القضاء بيننا وبينه!

نادر عبد الإمام - 2014-04-20 - 3:51 ص

نادر عبدالإمام*

عبارة قالها وزير الداخلية البحريني راشد بن  عبدالله آل خليفة بعد أن تم استدعاء مسئول دائرة الحريات في جمعية "الوفاق" السيد هادي الموسوي إلى التحقيقات الجنائية، على إثر مؤتمر صحافي ذكر فيه حالات تعذيب تعرض لها موقوفون لدى وزارة الداخلية.

فقد قال في مقابلة بثّها "تلفزيون البحرين": "إن التعذيب أمر يحظره الدستور ويجرمه القانون وهناك عقوبة مشددة في هذا الشأن خاصة وأن مملكة البحرين ملتزمة بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة"، منوها في الوقت ذاته إلى أن "من يتحدث عن التعذيب من دون دليل، فإن القضاء بيننا وبينه". 

لن نتكلم عن أصل وجود التعذيب من عدمه فلنترك هذا الجدال للمقرر الأممي خوان مانديز الذي ترفض البحرين زيارته، هو من يؤكد ذلك أو ينفيه كجهة أممية محايدة ومعتبرة، طبعاً إذا تم السماح له بالدخول. ولكن سأقف على آخر فقرة في كلام الوزير وهي "القضاء بيننا وبينه"، فهو كما تقول الممثلة المصرية ليلى مراد: "كلام جميل وكلام معقول مقدر أقول حاجه عنه".

فأي مجتمع ينشب فيه الاختلاف والتناحر والكل يدعي أن الحق له يلجأ إلى القضاء العادل النزيه المستقل غير المسيس، ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ويرضى الجميع بحكمه.

ولكن معالي الوزير، أي قضاء كان يقصد؟ هل القضاء الذي حكم على قتلة الشهداء الأربعة (عبدالكريم فخراوي، زكريا العشيري، علي صقر، وحسن جاسم) الذين خرجوا من السجن في 9 أيام وآثار السياط والتعذيب على أجسادهم، بالبراءة، أم الحكم عليهم بستة أشهر؟ 

هل يقصد معالي الوزير، القضاء الذي حكم على من يحرق إطارات في الشارع عشر سنوات وعلى من يقتل روحا بالبراءة؟ أم يقصد معاليه القضاء الذي حكم على من قتل الشهداء من المواطنين سواء برصاص "الشوزن" أو الغازات أو الرصاص الحي بالبراءة، وأقصى حكم ستة أشهر؟

وحتى هذه، لا أحد يعلم ما إذا نفذ الحكم أو لا. فقد رفضت "الداخلية" دعوات جميع الجهات الحقوقية والسياسية، إجابة استيضاحاتهم للتأكد من تنفيذ أحكام القضاء على المعذبين، حتى الهشة، والتي لا تتناسب مطلقاً مع حجم الجرم. وقد سبق لرئيس لجنة تقصي الحقائق بسيوني أن صرح "لايمكن القول إن العدالة قد تحققت".

لا أظن أن سعادة الوزير يقصد هذا القضاء ولا القضاء الذي حكم ببراءة الشرطي الذي صفع المواطن وهو يحمل طفله الصغير بحضنه وشاهده الملايين في "يوتيوب" بالبراءة! قصص القضاء كثيرة ومضحكة ومبكية في آن، فهناك قضاء عيونه "مبققه " وأنيابه مكشّره وأحكامه معسّره على قوم من الناس، وهناك قضاء عيونه "ضيّقه " وبلا مخالب وأحكامه ميسّره على قوم من الناس!

إن كان هذا القضاء الذي يريد معالي الوزير أن نحتكم إليه فهذا يعني النتيجة معروفة سلفاً، والمعارضة في البحرين لديها اعتراضات على أصل الهيئة القضائية وتشكيلها واستقلاليتها.

كلنا نريد أن نحتكم إلى القضاء لينصف الضحايا ويحاسب من أجرم وأخطأ، ولكن أين هو هذا القضاء الذي يتساوى فيه الجميع أمام منصة القاضي ويشعر الناس أن أرواحهم وأعراضهم وأموالهم وحقوقهم في يد قضاء نزيه مستقل، يأمنون له.

ولا تنس معاليك أن هناك محكمة كبرى للبشر في الآخرة يقف الجميع فيها أمام رب العباد، فلا تنفع حينها الألقاب ولا الأنساب ولا الطوائف. إن السعيد من يخرج من هذه الدنيا وهو غير ظالم لأحد من الناس.

 

* ناشط بحريني رئيس المنظمة الدولية لمناهضة التميير «إنصاف»



التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus