بيل لو: أمين عام التظلمات في البحرين: هل هو لكل البحرينيين؟

2014-06-27 - 7:59 م

بيل لو، ميدل إيست مونتيور

ترجمة: مرآة البحرين

قام ملك البحرين بعد الحملة الوحشية التي شنها نظامه ضد المحتجين في شباط/فبراير وآذار/مارس 2011 والتي خلفت عشرات القتلى، بتعيين لجنة من الخبراء الحقوقيين الدوليين وعلى رأسهم أستاذ القانون، المصري شريف بسيوني.

صدر تقرير بسيوني- تقرير لجنة البحرين المستقلة لتقصي الحقائق-- في تشرين الثاني/نوفمبر 2011. وكان يُمثل اتهامًا صريحًا للحكومة حول تعاملها مع الإحتجاجات السلمية، وعلى وجه الخصوص، ممارسات عناصر الشرطة وقوات الأمن.

تقبل الملك حمد التقرير وجميع ما ورد فيه من توصيات. ومن بين التوصيات، كانت هناك توصية شكلت بالنسبة لهذه الدولة الخليجية-- وفي الواقع منطقة الشرق الأوسط بأكمله-ثورة، وهي: إنشاء مكتب أمين التظلمات الخاص بالشرطة.

من خلال العمل عن كثب إلى جانب حكومة المملكة المتحدة ومفتشية صاحبة الجلالة للسجون، سارعت وزارة الداخلية (التي تضم منصب أمين عام التظلمات) إلى إنشاء مكتب مستقل لأمين عام التظلمات، وهو الأول من نوعه في المنطقة.
وبقيادة نواف المعاودة، الذي كان يعمل سابقًا في مكتب المدعي العام ووزارة الإعلام، تم إطلاق مكتب أمين عام التظلمات في تموز/يوليو من العام الماضي. وأصدر المعاودة تقريره السنوي في الأول من أيار/مايو من العام الماضي.

ثقافة الإفلات من العقاب

يمكننا أن نلخص مسألة حفظ الأمن في الخليج وجميع أنحاء الشرق الأوسط بعبارة واحدة: الإفلات من العقاب. وهي تعني أن يتصرف الشرطي بلا خوف.

بالطبع ليست منطقة الخليج المنطقة الوحيدة التي يتصرف فيها الشرطي بأسلوب رديء. فلدى كل الدول رجال شرطة فاسدين، ولكن في الدول الاستبدادية يكون لدى الشرطي تصريح واضح للتصرف بحصانة وذلك تنفيذًا لإملاءات رؤسائه.

المهم في هذا المنصب هو الحصول على نتائج. أما كيف يتم تحقيق تلك النتائج: هل من خلال الاعتقالات الباطلة والضرب والتعذيب أثناء الاحتجاز والاعترافات القسرية وتهديد أفراد العائلة؟ كل ذلك ليس مهمًا.

إن تعيين أمين عام التظلمات في البحرين هو ذات أهمية كبيرة، ليس فقط لهذه الجزيرة الصغيرة ولكن لجيرانها الخليجيين مثل السعودية والإمارات العربية المتحدة. هذان البلدان يواجهان ادعاءات مستمرة من قبل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش وغيرهما بسبب وحشية عناصر الشرطة لديهما.

وهكذا، هل البحرين هي السّباقة الإقليمية المحتملة في الحد من ثقافة الإفلات من العقاب؟ ربما.

فلنفهم ذلك جيدًا، إن منح السلطة لأمين عام التظلمات، يستلزم من الشرطي التصرف في حدود القانون ويوجب معاقبته بالشكل المطلوب عندما لا يتقيد بالقانون وبالتالي، وبضربة واحدة نقضي على ثقافة الإفلات من العقاب التي تسمح، وفي الواقع تشجع، تنامي وحشية الشرطي.

فما هي الخطوات التي قام بها المعاودة وفريقه لتحقيق ذلك؟

في أيلول/سبتمبر 2013، صدر أول تقييم لهم، وكانت بداية واعدة.

في التقييم، كان هناك تحقيق في ظروف سجن جو جنوب العاصمة المنامة. وهو سجن يضم أكثر من ألف محتج وسجين سياسي وفيه مشكلة اكتظاظ خطيرة.

ومن الجدير بالذكر أن التوصية الأولى بين التوصيات الثماني عشر تدعو الى"إجراءات عاجلة" لمعالجة مشكلة الاكتظاظ.

وقد تناولت التوصيات الأخرى ضرورة فصل الأحداث من السجناء عن البالغين و"التعامل معهم بطريقة تلبي احتياجاتهم المتنوعة".

هناك خمس توصيات تتناول قضايا الرعاية الصحية بعد تذمر عدد كبير من المعتقلين وأسرهم من الحرمان أو النقص في العلاج الطبي.

وكانت بداية واعدة.

ولكن، بعد تسعة أشهر، صدر التقرير السنوي الأول لأمين عام التظلمات، وكان مخيبًا للآمال. فقد كان محشوًا بالمديح الذاتي والإنجازات الجديرة-- المشكوك فيها، وخاليًا تقريبًا من التفاصيل.
يتألف التقرير من ستة أقسام، تم تكريس قسم منها لـ " التدريب والتعاون الدولي في مكتب أمين عام التظلمات".

وتناول قسم آخر ستة أمثلة على الشكاوى ولكن من دون تفسير كيفية اختيار هذه الأمثلة. ويمكن وصف خمسة منها بأنها مزاعم ثانوية كتوزيع ملابس الشتاء في السجن أو مصادرة رخصة قيادة.
ولكن لنكن منصفين، كانت الشكوى السادسة حول دعوى لاعتداء من قبل الموظفين وقد تم تقديم هذه الدعوى إلى المحكمة.

ولكن لماذا لا يتم نشر جميع الشكاوى الـ 133 التي حُقّق فيها بشكل كامل؟

لقد تلقى مكتب أمين عام التظلمات ما مجموعه 242 شكوى، تم اعتبار نصفها تقريبًا غير جدير بالتحقيق لأنها "لا تتعلق بوزارة الداخلية" أو لأنه تم "حلها أو لم يتم رفعها".

أما بالنسبة للتوصيات الصادرة عن أمين عام التظلمات، فقد انخفض عددها إلى نصف ما كان عليه تقرير سجن جو، وقد كررت واحدة من تلك التوصيات الدعوة للعمل على معالجة الاكتظاظ الذي أصبح سيئًا للغاية.

وبشكل واضح، تدعو التوصية التاسعة إلى تنفيذ جميع التوصيات الواردة في تقرير سجن جو "تنفيذًا كاملًا"، مما يشير إلى أنه تم إنجاز القليل خلال التسعة أشهر الماضية.

الوفاة أثناء الاحتجاز

في تقريره السنوي، حقق مكتب أمين التظلمات في 11 حالة وفاة، لم يتم تحديد أي إجراءات ضرورية في خمس منها، وأحيلت خمس حالات أخرى إلى النيابة العامة أو وحدة التحقيقات الخاصة. وقد أسفرت حالة واحدة فقط عن الحكم على الموظف المعني بالسجن لمدة ستة أشهر ودفع غرامة مالية.

لقد حصلت هذه الوفيات جميعها بين 29 تموز/يوليو 2013 و 18 نيسان/أبريل 2014. وقد اختار مكتب أمين عام التظلمات التحقيق في القضايا التي حصلت ما قبل تموز/يوليو 2013.

ولم لا؟

وبغض النظر عن حالات الوفاة العشرين التي صرحت منظمات حقوق الإنسان بأنها ناتجة عن الاستخدام العشوائي للغاز المسيل للدموع ورصاص الشوزن منذ قمع الإحتجاجات قبل ثلاث سنوات، ماذا عن المعتقلين الخمسة الذين تعرضوا للضرب حتى الموت أثناء الاحتجاز في عام 2011؟

في مقابلة أجرتها المونيتور مؤخرًا مع رئيس لجنة تقصي الحقائق شريف بسيوني، اعترف بسيوني بإحراز تقدم من قبل حكومة البحرين، وأقر على وجه الخصوص، الجهود المبذولة من قبل وزير الداخلية. ولكن رغم ذلك، فقد أشار بسيوني إلى ما أسماه الأسلوب "المجزأ" في تنفيذ توصياته.

وأضاف بسيوني أن "حجم المساءلة لم يصل إلى المستوى المطلوب. هناك حوالي 300 حالة تعذيب، وحالة وفاة تحت التعذيب، وخمس حالات على الأقل تم توثيقها بالكامل ولم يتم التحقيق والمقاضاة في هذه الحالات على النحو الكافي. كان هناك محاكمتين اثنتين وإدانة واحدة وكانت جميعها خجولة، وقد تم تجنب الكثير من المساءلات المرجوة. "

وجه الكاتب أسئلته إلى مكتب أمين عام التظلمات حول المنهجية المستخدمة في التقرير. كما وأثار اثنتين من الحالات الفردية حول مزاعم حجب العلاج الطبي عن المعتقلين ولم يكن هناك أي رد على تلك الأسئلة.

ولكن السؤال الأكبر الآن، وينبغي لأمين التظلمات الرد عليه بقوة، هو: هل أن أمين عام التظلمات جاد حول استخدام منصبه للعمل على إنهاء ثقافة الإفلات من العقاب أم أن هذا المنصب-- المستقل في البحرين-- هو كما يقول منتقدوه: ليس أكثر من مجرد منصب لتجميل واجهة النظام؟

24حزيران/يونيو2014
النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus