جستين غينغلر: البحرين مقابل العراق: "إرهاب" مدعوم من الخارج مقابل "انتفاضة" وطنية

داعش
داعش

2014-06-28 - 5:28 م

جستين غينغلر، مدونة الدين والسياسة في البحرين

ترجمة: مرآة البحرين

تدور الآن في ذهني فكرتان شاملتان عن البحرين، آمل أن يتسع لي الوقت في وقت قريب للكتابة عنهما بصورة أكثر منهجية.

إحدى هاتين الفكرتين تتناول تفاوت الروايات حول ما يحدث اليوم في العراق ومناقشة استمرار الجمود السياسي - إلى الحد الذي لا يزال قائمًا في وسائل الإعلام - المحيط بالمأزق السياسي المستمر في البحرين، والذي من المرجح أن يتكرر قريبًا على شكل مقاطعة أخرى للانتخابات البرلمانية من قبل المعارضة في خريف هذا العام.

يبدو جليًا أن أيديولوجية وتكتيكات داعش - الدولة الإسلامية في العراق والشام-حصلت على القليل من التأييد، وطبعًا ليس بين الحكومات، ولكن بين الناس العاديين في العراق وسوريا. واليوم، ورغم الكراهية الغربية لهذه المجموعة، أجبر التمرد الجاري في العراق الولايات المتحدة وغيرها من صناع السياسة على النظر بجدية في المظالم القديمة للمواطنين السنة - على وجه الخصوص - إلى حد تقديم الرئيس أوباما المساعدات الأمريكية بشكل علني إلى قوات هذا البلد لبذل جهود حقيقية لمعالجتها.

يوم الجمعة، على سبيل المثال، نقلت صحيفة الواشنطن بوست عن الرئيس أوباما قوله، " إن أي عمل من شأنه تقديم المساعدة إلى قوات الأمن العراقية لا بد وأن يقترن بجهود جادة وصادقة من قبل قادة العراق لوضع الخلافات الطائفية جانبًا، وتعزيز الاستقرار وتعزيز المصالح المشروعة لجميع الطوائف العراقية، والاستمرار في بناء قدرات قوة أمنية فعالة ...

هذا ينبغي أن يكون تحذيرًا. على زعماء العراق أن يثبتوا استعدادهم لاتخاذ قرارات صعبة وإيجاد تسويات نيابة عن الشعب العراقي من أجل توحيد البلاد."

مجموعة طائفية مهمشة بشكل منهجي عن السياسة؟ وقوات أمن تتألف بشكل غير متناسب وبشكل منهجي من طائفة مهيمنة سياسيًا؟ ومجموعة مستبعدة ومحبطة ومعارضة إلى حد كبير للحكومة - بما فيها أقلية مستعدة لإتباع منهج العنف من أجل تصحيح التمييز المتصور في جميع جوانب المجتمع؟

لماذا يبدو هذا مألوفًا؟ نعم، بالطبع، - هذا وصفٌ للوضع الراهن في البحرين منذ عام 2002 (في فترة ما بعد الملك حمد على الأقل).

من المعروف بأن لدى الطائفة السنية في العراق مظالم مشروعة ومتجذرة بسبب السياسات العقابية التي تتبعها الحكومة الشيعية منذ عام 2006. وفي البحرين أيضًا هناك شكاوى شيعية مماثلة واتهامات وجود نفوذ خارجي، كما لو أن عقودًا (وحتى قرونًا، من يحسب؟) من التهميش لم تكن سببًا كافيًا للتمرد الشعبي. ففي مقابل "حرب التحرير" السنية في العراق، وفق كلمات جنرال سابق في الجيش العراقي (أو، وفقًا لرسم كاريكاتوري في صحيفة أخبار الخليج جاء في أعلى مقال يحمل عنوان "انتفاضة القبائل العربية")، تبقى انتفاضة البحرين في شباط/فبراير 2011 وما بعده لا شيء أكثر من كونها "محاولة انقلاب" برعاية إيرانية.

وفي حال كنت بحاجة إلى بعض الأمثلة الحديثة عن أصول المظالم في البحرين، فإليك بعضها هنا، والتي برزت خلال الشهر الماضي:

 بعد التصويت التاريخي في آذار/مارس لإجراء استجواب علني لوزير المالية البحريني حول اتهامات بالفساد، تم إلغاء القرار في وقت لاحق لأسباب فنية بضغط من الحكومة، وفي 3 حزيران/يونيو صوت مجلس النواب المنتخب- الخالي من المعارضة-- على قرار يحد من صلاحياته المتعلقة باستجواب الوزراء. ويزيد هذا التغيير من حد الأصوات اللازمة لاستجواب وزير ما من النصف إلى الثلثين. وفي معرض ذلك، يجعل مثل هذا التغيير الاستجواب البرلماني مستحيلًا حتى وإن عادت الوفاق و/أو غيرها من المجموعات المعارضة (افتراضًا) إلى البرلمان في الخريف القادم.

وفي اليوم ذاته، وافق البرلمان أيضًا على مشروع قانون يستبدل المجلس البلدي المنتخب في محافظة العاصمة - وهي هيئة دعت في شباط/فبراير إلى استقالة الحاكم الخليفي بسبب مزاعم تتعلق بالفساد -- بأمانة عامة يعينها الملك وأعضاء منتخبين من مؤسسات المجتمع المدني.

وبعد أسبوعين، في 17 حزيران/يونيو، أقر البرلمان مشروع قانون يسمح بإلغاء الجنسية البحرينية لأي مواطن يكتسب جنسية أخرى دون الحصول على موافقة خطية من وزير الداخلية. وربما كان هذا القرار يستهدف الناشطين السياسيين الذين يحملون جنسيات أخرى، وبالفعل لم يتم إلغاء الجنسية البحرينية لأي أجنبي، فضلاً عن أسر العشائر السنية التي يقال بأنها تغادر البلاد إلى دول مجلس التعاون الخليجي (هربًا من الأجواء الممتلئة بدخان الإطارات المحترقة).بحثًا عن وضع أفضل.

أما المثال الأخير، فهو يستحق فقرة خاصة به. إنه يتناول المناقب الرياضية الدولية للفريق الثلاثي" الوطني" في البحرين. تدل هذه المؤسسة البحرينية المهمة، التي تحصل دائمًا على الكثير من الضجة والتغطية الإعلامية المحلية، على مدى بقاء العائلة الحاكمة والنخب الأخرى-- في ساحة هذه الجزيرة الصغيرة للغاية، في عالم بعيد كل البعد عن القضايا اليومية التي يواجهها المواطنون السنة والشيعة على حد سواء. (انظر إلى المرحلة التي وصلت إليها الهجرة الكبيرة المحتملة للسنة.)

يتكون الفريق، الذي ذكرته الجولف ديلي نيوز في مقالها، من 15 رياضيًا، خمسة منهم (أي الثلث) هم من آل خليفة، بمن فيهم اثنين من أبناء الملك حمد، وهناك أيضًا ثلاثة غربيين. وهو رمز مثالي لـ "البحرين الجديدة": البريطانيون وأفراد الأسرة الحاكمة.

في الواقع، حدثني مؤخرًا أحد الأشخاص المرموقين بأن منطقة الرفاع تعود-- وبشكل متزايد- إلى موقعها التاريخي كعاصمة قبلية ومقر للحكومة، ويكاد الملك لا يغادر قصره، فيما يستخدم أعضاء الأسرة الحاكمة مطارًا خاصًا هناك، تجنبًا لمشقة الذهاب إلى المنامة. وبطبيعة الحال، لماذا الذهاب إلى المنامة في حين يمكنهم وخلال 10 ساعات السباحة وركوب الدراجات في سيراكيوز، نيويورك!

البحرين: هي أول دولة ما بعد النفط. البحرين ليست الدولة الأولى التي تواجه نفاد النفط أو المال الآتي من النفط - بئر أبو صفاء يحل تلك المعضلة- ولكنها الدولة الأولى التي توقف استخدام أموال النفط لتوفير حياة جيدة للمواطنين العاديين، وتستخمها بدلًا من ذلك في الركض وركوب الدراجات والرحلات الملكية إلى وجهات نائية.

مستجدات: أصدرت وكالة أنباء البحرين ملخص "الدردشة" بين جو بايدن والملك حمد يوم الاثنين، حول الوضع في العراق. بطبيعة الحال، يظن المرء أن بايدن كان هناك لإعطاء المشورة، التي نأمل أن تعالج بعض النقاط الواردة في هذه المدونة، بدلاً من تلقيها. ووفقًا لوكالة أنباء البحرين، فإن الجانبين قد "اتفقا على حاجة قادة العراق إلى وضع الفتنة الطائفية جانبًا ومواجهة التهديد الأمني الخطير لبلادهم." وهو مماثل للوضع الموجود في البحرين.

أوردت وكالة أنباء الكويت قسمًا من البيان المشترك، والذي لم تورده وكالة أنباء البحرين:

تحدث بايدن والملك حمد أيضًا عن الجهود الجارية لتنفيذ الإصلاح وإجراء حوار في البحرين، حيث شجع بايدن "حكومة البحرين والأحزاب المعارضة وجميع شرائح المجتمع البحريني للتوصل إلى اتفاق لإصلاحات ذات مغزى وإيجاد مسار للتقدم وتقويم التطلعات المشروعة لجميع البحرينيين ".

24حزيران/يونيو2014

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus