"رويترز": مخاوف من تحول الشيعة في البحرين إلى التطرف مع تعثر خطى الحل السياسي

2014-05-04 - 9:12 م

المنامة (رويترز): ينظم عشرات الشبان الملثمين المتشحين بالسواد استعراضات بقرى شيعية في البحرين بعضهم يحمل قنابل حارقة بينما يردد آخرون هتافات معادية لأسرة آل خليفة التي تحكم المملكة منذ القرن الثامن عشر.

ويقفز بعض الملثمين من خلال حلقة من النار ويزحفون من تحت أسلاك شائكة في مكان بدا كساحة تدريب في الصحراء. وانشغل آخرون بصنع قنبلة بدائية الصنع فيما يبدو.

بثت على الانترنت مقاطع فيديو تضمنت مثل هذه المشاهد خلال الشهور القليلة الماضية وكان من الممكن اعتبارها صرخة لجذب الانتباه من قبل الطائفة الشيعية الكبيرة في البحرين ومسعى لدعم قضية الاصلاح الديمقراطي. لكن الأمر تزامن مع هجمات بقنابل بدائية الصنع سقط فيها قتلى مما قد يشير إلى تنامي التطرف بين الشبان الشيعة.

والمؤكد هو أن هذه الاستعراضات لا تضاهي من حيث الحجم أو التسليح عروض الميليشيات العسكرية الشيعية في دول أخرى بالشرق الأوسط مثل حزب الله في لبنان أو جيش المهدي في العراق. كما أن القنابل لا تؤثر على سير الحياة اليومية في معظم مناطق البحرين حيث تستهدف التفجيرات قوات الأمن في القرى التي يغلب على سكانها الشيعة بعيدا عن العاصمة.

غير أن ثمة مخاوف من أن يكرس جمود يخيم على الجهود السياسية لحل صراع مستمر منذ ثلاث سنوات مشاعر الإحباط بين الشبان الشيعة ومن بينهم متهورون لا تسيطر عليهم جمعية الوفاق الوطني الإسلامية المعارضة.

وقال شاب يبلغ من العمر 21 عاما ولم يذكر من اسمه سوى س.أ لرويترز في قرية الجنبية الشيعية "نحن نقاتل من أجل حقوقنا ولا يمكن لأحد أن يوقفنا. سيستكمل الصغار ما بدأه آباؤهم وأشقاؤهم وأعمامهم.. الكثير منا فقد فردا في عائلته.. أصبح هذا هو السائد. لكننا نقاتل وسنقتل من يقتلنا."

وتعاني البحرين التي تستضيف الأسطول الخامس الأمريكي من اضطرابات أهلية محدودة لكنها مستمرة منذ قمع انتفاضة قادها الشيعة في 2011 لتصبح البلاد ساحة قتال على النفوذ في المنطقة بين السعودية وإيران.

يرفع الكثير من الشبان في مقاطع الفيديو علم ائتلاف شباب 14 فبراير وهو ائتلاف على الانترنت ينظم احتجاجات مناهضة للحكومة منذ قمع قوات الأمن لمظاهرات حاشدة خرجت في شهري فبراير شباط ومارس اذار 2011 واستلهمت انتفاضات ما يعرف باسم "الربيع العربي".

وأعلنت سلطات البحرين الائتلاف الذي استوحى اسمه من تاريخ بدء انتفاضة 2011 تنظيما ارهابيا إلى جانب جماعتين أقل شهرة هما سرايا الأشتر وسرايا المقاومة مما كرس مناخ المواجهة.

واستمر متظاهرون أغلبهم من الشيعة في تنظيم احتجاجات صغيرة بوتيرة شبه يومية لمطالبة الأسرة السنية الحاكمة بإقامة نظام ملكي دستوري.

لكن بعض الاحتجاجات تحولت إلى العنف مع إطلاق الشرطة الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت والخرطوش على شبان يحرقون الإطارات ويرشقون قوات الأمن بالحجارة والقضبان المعدنية والقنابل الحارقة.

ويتركز العنف في القرى الشيعية بعيدا عن المنامة فلا تتأثر به أعمال الشركات ولا الأجانب.

وهناك مخاوف من وقوع هجوم عنيف يدخل البحرين في دائرة عنف أشد. ويزداد التوتر في ظل عدم وجود حل لمشاكل يعبر عنها الشيعة خاصة بين شبان يقول كثيرون منهم إن بعض أقاربهم إما قتلوا برصاص الشرطة أو أنهم في السجن.

ويشتكي الشيعة في البحرين مما يصفونه بالتهميش السياسي والاقتصادي وتنفي الحكومة هذا الاتهام.

ويقول جاستن جنجلر وهو خبير في شؤون البحرين بجامعة قطر إن الخوف من تحول الشبان إلى التطرف "نتيجة متوقعة".   

وأضاف "عندما يشعر قطاع كبير من السكان بأن ما يسمى بالمؤسسات النيابية تحشد ضدهم وأنه ما من سبيل للاصلاح فليس من المدهش أن يتحول إلى أساليب خارج نطاق السياسة لإحداث التغيير."

وقال دبلوماسي غربي طلب عدم ذكر اسمه "يتم احتواء التوتر.. إنه تحت السيطرة إلى حد كبير.

"لكني أعتقد أن هناك شعورا بأنهم إذا لم يتوصلوا إلى حل سياسي فقد يكون هذا حدث كبير يفجره وقد يتطور إلى (عنف) طائفي. إنه أحد المخاوف الكبرى."

وتقول مصادر دبلوماسية وأمنية في المنامة إن هناك مؤشرات متزايدة على دعم إيراني لجماعات "عنيفة" مناهضة للحكومة في البحرين. وتشير إلى محاولة فاشلة لتهريب متفجرات وأسلحة بعضها صنع في إيران وسوريا إلى داخل البلاد في زورق العام الماضي.

وقال الدبلوماسي الغربي "الدليل راسخ.. الإيرانيون لهم دور." وأضاف أن خبرة الجماعات المنفذة للهجمات في صنع المواد المتفجرة تزداد.

وتنفي إيران دائما اتهامها بتأجيج التوتر لكنها تناصر قضية المعارضة الشيعية في البحرين.

تشمل مقاطع فيديو تبث على الانترنت لقطات يرد أنها لبعض التفجيرات التي أسفرت عن قتل أو إصابة رجال الشرطة في الشهور القليلة الماضية. وفي أحد هذه المقاطع يجري شبان ملثمون يحملون القنابل الحارقة ثم يلقوها على عربة مصفحة تابعة للشرطة. وتشتعل النيران في السيارة وتتحرك بعيدا بينما تتعالى تكبيرات الشبان. 

وترفق هذه المقاطع أحيانا بأجزاء من خطابات للسيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله أو أغان تدعو إلى "تلبية نداء الائتلاف".

ولم يتسن لرويترز التحقق من هذه المقاطع بشكل مستقل. وأشار بعض المعلقين إلى أنها قد تكون من صنع موالين للحكومة يريدون حشد التأييد للسلطات.

لكن محللين ومصادر أمنية ودبلوماسية يقولون إن الزيادة الأخيرة في وتيرة وقوة التفجيرات التي تستهدف أساسا رجال الشرطة تشير إلى زيادة مستوى خبرة المهاجمين وتدريبهم مقارنة بها قبل عامين.

وينتمي محمد السيد إلى حركة تطلق على نفسها اسم مواطنين من أجل البحرين وتقول إنها حركة الكترونية معتدلة. ويقول السيد إن هناك مخاوف متزايدة من تنامي تأييد المتطرفين من الشيعة والسنة على السواء.

وقال "إن مبعث الخوف الرئيسي الآخر بين مواطني البحرين هو استغلال الأطفال. إنهم يغلقون الطرق ويحرقون الإطارات بل ويحملون القنابل في بعض المناطق. إذا كان هذا هو ما سنواجهه في مستقبل شبان البحرين فماذا سيحدث في غضون عشر أو عشرين سنة؟ وإلى أي مدى من الاستقطاب والتطرف سيصلون؟"

وانفجرت قنبلة بدائية الصنع في سيارة بمنطقة تجارية مزدحمة بالمنامة أثناء سباق الجائزة الكبرى للفورمولا 1 هذا العام.

ولم يسقط ضحايا في الانفجار ولم يتأثر السباق. لكن الانفجار وقع بالقرب من مبنى أمني حكومي وفي ظل إجراءات أمن مشددة في جميع أنحاء البلاد بسبب السباق مما يثير المخاوف من إمكانية وقوع هجمات كبيرة.

وكان اجتماع بين ولي العهد في البحرين وزعماء المعارضة في يناير كانون الثاني قد أنقذ محادثات المصالحة من الانهيار لكن انعدام الثقة المتبادل له جذور عميقة. ولم يتحقق تقدم كبير منذ ذلك الحين وقالت المعارضة إن المحادثات "مجمدة".

وقالت القوى المعارضة في بيان الأسبوع الماضي "الأزمة السياسية العميقة لن تحلها الحوارات الشكلية التي هدفها تقطيع الوقت وتواصل انتهاكات حقوق الإنسان." لكن وزيرة الإعلام البحرينية سميرة رجب قالت في تصريحات نقلتها وكالة أنباء البحرين يوم 27 ابريل نيسان إن المحادثات مستمرة. 

وقال عضو في الوفاق طلب عدم ذكر اسمه "إنها لعبة سياسية.. يريدون الضغط على المعارضة لتتفاوض وتخفض مطالبها. لكننا نخشى أن يزداد الناس عنفا كلما زاد عنف السلطات".

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus