المرحلة الانتقالية في سياسة البحرين

2014-05-22 - 7:20 م

صادق العبدالوهاب *

انفجرت الثورة الشعبية المطلبية في البحرين من تاريخ 14 فبراير/ شباط 2011، وانتشرت التظاهرات التي كانت تضم مئات الآلاف من المواطنين الراغبين بتغيير النظام السياسي إلى نظام سياسي عادل ينصف المواطنين. تعددت الأسقف المطلبية في النظام البديل لكن اتفق كلها على مبدأ العدالة والمساواة والمواطنة المتكافئة.

ومن خضم الثورة البحرينية، نشأ ائتلاف تجمع الفاتح الذي أبدى رفضه لتغيير النظام السياسي والدستوري في البحرين، ولكنه اتفق على ضررورة تحسين أداء السلطة التشريعية والتنفيذية وأن تُدرس الكيفية لتحسين هذا الأداء بدون المساس بالنظام الدستوري القائم.

قُمعت تظاهرات دوار الؤلؤة من تاريخ 17 مارس/ آذار 2011، واستمر الخيار الأمني حتى هذا اليوم مخلفاً معه انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان، واحتقاناً طائفياً، ومديونية مليارية في ميزانية الدولة، وتشويه سمعة البحرين دوليا، وتراجع في بورصة الاستثمار. و بفرض الخيار الأمني، عاشت البحرين الفصل التشريعي الثالث تحت رحمة أجندتين:

الأولى: أجندة الموالاة التي تحتضن أغلبية سنية وأقلية شيعية متمثلة في حلف يضم قبيلة آل خليفة وتيار الاتلاف السني (الفاتح) والتيار الشيعي الإخباري القديم. أجندة تمسكت ببقاء النظام الدستوري القائم فمارست عملاً تشريعياً صورياً، وتمسكت بسلطة تنفيذية ضعيفة وسيرت سلطة قضائية مسيسة.

الثانية: أجندة المعارضة التي تحتضن أغلبية شيعية وأقلية سنية متمثلة في حلف يضم التيار الشيعي الولائي والتيار الشيعي الرسالي والتيار الليبرالي والسنة اللاحزبيين. أجندة تصر على تغيير النظام الدستوري فجيشت التظاهرات الشعبية المتكررة، وراقبت ملفات الانتهاكات، ونظمت الحملات الإعلامية المضادة.

أجندتان تتصارعان و لا تلتقيان. أجندتان باقيتان ما بقيت الظروف المحلية والإقليمية بلا تغيير. أجندتان تخسران ويخسر معهما الوطن. فما الحل؟

الحل هو مرحلة انتقالية تحتضن الأجندتين لتتولد منها أجندة وسط عادلة منصفة مرضية لجميع البحرينين. مرحلة انتقالية تعيشها البحرين خلال الفصل التشريعي الرابع بالشروط التالية:

1. تعديل الدوائر الانتخابية وفق نظام صوت متكافيء لكل مواطن.

2. يتناصف "حلف الموالاة" بزعامة ملك البلاد حمد بن عيسى آل خليفة مع "حلف المعارضة" بزعامة آية الله عيسى أحمد قاسم في تعيين أعضاء مجلس الوزراء وأعضاء مجلس الشورى.

3. حلف المولاة يتولى الحقائب الوزارية التالية: رئيس الوزراء، والداخلية والخارجية والدفاع والصناعة والتجارة والمواصلات والاتصلات والبلديات والبيئة والطاقة والثقافة والإعلام وشؤون المجلس الوطني.

4. حلف المعارضة يتولى الحقائب الوزارية التالية: نائب رئيس الوزراء، والمالية والعدل والعمل والصحة والإسكان والأشغال والتربية والتعليم وحقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية وشؤون مجلس الوزراء.

5. يُعرض "دستور" على الاستفتاء الشعبي مع نهاية الفصل التشريعي الرابع.

الدستور سيتمخض من خلال مداولات مستمرة لأعضاء المجلس الوطني بشقية المنتخب و المعين. التمخضات يمكن أن تفرز أحد أنواع الدساتير الثلاثة: الأول، دستور ثابت يُثبت النظام الأساسي في دستور 2002. الثاني، دستور معدّل يضع شروطاً للصلاحيات الملكية ويوضح صلاحيات المجلس الوطني في تشكيل الحكومة. الثالث، دستور جديد ذو نظام سياسي جديد للسلطات الثلاث في الدولة. المعيار النهائي لشرعية الدستور هو قبول ورفض الشعب لهذا الإفراز الدستوري. و تتم المرحلة الانتقالية قائمة حتى يقر الشعب بدستور يقبله ويرضاه.

المرحلة الانتقالية هي مرحلة مفيدة جدا لتطوير النظام العام في البحرين، وهذه المرحلة تتطلب ثلاثة عناصر. الأول: إرادة ملكية تقبل التناصف في تعيين أعضاء السلطة. الثاني: مرونة المعارضة في التعاطي مع الديوان الملكي فترة المرحلة الانتقالية. الثالث: الوعي الشعبي العام بضرورة دخول المرحلة الانتقالية، وإنها مرحلة لا يتخلى فيها حلف المعارضة وحلف الموالاة عن أجندتهما. إنما هي مرحلة لتنضيج أجندتهما وتهجينها للصالح العام الذي يربح فيه الجميع.

* كاتب بحريني
_________________________
المقالات والآراء التي تنشر تعبر عن رأي أصحابها، ولا تعبر عن رأي "مرآة البحرين" بالضرورة. نستقبلها على البريد التالي:
editor@bahrainmirror.com

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus