ميدل إيست آي: هل أصبحت بريطانيا جرو البحرين؟

2014-08-02 - 5:42 ص

ألاستير سلون، ميدل إيست آي

ترجمة: مرآة البحرين

هل من الممكن أن تكون الحكومة البريطانية تعمل الآن كشرطي البحرين السياسي؟ نعم، بحسب البحرينيين المنفيين في لندن - الذين فر معظمهم من الاضطهاد في بلدهم والآن يدعون أن الحكومة البريطانية قد أحالت حياتهم إلى جحيم.

في بداية هذا العام كان لديّ بعض الريبة، إلى أن تم اعتقال اثنين من الناشطين الفارين وترحيلهما بشكل مريب من قبل موظفي وكالة الحدود البريطانية UKBA في مطار هيثرو. كان الناشطان في حالة لجوء مبرر بشدة، ولكن التحيز الواضح ضدهما ربما يشير أيضًا إلى النهج التمييزي الواسع الذي تنتهجه المملكة المتحدة.

في آب/أغسطس 2013 تم اعتقال وتعذيب المدون البارز والإعلامي محمد أحمد. وكان محمد قد تعرض أيضًا للاعتقال والضرب في نيسان/أبريل 2012، عندما كان يعمل برفقة صحفي من صحيفة صنداي تلغراف، ولأن تاريخ نشاطه المؤيد للديمقراطية مليء بالأحقاد البغيضة للأجهزة الأمنية البحرينية، قرر في شباط/فبراير من هذا العام، أنه اكتفى من كل ذلك وغادر إلى لندن.

كان رفيق سفره، حسين جواد الذي كان رئيسًا للمنظمة الأوروبية البحرينية لحقوق الإنسان، أيضًا قد اعتقل من قبل قوات الأمن البحرينية في تشرين الثاني/نوفمبر 2013، بعد فترة وجيزة من تقديمه شكوى رسمية ضد الحكومة، يدعي فيها أنها تضايق المدافعين عن حقوق الإنسان. وقد طالب أكثر من 50 مدونًا حول العالم بإطلاق سراح محمد حسن بعد اعتقاله التعسفي وقد قضى 46 يومًا في السجن قبل أن يخرج بكفالة. بعد إطلاق سراحه، قرر جواد أيضًا أنه لا خيار لديه إلا الفرار.

وأعلنت منظمة العفو الدولية جواد كسجين رأي، وأنشأت موقعًا متاحًا للجميع على شبكة الإنترنت لتفصيل قضيته، وكذلك فعلت فرونت لاين ديفندرز، وهي منظمة خيرية دولية تدعم عمل مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالمدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم. ولدى وصولهما إلى مطار هيثرو في شباط/فبراير الماضي، تم القبض عليهما من قبل مسؤولي وكالة الحدود البريطانية UKBA. وتم نقلهما إلى مركزين منفصلين خارج لندن حيث وجدا أنفسهما في السجون الأمنية المتوسطة، التي تديرها وكالة الحدود البريطانية UKBA المتخصصة باعتقال وترحيل المهاجرين غير الشرعيين.

وقد اتضح بسرعة أنها قد وضعتهما ضمن برنامج خاص يسمى DFT (محتجزي المطاردة السريعة)، وهي عملية مخصصة للحالات غير المعقدة حيث لا يكون لمُقدم الطلب الحق باللجوء بشكل واضح وتتوجب إعادته إلى بلده في أقرب وقت ممكن. لقد تم حرمانهما من المساعدة القانونية وقضيتهما مصنفة ولا أمل فيها، رغم أن السلطات البريطانية تعرف جيدًا حاجتهما الشديدة للجوء وبأنها ستعرضهما للاضطهاد والسجن والتهديد بالتعذيب في حال عودتهما.

ولولا تدخل المحامين المتخصصين لفترة 11 ساعة، كان أحمد وجواد سيواجهان الترحيل شبه المؤكد. وكما هو الحال، تم إطلاق سراحهما بعد بضعة أيام وهما الآن يتابعان طلب اللجوء. ويعتقد القادة والناشطون البحرينيون الذين يعيشون في لندن ( حيث يوجد حوالي خمسمائة منفي)، أن الاحتجاز الذي قامت به وكالة الحدود البريطانية UKBA كان ذات دوافع سياسية، وهناك شكوى، بأن المجتمع البحريني مستهدف بشكل ممنهج من قبل الحكومة البريطانية التي تعمل نيابة عن السلطات البحرينية.

إن اعتقال أحمد وجواد، كما قال لي أحد المنفيين، كان استعراضًا من قبل حكومتي المملكة المتحدة والبحرين لتبيان من يحكم فعلًا للحركة الديمقراطية التي ينتمي إليها أحمد وجواد.

هذه مزاعم قوية، ولكن عندما سألنا الأطباء المساعدين في وزارة الداخلية ، نفوا هذه المزاعم موضحين أنه لا إمكانية للتعليق على الحالات الفردية.

هذا أمر غريب لأن وزارة الداخلية تكون غالبًا صريحة جدًا حيال إرهابيين كأبو حمزة أو أبو قتادة، أو كما كانت في الواقع مع عيسى موزو الذي أضرب عن الطعام العام الماضي، مما يقودنا إلى الاستنتاج بأنها تستجيب فقط عندما يُناسبها الأمر.

عند تسليط الضوء على هذا التناقض لا نجد أي جواب لدى وزارة الداخلية. يبدو أنها لا تعلق بشكل روتيني على الحالات - بحيث يكون هناك قواعد خاصة بالإرهابيين وقواعد خاصة بالمدافعين عن حقوق الإنسان.

في أيار/مايو، ظهرت أدلة جديدة تؤكد بأن البريطانيين يفعلون ما يُؤمرون به، وأن ما حدث مع أحمد وجواد ربما يكون عملاً روتينيًا.

في 30 نيسان/أبريل، داهمت وحدة مكافحة الإرهاب في شرطة العاصمة عند الساعة السادسة صباحًا اثنين من البحرينيين المنفيين في لندن. واعتقلت أيضًا أسرهم. وقد تم اتهامهما بجرائم تتعلق بالإرهاب، والتي تم تلفيقها على الأرجح، وفقًا لناشطين حقوقيين، من قبل السلطات البحرينية.

ونظرًا لطبيعة الاقتحام الحساسة، نشر حساب مشبوه على تويتر في البحرين تغريدة حول هذا الاعتقال في تمام الساعة 4 صباحًا، قبل ساعتين من اقتحام شرطة العاصمة منزلهما في لندن.

وكتب منرفزهم mnarfezhom @ على تويتر قائلًا: "عاجل: تعتقل السلطات البريطانيين عملاء إيرانيين (صفويين) ويتم الآن تسليم كريم المحروس وعبد الرؤوف الشايب إلى البحرين".

ويعمل هذا الحساب، وفقًا للبحرين ووتش، لصالح عضو في عائلة آل خليفة الحاكمة، كلجنة أمن أهلية عبر الإنترنت، لحشد المؤيدين المتشددين إلى طرفها.

كانت هناك أيضًا إشارات أخرى تؤكد وجود علاقة "معادية" بين المدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين ومكتب الخارجية والكومنولث في المملكة المتحدة.

ويحصل موظفو مكتب وزارة الخارجية والكومنولث بشكل منتظم على مذكرات من قبل المدافعين عن حقوق الإنسان حول العالم. وتدعو جميعها تقريبًا إلى حالة المشاركة بحيث تستطيع المنظمات الكبيرة والصغيرة بث همومها ضمن بيئة منفتحة.

فرصة الضغط الحيوية هذه أعاقت البحرينيين. ففي حديث مع أحد الناشطين في أيار/مايو، أقسم أن سلطات المملكة المتحدة تردد دعاية النظام البحريني، وعندما يُسأل المسؤولون البريطانيون عن سبب استخدام الغاز المسيل للدموع بشكل مفرط كل ليلة من قبل نظام البحرين، يجيبون بأن "الهجمات التي تشنها الشرطة البحرينية هي مجرد دفاع عن النفس ضد قنابل المولوتوف التي يرميها الشباب." وهذا مألوفٌ جدًا لدى من يقرأ الصحف الرسمية البحرينية.

وعندما رد عليه الناشط وقال إن الشباب يرمون قنابل المولوتوف بسبب تكتيكات الشرطة القاسية التي تكون مميتة في بعض الأحيان، أجاب المسؤول: " هناك دائمًا طرف مخطئ أليس كذلك؟"
ولكن هل صحيح أن الحكومة البريطانية تساعد وتحرض حكام آل خليفة الملكي لإدامة قمعهم؟ من الصعب للغاية إثبات ذلك ولكنها ليست المرة الأولى التي تُلوَّث بها أيدي المسؤولين البريطانيون لإبقاء آل خليفة في السلطة.

ففي عام 2000، حققت وزارة الداخلية البريطانية مع الكولونيل إيان هندرسون، الذي كان في الشرطة إبان الحقبة الإستعمارية البريطانية والذي عمل لدى عائلة آل خليفة لفترة ثلاثين عام تقريبًا، بتهمة التواطؤ في التعذيب أثناء وجوده في المنامة. ولكن في النهاية، لم يتم تسجيل أي اتهام بحقه، وقد كتب الصحافي البريطاني روبرت فيسك مقالاً لاذعًا يفضح هذه الإنتهاكات.

إذا كان مثل هذا السلوك موجودًا ويحدث، فهو حالة من المثل القائل "شيلني أشيلك." البحرين دولة صغيرة وليست غنية بالطاقة، ولكنها جزء رئيسي من دول مجلس التعاون الخليجي التي تتحكم بأوبك. وقد أغرقت هذه الدول اعتبارًا من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وحتى الكويت، البحرين بالموارد الهائلة - من المال والوقود والأسلحة وحتى الجنود - دعمًا لآل خليفة الذين يشكلون الحصن المنيع ضد التوسع الإيراني والشيعي في المنطقة.

هناك أيضًا مكاسب جغرافية وسياسية كبيرة في الحفاظ على آل خليفة على العرش. فالبحرين ذات موقع مهم في الخليج وتعتبر نقطة حيوية لحماية الممرات الملاحية الرئيسية. ولدى الوجود البريطاني والأمريكي في الشرق الأوسط قاعدة في المنامة ويتم التنسيق لها من ميناء المنامة، وتتمركز هناك معدات دفاع بالمليارات.

ومن المحتمل أن تكون هذه العوامل هي التي أدت إلى تواطؤ البريطانيين مع البحرينيين، فهم قد عقدوا المزيد من اتفاقيات الدفاع في بداية هذا العام، وهو ما يفسر هذا الموقف العدائي.

لقد كان هناك مفاوضات لتزويد المملكة العربية السعودية بـ 72 طائرة من نوع يوروفايتر تايفون من قبل شركة بي إيه آي سيستمز BAE Systems البريطانية بقيمة 4 مليار جنيه استرليني، وهو أمر محرج على نحو غير عادي.

الآن هناك إيحاءات بأن يكون هذا القلق قد أدى إلى هذه الحكومة غير العادية والسرية بتأييد التمهيد لدعم هذه الصفقة لأن مبيعات الدفاع التي تقوم بها الشركات البريطانية كانت بمساعدة عملاء كبار في الحكومة البريطانية.

إن التكهن حول ماهية هذه "المُحليات" ، قد ركز حتى الآن على التحقيق مع الإخوان المسلمين التي تم الإعلان عنها بعد فترة وجيزة من إتمام صفقة الأسلحة السعودية. مسألة التوقيت مهمة جدًا بالنسبة للسعوديين للوصول إلى أهدافهم السياسية، وقد كان هناك غضب لاحق من قبل السفراء وكتاب الأعمدة والنواب، الذين استنكروا هذا واعتبروه "تحيزًا" مخجلاً لصالح السعوديين.

ولكن التحقيق مع الإخوان المسلمين لم يكن التحيز الوحيد غير العادي بل إن التقارير الأولى التي تحدثت عن الاضطهاد الذي يمارسه النظام في البحرين يساعد أيضًا على تفسير الارتياب المتنامي والحقد وادعاءات أخرى آخذة في الظهور.

22 تموز/يوليو2014

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus