وطن يسع الجميع

هدير البدر - 2011-08-23 - 4:26 م


هدير البدر*

جمعية الوفاق اليوم تستعيد ثقة الشارع البحريني بقرار مقاطعة الانتخابات التكميلية وقد أعلنت ذلك من خلال المهرجان الخطابي الذي أقامته يوم الجمعة 12 من أغسطس 2011 في السهلة، فالوطن لم يعد يحتمل نفاقا جديدا أو التفافا على المطلب الحقيقي لقيام هذه الثورة، فخطوة كهذه ستقطع الطريق على المتسلقين والذين شككوا في مواقف جمعية الوفاق ووطنيتها وواجبها اتجاه رفع مطالب الشعب، أمام النظام الذي ما انفك يقاتل الصوت البحريني في وطنه، بل وأتى بمن يعينه على قتل ذلك الصوت بسلاح أجنبي وبرجال لا يفقهون في البحرين سوى لغة المال والسرقة !

فلا بد لها أن تكون خير معين وناصر له في هذه البيئة المتصاعدة دون توقف وفي محيط غير آمن وعدواني وعنصري وفئوي الذي يحاول النظام الإبقاء عليها إلى أن يكسر إصرار وصمود هذا الشعب الذي بات يقاوم حتى هذه اللحظة، وإن دل ذلك فإنه يدل على مصداقية الشعب البحريني في بناء وطن يليق بكفاءاته وأبنائه وطاقاته المختلفة وأطيافه ومذاهبه، على عكس (المتبحرنين) الجدد الذي أغراهم بريق الدينار ولم يغريهم جمال هذا الوطن حيث لم يعنيهم حتى ما قد يحدث للمواطنين الأصليين الذين تم استبدالهم بهم، ولم يلتفتوا إلى حجم الظلم والمعاناة التي تكبدها وصولهم لاحتلال كل ما أمكن احتلاله ! فهذا الغزو العصري الذي ابتكره النظام البحريني سوف يتوقف إن شاء الله لأن كل باطل لابد وأن يدحره الحق مهما طال به الزمن.

كما أرجو أن تكون هذه الخطوة مؤثرة على الصعيد السياسي في مملكة البحرين حيث إن الأصوات الانتخابية والمرشحين لابد لهم أن يتركوا فجوة واضحة في العملية السياسية في البلاد، فالمسألة تعتمد على الاختلاف، وبالاختلاف تدور عجلة الحياة، وعند توقفها سيصاب ذلك النظام بشلل تام حيث إن لا جديد لديه سوى أن يسمع ويرى نفسه، ويحصر نفسه في خانة لا تصنف بها إلا الأنظمة الديكتاتورية وهذه إدانة واضحة وصريحة لا يمكن التنصل منها مما سيجعله في موقف حرج أمام المجتمع الدولي الذي صمت مطولا على جرائمه ضد الشعب وحاباه ورعاه بأعظم رعاية لا تنالها سوى الأنظمة المدعومة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي تعد نفسها شرطي العالم ومازالت تعيش ذلك الوهم !

إن خطوات جمعية الوفاق الواثقة نحو وطن يسع الجميع رغم قساوة إجرائها كما قد تصنفه الأغلبية الصامتة كما كان لهم أن يصنفوا خروجها عن الحوار الأحادي الاتجاه المطروح من قبل الملك والذي للأسف لم يخدم سوى النظام ومن دسه بين أطياف الشعب البحريني، فكان متلونا ولم يشابه أحدا منهم ستأتي ثمارها لاحقا وحتى وبعد أشهر من الصبر، فهذه الشجرة الطيبة ألا وهي الصبر التي اعتمد عليها الكثير من الشعب البحريني لابد وأنها ستثمر أشجارا وتترك بذورها في كل بقعة وبكل منطقة ومحافظة هناك، فالتمسك بالمطالب أصبح أكثر شدة وضراوة مقارنة بالانتفاضات التي قادها هذا الشعب في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات وحتى في بدايات الألفية الجديدة، لذلك يجب أن تتكاتف كل الجمعيات والأحزاب لبناء سد منيع يقي المواطن والوطن من أي محاولة للعزل والتهميش حتى وإن حاول النظام أن يفشي هذه الفكرة ولو من باب التجاهل والمضي قدما نحو أجندته الخاصة

إنه وقت الالتفاف حول صوت الشارع البحريني حتى وإن كان مبالغا في مطالبه غير آبه لأي بروتوكول متبع، لأن الشارع وإن كان عالي الثقافة أو ساذجا في تلك البروتوكولات إلا إنه لا يمكن ألا يستشعر بالمسؤولية اتجاه وطنه وحبه له، وسيقوده ذلك الحب نحو العطاء والتضحية، فالبحريني وحتى هذه اللحظة قدم الغالي والنفيس من أجل الوطن، في المقابل لا نرى أي تضحية من قبل النظام من أجله ومن أجل الوطن ! وهنا يأتي الاختلاف الحقيقي والظاهر للعيان بأن المواطن أصبح يأبه لوطنه أكثر مما تأبه السلطة له، فانعدام المسؤولية اتجاهه جعلها تقوده إلى منحنى خطير ودموي أوقف كل هؤلاء الناس في الشارع ليقولوا لها كفى!

السلطة البحرينية الآن لا خيار لها سوى أن تستمع إليهم دون حوار، دون أجندات معدة، دون التفاف على المطالب الشرعية له، دون وساطة خليجية ودولية. لأنها سبق وأن جربت كل تلك الوسائل التي لم تفلح طوال تلك الأشهر وآن لها أن تعود إلى المربع الأول وتدع القيادة للشعب لأنها مهما حاولت لابد لها وأن تعود للمواطنين الأصليين لأنهم يعرفون كيف يسيرون في طرق البحرين جيدا .

*كاتبة كويتية

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus