«أبوديب» في «ذكرى اعتقاله» يدعو الملك للتخلي عن عقلية الفتح... والمعلمين للدفاع عن حقوقهم..

2014-04-06 - 5:27 ص

مرآة البحرين (خاص): دعا نقيب المعلمين مهدي أبوديب الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى التخلي عن عقلية الفتح لصالح الوصول إلى صيغة للتعايش معه، أو انتظار القوانين التي تجري على كل دخيل "ومصيره النبذ"، وفقًا لتعبيره.

أبوديب قال في رسالة تنشرها "مرآة البحرين" بمناسبة اعتقاله (6 أبريل/ نيسان 2011)، إنه سعيد بظروف اعتقاله وتعذيبه ومحاكمته وحرمانه من العلاج؛ موضحًا "لأننا ندفعه في سبيل قناعاتنا وما آمنا به من مبادئ وسعينا لتحقيقه من أهداف".

ووجه نقيب المعلمين رسائل أخرى للمعارضة والمعلمين والمجتمع الدولي. وفي الوقت الذي شدد فيه على ما وصفه "ثبات المعتقلين السياسيين"، دعا أبوديب المعارضة بمختلف أطيافها للتمسك بالمطالب التي تحركت من أجلها ثورة 14 فبراير وعدم المساومة عليها.

أما رسالته للمعلمين فقد جدد فيها فخره بالمواقف التي اتخذها القطاع خلال ثورة 14 فبراير/ شبلط 2011، لكنه دعاهم لتوحيد صفوفهم مرة أخرى، بعد أن تم حل الجمعية التي كان يتزعمها واعتقاله، قائلًا : "وحدوا جهودكم. طالبوا بحقوقكم. تواصلوا مع النقابات والاتحادات المهنية التي يمكن لها مساندتكم".

أبوديب، الذي شكر المنظمات الدولية التي تعاطفت مع قضية الشعب البحريني، انتقد مواقف الدول الغربية التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية، مؤكدًا على أن المبادئ التي تدافع عنها جميعها غير مستحقة في البحرين... فيما يلي نص الرسالة:

تمر اليوم الذكرى الثالثة على الاعتقال الوحشي الذي تعرضت له، والذي إنما تحقق بعد كوني مطلوبًا و مطاردًا لأكثر من أسبوعين، أي منذ الهجمة الغادرة للسلطة على الشعب المسالم في ميدان اللؤلؤ، بل و .تعدته إلى كل مناطق البحرين و قراهاالآمنة، وبعد الهجمة الأولى التي طالت الرموز و الناشطين السياسيين، والمهنيين والحقوقيين، ولم توفر الرياضيين والموظفين والعمال والطلبة وحتى العاطلين.

في مثل هذا اليوم (6 أبريل 2011)، تم اعتقالي. حكمني العسكر بعد حوالي شهرين من التنكيل والتعذيب بالسجن لمدة 10 سنوات والتي أصبحت 5 سنوات في مرحلة الاستئناف، وأيدت لاحقًا في مرحلة التمييز، قضيت منها حتى هذا اليوم 3 سنوات والمتبقي سنتان.

لن أتحدث في هذه الرسالة عن تفاصيل اعتقالي، وقسوة تعذيبي، وظروفي الصحية، ومنعي من تلقي العلاج المختص، وسوء المعاملة التي أتعرض لها أنا وبقية المعتقلين، فكل هذا ثمن بسيط ندفعه بكل أريحية فخورين سعداء بأن ندفعه في سبيل قناعاتنا وما آمنا به من مبادئ وسعينا لتحقيقه من أهداف، وعندما أقارن حكمي بأحكام أبنائي وإخوتي من المعتقلين فإنني أشعر بالخجل منهم، وأحني هامتي احترامًا وتقديرًا لتضحياتهم، وعندما تجمعني الزيارة بأحدهم، وتلتقي عيناي بعيون ذويهم، لا يسعني سوى أن أغضها استحياءً، وأحمد الله أنني لست مضطرًا حينها للنظر في عيون أمهات الشهداء وأطفالهم وذويهم، هؤلاء الذين قدموا أعز التضحيات وأغلاها.

وأغتنم هذه الفرصة الأليمة، لأسرتي على وجه الخصوص، لأوجه مجموعة من الرسائل:

*الرسالة الأولى للملك

أبدأ رسالتي للملك حمد، حيث سبق لي أن كتبت لك رسالة مطولة أخلصت لك فيها النصيحة، ولكن نصيحتي ذهبت أدراج الرياح، أيها الملك، لا شك بأنك قد سمعت حديث رسول الله (ص) حول الراعي والرعية، وأنك تعرف معناه، وتعي دورك تجاه الرعية المطلوب منك وفق هذا الحديث، ووفق ما تقتضيه ملكيتك الدستورية التي جئت بها، ولكن بكل آسف فإن ما قمت به خلال الأزمة كان بعيدًا عما هو متوقع منك كراعٍ  من قبل الرعية التي قبلت بك وبملكيتك الدستورية، ورسختك عبر الميثاق "حاكمًا يحكم شعبه الذي هو جزء أصيل لا ينفصل عنه". ولكنك -يا للغرابة- تصر على القول و التأكيد على أنك “فاتحٌ غازٍ" لا تنتمي لهذا البلد!! و الرسالة التي أرسلتها هذا العام، في 16 ديسمبر، كانت شديدة الوضوح فيما يخص الفتح الخليفي، وإن كانت شديدة الارتباك والإرباك في بقيتها، حيث لم نعد نعلم ما هو تاريخ 16 ديسمبر، وماذا يعني إذا كانت "البحرين مملكة خليفية عربية مسلمة مستقلة منذ عام 1782" (أي منذ الفتح الخليفي بحسب تعبيرك)، فلم نعد نعلم كيف كان الإنجليز في البحرين يحكمونها، وكيف استقلت البحرين عام 1971 من الاحتلال الانجليزي؟! على كل حال لست بصدد مناقشة الأزمة، ومطالب الشعب، والحلول المقترحة، ودورك فيها، فهذا ما استقاضت المعارضة بكل تلاوينها في الحديث عنه، ولكني أذكرك فقط بأنك طالما بقيت تعتبر نفسك (فاتحًا) وأن شعب البحرين هم (حلايل الفتح الخليفي)، فلن تصل مع شعب البحرين إلى حلول، وستبقى الهوة عصية على التجسير بينك وبيننا، ومهما توصلت معنا لحلول ترقيعية، فستبقى تلك الحلول مؤقتة وترقيعية، لا تصمد أمام القوانين الطبيعية والسنن الكونية، فجسم الإنسان يضيق برأس الإبرة ويتألم منه على صغره ويرفضه، ويقوم جهاز المناعة داخل جسم الكائنات الحية بمقاومة الأجسام الدخيلة، مهما تناهت في الصغر، ويحاصرها ويقضي عليها ... وشعب البحرين -على سلميته وطيبته وكرم أخلاقه- ليس مستثنى من هذه القوانين والسنن، فإما أن تعتبر نفسك و تتصرف معه على أنك جزء منه، فتصلان إلى صيغ حضارية للتعايش -على الأقل- أو تصر على موقفك، وبالتالي فلا تلم حينها شعب البحرين أو القوانين الطبيعية والسنن القومية، فأنت من اختار أن يكون دخيلًا  ومصير الدخيل النبذ.

*الرسالة الثانية للمعارضة

عندما أقول المعارضة فإنني أعني جميع أطياف المعارضة، بجمعياتها وتياراتها وشخصياتها، بتشكيلاتها وتلاوينها المختلفة، بشيبها وشبابها، برجالها ونسائها، في الداخل والشتات، أقول لكم باسمي وباسم المعتقلين في سجون السلطة بأننا صامدون، نضع ثقتنا بكم من أجل العمل على تحقيق مطالب الشعب العادلة التي تحقق له (العدل، الحرية، المساواة) وصولًا  للحياة الكريمة التي ينشدها شعبنا، مثله في ذلك مثل كل شعوب العالم المتحضرة. إن شعبنا قد أثبت للعالم أجمع تحضره، وأنه شعب يضج بالحياة، وأنه بما قدمه من تضحيات يستحق أن ينال مطالبه غير منقوصة، لقد خرج الشعب الأبي في فبراير 2011 مطالبًا بحقوقه بكل سلمية، فواجهته السلطة بالرفض والنار والحديد والمعتقلات، ومع ذلك فقد بقي صامدًا ثابتًا لا يحيد عن مطالبه، ولو حدث اليوم ما حدث في فبراير 2011 فإننا سنبقى مخلصين لمواقفنا، ثابتين في مواجهة الظالم، مصرين على مطالبنا. إن أملنا في تحقيق مطالبنا العادلة متعلقين -بعد الله- بكم وبصمودكم وعطائكم الذي أبهر العالم، لن نرضى بالفتات ولن نفرط في دماء الشهداء وتضحيات الأحياء، فلا مساومة على الحقوق الكاملة غير المنقوصة، الله معكم، ونحن معكم، والعالم الحر الشريف المتحضر معكم، ودمتم موفقين بإذن الله.

*الرسالة الثالثة للمعلمين

أيها الإخوة الأحبة، أيتها الأخوات العزيزات المعلمين والمعلمات.. في فبراير 2011 قدمتم أروع الأمثلة على العطاء والتضحية، بادرتم واستمريتم وصبرتم، قدمتم ما عجز عنه الآخرون، تحديتم ظلم وجبروت السلطة، وتهديداتها، وإجراءاتها التعسفية، التي أرادت كسر إرادتكم ولم تفلح، نجحتم حيث فشل الآخرون، لقد سعت السلطة، عبر وزارة التأزيم الفاشلة، ولعدة عقود سبقت، للنيل منكم وتحيدكم، وإخراجكم من معادلة الوطن، وظنت، قبل توحدكم تحت راية جمعية المعلمين في 2011، أنها نجحت في ذلك، ولكن كانت لكم كلمتكم الفصل، التي أعلنتموها مدوية "المعلم هنا" في قلب الثورة النابض، وأن المعلم ليس فقط جزء من الثورة و لكنه "رأس الحرية" في حركة الشعب. أعلم أنكم قد تعرضتم إلى ما لم يتعرض له أحد من ظلم شمل طردكم من العمل، وإيقافكم، وقطع أرزاقكم، والاقتطاع من رواتبكم، والتحقيق معكم، ونقلكم نقلًا  تعسفيًا، وإهانتكم، وإلغاء ترقياتكم، وتلفيق القضايا المختلفة لكم، وغير ذلك الكثير. أعلم أيضًا أنه ليست هناك جهة تستندون إليها لتدافع عنكم، وترفع عنكم الحيف الذي لحق ويلحق بكم بشكل يومي، وعليه فليس لكم بعد الله عز وجل سوى الاعتماد على أنفسكم. وحدوا جهودكم، نظموا أنفسكم، ساندوا بعضكم، دافعوا عن زملائكم، طالبوا بحقوقكم، تواصلوا مع النقابات والاتحادات المهنية والنقابية، والمؤسسات التي يمكن لها مساندتكم، فإن الله عز و جل "لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". قلبي معكم، أتألم لآلامكم، أفرح لأفراحكم الصغيرة، أدعو لكم بالتوفيق، وأن يرفع الله أيدي الطغمة الظالمة عنكم.

*الرسالة الرابعة للمجتمع الدولي دول ومنظمات

أشكر من أعماق القلب جميع المنظمات التي ساندتنا، شعبًا، ومنظمات، وشخصيات، ولم تألو جهدًا في كشف حقائق النظام المخزية، وفضح سلوكياته الظالمة تجاه شعبه، ومطالبة المجتمع الدولي بحماية شعب البحرين، ومساعدته على نيل حقوقه المشروعة، وهذا يشمل المنظمات الكبرى، ذات المصداقية العالية، أو تلك المنظمات الوطنية والإقليمية المنتشرة حول العالم، سواء كانت حقوقية، نقابية، مهنية أو سياسية، لهم جميعًا تحياتي الصادقة على كل ما قدموه لي شخصيًا من دعم معنوي وحقوقي كبير، وعلى كل ما قدموه لكل شعب البحرين طوال السنوات الثلاث المنصرمة. أما دول العالم فإن العديد منها -لا سيما الدول الكبرى- قد كانت لها مواقف إيجابية لم ترق حتى حينه لإحداث التأثير المنشود في تعاطي السلطة مع مطالب الشعب، نقدر أن تتحرك كل دولة في العالم وفق مصالحها الوطنية، فهذا حقها وحق شعوبها عليها، ولكن يبقى أننا أيضًا من حقنا أن نخاطب المثل و المبادئ والجوانب الأخلاقية التي تعتنقها تلك الدول، والتي تمثل منطلقات أساسية لتعاطي تلك الدول مع مختلف القضايا، و نلفت النظر -و هو ما تعلم به تلك الدول- إلى أن الحد الأدنى من هذه المبادئ والمثل غير مستحق في الحالة البحرينية الراهنة، فإذا ما أرادت تلك الدول حقًا نشر المبادئ الديمقراطية التي تكفل للشعوب المقهورة الحد الأدنى من حق المشاركة في صنع القرار، ومن أجل بلدانٍ تنعم بالاستقرار السياسي والاقتصادي، لا بد من الوقوف في وجه النظام في البحرين بشكل حازم وحاسم، إذ لا تكفي الكلمات الرنانة والمواقف المطاطة لتحقيق ذلك.

وختامًا فإنني أشد على أيادي الشعب كل الشعب، لاسيما الصامدين في الميادين، الحاملين أرواحهم على أكفهم، لم يكلوا و لم يملوا "فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا" إن جهادكم ونضالكم اليومي وصبركم على الأذى هو أملنا وزادنا وطريقنا لتحقيق آمالنا بعون الله، أمنياتي لكم بالتوفيق و كل عام و أنتم الانتصار.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus