جليلة السلمان: جناية تعليم الحرية..

2011-08-22 - 2:33 م




        "الحرية دون تعليم في خطر دائم، أما التعليم دون حرية فيذهب سدى"
جون كنيدي


مرآة البحرين (خاص): عندما تدخل عليها في مكتب المديرة المساعدة بمدرسة سبأ الابتدائية للبنات، سيشدك إليها منذ الوهلة الأولى قوة شخصيتها، الأبرز فيها، قبل أن يشدك إليها بعد قليل من تبادل الكلام، كفاءتها وخبرتها ودقتها، والكثير من جديتها. واثقة وجريئة وتعبر عن آرائها التربوية بطلاقة وبقدرة اقناعية عالية، إنها الاستاذة جليلة السلمان، نائبة رئيس جمعية المعلمين التي أخلي سبيلها عصر الأحد 21 أغسطس بعد يوم واحد من زيارة السيد بسيوني رئيس لجنة التحقيق إلى المعتقل والتقائه بها شخصياً مع رولا الصفار التي أخلي سبيلها هي الأخرى في الوقت نفسه بعد أن كانتا تتقاسمان الزنزانة نفسها.

 
معلمة كمبيوتر سابقة بمدرسة المنامة الثانوية للبنات، تم تعيينها كمديرة مساعدة عام 2007، إحدى المؤسسات لجمعية المعلمين البحرينية ومن الفاعلات فيها، عرفت بجرأتها في نقد السياسة التعليمية المتبعة في الوزارة، ودفاعها عن كادر المعلمين وحقوقهم، ما ألّب وزارة التربية عليها. ظن القائمون في الوزارة أن فوز جليلة في مسابقة وظيفة مديرة مساعدة قد يخفف من حدة انتقاداتها، لكن هذا لم يحدث. كانت جليلة تؤمن أن التعليم دون حرية يذهب سدى، ولكي تكون معلماً حقيقياً يجب أولاً أن تكون حراً، كي تُعطي الحرية ثانياً. الحرية تبدأ بالقدرة على التعبير عن الرأي، وعدم الخوف من إعلانه. هذا المبدأ كلفها الكثير، لهذا لم تكن  مرضياً عنها داخل وزارة التربية، وكان عملها مع  جمعية المعلمين يضاعف حالة عدم الرضا.


 
 
وكانت وزيرة ما يسمى بحقوق الإنسان والتنمية الاجتماعية، قد قامت في 7 ابريل الماضي بحل مجلس إدارة "جمعية المعلمين البحرينية"، بعد أحداث شهري فبراير/شباط ومارس/آذار، وعينت مجلس إدارة موالٍ للحكومة، تماماً كما فعلت مع جمعية الأطباء. وكانت جمعية المعلمين قد دعت إلى إضراب المعلمين خلال فترات القمع الوحشي الذي تمت به مواجهة المحتجين السلميين، وذلك من أجل الضغط على نظام الحكم لاحترام حقوق الإنسان ومطالبهم واحتياجاتهم لا قمع الجمعية وكبت حريات المعلمين.

أكثر من 5000 معلم شارك في الإضراب خارج المدارس مطالبين بالإصلاحات السياسية والتحقيق في مقتل المتظاهرين السلميين. كانت جمعية المعلمين تريد أن تقول إن الإنسان هو هدف التنمية، وأن تعليم الإنسان الحرية هو غاية التعليم، وأن العبودية هو ارتهان آخر للجهل والظلام، وأن المعلم يكون معلماً بما يضرب من مثال المشاركة في القضايا المجتمعية والدفاع عن الإنسان والكرامة والحرية.

أكثر من 40 من رجال الأمن، داهموا منزل جليلة السلمان في المنامة في 29 مارس/آذار. تم الهجوم عليها في غرفة نومها واقتيادها من هناك، إلى مديرية التحقيقات الجنائية، احتجزت في الحبس الانفرادي وتعرضت للضرب لما يقرب من أسبوع. ثم تم نقلها إلى مركز احتجاز في مدينة عيسى. حتى شهرين لم تعلم عنها أسرتها شيئاً ولم تعلم بمكان وجودها. ومثلت جليلة السلمان ومهدي عيسى مهدي أبو ديب أمام محكمة عسكرية عدة مرات في يونيو/حزيران قبل أن تحال قضيتهما إلى محكمة مدنية، ويتم إرجاؤها حتى إشعار آخر.

خرجت جليلة يوم أمس بعد أكثر من 4 شهور داخل المعتقل، وسط احتفاء جماهيري يقول لها: شكراً لكم شكراً لكم. بكت كثيراً وهي تُحْتضن وتَحْتضن. علمت أن رسالتهافي تعليم الحرية لم تذهب سدى، وأن الناس قد شهدت لها ببلاغة الدرس.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus