إميل نخلة: محللّون بحرينيون يقدمون تفسيرات خاطئة حول تقرير وزارة الخارجية الامريكية حول البحرين

2014-04-09 - 5:20 ص

إميل نخلة، موقع لوب لوغ

ترجمة: مرآة البحرين

أثار تقرير المفتش العام  لوزارة الخارجية حول السفارة الأميركية في البحرين، والذي طُلِب مني أن أعلق عليه، الكثير من ردود الفعل سواء بين الفصائل الموالية للحكومة أو المعارضة لها.

تخشى المعارضة من أن تقريرًا ينتقد عمل سفير الولايات المتحدة وأداءه الإداري قد يشير إلى تغيير في سياسة الولايات المتحدة تجاه البحرين لصالح العائلة الحاكمة ويبتعد عن مطالب حوار حقيقي مع المعارضة. كما وأفرح التقرير بعض المحللين السُنة المناوئين للشيعة والموالين للنظام في البحرين مثل عبد اللطيف المحمود، أمين عام التجمع الوحدة الوطنية، بسبب انتقاداته اللاذعة لأداء السفير توماس كراجيسكي.

كلا الشعورين ليسا في محلهما. فالتقرير لا يشير إلى حدوث تغير في السياسة الأمريكية تجاه البحرين ولا يشكل أيضًا دليلًا على استنكاف السياسة الامريكية الحالية عن حقوق الإنسان، حتى وإن كان يدور في حلقة مفرغة.

السياق التاريخي

كل وزارة في وزارات حكومة الولايات المتحدة لديها، بموجب القانون، مكتب مفتش عام OIG يُطلب منه بشكل دوري تفقد عمليات المؤسسات المختلفة التابعة للوزارة، داخل البلد وخارجه، والأداء الوظيفي للموظفين الرئيسيين في تلك المؤسسة. وتلك التقارير معروفة حول واشنطن باسم " تقارير المفتش العام  IG Reports".

ينبغي على تقارير المفتش العام، بموجب القانون، أن تنأى بنفسها عن السياسة. وتقرير المفتش العام الأخير الذي أصدرته وزارة الخارجية ليس استثناءً. والهدف الرئيسي لهذه التقارير هو "تطوير الإدارة والمساءلة وإيجاد تغيير إيجابي" في أي مؤسسة يجري تفتيشها.

تشكل تقارير المفتش العام عادة المفاتيح الرئيسة لأحكام وتوصيات رئيسية تُرفَع إلى الوزير أو إلى قادة كبار آخرين في الوزارة ذات العلاقة بالتقرير. وفي هذه الحالة، يتم رفع التوصيات إلى وزير الخارجية.

وليست القيادة العليا في الوزارة ملزمة بقبول التقرير جملة وتفصيلًا، إذ يمكنها قبول بعض التوصيات وأخذ البعض بعين الاعتبار ورفض البعض الآخر. عندما سُئلت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فى مؤتمر صحفى في 28 آذار\مارس حول التوصيات الواردة في التقرير، أجابت:

تقدر وزارة الخارجية الإشراف الذي قام به مفتشنا العام ونحن نأخذ توصيات المفتش العام بجدية ونعتمد عليها لإجراء تحسينات على طريقة عملنا. وفيما يتعلق بهذا التقرير، فإن مسؤولي الوزارة يراجعون توصيات التقرير وسوف نرد على المفتش العام بشكل رسمي. إننا نتفق مع بعض التوصيات ونختلف مع البعض الآخر ... ونعتقد أن التقرير يتضمن عددًا من المغالطات المتعلقة بالحقائق وأنه يتعارض مع عدد من ادعاءات التقرير. سفيرنا في البحرين مؤهل لهذا المنصب ولديه القدرة الكافية، ونحن لدينا الثقة الكاملة في قيادته للبعثة. لقد خدم بتميز لأكثر من 35 عامًا في عدد من بعثاتنا الأكثر تحديًا، بما في ذلك العراق واليمن كسفير لبلدنا، وقد تمت مكافأته مرارًا وتكرارًا لخدماته وقيادته وقد نال العديد من جوائز الشرف العليا وجائزة الرئاسة الأمريكية للخدمة المتميزة.

مآخذ التقرير الرئيسية

ينص أول حكم رئيسي في تقرير المفتش العام على ما يلي: " لدى السفارة سياستان متنافستان، سياسة تحافظ على تعاون عسكري ثنائي قوي وأخرى تعمل على تعزيز حقوق الإنسان. وقد أقام السفير علاقات قوية مع قادة الجيش الأمريكي المتواجدين في البحرين من أجل تعزيز الأهداف المشتركة ".

ومن ناحية أخرى، انتقد تقرير المفتش العام بشدة أسلوب السفير الإداري داخل السفارة وتعامله مع الموظفين وانتهاجه منهجًا خاصًا فيما يتعلق بأزمة حقوق الإنسان المستمرة في البحرين. ونظرًا الى الهدفين المتعارضين للولايات المتحدة بشكل دراماتيكي في البحرين، فإنه ليس من الفطنة أن يخرج تقرير المفتش العام بتقييم يقول إن "السفارة في البحرين تواجه تحديات كبيرة للتوفيق بين المصالح العسكرية الأميركية وسياسات الولايات المتحدة فيما يتعلق بحقوق الإنسان."

وقد أشاد تقرير المفتش العام بالسفير لأنه يُقيم "علاقة قوية مع رؤساء القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية لتعزيز سياسة الولايات المتحدة المنسجمة في التراسل، ولأنه محترم لدى الكثير من المسؤولين البحرينيين ومحبوب من قبل موظفي البعثة. ولكن من ناحية أخرى، أدى"ابتعاده عن بعض كبار المسؤولين الحكوميين وسوء صورته الإعلامية وانعدام وجود استراتيجية فعّالة لمعالجة هذه القضايا إلى إيجاد خلاف مع المسؤولين الرئيسيين في واشنطن".

تركز معظم التوصيات على عمليات السفارة المتعلقة بالموظفين والأموال والسكن والممتلكات وما إلى ذلك ولكنها لا تركز على سياسة الولايات المتحدة تجاه البحرين.

السفير توماس كراجيسكي دبلوماسي محترم ومحنك وذو خبرة، يخدم بلده منذ أكثر من ثلاثة عقود. وقد فشل التقرير في الاعتراف بحقيقة أن "عدم تقرب السفير من كبار المسؤولين الحكوميين" في البحرين كان بسبب موقفه القوي من حقوق الإنسان وانتقاده المستمر والمبرر لسياسات ومواقف آل خليفة القمعية والمُحقرة للأغلبية الشيعية في البلاد.

كان ينبغي أن يشير التقرير إلى أن "سوء الصورة الإعلامية " للسفير يعود في المقام الأول إلى حقيقة أن معظم وسائل الإعلام البحرينية هي إما موالية للحكومة أو مدعومة وموجهة من قبل الحكومة. وكانت بعض وسائل الإعلام الموالية للحكومة قد ألغت حتى إطلالة السفير على شاشاتها  عندما نوى مناقشة إحدى هواياته، الطبخ!

وعندما زل لسانه وأشار إلى السياسات المدمرة للأسرة الحاكمة، وجد نفسه وفقًا للتقرير، على "خلاف مع المسؤولين الرئيسيين في واشنطن". ولكن التقرير فشل في تحديد أسماء هؤلاء "المسؤولين الرئيسيين".

يحظى السفير برضا رئيس الولايات المتحدة ووزير الخارجية. ومن المنطقي إذن، أن استمراره في تولي منصب السفير يعني أنه لا يزال يحظى باحترام وثقة هذين الشخصين. لقد رأيت الكثير من هذه تقارير المفتش العام خلال خدمتي في الحكومة، وقد قبلت، مثل المتحدثة باسم وزارة الخارجية، بعض توصياتها ورفضت البعض الآخر. وهذه هي الخاصية الأساسية لهذه التقارير.  

خلاصة الحكم

لم يُكتَب التقرير لأسباب سياسية أو استراتيجية ولم يكن مدفوعًا بها. بل إنه في المقام الأول متوافق مع الخط الرئيسي لتقارير واشنطن. إن المحللين المواليين للحكومة في البحرين واهمون في الاطمئنان إلى التقرير. فالانتقادات الموجهة للسفير تتعلق في المقام الأول بأسلوبه الإداري والعمليات الداخلية داخل السفارة  لا بموقفه المنصف من انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين.

ينبغي لعبد اللطيف المحمود وآخرين أن يلقوا نظرة أخرى على التقرير. وإذا استمروا في سوء تفسيره، فإنهم لا يفهمون واشنطن أو طبيعة النظام السياسي الأميركي. وآمل ألا يرتكب زعماء آل خليفة الخطأ نفسه.

 

3 نيسان/أبريل 2014

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus