درك أردني يقمع في وطني

نادر عبد الإمام - 2014-04-03 - 5:51 ص

نادر عبدالإمام *

حقيقة نعرفها نحن البحرينيين منذ أمد بعيد، أن قوات الأمن البحرينية وكافة الأجهزة العسكرية تتشكل في الغالب الأعم من عناصر متعددة الجنسيات تصل تقريباً إلى سبع جنسيات رئيسة. عشرات الآلاف من الهنود والباكستانيين والأردنيين واليمنيين والسوريين والعراقيين البعثيين والسودانيين، يرتدون زيّ الأمن البحريني ويشاركون في قمع الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالحقوق المسلوبة.

نراهم في نقاط التفتيش، وفي المداهمات، وفي قمع الاحتجاجات في الشوارع، وفي المعتقل. لا يوجد ثمة بحريني بينهم عدا الضابط الذي يكون مكلفاً بإمرتهم. وطالما ردد البحرينيون أبياتا "نثرية" ذات دلالة تنسب للشاعر المصري الراحل أحمد فؤاد نجم، في حق الثورة البحرينية: "يعتقلك باكستاني ويكتب المحضر يمني ويعذبك سوري ويتم تقديمك لمحكمة قاضيها مصري وأنت فقط المواطن بينهم".

في انتفاضة التسعينات التي انطلقت في ديسمبر/ كانون الأول 1994 للمطالبة بعودة الحياة النيابية وتفعيل الدستور، كان لهذه القوات دور كبير في قمع الانتفاضة الشعبية من دون رحمة. وحين اندلعت ثورة 14 فبراير/ شباط 2011 وقمع دوّار اللؤلؤة، عمدت السلطات إلى زيادة عدد القوات العاملين في قوات مكافحة الشغب من مختلف الجنسيات. وهناك من يتحدث عن أعداد تقريبية لها تناهز 20 ألفا من الأجانب، يصنفون بحكم الأعراف الدولية تحت صفة "المرتزقة". ناهيك عن استدعاء السلطات لقوات درع الجزيرة الخليجية.

أغلبية هذه القوات إمّا تكون مشحونة طائفياً أو يتم شحنها طائفياً بعد تدريبها. وتغص شوارع البحرين اليوم بها، حيث يتم تجهيزها بالمدرعات والمركبات الحديثة وكل ما تحتاج لأداء الدور الوظيفي الموكل لها، وهو جعلها حائط الصد الأول في الدفاع عن السلطة. ولا عجب أن كل القتلى في صفوف الشرطة منذ اندلاع الأحداث هم من الأجانب، فلا مواطن بحريني واحد بينهم.

ما أثير مؤخراً عن وجود قوات درك أردنية مشاركة في قمع الاحتجاجات الشعبية في البحرين، هو مما لا يحتاج إلى إثبات، ولكن هذه المرة جرى الأمر على لسان الناطقة باسم الحكومة البحرينة في أثناء زيارتها لعمّان. وكانت - على ما بدت زلّة -، لكنها فتحت في المقابل كامل ملف الدرك الاردني في البحرين لدى الإعلام الأردني، والبحريني، على السواء.

وقد نشر موقع "مرآة البحرين" وثائق تحوي أرقام وأسماء الدرك الأردنيين المتواجدين في البحرين ودورهم في القمع، إضافة إلى المبالغ التي يستلمونها شهرياً.

لو قدّر لأحد الوصول لوثائق الدرك الهندي والباكستاني والسوري واليمني والبلوش وغيرهم من جنسيات أخرى لرأينا حجم الظلم الذي يتعرض له شعب البحرين على يد الحكومة وعلى أيدي هؤلاء الدرك منذ عشرات السنين بلغة الوثائق والأرقام. أمّا بلغة الواقع فالمواطن البحريني، فهو لا يحتاج لكل ذلك؛ إذ يراهم كل يوم مجهزين ومستعدين لقمعه لو فكر الخروج والمطالبة بحقوقه. 

 

* رئيس المنظمة الدولية لمناهضة التميير «إنصاف»



التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus