باتريك كوكبورن: الأمير "أندرو" يشيد بالبحرين، جزيرة التّعذيب

2014-05-12 - 2:36 ص

باتريك كوكبورن، ذا اندبندنت

ترجمة: مرآة البحرين

رأي العالم: المملكة الّتي تقمع الأغلبيّة الشّيعيّة فيها سوف تحصل على ختم الموافقة من دوق يورك

سوف يكون دوق يورك المتحدّث الرّئيسي في مؤتمر يُعقَد في لندن يوم الجمعة المقبل للاحتفال بالبحرين كمكان للحرّيّة الدّينيّة والتّسامح إزاء الآراء المتباينة. خلال زيارة إلى البحرين الشّهر الماضي، قال متحدّثًا: "أعتقد أنّ ما يحدث في البحرين هو مصدر أمل لكثير من الأشخاص في العالم، ومصدر فخر واعتزاز للبحرينيّين".

هذا أمر غريب جدًّا، حيث أنّ لجزيرة مملكة البحرين سجلّ حافل في سجن وتعذيب المحتجّين المطالبين لنظام آل خليفة السّنّي الملكي بالحقوق الدّيمقراطيّة للأغلبيّة الشّيعيّة، التّي تقدّر بــ 60% من المواطنين البحرينيّين. وقد حدّدت وزارة الخارجيّة الأمريكيّة، في تقريرها السّنوي حول حقوق الإنسان، عددًا من الانتهاكات، وأكثرها خطورة تلك التّي تشمل "عدم قدرة المواطنين على تغيير حكومتهم سلميًّا واعتقال واحتجاز المحتجّين بتهم غامضة واللذين يؤديان في بعض الحالات لتعذيبهم أثناء الاحتجاز". ويلفت الانتباه إلى حقيقة "استمرار التّمييز ضدّ السّكّان الشّيعة".

لا ينبغي أن يكون شيئ من هذا مستغربًا جدًّا. في مارس/آذار من العام 2011، قمعت الحكومة في البحرين النّسخة البحرينيّة من الرّبيع العربي، وعاملت المتظاهرين وأي شخص يمت إليهم بصلة، بمن في ذلك الأطبّاء الّذين عالجوا المتظاهرين الجرحى، بوحشيّة بالغة. وصفت اللّجنة المستقلّة لتقصّي الحقائق، التّي شكّلتها الحكومة البحرينيّة نفسها، ما لا يقلّ عن 18 تقنيّة مختلفة مستخدمة لإساءة معاملة أو تعذيب المعتقلين؛ بما في ذلك الصّعق بالصّدمات الكهربائيّة، والضّرب على باطن القدمين بخراطيم مطّاطيّة، والحرمان من النّوم والتّهديد بالاغتصاب. تمّ جرف أكثر من 30 مسجدًا للشّيعة وأماكن اجتماع دينيّة ومقامات مقدّسة بحجّة أن ليس لديهم أي إذن للتّخطيط.

لدى الأمير أندرو خبرة طويلة ومثيرة للجدل بخصوص البحرين التّي اعتاد زيارتها بشكل متكرّر كممثّل مميز للتّجارة والاستثمار. في عام 2010، نشر سيمسون ويلسون، نائب رئيس البعثة في السّفارة البريطانيّة في البحرين في الفترة بين 2001 و 2005، في صحيفة الدّيلي ميل سجلًا شديد القسوة عن سلوك الأمير أندرو؛ وقد كتب فيه أنّ الأمير كان معروفاً لدى الأوساط الدّبلوماسيّة البريطانيّة ب"البلياتشو (المهرّج) صاحب السّموّ.

ويروي السّيّد ويلسون قصصًا عن غطرسة وفظاظة وأنانية الأمير أندرو. من بين عدّة أمور، أصرّ الأمير أندرو على أن يحمل خادمه طاولة (كوي) بطول ستّة أقدام، حتّى في الفنادق ذات الخمس نجوم التّي مكث فيها الأمير أندرو، وذلك لكي تُكوى سراويله بالشّكل المناسب.

ويقول السّيّد ويلسون إن الأمير أندرو أحب وجوده بين الملوك الدّيكتاتوريّين في الخليج، كما كان متهيّبًا من ثرواتهم لذلك كان يعاملهم بتملّق مُخجِل، مضيفاً أنّ "رسائل الشّكر التّي أرسلها إلى مضيفيه بعد زيارة واحدة للبحرين – مشيراً لـ ‘طائرتي الصّغيرة المتوقّفة بجانب نفّاثتك الخاصّة المذهلة’ قد كُتِبَت للتّملّق. وقد كان الأمير رسميًّا في البحرين للترويج للأعمال البريطانيّة، ولكن يقول ويلسون إنّ السّفارة البريطانيّة ذُهِلَت عندما قال أنّه نصح البحرينيّين بعدم شراء الطاّئرات البريطانيّة الصّنع "هوك" ولكن استئجارها، في مناقشة بيع الطّائرات. وعزا السّيّد ويلسون فظاظة الأمير إلى عقدة نقص، معتبرًا أن "موقفه عادة يلفت الانتباه إلى أنّه غير ناضج".

لم يكن ناضجاً آنذاك، وما زال غير ناضج، إلاّ أنّ الرّهانات هي أكثر أهمّيّة له الآن. لم يعد الأمير أندرو الممثّل التّجاري بعد استقالته في العام 2011، لكنّه يساعد في حملة علاقات عامّة لتمكين الحكومة البحرينيّة من استعادة الاحترام الدّولي، فيما في الوقت ذاته، تزيد من القمع في الدّاخل. ولزيادة التّأكيد على علاقاته المريحة مع العائلة المالكة البريطانيّة، من المتوقّع أن يحضر ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة مهرجان ويندسور الملكي للفروسية" لمشاهدة ربح مملكة البحرين للكأس.

اللقاء الذي سيفتتحه الأمير أندرو يدعى "هذه هي البحرين!" وهو مُنَظَّم من قِبَل اتحاد جمعية البحرين للمغتربين (BFEA). وقالت بيتسي ماتيسون، الأمين العام لاتحاد جمعية المغتربين، إنّ الاجتماع هو "للاحتفال بتنوعنا الثّقافي وحرّيّة الدّين، وحقيقة أنّ التّعدّديّة الثّقافيّة ليست موجودة في البحرين فحسب، بل مزدهرة أيضاً، في الوقت الّذي يواجه فيه عدد من  البلدان تزايد كراهية الأجانب والعنصريّة والتّوتّرات الدّينيّة". للأسف، فإن واقع الحياة بالنّسبة لمعظم البحرينيّين هو مزيج من العنف المتزايد والطّائفيّة. وأعرب مقرّر الأمم المتّحدة المعني بالتعذيب "خوان مانديز" عن "خيبة أمل عميقة" بشأن قرار البحرين تأجيل زيارته إلى أجل غير مسمّى. وأعرب عن "تعاطفه مع شعب البحرين الّذي كان يتوقّع زيارتي، وعلى وجه الخصوص، ضحايا التّعذيب وسوء المعاملة وأسرهم".

ويقول جواد فيروز، النّائب البحريني السّابق إن "الهجوم على الشّيعة تزايد مؤخّرًا بشكل كبير". السّيّد فيروز، المنفي إلى لندن، هو واحد من أصل 31 بحريني شيعي جُرِّدوا من جنسيّتهم قبل 18 شهراً. ويقول إن الحكومة لم تفِ بوعدها حتّى الآن بإعادة بناء 38 من المساجد الشّيعيّة وأماكن الاجتماعات الدّينيّة المهدّمة، وتطالب بتغيير مواقعهم "رغم أنّ بعضها كان في نفس المواقع لــ 200 سنة". كما يقول إنّ النّاشطين الشّيعة الّذين يسعون لنيل الحقوق المدنيّة يجري تصويرهم على أنهم عملاء لإيران.

البحرين هي على حافّة صراع ديني أعمق بين الشّيعة والسّنّة. الشّيخ حسين النّجاتي، رجل دين شيعي بارز، وواحد من 31 مجرّدين من جنسيّتهم، أُعطِي مهلة 48 ساعة لمغادرة البلاد الشّهر الماضي. وقد اتّهم الشّيخ عيسى قاسم، أبرز زعيم روحي شيعي في الجزيرة، الشّهر الماضي، الدّولة البحرينيّة بإعلان "حرب مفتوحة على الطّائفة الشّيعيّة".

وقد دعا آية الله قاسم لاستمرار المعارضة السّلميّة التّي قد لا تلقى آذاناً صاغية من الجميع. عدد الأشخاص المعتقلين في البحرين غير معروف، لكنّ المعارضة تقدر عددهم ب  سجين3500. وتقول آلاء الشّهابي، وهي ناشطة في المنفى إنه "بعد ثلاث سنوات من اللّاعنف يزداد النّاس تطرّفاً. لقد تخلّصوا بشكل فعّال من جميع قادة اللّاعنف الّين كانوا يقودون الاحتجاجات في الشّوارع". وأضافت إنّ الجماعات المتطرّفة تملأ الفراغ.

سألتُ السّيّدة ماتيسون في قِبَل اتحاد جمعية البحرين للمغتربين (BFEA)عن كيفية التوفيق بين ادّعاءاتها عن روحية التّسامح والاحترام اللذين يفترض أنهما يسودان في البحرين مع سحب جنسيّة 31 ناشطًا شيعيًا؛ فأجابت "إنّ مملكة البحرين لديها الحقّ السّيادي في وضع الأمن القومي قبل حقوق الإنسان تماماً كما الولايات المتّحدة وبريطانيا ودول أخرى." إنّها تنفي تماماً شكوك المعارضة في أنّ حدث اتحاد اتحاد جمعية البحرين للمغتربين (BFEA) في لندن ممول أو مدفوع له من قبل حكومة البحرين بأي حال من الأحوال، وتقول إنّ رسالته هي "رسالة سلام ومحبّة ووئام ووحدة".

قد يجد البحرينيّون صعوبة في مناقضة هذا الكلام منذ تهديد وزير الدّاخليّة باتّخاذ إجراءات قانونيّة ضدّ أولئك الّذين يدّعون تعرضهم للتّعذيب. أمّا بالنّسبة للأمير أندرو، إذا حضر يوم الجمعة، فإنّه سيلعب دورًا صغيرًا ولكن حقيرًا في إخفاء مأساة البحرين.

 

11 أيار/مايو 2014

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus