في عهد الملك الأول: البحرين مملكة الحزن والغضب

2011-09-03 - 8:12 ص




الشهيد علي الشيخ
قتل أطفال البحرين... عار لا يغسل!






‭"‬منذ‭ ‬1956‭ ‬و65‬  و72‭‬ إلى‭ ‬94‭ ‬وحتى2002‭ ‬  سترة‭ ‬صامدة‭ ‬تقدم‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الشهداء‭ ‬والمزيد‭ ‬من‭ ‬المعتقلين‭ ‬والمزيد‭ ‬من‭ ‬المناضلين"‭
 ‬عبدالرحمن‭ ‬النعيمي
‬في‭ ‬تأبين‭ ‬شهيد‭ ‬سترة‭ ‬حسين‭ ‬الصافي


مرآة البحرين (خاص): في عهد حمد بن عيسى، الملك الأول من ملوك عائلة آل خليفة بعد تحول الجزيرة الخليجية الصغيرة حجماً من إمارة إلى مملكة، وقد احتارت وسائل الإعلام في عهد جلالته في تسميتها، أطلقوا عليها عدة صفات: مملكة الحزن والخوف، مملكة الظلم والغضب، مملكة الملاحقات والسجون، مملكة التخوين والفصل، مملكة القتل وملاحقة المواطنين كالجرذان، مملكة جزيرة الرعب، مملكة صراخ في الظلام، وذلك لفرط ما وقع فيها من ظلم ومحن، فقد سجن في عهد جلالته أرقى كوادر البلاد من أطباء استشاريين وممرضين، ومهندسين، ومعلمين، وأغنياء وفقراء.

 لهول ما وقع فيها، بدا لافتاً لوكالات الأنباء والقنوات التي تابعت يوم الأول من أمس المسيرة العملاقة لتشييع الشهيد علي جواد الشيخ، فاق عدد الجماهير مئة وخمسين ألفاً، كان تنادي بسقوط الملك، هكذا نقلت وكالات الأنباء والقنوات حرفياً.

 
الأهالي يزينون موقع سقوط الشهيد
نسي الملك ما وقع عليه في مجلس الغريفي، ولن يحلم بأن ترفع سيارته في سترة مجددا. وهناك، استقبلت الجزيرة الصابرة خميسا قائضاً، واستقبلت به الحشود الغاضبة التي تجهزت لتوديع الشهيد الثامن من أبنائها.

كانت سترة هي الحدث، لنتذكر أن حدث الفتح أو الغزو الذي لم نتصالح بعد عليه، قد تمّ من ثغر سترة. ومرويات تاريخة لهذا الحدث ما زالت فاعلة في قلوب أهلها. أمس كانت سترة المصابة في  زهرات شبابها، الحضن الذي اجتذب المواطنين نساء ورجالاً شباباً وشابات، امتلأت المساجد والحسينيات، والمنازل التي فتح أصحابها قلوبهم قبل الأبواب.

أكثر من ست ساعات من الانتظار، تخللها خبر صاعق، وهو خبر رحيل المناضل الكبير عبدالرحمن النعيمي، تواردت الأنباء حول الابتزاز الذي مارسته وزارة الصحة المدججة بالمخابرات، على أهل الشهيد، الذين صعقوا حينما وجدوا أن وزارة الصحة جهزت شهادة وفاة تقول إن الشهيد علي توفي نتيجة حادث سيارة!

رفض الأهل، وبعد ساعات من التفاوض، تم الاتفاق على ذكر وصف الإصابة الموجودة في الشهيد. وقد لفت انتباه الكثيرين وجود ضربات وجروح إضافية في جسد الشهيد، جرحين فوق ركبتيه، وآثار ضربات في ظاهر يده اليمنى، كان الكل يتساءل من أين أتت هذه الجروح والضربات؟، كان التحليل الأقسى يقول إن المخابرات تعمدت العبث بجسد الشهيد عبر إضافة جروح وضربات جديدة، ليبدو الأمر كحادث سيارة، وهو ما أشار له وكيل وزارة الداخلية طارق العبسي في مؤتمر صحفي قال فيه: إن هناك شبهة جنائية، وأن الداخلية كما ورد في الصحافة تبحث عمن أوصل الشهيد للمركز الصحي في سترة، إنها قصة قد تكون نسخة مكررة لما حدث مع عبدالمنعم منصور، وهو يجري بجثمان الشهيد الوسيم مفضوخ الرأس أحمد فرحان الذي لم يوفره رصاص جيش المشير.

بسبب تلاعب وزارة الداخلية المفضوح، اضطر رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان نبيل رجب، إلى الاعتذار علناً إلى الشعب، حينما صدق في لحظة أن وزارة الداخلية تبحث عن حقيقة مقتل الشهيد على جواد الشيخ، وقد قام بأخذ أربعة شهود إلى مركز شرطة المحافظة الوسطى، وقد قدم الشهود إفادتهم وعادوا فجر الخميس، لكن الداخلية أعرضت عن شهادتهم وكأنها لم تكن، وبدأت جوقة النظام تروج لرواية وزارة الداخلية التي تذهب إلى أن الشهيد قتله أفراد من جزيرة سترة!

تسلم الأهل الجسد، مددوه على المغتسل، فبدأت الدماء بالنزيف، وكأن جسده يقرأ شعاره الذي تركه لنا فوق شاشة هاتفه البلاك بيري "إن عطاء الدم ثمن الحرية". مازلت زهرات هؤلاء الصبيه الستراويين تعطي أثمان الحرية، لكنها ما زالت لا تأتي إلى جزيرتهم.

 
الأب والإبن: حبيب لا يجيب حبيبه
لم يتوقف نزف دم حريته إلا بعد تجبيس وجه الشهيد وإبقاء مساحة صغيرة لعينيه اللتين سيفتحهما على العالم الآخر، عالم الأبدية البيضاء.

ارتفعت الجنازة على أكف الثوار والمواطنين، والصرخات الغاضبة تنطلق من الحناجر مطاللبة بسقوط الملك، الملك الذي غادر ياللمفارقة إلى فرنسا لحضور مؤتمر يبحث كيفية اقتسام الكعكة الليبية تحت عنوان مساعدة ثوار ليبيا! بالمناسبة، أين نائبه؟ بل من نائبه؟ لا تذكر وكالات وصفحات (رجال الدولة) شيئا! هل فضل (رجال الدولة) اخفاء هذا؟ أم أن الرجال لا يريدون الدولة؟!


جانب من الصلاة على الشهيد
 






سار أكثر من 150ألف مواطن ومواطنة يهتفون تحت هجير  شمس أغسطس اللاهبة، لم يثنهم شيء صنعوا مشهداً أسطورياً، كانت ترتفع الأعلام المهيبة، علم البحرين مرسوماً عليه صورة نصب دوار اللؤلوة قبلة الثوار وذاكرة السلطة السيئة.


 
قيض التشييع
تم دفن الشهيد، أضحى في عالمه، وخرج المشيعون الى منازلهم، ودعتهم كامرات جنود الملك من (رجال الدولة) في وزارة الداخلية تصور أرقام سياراتهم عند مداخل سترة. ولم يكد المساء يسدل ستائره حتى انطلقت المسيرات الغاضبة في كل القرى والمناطق حتى ساعات الفجر الأولى، الجرحى بالعشرات، واختنقت المنازل بمسيلات الدموع والغازات وأصوات القنابل الصوتية المجلوبة من كل بقاع الدنيا لأجل القمع، كل العالم يساهم في القمع عبر مصانعه بدءا بالولايات المتحدة الاميركية  وأوربا وصولاً إلى البرازيل.

تركزت المظاهرات في المنامة، والنعيم، والسنابس، والديه، وجدحفص، وساندتها كل المناطق تقريباً، وزارة الداخلية استنفرت كل طاقتها وجنودها للقمع، لم يبق جندي إلا وكان موجوداً على الدوام، حالة طوارىء لدى نظام يقمع بكل قوته لهدف واحد، وهو أن تبدو الشوارع الرئيسية سالكة فقط، ليقول بعدها إن كل شيء طبيعي!

نظام لم يعد يسمع ولا يعقل إلا استخدام السلاح وجلب المرتزقة من شتى أصقاع الأرض، يسوسه ملك تقف قدميه على أرضية تهتز بأصوات الثوار من أبناء البحرين، ملك يدعمه كل العالم، أقوى جيوش العالم هم حلفاؤه، وأغنى ممالك النفط تمده بآمال السلاح والجيوش، لكنه يعرف أن كل ذلك لم يعد يجدي أمام إرادة الكرامة والحرية العارمة لدى الشعب.

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus