وكل الأسانيد والحجج التي صاغتها بانسحابها، حجج معقولة ومقبولة في عالم السياسية، وستواجه الأسرة المالكة إشكالية شرعية الحوار، فالكل يعلم بأن الوفاق تمثل ستين بالمائة من الشارع، فكيف ستأخذ النتائج شرعيتها، إن لم تكن مدعومة من الشارع ونذكر بأن الاستفتاء الذي أجري في بداية الألفية الثالثة على الوثيقة المعمول بها حاليا في البحرين لولا مشاركة شارع الوفاق بقوة بها، لما حصلت على مشروعيتها التي تُحارب بها الوفاق اليوم، لذا سيستمر المسلسل كمسلسل مكسيكي طويل وممل، ننتظر النهاية والنهاية ليست بقريبة فكل المخلصين والذين يحبون الخير للشعب البحريني وللأسرة الحاكمة الكريمة يتمنون أن ينتهي هذا المسلسل بانتصار الخير على الشر بكل تأكيد.
 
Zwayd2007@gmail.com 

*الأمين العام لمنتدى مؤسسات المجتمع المدني الخليجي. 
* ينشر  في مرآة البحرين بالتزامن مع موقع منتدى حوار الخليج.   

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus