» تقارير
مكيدة حميدان: صرف بدل التعطل مقابل عدم العودة للعمل، واعتصام الأول من رمضان يطالبه بالاستقالة
2011-07-26 - 3:43 م
مرآة البحرين (خاص): تسارعت الأحداث بشكل درامي، بعد الدعوات التي وجّهت للاعتصام في وزارة العمل في الأول من رمضان، تعبيراً عن الإحباط واليأس من تحركات "المسئولين" في حل قضية اعترفوا بلا قانونيتها ومخالفتها، وما تمثله من انتهاك، إذ برز اليوم تطور خطير جداً أدخل الأزمة المتفجرة في طريق مسدود. فقد صرح وزير العمل جميل حميدان "أن رئيس الوزراء وجه إلى ضرورة بحث أفضل الخيارات المطروحة ومنها إمكانية إعادة المفصولين لوظائفهم، وفي حال تعذر ذلك لعدم قدرة الشركات على استيعابهم بعد أن قامت بتوظيف آخرين، سيتم البحث لهم عن وظائف بديلة مع إدخالهم في برنامج التأمين ضد التعطل لحين توفير الوظائف لهم" كما ورد في موقع الوسط أون لاين هذ اليوم.
وعلل حميدان ذلك صراحة بوجود صعوبات عدة في تسوية أوضاع "بقية" العمال وإرجاعهم لأعمالهم مرة أخرى، وزعم أن الأمر يتطلب المزيد من الوقت للتفاهم مع إدارات الشركات، لتسوية بعض الخلافات والاجتهادات القانونية بشأن أوضاع هؤلاء وأسباب فصلهم.
وشكّل هذا الخبر صدمة ومفاجأة عنيفة للمفصولين، الذين توجّهوا لوزارة العمل منذ ساعات الصباح إثر تلقيهم اتصالات مفاجئة بوجوب حضورهم بشكل عاجل اليوم للوزارة، لإكمال إجراءات طلب بدل التعطل الذي سيصرف لهم بأثر رجعي كما أفادهم موظفو الوزارة، دون توضيح المقصد من ذلك، وتبعاته، وهي أن الوزارة لن تطالب بعودتهم للعمل أكثر من ذلك، وستشملهم في قوائم الباحثين عن عمل.
وفي لعبة للتخلص من هذا الحمل الثقيل بشكل غير شرعي، عمدت الوزارة إلى حصر العملية في يوم واحد مع تمديد ساعات المراجعة حتى السادسة مساءً، وذلك تفادياً لردود الفعل العنيفة على تصريح الوزير الذي جاء في وقت لاحق من ظهر اليوم، لتوضيح هذا الإجراء، وحيثياته، والهدف من ورائه، عقب البدء بتنفيذه!
وعبر مفصولون عن غضبهم وخيبة أملهم في الوزير، واعتبروا هذا الإجراء استغلالاً لا أخلاقيا لحاجتهم المادية، واستغفالاً متعمداً من الوزير في تآمر واضح ضدهم، وقالوا "إن الوزير لجأ إلى التفافات ومخارج غير قانونية، للخروج من ورطته وإغلاق هذا الملف ولو على حسابهم"
وفي نبرة غاضبة، تساءل أحدهم "كيف ستبحث لنا الوزارة عن أعمال في حين أن بعضنا لا توجد وظيفة تناسب اختصاصه وخبرته إلا في شركته التي فصل منها؟" في حين قال آخر "هل سننتظر وظائف برواتب لا تصل إلى نصف رواتبنا السابقة، بعد أن قضينا كل هذه السنين في أعمالنا؟" واستنكر المفصولون أن تعالج الوزارة القضية، بقرار فوقي يصدر بشكل منفرد ومن سلطة مستبدة، مصادراً حقهم في الرجوع إلى أعمالهم، بحجة توظيف أناس آخرين، ليتحملوا مسئولية ما جنته أيدي المسئولين، بعد أن ضاع الوقت وقضيتهم ترواح محلها دون أن تجد من يسعى لحل جاد لها، رغم اعترافهم بما تمثله من انتهاك وتجاوز للقانون.
حميدان: 564 عادوا، ولم يعودوا!
وجاء تصريح حميدان متناقضاً ومرتبكاً، ففي حين باشرت وزارته إجراءات صرف بدل التعطل للمفصولين تمهيداً لتسجيلهم في قوائم البحث عن عمل، وتنفيذاً لتوجيهات مسئوله "رئيس الوزراء"، لا زال يؤكد على مواصلة العمل مع الشركات لإصدار نتائج "نهائية" والتوصل إلى حلول "توافقية" ونهائية لقضية المفصولين بالسرعة الممكنة وفقاً للنظام والقانون" في كلام مكرر واستهلاكي لتهوين للحدث وامتصاص غضب المفصولين.
ومن موقف الضعيف والعاجز طالب حميدان الشركات، بسرعة استكمال ما دعاه مراجعتها وإجراءاتها القانونية المتعلقة بذلك، في الوقت الذي استمات في تبرير رفضهم إرجاع المفصولين، ووضع حلول بديلة تنسف كل تصريحاته السابقة في إرجاع ما لا يقل عن 1300 موظف فصلوا تعسفياً بحسب نتائج اللجنة الوزارية (صدرت في قائمتين، أعلن الأولى وتكتم على الثانية) وفي استمرار للتناقض والإيهام، أشار حميدان في تصريحه الجديد إلى أن الشركات أعادت 564 عاملاً، لكنه في نفس التصريح طالب جميع الشركات "بسرعة استكمال الإجراءات اللازمة لعودة العمال الذين وافقت الشركات على إعادتهم مباشرة إلى أعمالهم" وهكذا فإن هؤلاء المفصولين ربما عادوا وربما لم يعودوا بحسب التصريح!
لكن مصادر نقابية قالت لمرآة البحرين، إن اتحاد العمال تسلم قائمة من 500 موظف قالت الوزارة إنه صدر قرارا بعودتهم للعمل، إلا أن الوقائع على الأرض تقول بعدم التزام الشركات بهذا القرار عدا حالات فردية لا تذكر، علاوة على ما شاب هذه الحالات من اشتراطات ظالمة ألزمت العامل بعدم المطالبة بحق التعويض عن رواتبه بأثر رجعي. وأشار التصريح كذلك إلى أن الفرق القانونية المتخصصة بالوزارة توصلت إلى وجود أسباب قانونية سليمة لفصل 437 شخصاً، منهم 370 عاملاً تم فصلهم لأسباب لا صله لها بالأحداث، كما ادعى أن 224 مفصولاً امتنعوا عن تقديم تظلمات أو شكاوى بعد حصولهم على أعمال أخرى أو تسويات مجزية أو إحالة للتقاعد، ولا يعلم بعد مدى دقة هذه الأرقام وصحتها، بحسب مصادر نقابية.
اعتصام الأول من رمضان مستمر
من جهة أخرى، أصدر نخبة من العمال المفصولين بياناً حصلت مرآة البحرين على نسخة منه، دعوا فيه إلى حضور جميع المفصولين (على خلفية سياسية) سوية وفي وقت واحد (مع أسرهم وأولادهم) لمراجعة وزارة العمل يوم الاثنين 1/8/2011 الأول من رمضان الساعة 9 صباحاً، إعمالاً لحق "حرية التعبير" واستمراراً في خط النضال السلمي لاسترداد حقوقهم المسلوبة.
وأكد المنظمون دعوتهم لوسائل الإعلام ووكالات الأنباء لتغطية هذا الحدث، كما وجهوا خطابهم للشركات بالقول "فصلتم نخبة أبناء الوطن بسبب التعبير عن الرأي، والمطالبة بالتحول السياسي، لكننا سنعود لأعمالنا بالأسلوب السلمي نفسه: التعبير عن الرأي، والمطالبة بالحل السياسي الكامل، لضمان عدم تكرار الانتهاكات، وللوقوف في وجه التعسف، والفساد والتمييز المنظّم"
وقال البيان "إن هذا الفساد والتسلط والتمييز والاستهداف الممنهج، يأتي بسبب الاستفراد بالسلطة، والاستئثار بالقرار السياسي، وهذا يطال في ضرره كل شرائح المجتمع من الطبقة الفقيرة والطبقة الوسطى وحتى طبقة الأثرياء" وشدد على "أن يكون المفصولون وقوداً لتحقيق أهداف الحركة السياسية لمصلحة ومستقبل هذا الوطن، حتى ينتهي هذا التسلط وهذه الانتهاكات الخطيرة وهذا العبث والفساد المنظّم" وأضاف "فبدلاً من أن يكون الشعب مصدراً للسلطات، صار هدفاً للتسلط"
وقال البيان "إننا عازمون على لقاء وزير العمل شخصياً ليحدد فترة زمنية معلنة لا تزيد عن الأسبوع لإرجاع جميع المفصولين تعسفياً وعلى خلفية سياسية بعد النكث بالوعود المتكررة والمماطلة في تنفيذ التوجيهات الصادرة من جلالة الملك، هذا بالإضافة إلى ضمان رجوعهم في نفس مواقعهم الوظيفية ودفع رواتبهم بأثر رجعي"
وأكد البيان على المطالبة بشكل ملح "بفتح تحقيق لمحاسبة كل المسئولين في الشركات والمؤسسات والوزارات عن هذا الفعل المجرّم، لأنهم أساءوا استخدام السلطة وتسببوا بالحاجة والعوز لآلاف المواطنين، ما يعد جريمة بالحق العام والخاص، ودليلها اعتراف اللجنة الحكومية نفسها بلاقانونية التسريحات وخلفيتها السياسية" وأكد البيان أن ملف المفصولين سيحقق فيه من قبل لجنة بسيوني، وأن ذلك سيدين شخصيات كثيرة في موقع المسئولية منها وزير العمل نفسه ورئيس ديوان الخدمة المدنية ومسئولي الشركات وأعضاء لجان التحقيق، وشدد على أن المفصولين سيلاحقون كل من وقف خلف هذه الجريمة المتعمدة قانونياً.
وطالب البيان وزير العمل "بوضع حد لهذه الحرب اللاأخلاقية والمجرمة وذلك بوقف فصل الموظفين وقطع أرزاقهم في القطاعين العام والخاص، وإرجاع جميع المفصولين، أو الاستقالة من منصبه، لضمان عدم اشتراكه في هذه الجريمة" واعتبر البيان الدعوة للاعتصام خطوة أولى، لإرجاع النظام والعمل بالقانون في هذه البلاد التي أصبحت عشاً للفساد والتصرفات الحمقاء وتكريس الظلم والتمييز عبر حروب التجويع والتجهيل الفئوية والطائفية. ووعد بتصعيد الاحتجاج إذا لم يوجد لهذه القضية حلا عاجلا "وذلك بدعم من الجهات والمنظمات الدولية التي أبدت استعدادها وتأييدها الكامل" بحسب البيان.
اتحاد العمال متفاجئ ولم يكن يعلم
وكان اتحاد العمال قد أرسل رسائل نصية بالهاتف دعا فيها المفصولين إلى الاستجابة لاتصال وزارة العمل وطلبها حضورهم لإكمال إجراءات بدل التعطل، لكنه تفاجأ فيما بعد بهذه المكيدة.
وقالت مصادر نقابية إن اتحاد العمال مصدوم بهذا التصريح، وسيصدر منه بيان بهذا الخصوص في الساعات القليلة القادمة، وأكدت المصادر أن الاتحاد لم يكن يعلم عن هذا التطور إلا من خلال التصريح المنشور في الصحف لوزير العمل، رغم تواصله الدائم معه ومع الوزارة.
وأكد الاتحاد (بحسب المصادر) أنه يبني كل تحركاته الرسمية على مطلب إرجاع العمال لا أي خيار آخر مستنداً إلى وعود الملك وتوجيهات رئيس الوزراء وما صرح به رئيس شركة ممتلكات يوم أمس.
وبينما قال الاتحاد أنه ليس الداعي إلى اعتصام الأول من رمضان، إلا أنه تمنى التوفيق لجميع التحركات، معرباً عن أمله في أن لا يتفاقم الوضع وأن يحل الملف سريعاً. وفي هذا السياق، سربت مصادر أن الاتحاد يتدارس من جهته القيام بتحركات على الأرض في الفترة المقبلة، من قبيل الاعتصامات وغيرها، لكنها رجحت أن التوقيت متروك لتطورات القضية.