افتتاحية مرآة البحرين: أطفال الأطباء، هل تسمعهم أيها الملك!!

2011-09-05 - 4:26 م



"اتخذت قراري بالاضراب عن الطعام لاسباب عديدة، لكني عازم على ذكر سبب يغني عن باقي الأسباب وهو احساسي بالتقصير ناحية ابي ومن باب التضامن معه ونشر قضيته وقضية الاطباء عمومًا، فستة اشهر من القبع في السجون امر مرير وشيء اشعر به كابن، فقلت لعل هذه الطريقة ستساعد ولو قليلًا في نصرة هذه القضية النبيلة"
محمد غسان ضيف\ 14 عاما


اسمعهم يا جلالة الملك، ليس هناك أصدق من بلاغة الأطفال. دعك من بلاغة الكبار، اصغِ لمنطقهم تصلك رسالتهم، اصغِ لمنطقهم تعرف براءة آبائهم، ليس في رسائلهم كراهية ولا حقد على من سجن آبائهم، كل ما في الأمر أن التجربة التي دخل فيها هؤلاء الأطفال عبر رجال مملكتك الذين دافعت عنهم ومجدتهم  في خطابك، أخذتهم إلى ما يفوق سنهم، لذلك اعذرهم إن كنت لا تجد في منطق السببية الذي يتذرعون به، حجة كافية، لإضرابهم، لكننا نسألك: هل سمعت طفلاً يتحدث عن التقصير تجاه أبيه؟ هل سمعت عن أطفال قبورهم تسبق قبور آبائهم؟ هذا ما حدث ويحدث مع أطفالنا.

أيها الملك،
اسمع لهذه البنت، فاطمة التوبلاني "بما أني أكبر إخوتي فأني قريبة جدًا من والدي  فهو يحادثني ويتناقش معي كثيرا في مسائل عدة أبي متفاني في عمله و يهتم كثيرا لمرضاه...يرد على هاتفه في اي وقت على حساب راحته".

اقترب من شعبك واسمع له. لماذا تسمح للمشير وجهاز المخابرات أو ما تسميه الأمن الوطني وقوات مكافحة الشغب، أن يكون أقرب للشعب منك، إنهم يحولون بينك وبين الشعب، إن هذه البنت تجوع دفاعا عن أبيها، لأنه كان قربها، لماذا لا تكون قريبا منا لندافع عنك؟ صدّق حكاية فاطمة عن أبيها، أيها الملك، في شهادة الأطفال براءة، وبراءتها تكفي لإثبات براءة آبائهم الأطباء.

أيها الملك،
 القوة ليست في قبضة مشيرك الفاشل، القوة فيما يمنحه هؤلاء الأطفال لآبائهم ليستمروا في حلمهم بغد أفضل، لا يحكمه المشير.اسمع ما يقوله يوسف (10سنوات) لابيه الطبيب غسان ضيف "كون قوي احنا زينين العالم كله وياكم" إنها قوة الحقيقة والموقف الحق التي تعطي بلاغة هؤلاء الأطفال قوة تفتحنا على المستقبل، وهي تفوق  بلاغة القوة  التي تسجن آباءهم وتقتل أبناءهم. لقد تراجعنا لأنك لم تنصت لبلاغة الأطفال والصبية التي خرجوا بها يهفتون في ساحات مدنهم وقراهم، وأنصت لقتلتهم. إن أردت أن يهتف لك الأطفال  فاسمع بلاغتهم.

أيها الملك،
هل تريد هؤلاء الأطفال كفاءات في مملكتك، أم تريدهم رعايا في مؤسستك الخيرية الملكية لرعاية الأيتام؟ لو حدث وأنك لم تستمع لهم، وضممتهم لمؤسستك، أيتاماً فقدوا آباءهم لأن الملك لم ينصت لبلاغتهم، فهل تظن أنك حينها كسبتهم؟ لا، سيصير هؤلاء الأطفال أطباء، وسيصرون يكملون رسالة آبائهم، وسيحكون قصتك مع آبائهم، ويذكرون العالم برسائلهم التي يكتبونها الآن. أيها الملك، اجعل القصة لك لا عليك، دعهم يقولون، إن الملك الأول في مملكة الجزيرة الصغيرة، استجاب لرسائلهم، وأن نداء آبائهم سمعه الملك، وأن أمر الإفراج عن آبائهم الأطباء الذي أسقطه المشير الفاشل من خطابك في العشر الأواخر من رمضان، أعاده الملك، وانتصر الخير أخيراً.

أيها الملك،
لا تطلب من الأطباء ما يعارض قسمهم المهني، قسمهم يفرض أن يكون ولاؤهم لمريضهم، وليس لك، أياً يكن هذا المريض، حتى لو كات يطالب بسقوطك، هذا ما قالوه في قسمهم "سأمارس مهنتي بضمير ونبالة، صحة مريضي ستكون لها الاعتبار الأول " لذلك نرجوك لا تفرض عليهم أن يعتذروا إليك، الطبيب لا يمكن أن يعتذر لأي سلطة سياسية، فقسمه فوق كل سلطة سياسية.

لقد جاء القسم الطبي في 1948 بعد الأعمال الفظيعة التي ارتكبتها الأنظمة الشمولية، بعد أن شملت سلطتها الأطباء وصار ولاؤهم للسلطة السياسية بدل ولاءهم لحسهم الإنساني والمهني. إنك تعيدنا لهذه اللحظة الشمولية، بهذا العقاب الذي توقعه على أطبائنا الذين لم يستجيبوا لسلطة الجيش والأمن والمخابرات، كما فعل أطباء النظام النازي. لقد جاء القسم الطبي لهذا السبب، وبسبب ما وقع لأطبائنا بدت المنظمات الدولية تفكر بسن قوانين جديدة تحمي المهنة والأطباء والمرضى، بعد تجربة مملكتك في تعاملها مع الأطباء، هل تريد أن تضعنا في تاريخ الطب جنباً إلى جنب مع التجربة النازية.

أيها الملك،
 لقد خرج الأطباء من بلاطات الملوك، وصاروا في ساحات الناس، فلا يمكننا أن نعيدهم إلى بلاطك. فلا تجعل اللعنة التي حلت على ابن سيناء بسبب لعنة البلاطات التي لم يتصالح معها، تحل على أطبائنا الذين تصالحوا مع الناس.

أيها الملك،
عُلا بنت الدكتور التوبلاني، تفتقد أباها، تقول "أحب والدي كثيرا وأفتقده كثيرا"، هل تسمعها؟

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus