ناجي العربي.. الصوفي بلباس العسكر

2011-07-31 - 8:34 ص



مرآة البحرين (خاص):

في موقف جديد، قدّم القيادي في تجمع الوحدة الوطنية، ناجي العربي، حلته الجديدة بوصفه واحدا من القادة (العسكريين) في التجمع المذكور، وليس أزهريا أو صوفيا، أو مدرسا لمقررات مادة الإسلاميات لطلبة الجامعة. وبالطبع، ليس إماما يؤم المصلين في يوم الرحمة والغفران ويلقي خطاب الموعظة والكلمة الطيبة. 
    
الصورة معكوسة في جلباب العربي الذي دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى من عادل فليفل منه إلى ابن عربي أو محمود شلتوت. أصدر العربي أمره بوضوح: أوقفوا مسيرات الوفاق وامنعوا اعتصاماتها*. كان يمضي على خطى الشيخ عبداللطيف المحمود وأمره المعروف: أزيلوا اعتصام الدوار.
    
ناجي العربي، الذي يتحول مكتبه في شهر رمضان إلى مجلس للأذكار وتلاوة العرفان الصوفي، أراد أن يستهل أهل البحرين شهرهم الكريم بقمع جديد. بحكاية جديدة من حكايات الإزالة. إنها القربى الخالصة لصوفيّ وجدَ الاسم الأعظم عند "المشير الركن". 
      
هذا هو حال الموالين وقد تشبّعوا بالولاء للعسكريين الذين أقنعوهم بأن "الله" سخّرنا لنحفظ المملكة من جيوش الصفويين الجرارة. استيقظ في داخل العربي حنين الجماعة. أراد العودة إلى رحم الطائفة. وجد "المشير" أكثر إيمانا وتصوفا من كل العمائم وأصحاب الزوايا، فحوّله إلى شيخ طريقة، يأخذ منه الدروس، والمواعظ ويحفظ عنه طقوس التخلي والتجلي والتحلي. يتعلم منه طُرق الوصول إلى الله، والاقتراب إلى الحقيقة والشريعة.    
    
المبنى ملاصق لحديقة "الكازينو". معْلم لا يخفى على المارين عند ذلك التقاطع الذي يختصر تنوّع منطقة المحرق. أراد الدكتور العربي أن يكون مبناه مفتوحا للجميع. هو المكتب، وهو "الحوزة" أيضا. عبّر عن ذلك في واحدة "يتيمة" من لحظات الصفاء الوطني الذي انتابت الشّيخ المحسوب على الصوفية.
     
مع الاقتراب أكثر، يهتز المبنى بالسياسة. يريدك أن تصدّق بأن ترشّحه للانتخابات النيابية كان "توكيلا" من الوطنيين، ولهذا أراد المتشددون – والحكومة من ورائهم- إسقاطه، كما سعى ساعيا في ترويج الراوية. وقتها، رفعَ راية كبيرة من "الرفض"، وتقدّم الصفوف، وكاد يلتحق بمقاعد المعارضين الأمامية. 
    
كيف يمارس الصوفي السياسة؟ 
 
العربي ليس صوفيا، لم يكن كذلك في أي يوم. لباسه الأزهري، وبعض ملامح صوته الناعم لا يكفي لإدخال الاطمئنان والتألق في الوجدان. عبوره مناطق الاشتباك الطائفي – قبل 14 فبراير – كان إمعانا في السياسة، واستغلالا لاختلال الموازين خاصة بعيد دخول رجال المال في السياسة. علينا أن نفهم، من هنا، حضوره الاحتفالي في خيمة النائب الكوهجي. 
     
ليس في العربي صوفية تشبه المتصوفين. كان يلعب في السياسة، ويختار الوقت المناسب لتغيير مواقعه، وولاءاته. أكثر من ذلك، أثبت العربي أنه بارع في إسباغ الخطاب الديني بأمرين اثنين: الدنيوية الخاصة، والحسم العسكري. أي صوفي يفعل ذلك؟ 
     
منذ قيامة "المارد"، والعربي يجتهد لتكريس الارتباط بدنيا السلطة. يدور في مدار رواياتها. يأخذ منها الحبكة، ويضع عليها اللمسات الإضافية اللازمة لتبدو رواية من روايات "السماء". الصوفي يتوق للسماء دائما. إنها الامتداد والسحاب والأمطار. لكن العربي يجعل سماءه مرسومة وفق مقاس الأرض المحكومة بالعسكر وخرائط القمع والتزييف.
    
*صحيفة البلاد: العربي يدعو لمنع مسيرات الوفاق   

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus