رئيس جمعية المعلمين مهدي أبوديب: قصة الاعتقال والتعذيب 1-2

2011-09-10 - 5:42 م





مرآة البحرين (خاص): يوم 25 سبتمبر الجاري موعد صدور الحكم على رئيس جمعية المعلمين البحرينية المعتقل مهدي أبوديب، ونائبته جليلة السلمان. قد تستطيع السلمان الآن شرح ما تعرضت له من تعذيب وانتهاك للرأي العام، كونها قد أفرج عنها بضمان محل إقامتها قبل أسابيع، لكن ماذا عن مهدي أبو ديب، هل يعرف الرأي العام المحلي والدولي ما الذي جرى له منذ لحظة اعتقاله حتى اليوم، هل يعرف البحرينيون أن أبو ديب تمّ تعذيبه وإجباره على  الاعتراف أمام الكاميرا بحضور شخصية حكومية تدعي أنها شخصية حقوقية؟، وهل يعرف الرأي العام أن أبو ديب تم رميه من فوق منزل خاله حيث تم اعتقاله هناك؟ هل يعلم الرأي العام أن أبو ديب تمّ منعه لفترة طويلة من الصلاة وفق طريقة المذهب الإسلامي الذي يؤمن به؟

من المسؤول  عما جرى لأبوديب؟ هل هم المحرضون من كتل سياسية طالبت بحل جمعية المعلمين ومحاكمة كوادرها؟، هل هو وزير المكارثية العسكري ماجد النعيمي، ذيل تنظيمي الإخوان والسلف؟

محاولات الاعتقال

بعد أقل من أسبوع واحد من هجوم قوات الجيش والحرس الوطني وقوات درع الجزيرة على المعتصمين المطالبين بالحرية في دوار اللؤلؤة، جرت أولى محالاوت اعتقال مهدي أبو ديب، تم الهجوم على منزله الكائن في منطقة عالي حيث تسور مرتزقة المخابرات والجيش المنزل وكسروا الباب الداخلي الرئيس. باغتوا زوجته وبناته الثلاث في غرف نومهن وهن نائمات وذلك عند الساعة الواحدة إلا ربع صباحاً، كان الولد الوحيد لأ بوديب قد انتقل للمبيت لدى أقاربه، بينما كان والده قد سبقه في مغادرة المنزل حوالي الساعة العاشرة والنصف مساءً.
 
في تلك الليلة  قام مقتحمو منزل أبو ديب بترويع أهله وتوجيه الإهانات لهم وتكسير الأبواب والأثاث ومحتويات المنزل ومصادرة بعض الأوراق، كما صادروا هاتفين محمولين يخص أحدهما زوجة أبو ديب والآخر ابنته التي تبلغ من العمر 13 عاماً، وأشياء أخرى لم تتمكن العائلة من حصرها كونها تخص أبو ديب،  بينما الأهل لا يعلمون عنها شيئاً.

وفي نفس الليلة  اكتشفت عائلة أبوديب لاحقاً أن من هاجموا  المنزل  في عالي كانوا قد هاجموا منزل والدة أبو ديب، وقاموا بترويعها وأخواته وأخيه مع الإشارة إلى أن أبو ديب لديه أخُُ و أخت معاقان بسبب حادثين مختلفين، كذلك تمّ ترويع أبناء أخت أبو ديب، كما قام المهاجمون باصطحاب زوج أخت أبوديب معهم ليدلهم على منزل مهدي أبوديب، مع توجيه الإهانات إليه وتهديده طوال الوقت.

بعد سبع محاولات لم يتمكن خلالها مرتزقة أجهزة اِلأمن من إلقاء القبض على أبوديب (3 استهدفت منزله و3 استهدفت منزل والده، وواحدة استهدفت منزل خاله الأكبر محسن علي المهنا)، حيث قاموا خلالها وفي كل مرة بتكسير المحتويات وإرهاب الأهل وضربهم. في المرة الثامنة تمكنوا من القبض على أبو ديب في منزل أحد أخواله (سعيد علي المهنا) وهو رجل ناهز الستين من عمره حيث اعتقل مع أبو ديب وتعرض للضرب والإهانة، أثناء وبعد اعتقاله ولم يطلق سراحه إلا قبل حوالي 3 أسابيع.
 
تفاصيل الاعتقال
حانت اللحظة المقدرة  يوم  6 ابريل  حينما شعر أبو ديب بالمرض وبحاجته إلى طبيب فاتصل بخاله سعيد علي المهنا، ليأخده إلى بيته، حيث أقله بسيارته عصراً، وفي نفس اليوم في وقت متأخر (ليلاً) سمع أبو ديب طرقاً شديداً على باب المنزل الخارجي فتوجه إلى سطح المنزل، واكتشفت وجود عدد من المقنعين بملابس مدنية يقفون خارج المنزل.  وبعد أن بقي أبو ديب ساكنا بضع دقائق فوجئ بأحد المقنعين وهو يصعد الى السطح عن طريق سور الجيران، شاهراً مسدسه أخذ يهدده وبدأ بضربه على رأسه، وهو يرفع صوته بأنه تمّ القبض على الهدف، ذلك بعد أن أخبره  أبو ديب باسمه.

 عندما اقترب أبو ديب والشخص المقنع من حافة المنزل، كان قد ركب شخص آخر مقنع ليساعده في إنزال الهدف، ولكن المقنعين في أسفل المنزل  صاحوا به جميعاً:ارمه من فوق!.  ولم يصدق أبو ديب أن ذلك يمكن أن يحدث ولكن المقنعين الاثنين الذين كانا معه فوق المنزل قاما بدفعه ورميه من أعلى سطح المنزل إلى الأرض، وعندما سقط أبو ديب قامت المجموعة المتواجدة في الأسفل بركله بأحذيتهم على كل أجزاء جسمه دون هوادة أو تفريق بين منطقة وأخرى.

 كان جسم أبو ديب كله مغطى بالدم والإصابات، نتيجة سقوطه من السطح وضربه. هكذا عامل مرتزقة الجيش والمخابرات شخصية عامة مثل رئيس جمعية المعلمين، فكيف إذن تصرف هؤلاء المرتزقة مع بقية من تم اعقتالهم من الشباب الناشطين غير المعروفين إعلالميا واجتماعياً؟

 
لم  يتمكن أبو ديب من الوقوف على قدميه نتيجة ما أصابه، فتمّ إيقافه بالقوة، ووضعوا القيود في يديه خلف ظهره كما قاموا بتغطية عينيه ووضعه في سيارة، وهم مستمرون يضربونه ويشتمونه ويشتمون مذهبه ويوجهون الإهانات الطائفية البغيضة له، تم اقتياد أبو ديب مع خاله إلى جهة مجهولة علم لاحقا أن خاله اعتقل معه، فقد سمع سبّ خاله هو وشتمه ومن خلال شكواه وأنينه نتيجة ما يتعرض له من الضرب.

تم أخذ مهدي أبو ديب واقتياده إلي مبنى إدارة التحقيقات الجنائية في منطقة العدلية في العاصمة. من اللحظة الأولى لوصوله وخاله، تعرضا للمزيد من الضرب خصوصاً على رأسيهما وعلى ظهريهما مع إجبارهم على الوقوف لمدد طويلة تتخللها وجبات من الضرب والصفع على الأذنين في آن واحد، والضرب على البطن والكليتين وكان هذا الضرب والاستهداف يزداد كلما ذكر اسمه : مهدي أبو ديب،  كما كان يتعرض للضرب في داخل الممرات وكلما تم نقله من الزنزانة إلى أي مكان للقيام بأي إجراء.

التعليقة
 في اليوم الثاني من الاعتقال تم اقتياد أبو ديب ليلاً إلى مكان خارج الزنزانة حيث تحدث له أحدهم بلهجة أردنية، في الوقت الذي قام آخرون بنزع الأصفاد وربط يده برباط من القماش وكذلك ربط وسط جسمه ورجله أيضاً ثم قاموا بتعليقه في سقف الحجرة وتم رفع رجليه وربطها، وبدأ ضربه على الرجلين بكل قسوة باستخدام أنبوب بلاستيكي أسود (الهوز).

جرى الضرب الوحشي القاسي رغم إن أبو ديب قال للمعذبين والجلادين منذ البداية بأنه ليس لديه ما يخفيه وأنه مستعد للإجابة على جميع أسئلتهم بكل صراحة (وهذا ما حدث)، ولكن الجلادين والمعذبين كتبوا ما أرادوا وكان أبو ديب مجبراً على التوقيع، ورغم ذلك استمر الجلادون في  الضرب وتهديده  بمعاودة تعليقه حتى بعد إنزاله والتوقيع على كل ماكتبوه في التحقيق المزعوم.
 
الممرض الجلاد!
في اليوم الرابع لاعتقال أبو ديب وتحديداً في تاريخ 9 أبريل تم نقله بعد وجبات التعذيب الوحشي ليلاً في سيارة إسعاف إلى المستشفى العسكري وكان الممرض العسكري رغم سوء حالة أبو ديب يشتمه ويضربه طوال الطريق. في المستشفى قام باستلام أبو ديب ضابط عرّف نفسه بأنه عسكري ينتمي لقوة دفاع البحرين وهدد أبو ديب بسوء المعاملة، إذا لم يحسن  السلوك في سجن القرين.

العنبر رقم 2
تم إدخال مهدي أبو ديب رئيس جمعية المعلمين إلى العنبر رقم 2 وكان هو الأكثر تعرضاً للضرب في هذا العنبر بشهادة  عدد من المعتقلين ومنهم الناشط الحقوقي عبد الهادي الخواجة، والمحامي محمد التاجر، ورجل الدين السيد محمد العلوي الذين تقع زنزانتهم على يمين زنزانة أبو ديب، كانوا يرون فريق التعذيب وهو يتوجه لأبو ديب ويسمعون ضربه وشتمه وردود فعله، كما لا حظ البعض طريقة أبو ديب في المشي والتي تدل على كم الإصابات التي يعانيها ومداها.

 تعرض أبوديب للإهانات الطائفية طوال الوقت والتهديد بالاجتثاث الطائفي. وفي إجراء وقح وعنصري تماماً فقد تم منعه من الصلاة على قطعة من الورق (كما يوجب  المذهب الديني الذي يتبعه أبو ديب) وقال فريق التعذيب له بالحرف الواحد: أنت الآن ملك الحكومة وتصلي كما تريد الحكومة!

 طوال الوقت تم تهديد أبو ديب بتسليمه للجيش السعودي  ولرجال الدين السعوديين الذين لا يطيقون الروافض حسب تعبير فريق التعذيب، كما تم تهديد أبو ديب بتسلميه لبعض رجال الدين السلفيين المعروفين بعدائهم للطائفة الشيعية في البحرين. تم تهديد أبو ديب بالنقل للسجن في السعودية، كما تم تهديده بالاغتصاب أكثر من مرة من قبل مجموعة التعذيب ذاتها وهي مكونة من ثلاثة اشخاص وأحياناً يأتي معهم آخرون.

 نتيجة لما تعرض له مهدي أبو ديب من ضرب وإصابات في كل جسمه وبسبب التعذيب الدائم، لم يتمكن من الأكل فنقص وزنه 15كيلوا، من 80 كيلوا إلى 64 كيلوا، وتدهورت صحته تماماً، لذا قام فريق التمريض في السجن بتركيب مغذٍ وريدي سائل (سيلان) له لمدة ثلاثة أيام بعد اكتشاف خلل في وظائف الكلى (ناتج عن ضربه) ومع ذلك استمر يتقلى وجباته من الضرب.

يتبع..
 

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus