ورقة لعلي صالح عن قانون الإعلام الجديد: مضمونه لم يتغير وغرامات الصحافيين زادت لتصل إلى نصف مليون دينار

2014-05-27 - 6:13 م

مرآة البحرين: في ورقة أعدها حول قانون الإعلام الجديد، أكد الكاتب في صحيفة "الوطن" علي صالح أن القانون "جديد من حيث الشكل، ولكنه ليس كذلك بالنسبة للمضمون"، مشيرا إلى أن مرسوم العام 2002 كان خاصا بالصحافة المكتوبة وبالمطابع والسينما، أما مشروع قانون الإعلام فهو يختص بالصحافة المكتوبة والاعلام المرئي والمسموع والالكتروني".

وأضاف صالح، في ورقة مقارنية أعدها حول القانونين الجديد والقديم "النقد الذي وجه إلى مرسوم العام 2002 تركز على حبس الصحافيين، وجاءت التعديلات التي لم تر النور لكي تلغي حبس الصحفيين كنص صريح والاستعاضة عنها بالغرامة، غير أن تلك التعديلات احتفظت بنص يأتي في بداية المواد المتعلقة بالعقوبات يقول "مع عدم الإخلال بالأحكام المنصوص عليها في أي قانون آخر"، موضحا "هذه العبارة هي التي تربط قانون الصحافة سابقاً وقانون الإعلام اليوم تربطهما بقانون العقوبات الذي يتضمن موادا تتعلق بالرأي والتعبير والنشر متطابقة في النص مع قانون الإعلام ولكنها تعاقب بالحبس".

وقال: "في حين أن الغرامة في تعديلات مرسوم العام 2002 لا تتجاوز 500 دينار فإن الغرامة في قانون الإعلام الجديد تبدأ من 5 آلاف دينار وتتدرج الى 50 ألف ثم 100 ألف و 200 ألف دينار حتى 500 ألف أي نصف مليون، ومع هذا التشديد المبالغ فيه جداً فإن المشروع لم يذكر أبداً ماذا سيحصل للفرد او الأفراد الذي لا يستطيع دفع هذه الغرامة، هل ستطبق عليه عقوبة الحبس، أم انه سيطبق عليه قانون العقوبات مباشرة كما حدث بالنسبة لجميع الصحافيين الذين قدموا إلى النيابة أو المحاكمة منذ العام 2002 حتى يومنا هذا".

وأضاف صالح "المادة (74) من عقوبات من القانون تنص على أنه "يعاقب على مخالفة أي من أحكام المادتين (35) و (61) من هذا القانون بغرامة لا تقل عن عشرة الاف دينار ولا تزيد عن مائة الف دينار، ويحكم عند الإدانة بالغاء الترخيص"، متسائلا بالقول "إدانة بماذا؟".

ولفت إلى أن المواد من رقم (84) (85) (86) (87) (88) (89) (90) (91) (92) (93) (94) (95) (96) (97) (98) "منقولة نصاً من مرسوم (47) للعام 2002 مع استهلال معظمها بعبارة "مع عدم الاخلال بالاحكام المنصوص عليها في أي قانون آخر".

وبشأن المادة (1) التي تنص على أم "الصحافي او الإعلامي هو الفرد الذي يزاول مهنة الصحافة أو الإعلام (...) ويكون حاصلاً على ترخيص بذلك من "الهيئة العليا للاعلام والاتصال"، تساءل صالح بالقول: "إذا لم تمنحه هذه الهيئة المجهولة المكان والتكوين حتى الآن، فهل يموت جوعاً لأنه لن يستطيع ان يجد عملاً في أيمؤسسة صحافية او إعلامية؟".

وأشار إلى أن "التطابق الثالث بين مرسوم (47) وقانون الاعلام الجديد هو أن الاثنين غير ديمقراطيين، ويتبين ذلك من المواد التالية: المادة (18) تنص على أنه "للوزير من تلقاء نفسه أو بناء على توصية من الهيئة العليا استصدار أمر من محكمة الأمور المستعجلة لمنع تداول المطبوعات وإيقاف ومنع بث أي مواد إذاعية أو تلفزيونية او الكترونية إذا تضمنت مامن شأنه أن يمثل تهديداً للنظام العام".


وفي ما يلي النص الكامل لورقة صالح:

فبعد ان واجه مرسوم المطبوعات رقم (47) الصادر عام 2002 الكثير من النقد من الجميع واعتبروه قانون ممنوعات وليس مطبوعات، عملت الحكومة على تعديله في كل دورة انعقاد للمجلس الوطني وتقديمه في اواخر دور الانعقاد وقبل مناقشته ينتهي دور انعقاد المجلس، ويقدم للمجلس التالي، اما هذه المرة فقيل ان الحكومة ستقدم مشروع قانون جديد وليس معدل يختص بالصحافة والاعلام المرئي والمسموع والالكتروني، وهو المشروع الذي اعلن عن وصوله الى المجلس الشهر الماضي فقط.

بالاطلاع على هذا المشروع يتبين لنا انه جديد من حيث الشكل، ولكنه ليس كذلك بالنسبة للمضمون، مرسوم 2002 (الذي لم يعدل على مدى 12 عاماً) كان خاص بالصحافة المكتوبة وبالمطابع والسينما، اما مشروع قانون الاعلام فهو يختص بالصحافة المكتوبة والاعلام المرئي والمسموع والالكتروني.

اما المحتوى فقد تعودنا منذ قانون 1953 و 1965 و 1975 ثم 2002 ان كل قانون يأتي باسوأ من الذي قبله من ناحية احترام حرية الصحافة والصحفيين.

- النقد الذي وجه لمرسوم 2002 تركز على حبس الصحفيين، وجاءت التعديلات التي لم تر النور لكي تلغي حبس الصحفيين كنص صريح والاستعاضة عنها بالغرامة، ولذلك جاء جميع وزراء الاعلام منذ عام 2003 وهم يتباهون بهذا الانجاز، غير ان تلك التعديلات احتفظت بنص يأتي في بداية المواد المتعلقة بالعقوبات يقول " مع عدم الاخلال بالاحكام المنصوص عليها في اي قانون آخر" وهذه العبارة هي التي تربط قانون الصحافة سابقاً وقانون الاعلام اليوم تربطهما بقانون العقوبات الذي يتضمن مواد تتعلق بالرأي والتعبير والنشر متطابقة في النص مع قانون الاعلام ولكنها تعاقب بالحبس.

وفي بحثي عام 2005 عن هذا التطابق ذهبت الى مصر وطلبت من نقابة الصحفيين قانون الصحافة المصري وقانون العقوبات، وبالاطلاع عليهما وجدت انهما متطابقان بالنصوص الخاصة بالصحافة، بل انني وجدت ان قانون الصحافة وقانون العقوبات البحرينيين يتطابقان مع القانونين المصريين مما يدل على ان الذي كتب هذه القوانين مستشار او مستشارين مصريين بالطبع قام بنقل قوانين مصر الى البحرين.

اذا كانت الحيلة التي اتبعت من خلال التعديلات التي ادخلت على مرسوم (2002) هي المزيد من ارضاء الصحفيين وامتصاص زعلهم او غضبهم بازالة او اخفاء العبارات التي لا يريدونها في المرسوم المذكور والتي يطالبون بالغائها وهي العبارات والمواد التي تنص على عقوبة الحبس.

وبالفعل فقد استبدلت عقوبة الحبس في تلك التعديلات بالغرامة التي تتراوح بين مائة دينار و 500 دينار، ولكنها - اي التعديلات- ابقت على استهلال كل مادة من المواد المعدلة بعبارة تقول " مع عدم الاخلال بالاحكام المنصوص عليها في اي قانون آخر" والمقصود بالقانون الآخر هنا هو قانون العقوبات الذي يحتوي بدوره على عدد من المواد المتعلقة بالنشر وهي مواد مطابقة نصوصها للمواد الموجودة في قانون المطبوعات (2002)، وموجودة في الباب الخامس من قانون العقوبات والذي يحمل عنوان:
(احكام خاصة بالجرائم التي تقع بطريق العلانية، اما ارقام مواد قانون العقوبات هذه فهي . (93) (94) (95) (96) (97) (98) (134) (134 مكرراً) (136) (165) (168) (170) (172) (173) (174)، بالاضافة الى المواد المتعلقة بالقذف وهي المواد (364) والتي يقول السطر الاخير منها (واذا وقع القذف بطريق النشر في احدى الصحف او المطبوعات عد ذلك ظرفاً مشدداً ) ثم المواد (367) (370) (372).

وهذا الارتباط الوثيق والمتطابق بين مرسوم المطبوعات لعام (2002) وقانون العقوبات هو الذي جعلني اكرر في كل المناسبات التي يشار فيها الى تعديلات المرسوم المؤدية الى الغاء عقوبة الحبس عن الصحفي، بأن هذا التعديل- التعديلات لا قيمة لها ولن تؤدي الى اي تغيير مادامت اخوات هذه المواد الموجودة في قانون العقوبات لم تلغ، بالاضافة الى الابقاء على الرابط بين القانونين وهو الاستهلال المذكور انفاً.

بقي مرسوم (47) لعام 2002 بتعديلاته المذكورة تتقاذفه السلطتان التشريعية والتنفيذية على مدى الاعوام (2003-2007) حرصت او تعمدت خلالها الحكومة على سحب القانون في نهاية دور الانعقاد واعادة تقديمه مرة اخرى في اواخر دور الانعقاد التالي، فينتهي الدور دون مناقشة او استكمال مناقشة المشروع، وفي 2004 تقدم بعض اعضاء مجلس الشورى بمشروع قانون معدل لمرسوم 2002 ولان الاولوية لمناقشة القوانين الواردة من الحكومة حسب الدستور فقد ضم مشروع مجلس الشورى الى مشروع الحكومة باعتباره مشروع قانون معدل للمشروع الاصلي اي الحكومي.

وفي عام 2007 صرح وزير الاعلام في ذلك الوقت ان الحكومة بصدد تقديم مشروع قانون جديد ومتكامل للاعلام يضم الاعلام المكتوب والمرئي والمسموع والالكتروني، ومنذ السنة التالية توقف النواب عن المطالبة بالقانون المعدل وبدأوا يسألون الحكومة متى يأيتنا القانون الجديد والشامل، واخذ هذا السؤال يتكرر مع بدء كل دور انعقاد، والوعود تتكرر مع كل وزير جديد يتولى حقيبة الاعلام، وعود الوزيرة سميرة بنت رجب بدأت في منتصف عام 2013 بان القانون الجديد سيصل الى مجلس النواب الشهر القادم، حتى وصل مشروع القانون بالفعل الى المجلس في ابريل 2014 اي قبل 40 يوم تقريباً من انتهاء الفصل التشريعي الثالث ويبدو ان التأخير مقصود كما هو الحال بالنسبة للمرات والسنوات السابقة، وان المجلس الحالي لن يناقش مشروع القانون او لن يستطيع استكمال مناقشته واقراره فيما تبقى له من ايام حتى لو اراد استعجال مناقشته حتى سلقه، فبعد مجلس النواب هناك مجلس الشورى، والتيار الديني او الاسلام السياسي في المجلسين سيرفض الغاء عقوبة الحبس على الصحافيين، ومعاملتهم كمواطنين عاديين، اي ارجاعهم الى مضمون عقوبات قانون العقوبات، كما ان هؤلاء الاسلاميين سيتوقفون طويلاً عند المواد التي ترخص للقنوات الاذاعية والتلفزيونية بهدف زيادة الشروط الاخلاقية عليها، وفي كل الاحوال فان قانون الاعلام الجديد لن يرى النور لدى المجلس الوطني الحالي.

نأتي الآن الى محتوى القانون الجديد لنرى انه يتطابق مع مرسوم (47) لعام 2002 وتعديلاته في الصياغة العامة، اي في العبارات التي تحد من الحرية وتقيدها وتسلبها احياناً، كما يتطابق في استبدال عقوبات الحبس بعقوبات الغرامة، ولكنها الغرامة الغليظة والمشددة، ففي حين ان الغرامة في تعديلات مرسوم 2002 لا تتجاوز 500 دينار فان الغرامة في قانون الاعلام الجديد تبدأ من 5 آلاف دينار وتتدرج الى 50 ألف ثم 100 ألف و 200 ألف دينار حتى 500 ألف اي نصف مليون، ومع هذا التشديد المبالغ فيه جداً فان المشروع لم يذكر ابداً ماذا سيحصل للفرد او الافراد الذي لا يستطيع دفع هذه الغرامة، هل ستطبق عليه عقوبة الحبس، ام انه سيطبق عليه قانون العقوبات مباشرة كما حدث بالنسبة لجميع الصحافيين الذين قدموا للنيابة او المحاكمة منذ 2002 حتى يومنا هذا.

من امثلة عقوبات قانون الاعلام الجديد المواد : (71) التي تقول: تسري الاحكام الواردة في هذا الباب على الجرائم التي ترتكب بالمخالفة لاحكام هذا القانون ما لم يكن الفعل يشكل جريمة اخرى وفقاً لقانون العقوبات فيطبق هذا القانون الاخير.

والمادة (25): لا يجوز اصدار صحيفة ورقية او الكترونية الا بعد الترخيص في اصدارها من الوزارة وبعد موافقة مجلس الوزراء ويعاقب على مخالفة حكم هذه المادة من هذا القانون بغرامة لا تقل عن خمسة الاف دينار ولا تزيد عن 50 ألف دينار.

المادة (35): يعتبر الترخيص باصدار صحيفة ترخيصاً خاصاً لا يجوز التصرف فيه باي نوع من انواع التصرف الا بعد موافقة الوزير، وكل تصرف يتم بالمخالفة لحكم هذه المادة يعتبر باطلاً، والمادة (61) تقول: يعتبر الترخيص لمؤسسة اذاعية او تلفزيونية ترخيصاً خاصاً لا يجوز التصرف فيه باي نوع من انواع التصرف الا بعد موافقة الوزير، وكل تصرف لاحكام هذه المادة يعتبر باطلاً.

ثم تأتي المادة (74) عقوبات من القانون نفسه لتقول: يعاقب على مخالفة اي من احكام المادتين (35) و (61) من هذا القانون بغرامة لا تقل عن عشرة الاف دينار ولا تزيد عن مائة الف دينار، ويحكم عند الادانه بالغاء الترخيص (ادانه بماذا؟).

المادة (50) يحضر استيراد او تصنيع او تركيب او استعمال اي جهاز بث او نقل بث مرئي او سمعي او اي وسيلة اخرى لغرض البث دون ترخيص مسبق.
المادة (80) من هذا القانون تنص على: يعاقب كل من يخالف المادة (50) من هذا القانون بالغرامة التي لا تقل عن مائة الف دينار ولا تزيد على مائتي الف دينار وتقضي المحكمة بمصادرة الاجهزة والادوات والتوصيلات وكل ما استخدام في ارتكاب الجريمة (تصوروا!).

المادة (81) يعاقب كل من يمارس اعمال البث الاذاعي او التلفزيوني دون ترخيص بغرامة لا تقل عن مائتي الف دينار ولا تزيد عن خمسمائة الف دينار.

اما المواد من رقم (84) (85) (86) (87) (88) (89) (90) (91) (92) (93) (94) (95) (96) (97) (98) فهي منقولة نصاً من مرسوم (47) لعام 2002 مع استهلال معظمها بعبارة (مع عدم الاخلال بالاحكام المنصوص عليها في اي قانون آخر).

اذكر منها على سبيل المثال فقط المادة (84) التي تقول: مع عدم الاخلال بالاحكام المنصوص عليها في اي قانون آخر يعاقب على نشر او بث ما يتضمن فعلاً من الافعال الآتية بغرامة مالية لا تقل عن عشرة الاف دينار ولا تزيد عن مائة الف دينار:
التعرض لدين الدولة الرسمي في مقوماته واركانه بالاساءة.
اهانة الذات الملكية السامية.
التحريض على ارتكاب جنايات القتل او النهب او الحرق او الجرائم المخلة بالنظام العام او اي فعل من افعال الارهاب اذا لم يترتب على هذا التحريض اي نتيجة.
التطابق الآخر بين مرسوم 2002 الموصوف بالسيئ والممنوعات وبين مشروع قانون الاعلام الجديد هو ان الاثنين يعطيان الحق باليد اليمني وياخذانه باليد اليسرى، ويمنحان الحرية في الجزء الاول من المادة، ويستردانها في الجزء الثاني، وتكون النتيجة لا حقوق ولا حرية ولا ديمقراطية ولا قانون مستنير يجاري امثاله في الدول المتقدمة كما تقول معالي وزيرة شئون الاعلام، الامثلة على ذلك كثيرة ولكننا سنكتفي ببعضها:

" المادة (1) الصحافي او الاعلامي هو الفرد الذي يزاول مهنة الصحافة او الاعلام باعتباره نشاطه المهني الاساسي بصورة رئيسية ومنتظمة في واحدة او اكثر من الصحف اليومية والدورية الصادرة بمملكة البحرين او في واحدة او اكثر من مؤسسات الصحافة والاعلام المكتوب او المرئي او المسموع او الالكتروني او وكالات الانباء الموجود مقرها الرئيسي بمملكة البحرين، ويكون حاصلاً على ترخيص بذلك من الهيئة العليا للاعلام والاتصال".

والسؤال اذا لم تمنحه هذه الهيئة المجهولة المكان والتكوين حتى الان والتي لم تجتمع الا اجتماعاً واحداً واختفت والتي غير ممثلة من صحافيين واعلاميين ولم يعط هؤلاء الحق في اختيار اعضاء هذه الهيئة كما هو حاصل في الدول التي تؤمن باستقلالية وحرية الصحافة والاعلام وتولي اصحاب المهنة ادارة ورئاسة هيئتهم، اقول اذا لم تمنح هذه الهيئة غير المستقلة الترخيص للصحافي او الاعلامي، او منحته ثم غضبت عليه وسحبته فهل يموت جوعاً لأنه لن يستطيع ان يجد عملاً في اي مؤسسة صحافية او اعلامية!

المادة (3) حق النقد مكفول في حدود القانون، وعلى وسائل الاعلام تحري الحقيقة عند عرض المادة الصحافية والاعلامية.

المادة (5) لا يحاسب الصحافي على ما يصدره من رأي او معلومات صحيحة، وبحسن نية، كما لا يجوز اجباره على افشاء مصادر معلوماته الا اذا كان اخفاؤها يشكل تهديداً مباشراً للنظام العام.

المادة (6): للصحافي حق الحصول على المعلومات والاحصاءات والاخبار المباح نشرها طبقاً للقانون من مصادرها كما يكون للصحافي حق نشر ما يتحصل منها.

المادة (21): للوزارة ان تنذر مراسل الصحيفة او وكالة الانباء او المؤسسة الاذاعية او التلفزيونية الاجنبية اذا تبين ان الاخبار التي نشرها تنطوي على مبالغة او اختلاق او تضليل او تشويه فاذا تكرر منه ذلك جاز سحب الترخيص الممنوح له بقرار من الوزير(طبعاً الذي يحدد كل ذلك ويحكم وينفد الحكم هو الوزير!).

التطابق الثالث بين مرسوم (47) وقانون الاعلام الجديد هو ان الاثنين غير ديمقراطيين، ويتبين ذلك من امثلة المواد التالية:
المادة (18): للوزير من تلقاء نفسه او بناء على توصية من الهيئة العليا استصدار امر من محكمة الامور المستعجلة لمنع تداول المطبوعات وايقاف ومنع بث اي مواد اذاعية او تلفزيونية او الكترونية اذا تضمنت مامن شأنه ان يمثل تهديداً للنظام العام.

المادة (22): مع ما نص عليه المرسوم رقم (47) لسنة 2013 بانشاء الهيئة العليا للاعلام والاتصال والمادة (21) من هذا القانون، تتولى الهيئة توقيع اي من العقوبات التالية على المرخص لهم في حالة مخالفة احكام هذا القانون او ميثاق الشرف الاعلامي:
1. الانذار الكتابي.
2. السحب المؤقت للترخيص لمدة لا تزيد على ثلاثة اشهر.
3. جزاء مالي لايزيد على مائة الف دينار.
ويكون الطعن في القرارات الصادرة بتوقيع اي من هذه العقوبات امام المحكمة الكبرى المدنية خلال اسبوعين من تاريخ العلم بالقرار.. (العقوبة ادارية والطعن امام القضاء)!.

المادة (23) مع عدم الاخلال بالحق في اقامة الدعوى الجنائية او المدنية، لذوي الشأن التقدم بالشكوى ضد الصحافي او الاعلامي الى الهيئة العليا للاعلام التي تختص وحدها بمساءلة الصحافيين والاعلاميين.

المادة (60): على المرخص له الالتزام طوال مدة سريان رخصة البث بالشروط الآتية:
التقيد بنوع البرامج الاذاعية او التلفزيونية المحددة في الرخصة الممنوحة له.
تسجيل كامل مدة البث والاحتفاظ به لمدة سنة من تاريخ البث وعلى المرخص له تقديم كل التسجيلات التي تطلبها الجهات المختصة
الاحتفاظ بسجل يتضمن جميع البرامج التي قام المرخص له ببثها خلال سنة من التاريخ والتوقيت الذي تم بث البرامج فيه والسماح للجهات المختصة بالاطلاع على تلك التسجيلات في اي وقت.
تقديم اي بيانات او معلومات تطلبها الوزارة او الهيئة العليا تتعلق بانشطة البث.
التقيد بالتعليمات الرسمية في حالات الطوارئ والازمات.
(خوش حرية وخوش فضاء مستقل)

الخلاصة ان مشروع قانون الاعلام الجديد والذي تم التبشير له منذ عام 2007 على اعتبار انه سيكون قانوناً مختلفاً عن مرسوم (47) وانه- كما قالت وزيرة شئون الاعلام- _مشروعاً طموحاً لا يقل أهمية عن امثاله من قوانين الاعلام الموجودة في الدول المتقدمة)، علماً بان الدول الديمقراطية المتقدمة ليس بها قوانين اعلام وليس بها وزارات ولا هيئات اعلام حكومية، وان الصحف ومحطات الاذاعة والتلفزيون في هذه الدول تؤسس باخطار وليس بترخيص، وانه لا رقابة على من توظف وماذا تكتب او تبث.

اقول ان هذا القانون الذي نحن بصدده قد جاء -كالعادة- اسوأ من مرسوم (47) بكثير، كما ان مرسوم (47) لعام 2002 قد جاء اسوأ من قانون او مرسوم 1975.

والسؤال الذي يطرح هنا ربما للمرة الالف لماذا تصر الحكومة على اصدار قانون اعلام وصحافة قمعي وغير ديمقراطي ولماذا تعمد الى ان يكون هذا القانون سيفاً مسلطاً وسلطة قامعة مانعةلاي تعبير وتنفس بحرية.

الى هذا الحد اصحبت الكلمة مخيفة للسلطة، وكيف يستقيم هذا الفعل وهذا التوجه مع ما قاله جلالة الملك حفظه الله من " ان رسالتنا دائماً هي دعوة كافة السلطات الى التعامل والتعاون مع الصحافة باعتبارها سلطة كاملة الصلاحيات تتكامل مع باقي السلطات ويجب الا تتصادم معها او تننقص من دورها المهم والحيوي في حياتنا الديمقراطية.

وقوله ايضاً: اعتدنا كل عام في مناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة ان نؤكد من جديد التزامنا بالحق في حرية التعبير والرأي المكرسة في المادة 19 من الاعلان العالمي لحقوق الانسان.

ألم يقرأ الذين اعدوا مشروع قانون الاعلام الجديد، ألم تقرأ سعادة وزيرة شئون الاعلام التي قدمته وتدافع عنه ما قاله جلالة الملك في كلمته هذه.

ثم لنكن اكثر صراحة لماذا يحتاج المسئولون في الاعلام وفي الحكومة الى اصدار مرسوم او قانون للاعلام والصحافة، فهم لديهم هذا القانون الحاجز الرادع المانع المتمثل في رؤساء تحرير الصحف ومدراء الاذاعة والتلفزيون اليوم وغداً، فهولاء يقومون برقابة ومنع اقوى واشد من القانون المكتوب، وهم يتحركون بقانون موازي غير مكتوب اسمه قانون التلفون، حيث يقوم المسئولون في الحكومة بالاتصال برؤساء التحرير ومدراء الاذاعة والتلفزيون ووكالات الانباء واصدار التعليمات اتي تجيز او تمنع بالتلفون اي بدون ورقة مكتوب ولا دليل يثبت اصدار تلك التعليمات.

وابلغ دليل على ذلك ان مرسوم عام (2002) السيء الصيت لم يطبق على مدى 12 عاماً الا نادراً، وكذلك عقوباته قبل وبعد التعديل، وذلك لعدم الحاجة له في ظل وجود رؤساء التحرير والتلفون وقانون العقوبات.

واذا ما بقي حال صحافتنا واعلامنا وقوانينها على ما هو عليه فعلينا ان نتوقع تصنيفاً اسوأ من المنظمات المعنية بحرية الصحافة، اسوأ من كوننا اليوم صحافة غير حرة، واعلام غير حر، وبلد لا يتمتع بالحرية

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus