مناورة خطيرة في البحرين: هل يفوز المشير "ببشت" رئيس الوزراء؟

2011-08-23 - 11:18 ص


مرآة البحرين (خاص): ليس سراً في البحرين، مناورة رئيس الوزراء الجديدة، يريد أن يشعل الشارع، بعد أن دق عبداللطيف المحمود له جرس الإنذار في الواشنطن تايمز.

خليفة بن سلمان أقدم رئيس وزراء في العالم وهو الذي عادل الرقم القياسي لمعمر القذافي في الجلوس على كرسي الحكم، رئيس الوزراء يدير لعبته هذه المرة مع أطراف داخل العائلة في لعبة شديدة التعقيد، وحلها لدى (بن سلمان) بسيط وهو إشعال النار في الشارع، سفك دم هنا أو هناك، ضرب السنة بالشيعة، إثارة الخوف والهلع، ليأتيه المحمود والبقية  بأغلبية طائفة تقف وراء ظهره، ليتصدر هو المشهد من جديد. أليست اللعبة مسلية؟! لكن ما يثير قلقه هذه المرة، ويحرمه التسلية، أن من يلعب ضده هو وزير الدون الملكي خالد بن أحمد، وأخوه الذي تعلم لبس البشت أخيراً المشير خليفة بن أحمد!

يتسلم خليفة بن سلمان الإشارات عبر عيون وآذان منتشرة له في الوزارات والمؤسسات، والقصور وحتى مخادع النساء، يعرف أن ما قاله عبداللطيف المحمود لصحيفة واشنطن تايمز الأميركية، ليس زلة لسان، يعرف أن وزير الديوان الملكي يريد أن يرمي بكل أوساخ الانتهاكات على رأسه، يعرف أنه قبل منذ 15 مارس لعب الدور القذر علنا، بينما البقية بقوا في قصورهم يراقبون ويحيكون، وها قد جاء وقت فك التحالف المؤقت بينه وبين خالد بن أحمد، وهو التحالف الذي استطاع عبره التوجه ليل 14 مارس برفقة خليفة بن أحمد إلى حيث ينام الملك، ودقّا الباب بيديهما، ليخرج الملك في الظلام، ليرى أمامه بن سلمان وبن أحمد، وفي يدهما بضعة أوراق: وقع قالا له، إنه مرسوم السلامة الوطنية، وقعه الملك ودخل، لكنه ابتسم، فقد جعل عمه يطلب الأمر بنفسه، لقد بلع الطعم، على الطرف الآخر كان خليفة سلمان يعرف أنهم يريدون تدفيعه ثمن قاذورات قانون السلامة، وأن خالد وخليفة بن أحمد يرغبان في أمر كبير.

لتحقيق الأمر الكبير الذي ينشده جناح الخوالد، رمى عبداللطيف المحمود الحجر الأول في بحيرة الطائفة السنية: لقد حان الوقت لنقول لخليفة بن سلمان شكراً. المطلوب إيجاد قبول سني لتحقيق طلب غربي غير ملح حاليا بإقالة رئيس الوزراء، ووفق الموازين الحالية داخل العائلة فإن جناح الخوالد له السطوة والحظوة ومرشحه جاهز، المشير خليفة بن أحمد هو المرشح، ستهتز قلوب متطرفي تجمع الوحدة الوطنية طرباً وسينشدون المدائح بحقه أمام الشارع السني، وسيتذكرون بطولات المشير في شن واحدة من أبشع وأوسخ حملات القمع الوحشي والدموي في تاريخ المنطقة.

العلاقة مع التنظيمات السياسية الممثلة للشارع السني متينة، فيدا خالد بن أحمد تفيضان عبر ميزاب أموال ينتهي لخزائن قادة هذه التنظيمات، ويكفي  ذكر اسم الشيخ أحمد عطية الله صاحب فضيحة تقرير البندر، وعطية الله وهو من جناح الخوالد، يرتبط بعلاقات متينة جداً مع الإخوان المسلمين والسلف، يكفي أن السلف أعطوه فراشاً جديداً، وبلغة أوضح أعطوه زوجة ثانية أو ثالثة  أحضرها له عادل المعادوة  الذي يجسد شخصية السلفي الدنيوي، ومن هذا الفراش الجديد وُلدت صحيفة الوطن!، هي حكاية يطول شرحها، ولها ملف خاص، لكن تهمة استخدام النساء يمكن رد حجرها من حيث أتت، والشواهد كثيرة ستتبين إذا حان وقتها.

إذن، خليفة بن أحمد يلبس البشت، يقف أمام المرآة، يستدير، يتأمل في صورة وجهه، ويبتسم، لقد حانت اللحظة، تسوية لجنة بسيوني ستجعل خليفة بن سلمان يندم على حمله مرسوم قانون الطوارىء والمشي ليلا إلى مخدع الملك.

خليفة بن سلمان من جهته، يقاوم توجيهات لجنة بسيوني التي أضحت أشبه بلجنة وساطة وترميم، يستعين رئيس الوزراء بقادة رأي لدى الطائفة السنية، يشعلون له الأحقاد، يثيرون المخاوف كل دقيقة، تظن بعض الأمهات أنه لولا خليفة بن سلمان لكسر الشيعة باب بيتها وهجموا عليها، يصطنع المتطرفون أخبث الإشاعات وأكثرها قذارة، كاستخدامهم خبراً مزوراً اغتصاب فتاة سنية من قبل بعض الشباب الشيعة، تهتز الطائفة السنية، تشحن النفوس حد الانفجار، يتم بعدها سحب الخبر بعد اتضاح أن المغتصبين مجموعة من المجنسين المرتزقة.
 
مقاومة خليفة بن سلمان لتسويات وترميمات واتفاقات بسيوني مع الملك حول ملفات السجناء، والمفصولين، والبعثات، تستخدم  من قبل عملائه الطائفيين المتشديين في إضفاء صفات ممدوحة له، فمن يمنع (عودة الخونة) لأعمالهم هو خليفة بن سلمان، والذي يمنع (المتفوقين من أبناء الخونة) من الحصول على بعثات علمية هو خليفة بن سلمان، والذي يمنع (التجار الخونة) من الحصول على مناقصات هو خليفة الذي أضحى الآن مهدداً من قبل جناح من داخل عائلته.

غرائب رئيس الوزراء لا تنتهي، ففي حين يتم إغلاق سوق الحدادة بالكامل، وتحرم عشرات العوائل من قوتها بسب إغلاق محلات الحدادة لقربها من منطقة دوار اللؤلؤة سابقاً، يسمح خليفة بن سلمان لمحلين تجاريين في سوق واقف بصناعة السيوف، وهذان المحلان يشغلهما ذوو أصول شامية، يعمل المحلان يوميا في تصنيع السيوف، ليس بعيداً عن منزل محمد خالد النائب السابق والمنغمس في خطابات التحريض والكراهية حتى شحمة أذنه.

محمد خالد الذي هو سيف من سيوف رئيس الوزراء، رصدته عيون الديوان الملكي يوم الأحد الماضي، حيث أقام مساء الأحد غبقة رمضانية في منزله لعدد من الشخصيات الموالية والتي تتبنى نهجاً تصادميا مع المعارضة،على شرف رئيس الوزراء،  وكانت أجندة الغبقة تضم أكثر من موضوع للتداول، الأول موضوع زيارات ولي العهد الليلية خلال شهر رمضان لعوائل من الطائفتين الشيعية والسنية، وكيفية إثارة الشارع حول زيارة ولي العهد للعوائل الشيعية، وإشعار ولي العهد بأن هذا الأمر مرفوض من قبل الطائفة السنة، ثانياً التنسيق مع  عقيد المخابرات السابق عادل فليفل لتوتير أجواء مناسبة ذكرى وفاة الإمام علي التي يحييها الشيعة بتسيير مواكب عزاء.

المفاجأة ضربت محمد خالد، حين جاء اتصال قبل ساعات قليلة من موعد الغبقة، إذ جاءه اتصال مفاجىء: معك الديوان الملكي، يجب أن تلغي الاجتماع الذي ستقيمه في منزلك، وإذا لم تفعل فستجد أنت ومن معك أنفسكم خارج البحرين دون نقاش، أُقفل الخط، والتزم محمد خالد بالأوامر بحرفية ودون أن ينبس ببنت شفة.

خليفة بن سلمان، أعاد جمعية تجمع الوحدة الوطنية قربه، عبر إثارته الخلاف داخلها، فقد تعرض رئيسها المنتظر عبداللطيف المحمود للوم كبير للدور الذي أداه لجناح الخوالد في مقابلة واشنطن تايمز، ولم يتحمل المحمود الضغط، أصدر التجمع أكثر من توضيح، وبعد أيام اتجه أقطاب الجمعية للقاء خليفة بن سلمان، الغرض عبارة واحدة قالها المحمود ليسمعها الشارع  وهي (خليفة بن سلمان رمز تاريخي ولا مساومة عليه)، وصلت الرسالة، شكراً، وعاد المحمود ليعد ما له وما عليه في صراع أقطاب العائلة.

تحرك أيضاً خليفة بن سلمان في المحرق، وهي إحدى قلاعه التي يواليه عدد كبير من سكانها، فقد قام عادل فليفل وهو العقيد السابق والمستشار الأمني غير  المعلن لرئيس الوزراء بنشر أخبار، أثارت نوعاً من التحدي للمواكب العزائية التي يخرج الشيعة فيها تعبيراً عن حزنهم في ذكرى استشهاد الامام علي، قال فليفل إن الشيعة يجب ألا يمروا بموكبهم وسط سوق المحرق، قامت الدنيا ولم تقعد، وفي النهاية توترت الأجواء، وساد جو من التحدي، تجمع على إثره عدد قليل من الأشخاص وهتفوا: الشعب يريد خليفة بن سلمان أثناء مرور موكب العزاء، وحمل أحدهم علم السعودية في يده.

وفي البديع تلك القرية الصغيرة الواقعة على طرف المحافظة الشمالية، فاجأ خليفة بن سلمان المتابعين، عبر نجاحه في توتير الأجواء بين قريتي البديع وبني جمرة، فقد قام أحدهم من قرية البديع برمي حجارة على سيار أثناء مرور موكب العزاء، وتوترت الأجواء وحضرت الشرطة وهو الأمر الذي حدث في المحرق أيضاً. وفي موازة ما كان يدور في المحرق، نشطت مجموعات التواصل عبر مواقع ووسائل الاتصال الجماعي  في نقل أخبار التوترات، ونجح أتباع رئيس الوزراء في خلق جو من التشنج.
هذا التشنج التقطه عادل فليفل وزاد عليه، العقيد السابق يتوعد الشيعة فور انتهاء لجنة بسوني من أعمالها، قائلاً (لكل حادث حديث). بينما محمد خالد يسأل سؤالاً أصبحت خاتمته لازمة  (إلى متى التزلف والتساهل مع الخونة).

الموظف السابق في وزارة الصحة عادل عبدالله، لمّح في رسالة قال إنه يوجهها للطائفة السنية، إلى عمليات اغتيال قد تقع، مستبقاً الأمور قائلاً قد تقتل شخصيات شيعية ثم يأتون ويتهمون السنة بهذا الأمر.

(عبدالله) يتهم أبناء الشيعة بأنهم يريدون إشعال الأجواء والأوضاع من جديد، ويطلب من السنة اتباع سياسة التبليغ عليهم. يبدو أن المحلل الاستراتيجي يريد من طائفة كاملة أن تتحول لجواسيس ضد طائفة أخرى.

أتت رسالة وزير العدل المسيئة للشيخ عيسى قاسم، وسيرد الشيعة مساء غد الأربعاء بتظاهرات حاشدة  في كل المناطق، التوتير يزداد ولا من أفق، وليس ثمة عاقل.
لم تعد مناورة رئيس الوزراء سراً، ولم يعد هناك سر أصلاً، مخازن السلاح منتشرة، والتدريبات العسكرية تجري بسرية شديدة لعناصر موالية لرئيس الوزراء، ولا من ينفي ولا هم يحزنون!

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus