جستين غينغلر: قضية السفارة تعتم على قضية" دول مجلس التعاون الخليجي في البحرين

2014-04-05 - 4:39 م

جستين غينغلر، مدونة الدين والسياسة في البحرين
ترجمة: مرآة البحرين


أثارت عمليات التدقيق التي أجراها مكتب المفتش العام في وزارة الخارجية للسفارة الأمريكية في المنامة ما وصفه براين دولي ب" قضية السفارة". فقد تناول التقرير الذي يضم 48 صفحة، والذي ربما كان بقلم الدكتور صلاح البندر وربما لا، جميع جوانب أنشطة البعثة إلا إن مأخذها الرئيسي حول هذه الأنشطة كان، كما أشارت صحيفة الواشنطن تايمز بمرح، " القيادة السيئة" للسفير توماس كراجيسك. لا، هذه ليست كذبة أول نيسان...

مثل هذا الاستنتاج بالطبع موضع ترحيب، ويمكن للمرء أيضًا أن يتصور أنها، أخبار مبررة للكثير من البحرينيين، وليس آخرًا أولئك الذين يوالون الحكومة والذين لم يقبلوا أبدًا بتعيين كراجيسكي بسبب دوره في تسليم الحكم للشيعة في العراق عندما كان يتولى منصب مستشار بول بريمر قبل الحرب في عام 2003. ولقد تثبتت هذه الشكوك لديهم عندما تبنت السفارة الأميركية، بعد وصوله، موقفًا مترددًا حول مسألة الإصلاح السياسي مقابل الاستقرار السياسي في البحرين، وهو الموقف الذي تم اعتباره دليلًا آخرًا على تفضيله للشيعة.

وكما أشار دولي في العنوان الفاضح، تبدو واشنطن على الأقل مهتمة بهذا التقرير، الذي أعتقد بأنه صدر عن مؤسسة أمريكية. ويبدو أيضًا، من جملة الأمور، أن لدى الصحفيين الأمريكيين فهم قليل لخلفية القصة. هناك مقال نشر على مدونة في صحيفة واشنطن بوست، على سبيل المثال، يحمل عنوان " مسؤول بحريني يريد طرد السفير الأمريكي في الحال." يسأل المرء، من يكون هذا المسؤول؟

وصرحت صحيفة غالف ديلي نيوز يوم الاثنين أنه، عندما يطالب عبداللطيف المحمود، رئيس جمعية الوحدة الوطنية ( وهي جمعية سياسية من ضمن الاتحادات السنية السياسية الموالية للحكومة) باستدعاء " فوري" للسفير الأميركي توم كراجيسكي، فإنه ينبغي بالضرورة الالتفات إلى ذلك.

هنا كان الكاتب يود أن ينجح في اتباع نصيحته الخاصة، وأن يلفت بالضرورة الانتباه أولاً: إلى تعريف كلمة "مسؤول"، وثانيًا: إلى عشرات المرات الأخرى التي طالب فيها المحمود وغيره من السنة المواليين للحكومة استدعاء و/أو طرد قسري للسفير، بما في ذلك عندما حاولوا تمرير تشريعات برلمانية لهذا الغرض. هل تتذكرون هذا في حزيران/يونيو 2012؟ لا؟ أظن أن آلة غوغل الخاص بالواشنطن بوست معطلة.

والأهم من ذلك، كما يشير براين دولي، هو أن الجزء المثير للاهتمام في تقرير وزارة الخارجية الأميركية لا يقتصر على ما تحدث به عن كراجيسكي والأنشطة الأخرى للسفارة، ولكنه تحدث أيضًا - حتى أكثر من ذلك- عن التصريح الواضح لتفهم وزارة الخارجية العلاقة بين الولايات المتحدة والبحرين. حيث يقول التقرير: "لقد أجبرت الأزمة السياسية الجارية في البحرين حكومة الولايات المتحدة على السعي لإيجاد توازن فعّال بين الأهداف العسكرية والإصلاح وحقوق الإنسان. "

لاحظ ترتيب هذه الأولويات الثلاث.

وأخيرًا، ومقارنة مع الربيع العربي، يشعر المرء بأن التفاؤل الرئيسي للولايات المتحدة في البحرين هو أن بعض التغيير السياسي الإيجابي الذي قد ينتج عن الانتفاضة قد أفسح المجال لرغبة واقعية للعودة إلى الوضع السابق. وهذا يظهر في مصر بشكل أكثر وضوحًا، حيث انعطفت إدارة أوباما منعطفًا كاملًا في دعمها للحكومة العسكرية. كما إن رحلة الرئيس الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية كان لديها شيء من نفس التوجه وهو إصلاح الأسوار الديبلوماسية من خلال طمأنة الحليف العربي الأكثر معارضة للتغيير بأن التغيير حقًا لن يأتي.

وكما لخص غاري سيك في مقال كتبه مؤخرًا في صحيفة نيويورك تايمز حول "عقيدة أوباما"، بأن الولايات المتحدة قررت، إزاء التزاماتها وتحدياتها في مكان آخر، وعلى وجه الخصوص في آسيا، "استراتيجية أكثر تواضعًا" في الشرق الأوسط. وتلخص الواشنطن تايمز الصحيفة الأمريكية المفضلة لدى البحرين بأنه"إذا لم يقم كراجيسكي بالتخطيط جيدًا لمستقبل البعثة الدبلوماسية فهو بالتالي يوفر للموظفين قيادة سيئة ويثير غضب السكان المحليين،" وأيضًا في هذه الحال، ليس لدى وزارة الخارجية سوى التردد وانعدام الرؤية لتقديم الشكر على ذلك.


إن التغيير قادم، على الرغم من ذلك. إن التقارير الأخيرة تتحدث من اعتلال صحة العاهل السعودي الملك عبد الله الذي كان يأخذ الأوكسيجين خلال لقائه مع أوباما. كما إن الملك قد اتخذ مؤخرًا خطوة غير مسبوقة بتعيين استباقي لولي العهد المقبل الأمير مقرن بموجب مرسوم ملكي، وهذا ما أثار تكهنات حول تنازل وشيك عن هذا المنصب. من المرجح أن المرسوم يهدف إلى تجنب نزاع محتمل حول الخلافة بسبب النسب غير القبلي لهذا الأخير (والدته كانت أمة يمنية لابن سعود)، ولهذا السبب يعارض بعض كبار أفراد العائلة المالكة اختياره. في الواقع، يفسر تعيين النظام الملكي للأميرمقرن ما يلي،

تأييد اختيار جلالتنا وتأييد ولي عهد جلالتنا الأمير مقرن بن عبدالعزيز الذي [كان] نتيجة انتخاب أغلبية ساحقة لأكثر من ثلاثة أرباع أعضاء هيئة البيعة.

وبعبارة أخرى، كما يشير أحد أفراد الملكية من الجيل الثاني أن ربع الأمراء البارزين -- ثمانية أو تسعة من أصل خمسة وثلاثين أو نحو ذلكـ ــ ربما يعقدون ولاءهم لمقرن.

في هذا السياق، يقال إن الولايات المتحدة تفضل تولي محمد بن نايف لمنصب الملك، والذي، إذا صحت التقارير التي تتحدث عن "براغماتيته" النسبية إزاء الشيعة، فإنه من الممكن أن يكون هناك مضامين تدعو الى الاهتمام فيما يتعلق بالبحرين. إنه يبدو معقولًا أن نعتقد أن محمد بن نايف، كما هو معروف عنه، كزعيم مكافحة الإرهاب في السعودية ورئيس برنامج "إعادة تثقيف" العائدين من الجهاد، يمتلك ربما وجهة نظر مختلفة بشأن التهديدات النسبية التي تواجهها المملكة والمنطقة فيما يتعلق بالتمكين الشيعي والتطرف الديني (السني). (لا بأس أن نذكر هنا بأنه كان هدفًا لمحاولة الاغتيال الأولى من نوعها ضد أعضاء آل سعود، والتي نفذتها القاعدة في جزيرة العرب في عام 2009.)

ويمكن القول، أن بصمات محمد بن نايف تظهر بالفعل في البحرين. تبعت البحرين، على مضض على ما يبدو، الأسلوب السعودي/الإماراتي في إعلان جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية. (فقد قضى وزير الخارجية خالد بن أحمد الأيام القليلة الماضية بتغيير موقفه حول التعليقات التي أبداها خلال رحلته الأخيرة إلى باكستان والتي بدا بأنها تتعارض مع وجهة النظر هذه). وأيضًا، تبنت البحرين الموقف السعودي في إعطاء مقاتليها على الاراضي الأجنبية - بعضه شمل أطفال (قتلى) لسلفيين بارزين ـــ أسبوعين للعودة إلى البلاد أو المحاكمة. نعم، حتى إن هناك "برنامجًا إرشاديًا خاصًا لمساعدتهم" لدى عودتهم.

بطبيعة الحال، سوف يقف محمد بن نايف، بقدر اهتمامه في إعادة توجيه السياسة الأمنية تجاه الحركات السياسية السنية بدلا من الشيعية، ضد المؤسسات المعادية لإيران والمتمركزة في الخليج والولايات المتحدة بشكل متزايد، بسبب استخدامها فكرة "الفوضى" الايرانية لحلفاء الولايات المتحدة الخليجيين كدليل أساسي لعدم الوثوق بها (بإيران) وبالتالي عدم دعمهم لإنهاء مفاوضاتها النووية.

1 نيسان/أبريل2014
النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus