براين دولي: المقاطعة من مايو إلى مونتغمري إلى المنامة

2014-06-12 - 5:31 م

براين دولي، موقع مفتاح
ترجمة:مرآة البحرين

جذور كلمة "بويكوتboycott "، التي باتت عالمياً تعني "المقاطعة"، إيرلنديّة وهي تعود إلى العام 1880 عندما امتنع الفلاحون المستأجرون في مقاطعة "مايو" عن دفع الإيجار إلى الكابتن "بويكوت"، الذي عمل كوكيلٍ لأحد ملّاكي الأراضي. وقد رفضوا حصد محصوله وتنظيف منزله، كما أن ساعي البريد المحلي رفض تسليمه رسائله بعد أن حاول "بويكوت" جمع الإيجارات رغم فشل موسم الحصاد. لقد ألهمت تظاهرة عدم التعاون السلمية هذه المقاطعات الإقتصادية والسياسية ومنها استمدت فكرة مقاطعة الباصات في مونتغمري في العامين 1955- 1956 والتي تعتبر معلمًا للحقوق المدنية في الولايات المتحدة.

أخبار هذا الأسبوع عن مقاطعة المعارضة السياسية البحرينية للانتخابات المقبلة في تشرين الثاني/نوفمبر لم تحمل أي مفاجأة، فمجلس النواب البحريني يتألف من 40 عضوًا يتم انتخابهم، أما مجلس الشورى فيتم تعيين أعضائه. وقد فازت أحزاب المعارضة بثمانية عشر من أصل أربعين مقعدًا في الانتخابات النيابية الماضية في تشرين الأول/أكتوبر 2010، ولكن جميع النواب الثماني عشر قدموا استقالاتهم احتجاجًا بعد عدة أشهر، عندما ردت الحكومة بعنف على الدعوات المنتشرة للإصلاح الديمقراطي. ورفضت الأحزاب المعارضة المشاركة بالانتخابات الجزئية في تشرين الأول/أكتوبر 2011، والتي سرّعتها الاستقالات المبكرة.

وتواجه جمعية الوفاق الوطني الإسلامية، التي تعتبر أكبر جماعات المعارضة البحرينية، معضلة سواء في تشريع الانتخابات عبر المشاركة فيها وإما المخاطرة باتهامها بالنبذ لرفضها الانضمام إلى الانتخابات. ويشكل نقص الحوافز التي تقدمها الحكومة عائقًا أمام مشاركة المعارضة في الانتخابات. ويرى عدد كبير من مؤيدي الوفاق وجوب عدم مشاركتها في الانتخابات في الوقت الذي لم تصحح فيه الحكومة إعادة توزيع الدوائر الانتخابية. وكانت النيابة العامة البحرينية قد وجهت تهمًا ضد الأمين العام لجمعية الوفاق ونائبه فيما يبقى الكثير من قادة المعارضة في السجون وغير قادرين على الترشح للانتخابات على أي حال.

وفي حال تمت الانتخابات من دون المشاركة الحقيقية للمعارضة، فإن هذا سيحمل في طياته سنوات كثيرة قادمة من الاضطراب السياسي. وقد يبدو غريبًا أن يرفض أولئك الذين يناضلون من أجل الديمقراطية المشاركة بالإنتخابات، ولكن هناك سوابق.

في العام 1988، شجع الأسقف ديزموند توتو شعب جنوب أفريقيا على مقاطعة الانتخابات متعجبًا من إجراء الانتخابات في الوقت الذي تحرم فيه الحكومة المنظمات غير البرلمانية التي تعمل من أجل التغيير من حماية القانون وفي الوقت الذي يبقى فيه القادة السياسيون في السجن. وكتب توتو ورجال دين آخرين رسالة رعوية يقولون فيها:

"في الوقت الذي تزعم فيه الحكومة أنها تنظم انتخابات "ديمقراطية"...تستخدم جميع وسائل الدولة الشمولية لخلق مناخ يصبح فيه الحوار الديمقراطي باطلًا... نحن نؤمن أنه من المهم جدًا لمستقبل بلدنا أن نوصل للحكومة فكرة واضحة أن رؤيتها للمستقبل وكذلك خططها لتحقيق تلك الرؤيا غير مناسبين البتة. ومن شأن مقاطعة الانتخابات أن توصل هذه الرسالة على أمل أن تعيد الحكومة تقييم موقفها".

وقد طور الجمهوريون الإيرلنديون احتمالًا ثانيًا في القرن العشرين: وهو المقاطعة الجزئية. ومفادها ترشح الأفراد للانتخابات مع العلم أنهم إذا ربحوا، فإنهم لن يمارسوا مهامهم وسيبقون ممتنعين عن التصويت. واستخدم الجمهوريون الإيرلنديون تكتيك مقاطعة التصويت بنجاح، خاصة في الثمانينيات عندما ترشح مرشحوهم لمجلس النواب باسم حزب أو كوكلاء أحزاب. وفي العام 1981، أثار المعتقل بوبي ساندز ضجة دولية عندما فاز بمقعد في البرلمان البريطاني. وعند وفاته إثر الإضراب عن الطعام بعد عدة أسابيع، فاز جمهوري آخر بالمقعد في انتخابات جزئية. قد يكون مثيرًا للاهتمام أن نرى كيفية اقتراع القادة السياسيين المعتقلين في البحرين في حال سمح لهم بالترشح للانتخابات.

من دون انتخابات نيابية حقيقية لإضفاء الشرعية على سلطتها السياسية، ستبدو مزاعم السلطة البحرينية في تمثيل إرادة الشعب أقل مصداقية وهذا مقلق جدًا لحلفاء البحرين، بمن فيهم الولايات المتحدة، التي تحتاج نوعًا من الاستقرار السياسي في البحرين والذي من شأن انتخابات حقيقية أن تساهم في دعمه. ومن الجدير بالذكر أن نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا انهار بعد سنوات قليلة من دعوة توتو في العام 1988 لمقاطعة الانتخابات وسيواجه حكام البحرين المصير نفسه في حال لم يبادروا إلى إصلاحات فورية وجذرية.

5 حزيران/يونيو 2014
النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus