إميل نخلة: العراق على حافة الهاوية

2014-06-26 - 9:01 م

إميل نخلة، موقع لوب لوغ
ترجمة: مرآة البحرين


هناك الكثير من الانتقادات حول الفوضى الحالية في العراق والمكاسب الإقليمية الأخيرة التي حصلت عليها داعش (الدولة الإسلامية في العراق وسوريا). وتبرز هنا أربعة عوامل مساهمة:

1. قرار إدارة بوش عام 2003 بحل الجيش العراقي وحزب البعث العراقي (حيث تم حظر حزب البعث واستبعاد جميع كبار البعثيين من الحكومة وقوات الأمن).

2. رفض رئيس الوزراء نوري المالكي إنشاء عملية حكم شاملة.
3. قلة معرفة الجيش الأمريكي بجهوزية الجيش العراقي منذ رحيل الولايات المتحدة.
4- تقاعس القوى الأمريكية والغربية في العامين الماضيين في تنحية الرئيس السوري بشار الأسد.
كان قرار الديبلوماسي الأمريكي بول بريمر في عام 2003 بحل الجيش العراقي وحزب البعث، بموافقة وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ونائب الرئيس ديك تشيني، قرارًا كارثيًا. بين عشية وضحاها، وجد مئات الآلاف من الجنود وآلاف الضباط، والكثير منهم من المسلمين السنة، أنفسهم في الشارع بدون عمل بالاضافة إلى فقدانهم نفوذهم ومكانتهم. وقد أثارغضبهم بداية التمرد.
وقد انضم الكثير من العراقيين الراغبين في الحصول على منصب في الحكومة أو القطاع الخاص، بما في ذلك التعليم والخدمات الصحية والشركات إلى حزب البعث في عهد صدام حسين. وقرار بريمر تسريح هؤلاء الناس بسبب انتماءاتهم الحزبية قد أدى إلى ملايين من العراقيين العاطلين عن العمل - الغاضبين والمعادين واليائسين والمستعدين لحمل السلاح ضد تركيبة الحكم الجديدة التي يسيطر عليها الشيعة والاحتلال الأمريكي.

من الواضح تمامًا أن بريمر وتشيني ورامسفيلد ذوو معرفة ضعيفة جدًا بالمجتمع العراقي وتاريخه الطائفي وكيفية نشوء المسلمون الشيعة في جنوب العراق في القرن السابع للميلادي. عندما قلت، عشية الغزو العراقي، في مؤتمر صحافي إن العراقيين سوف ينظرون عما قريب إلى الجيش الأمريكي على أنه محتل وليس محرّرًا، غضب نائب الرئيس ديك تشيني. كما عارضني مستشارو مدير مكتبه، ديفيد أدينغتون وسكوتر ليبي، بشدة.

لم يدركوا في ذلك الوقت بأن العراقيين الذين يمقتون صدام لن ينتقلوا إلى محبة الاحتلال الأجنبي بشكل أتوماتيكي. فقد أدى اجتثاث الحزب البعثي وحل الجيش إلى "عاصفة كاملة"، وهو ما يفسر ما يحدث في العراق اليوم.

لقد انتهج رئيس الوزراء نوري المالكي سياسة حزبية ضيقة الأفق تستثني أي - سني أو شيعي - لا ينتمي إلى حزبه، "حزب الدعوة". يجد زوار مكتبه صعوبة كبيرة في العثور على أي موظف كبير لا ينتمي لهذا الحزب.

خلافًا لمشورة الأمريكان، رفض المالكي إبقاء الآلاف من رجال القبائل السنية، الذين شاركوا في "الصحوة"، على جدول الرواتب الحكومية. هنا مرة أخرى، أصبح الآلاف من رجال القبائل الذين تلقوا هذه الرواتب العادية من الجيش الأمريكي عاطلين عن العمل.

وليس من المستغرب أن يصبحوا العمود الفقري للتمرد الثاني ضد حكومة المالكي.

لقد أخطأ المالكي في الاعتقاد بأن مواطنيه سوف يتسامحون مع نظام يتعامل على أساس الانقسام والطائفية والفساد الممنهج وديكتاتورية ناشئة. فقد شجع نظامه الطائفية حتى بين كبار الضباط العسكريين وعزز الولاء الحزبي على حساب الكفاءة والخبرة.

كان يعتقد خطأً، لأسباب جيوسياسية، إن الولايات المتحدة وإيران ستواصلان دعمه رغم سياساته الرديئة. الآن هذا الدعم فاتر في أحسن الأحوال، حتى أن قادة التيار السياسي الشيعي يطالبون بعزله.

لقد وصل المالكي بشكل واضح إلى طريق مسدود ويجب استبداله. فقد فشل، بعد رحيل الولايات المتحدة، في قيادة العراق إلى بلد أكثر شمولية واستقرارًا. ولم تعد الجهات الإقليمية والدولية الرئيسية تصدق اتهاماته بأن منتقديه "إرهابيين".

تسلط التطورات الإقليمية لداعش، كما تم تصويرها بشكل كبير على شاشات التلفزيون في جميع أنحاء العالم، الضوء على تفكك بعض التشكيلات داخل الجيش العراقي. مما يشكل إحراجًا ليس فقط للجيش العراقي، بل للجيش الأمريكي الذي درب هذه الوحدات أيضًا.

إن تصور النجاح المفاجئ لداعش كحالة أخرى من" فشل استخباراتي "هو أمر مغر. في الواقع، لم يكن للجيش الأمريكي معرفة كافية بولاءات والتزام واحتراف وطائفية الجيش العراقي. فتخليهم عن زيهم وأسلحتهم ورفض القتال من أجل بلادهم يعني أن الجيش العراقي لا يؤمن بما يقاتل من أجله. فقد ذهبت مليارات الدولارات التي أنفقتها الولايات المتحدة لتدريب هذه الوحدات هدرًا.

لقد فشلت واشنطن في إسقاط الأسد في وقت مبكر وقد شجع هذا أيضًا المتشددين السنة للقتال في سوريا. فقد قدم "الجهاديين" من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الدول الغربية، إلى سوريا لنفس السبب. وقد مولت المملكة العربية السعودية وقطر والبحرين وغيرها من دول الخليج هذه الجماعات.

إن نبوءة الأسد المحققة لنفسها بأن الإرهاب هو العدو الرئيسي في سوريا قد قدمت لتجثم ليس فقط في سوريا بل في العراق أيضًا.
السير قدمًا

1. يجب على الولايات المتحدة، بالتعاون مع إيران، والمرجع الشيعي آية الله السيد علي السيستاني، وزعماء القبائل السنية والتيارات السياسية الشيعية والسنية، العمل لإنشاء حكومة جديدة شاملة عرقيًا ودينيًا. ويجب أن يتولى شخص آخر غير المالكي قيادة البلد.

2. يجب على الحكومة العراقية وضع إجراءات شفافة وخاضعة للمساءلة في السياسة والاقتصاد والقضاء وإقامة تسويات إقتصادية وإقليمية وتقاسم السلطة في المدن المختلطة عرقيًا في الشمال. إن إرسال 300 مستشار عسكري أمريكي إلى العراق سيكون في أحسن الأحوال نوعًا من الإسعاف الأولي، أما في أسوأ الأحوال، فسيكون توسيعًا آخر لنطاق الأهداف الأولية للبعثة .

3. يجب على إدارة أوباما حث السعوديين والقطريين، وغيرهم من دول الخليج على وقف تمويل داعش والجماعات السنية المسلحة الأخرى. فقد عملت هذه البلدان أيضًا على تعزيز الطائفية في سوريا والعراق.

4. ينبغي للدول الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، إعادة النظر في سياساتها غير الفعّالة تجاه نظام الأسد. فقد أظهرت التطورات الأخيرة بإنه كلما بقي أكثر في السلطة أصبح المتشددون والإرهابيون أكثر جرأة.

قد يدفع وجود دولة فاشلة في سوريا وعراق متقطع الأوصال منطقة الشرق الأوسط بأكملها نحو الحروب الطائفية والإضطرابات، والتي بدورها يمكن أن تؤثر على أسواق النفط وتهز الإقتصاد العالمي. قبل غزو العراق عام 2003، حذر وزير الخارجية السابق كولن باول الرئيس جورج بوش من سياسة" مخزن الفخار" . وقد دفعت الولايات المتحدة بالعراق إلى هذه الفوضى وحان الوقت لواشنطن أن تمتلك ما كسرته.

23حزيران/يونيو2014
النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus