رأس أحمد فرحان يهدد جيش المشير

2011-08-02 - 9:38 ص



مرآة البحرين (خاص):

لو كان لجمجة أحمد فرحان اسماً، فسيكون عبدالمنعم منصور، الاسم الذي سيظل مرتبطاً إلى الأبد بالشهيد أحمد فرحان، بجمجمته تحديداً، كختم حب يبقى ليكون شاهداً على قصة اقتران أبدية. لقد فجّر الجيش رأس فرحان بوحشية في مجزرة سترة 15 مارس، في يومها الطويل الذي سبق يوم الدوار الأخير، بقيت  صورة منصور  وهو يحمل ما تبقى من جسد أحمد فرحان، الصورة الأكثر بشاعة على ما حدث.ستظل هذه الصورة حاضرة بقوة، في كل ملفات 14 فبراير. واليوم هي موضوع لملف جديد، يهدد الجيش ورأسه.

مشهد الصورة سريالي، جنوني، اضطر السلطة للكذب بفجور فاضح، واضطر بعض جمهورها للكذب على نفسه، حتى اضطر للقول إن صورة الشهيد محمولاً على صدر منعم، هي صورة مفبركة، وأنه تم التقاطها خلال العدوان الصهيوني الأخير على غزة.

بقيت صورة عبدالمنعم منصور حاضرة بقوة، حد اضطراره للغياب، فالحدث في 14فبراير تشكله الصوة أكثر مما  يشكله واقع الصورة. متى حضرت صورتك بقوة، فعليك أن تغيب بقوة، أو ستأخذك السلطة بقوة إلى حيث المجهول. توارى منصور عن الأنظار منذ ذلك اليوم، الذي صار له فيه صورة، الجيش يبحث عنه، ومرتزقة المخابرات، والأمن العام، كلهم يبحثون عنه، بذنب الصورة. ففي إخفائه إخفاء لصورة المجزرة وإخفاء لفضحية الوحشية السادية التي ظهرت عليها قوات الجيش ومرتزقتها.

عبدالمنعم منصور البالغ من العمر 26 عاماً  شاب ستراوي، فيه من طيبة جزيرته ونقائها ما فيها، كان يعمل شرطياً، وبما فيه من جزيرته من ألم غياب العدالة الاجتماعية والظلم التاريخي، شارك في الاحتجاجات السلمية في حدث 14 فبراير. ظل منصور محافظا على حضوره حتى جاء اليوم الموعود، 15 مارس، قوات الحرس الوطني والجيش والأمن العام، تشيع القتل والدمار في سترة، يخرج الشهيد أحمد فرحان بسيارته فيعطلها القدر المميت، فيترجل منها راكضاً نحو بيته الذي لا يستر غير الحد الأدنى من كرامته، لكن الرصاص الانشطاري كان أسبق لظهره وقدمه فخر جريحاً.كان عبدالمنعم يرى الشهيد، وهو يسقط ورجال الجيش يجرونه حياً نحو محطة البترول، وفجأة يسمع منصور طلقة قوية ساد بعدها هدوء الموت.

كمن منصور في شق من شقوق سترة الكثيرة، حتى ابتعد الجيش الفاتك، وتقدم ليرى جسدا ممداً، فحمله إلا أن الصاعقة التي أذهلت حواسه، هي سقوط أجزاء المخ من الرأس المفتوح على السماء، فتبين أن الجيش فجر رأس الصبي، وتركه على الأرض.

ركض منصور حاملا ما تبقى من الصبي، كما تشهد بذلك الصورة التي صارت جزءا من تاريخ لا ينسى، شخص يركض بجثة طرية، رأسها مفضوخ، تتدلى منها جمجمة منقسمة كوردة ربيع، مميزة بلونها الأحمر في هذا الربيع العربي. مشهد سيعيش مع منصور للأبد، ولابد أنه غيرّه للأبد.

 هي الصورة التي سيتخذ منها البحرينيون علامة على وحشية ربيعهم، سيكتبون وسطها  (انقذوا شعب البحرين) ويرسلونها لكل العالم كأبلغ رسالة لما هم فيه، ستتحرك لهم المنظمات الحقوقية والإنسانية العالمية والشعوب الحُرّة. لكن العالم البرجماتي بدهاته السياسيين من شرقه لغربه لم يتحرك إلا لحفظ السلطات الحاكمة في البحرين.
منصور اضطر أن يختبئ حفاظاً على رأسه، فرأسه شاهد على رأس أحمد فرحان، لكن يد الأمن وصلت له واعتقلته في تاريخ 2 مايو الماضي، وهناك تم تعذيبه والحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات. لكن ما الجديد؟

الجديد في الأمر،  هي معلومات موثوقة تؤكد أن منصور يتعرض لضغوط خلال اعتقاله من قبل النيابة العسكرية وضباطا من وزارة الداخلية، يطلبون منه تبديل إفادته بخصوص حادثة قتل أحمد فرحان، ليقول إنه شاهد جنودا من وزارة الداخلية يقتلون أحمد فرحان، بدلاً من إفادته السابقة  التي قال فيها إنه شاهد جنوداً من الجيش يقتلونه.
إذن هي الرغبة في تبرئة الجيش وتبرئة مشيره الخائف. وبحسب المعلومات المتوافرة، فإن  عبدالمنعم منصور لم يغير إفادته وإنه اشترط  حضور محام معه، لأي تغيير يجري في الإفادة.

هي محاولة تزوير برسم اللجنة الملكية برئاسة القاضي محمود بسيوني ومحققيه، محاولة لتزوير وقائع بشاعة جرائم الجيش الذي فتح النار ضد المواطنين العُزّل.وجعل لأيامهم التي كان ممكن أن تنسى، أياماً لا يمكن أن تنسى.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus