نبيل رجب في حوار خاص لمرآة البحرين حول اللجنة الملكية لتقصي الحقائق: بسيوني بين الإفراط في مجالس الحكومة والتفريط في مجالسة الناس

2011-08-09 - 10:18 ص


نبيل رجب في بيت الشهيد عبدالرسول الحجيري

مرآة البحرين (خاص):
سيصدم من يقرأ ما قاله رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان نبيل رجب في لقاء خاص مع مرآة البحرين. قال إنه حتى قبل أربعة أيام، لم تتجاوز الشكاوى التي وثقتها لجنة التحقيق الملكية بقيادة القاضي بسيوني 280 قضية فقط. ما السبب؟
يوضح رجب، أن ظهور بسيوني في لقاءات تلفزيونية وصحافية يمتدح فيها رموز الحكم في البحرين، أمر له تأثير سلبي جدا على الناس، كما أنه تبين بوضوح أن اللجنة الملكية بعدد محققيها وموظفيها لا تمتلك السعة الاستيعابية للتوثيق والتحقيق في شكاوى التعرض للانتهاكات من قبل النظام الرسمي البحريني . ويحذر رجب من التصريح الأخير الذي برأ فيه بسيوني القوات الأمنية من ممارسة التعذيب الممنهج القائم على سياسة رسمية، ولمح أن بسيوني بهذا التصريح يبرأ ساحة مسؤول كبير في إشارة منه لوزير الداخلية، وينصح رجب القاضي بسيوني بالجلوس مع المؤسسات الحقوقية الفاعلة لأن دوام جلوسه مع الرسميين جعلته يتأثر بخطابهم .

وفي قراءة لمجريات تشكيل وأداء اللجنة الملكية لتقصي الحقائق، يقول رجب "إن تشكيل الملك لهذه اللجنة بحد ذاته يعد حركة ذكية من قبله، فالملك نأى بنفسه عن المسؤولية، وعزل نفسه عن المحاسبة، لأن المنطق يقول إن اللجنة لن تحاسب من شكلها". وعن الوضع الحالي للجنة يقول رجب "هناك تردد وانعدام ثقة فنحن نعمل على دفع الناس للتعاون مع اللجنة وعدم إصدار الأحاكم المسبقة، حتى وإن كان تشكيلها مثاراً لتساؤلات، نحن نطالب المواطنين بإلحاح بالتعاون معها، لكن للأسف ظهور القاضي محمود بسيوني في مقابلات تلفزيونية وصحافية وهو يمتدح رموز الحكم، كان له تاثير سلبي وعزز عدم الثقة عند المواطنين، وبالأخص التصريح الأخير لإحدى وكالات الأنباء التي نأى فيها بمسؤول كبير عن المحاسبة بخصوص التعذيب، وضمن له الحماية المستقبلية، حين قال إن التعذيب لم يكن سياسة رسمية متبعة".

مهنياً، لا يتفق رجب مع تصريح السيد بسيوني، ويرى أنه تصريح "غير مهني على اعتبار أنك لا تسطيع إصدار نتائج مسبقة عن التحقيق والرصد، خصوصا ونحن على علم أن اللجنة مازالت في بدايات عملها في استقبال قضايا الانتهاكات، وهنا أؤكد أنه حتى اللحظة فإن اللجنة لم تستقبل أي قضية فقد فيها المتظاهرون حياتهم، أي أنها لم تنظر في قضايا قتل الشهداء بعد" .


نبيل رجب مع عائلة الشهيد عبد الرضا بوحميد
ويفاجئنا رجب "نتوقع في الوضع الطبيعي أن اللجنة ستتسلم عشرات آلاف القضايا، لكن حتى التصريح الأخير للقاضي محمود بسيوني، فإنه لم يتسلم أكثر من 280 قضية فقط، يعني أن السيد بسيوني وأعضاء اللجنة لم يروا بعد كم القضايا والانتهاكات وبشاعتها، وعلى الأخص عمليات السطو على سيارات ومنازل ومتاجر أبناء الطائفة الشيعية، إن السيد بسيوني أصدر حكمه، قبل أن يتم التحقيق في ال 280 قضية التي استلمها المحققون".

يخشى رجب انعكاس تصريح بسيوني الأخير سلبيا بالقول "الخشية أن هذا التصريح سيصب في توسيع هوة الثقة بين بسيوني والضحايا، نحن نتحدث عن بسيوني وليس عن اللجنة ككل، لأن أي متابع للوضع البحريني من خلال القنوات والصحف والمنظمات التي تواجدت منذ بدايات الأزمة، وشاهدت ما حدث في البحرين، خرجت بانطباع تام عن وحشية ودموية ما عاناه البحرينييون من نظامهم، لكن بسيوني بتصريحه نقض شهادات كل المنظمات التي سبقت وجوده بمندوبيها وشاهدت الانتهاكات بنفسها والتقت الضحايا، كيف نقض السيد بسيوني بهذه السرعة كل المنظمات الدولية ووسائل الإعلام الخارجية المستقلة التي حضرت إبان قلب الحدث؟ هل يشكك بتصريحه في عمل هذه الجهات التي أكدت الانتهاكات؟ السيد بسيوني حتى الآن لم يلتق بالضحايا بل التقى المسؤوليين، نحن نطالبه بعدم إصدار نتائج سريعة، قبل أن يكتمل التحقيق، وأن يتم لقاء جميع الضحايا الذين يطالبون بلقاء المحققين في اللجنة".

ويضيف "أنا حملت ملفًا إلى اللجنة الملكية يختص بعمليات سطو وسرقة لمنازل وسيارات ومتاجر لنحو 500 مواطن ينتمون للطائفة الشيعية، قام الجيش والحرس الوطني والقوات الخاصة بالسطو عليها وسرقتها، لكن قالوا لي في اللجنة الملكية أن اللجنة لا تستطيع اللقاء بهم جميعهم، بل ستلتقي ببعضهم فقط، نحن الآن ما زلنا ندعو الناس لتوصيل قضاياهم ونحن على ثقة أن حجم الجرائم التي حدثت خلال الشهور الماضية لا يمكن إخفاؤها بأي شكل من الأشكال".

وعن سبب قلة القضايا التي أوصلها الناس إلى محققي اللجنة، يقول رجب "بعض المحققين لا يردون على الاتصالات التي تردهم، وفريق عمل السيد بسيوني ليس كاملًا، ما نطلبه هو لقاؤهم بكل عوائل الشهداء وليس بعضهم كما قالوا لنا، هذا الأمر لم يحدث للأسف حتى الآن، بل إن تصريحات بسويني ربما تؤثر على رغبة الناس في الوصول إلى اللجنة".

وعن تصريح القاضي بسيوني خلال لقاء خاص بتلفزيون البحرين حول عدم وجود سياسة قتل وإبادة، أجاب رجب " منذ 14 فبراير حتى الآن، أصبح لدينا مئات من المواطنين الذين أصيبوا بالعمى بشكل كامل، وذلك بسبب عنف القمع الذي مارسته السلطة إزاء هؤلاء العزل، لقد تم إطلاق الرصاص المطاطي والانشطاري مباشرة على وجوه هؤلاء المواطنين، فكيف يمكن ألا تكون هناك سياسة إبادة؟".

يؤكد رجب "ما يزال واضحاً أن فريق التحقيق ليست لديه طاقة استيعابية لعدد القضايا التي حدثت، وهذه القضية إضافة لقضية التصريحات السلبية التي تصدر، يجب أن تُحل كي تُعاد الثقة، وأن يتم استقبال كل القضايا، أحب القول إننا ومنظمات دولية رفيعة سنصدر تقارير تقييمية إزاء التقرير الذي سيصدر من لجنة القاضي محمود بسيوني".

وفي إجابة له عن سؤال لمرآة البحرين، بخصوص قيام بسيوني بما يشبه المساعي الحميدة والتوسط للإفراج عن معتقلين، قال رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان "مع كل التقدير للسيد بسيوني ومسعاه، لكن المهام الرئيسية للجنة ليست التوسط، بل رصد الجرائم والقضايا وإصدار تقرير واضح بذلك ووضع توصيات لتنفيذها، لا نريد أن يتحول عمل اللجنة إلى عملية وساطة بين النظام وبين الناس، خصوصا أن الحديث عن العفو عليه الكثير من التساؤلات، نريد أن نسمع من اللجنة هل المفرج عنهم كانوا معتقلين بشكل قانوني، وهل كانو مذنبين بنظر اللجنة حينما تظاهروا وطالبوا بحقوقهم أم لا. ليس عمل اللجنة التوسط، هذا تحويل لمهام اللجنة".

وعن الدور الذي يقوم به مركز البحرين لحقوق الإنسان، يوضح رجب "بالنسبة للمركز شكلنا فريق لدعم عمل اللجنة الملكية لتقصي الحقائق، ووضعنا محاور، وكل فريق لديه محور للتعاون مع اللجنة، لدينا فرق عن المفصولين والسطو والعنف في الشارع والشهداء والتعذيب، لكن في الحقيقة هناك اجتماعان  تمّا مع اللجنة عُقدا بناء على طلبنا، بينما هم لم يطلبوا اللقاء بنا، أنا أتفهم انشغالهم، لكني أعتقد أن أعضاء اللجنة بحاجة إلى الجلوس مع المنظمات الحقوقية، وأعتقد أن سبب تأثر السيد بسيوني بلغة السلطة أنه لم يجلس حتى الآن إلا مع مسؤولين رسميين، نريده أن يجلس مع مسؤولين في المنظمات الحقوقية وأن يستمع لوجهات نظرهم".

أخيراً، لمن يعتقد أن حل الأزمة سيأتي على يد لجنة تقصي الحقائق، يخاطبهم رجب "أقول لهم لا تعولوا كثيرا، هذه لجنة معنية بوضع توصيات، هذه اللجنة لن تحل الأزمات السياسية والحقوقية في البحرين، النظام إذا كان حكيما سيستفيد من توصيات اللجنة لإخراج نفسه من الأزمة السياسية، وسيقوم بتوقيف المسؤولين عن كل تلك الانهتاكات ليفتح صفحة جديدة".

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus