جو بايدن: على العراقيين الترفع عن خلافاتهم لاجتثاث الإرهابيين

جو بايدن
جو بايدن

2014-08-23 - 8:08 م

جو بايدن، صحيفة الواشنطن بوست

ترجمة: مرآة البحرين

في الأشهر الماضية، قامت الجماعة الإرهابية المعروفة لدى حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بالدولة الإسلامية في العراق والشام بالاستيلاء على عدة مناطق في العراق، مستغلة الانقسامات الطائفية وانعدام الثقة السياسية الذي استنزف قوة الجيش العراقي. وتسعى داعش إلى تمزيق العراق إربًا بهدف إقامة خلافة، لكن المجتمعات الموجودة في العراق بدأت بالاتحاد لدحرها.

ومنذ إدلاء أكثر من 13 مليون عراقي بأصواتهم في أبريل/نيسان الماضي رغم تهديد داعش بقتل كل من شارك بالتصويت، أنشأ العراقيون برلمانًا جديدًا واختاروا رئيسًا جديدًا وعينوا رئيس وزراء جديد، حيدر العبادي، لتشكيل الحكومة المقبلة.

ولهذه الخطوات مغزى، لأنها تظهر أن العراقيين بدأوا يفهمون ضرورة الترفع عن خلافاتهم. وأنهم، عندما يفعلون ذلك، لن ينجحوا فقط بتوحيد البلاد بل بدحر داعش.

لن يكون هناك تفاوض مع داعش. لقد شهدنا مقتل الصحفي الأمريكي جيمس فولي وعدد لا يحصى من الأبرياء بطريقة وحشية وعصبية مروعة.

ولكن حتى مع عدم وجود داعش، سيظل بقاء العراق متعلقًا بقدرة العراقيين على وضع خلافاتهم جانبًا والاتحاد في جهد مشترك. وسيبقى أمن العراق معتمدًا على تقويم التحالفات التي تغذي الحركات المتطرفة وعلى إقناع العراقيين أنه يمكن تلبية احتياجاتهم بالعملية السياسية لا بالعنف.

في الأسابيع القليلة الماضية، تحدث الرئيس أوباما مع العبادي وتكلمت مع كل من زعيمي العراق السابق والآتي. وذهبنا بعيدًا في تشجيعهم على الاعتراف بأنه يجب إنهاء سنوات الجمود السياسي والخلاف. وكما كتب العبادي في ذلك اليوم، "إن التحديات التي نواجهها كبيرة ولكننا سنتخطاها باتحادنا، قد تكون هناك عواصف عاتية بانتظارنا لكننا سنواجهها معًا كأمة واحدة."

بالنسبة للعراق، يتطلب النجاح تسويةً حقيقيةً من الأطراف كلها وحكومة جديدة في بغداد قادرة على تلبية كل احتياجات المجتمعات الموجودة في العراق. لا نستطيع أن نطلب شيئًا أكثر مما يفعله العراقيون. وما دام باستطاعة العراقيين فعل ذلك، فلا أهمية لأي تدخل خارجي، ولن يستمر لأجل غير مسمى.

ولهذا يبدو أن عملية تأليف الحكومة مسألة حساسة للغاية. وكرئيس وزراء معين، يعمل العبادي من أجل وضع تشكيلة جديدة من الوزراء وخارطة طريق من شأنها وضع جدول أعمال الحكومة العراقية الجديدة. ونحن نشجع القادة العراقيين على إكمال هذه العملية في أقرب وقت ممكن. ونأمل أن ترسم خارطة الطريق المدعومة من البرلمان رؤية لتسخير موارد الدولة كلها لخدمة المجتمعات العراقية كافة، ونقل المواجهة ضد داعش.

ونشجع جيران العراق أيضًا على وقف تأجيج الانقسامات الطائفية، التي لن يستفيد منها أحد غير داعش، وعلى النظر إلى هذا التحدي المشترك كفرصة لبدء فصل جديد في علاقاتهم مع العراق ومع بعضهم البعض.

يجب أن توفر جهود العراق الأمنية، وسياسته أيضًا، الطاقة والتعاون للمجتمعات كلها. كانت روح التعاون الجديدة هذه بارزة جدًا في شمال العراق، حيث عملت القوات العراقية والكردية جنبًا إلى جنب لاستعادة السيطرة على سد الموصل وتحريره من داعش. وعلى الرغم من دعم الولايات المتحدة الأمريكية، لم يكن نجاح هذه العملية ممكنًا من دون التعاون بين قوات البشمركة الكردية وقوات الأمن العراقية. وكانت هذه أول عملية مشتركة من نوعها، ونعتقد أنها تشكل نموذجًا يمكن اعتماده في العمليات المقبلة.

وثمة مقاربة أخرى تظهر وهي "الفدرالية الفاعلة" بموجب الدستور العراقي، والتي من شأنها ضمان تقسيم العائدات بعدل على جميع المحافظات وتأسيس بنًى أمنية متجذرة محليًا، كالحرس الوطني، لحماية السكان في المدن والبلدات ومنع داعش من الدخول وحماية وحدة أراضي العراق. وسوف تكون الولايات المتحدة مستعدة لتقديم التدريب وأنواع أخرى من المساعدة من خلال اتفاقية الإطار الاستراتيجي المشتركة مع العراق لمساعدة نموذج مماثل على النجاح.

ويعود للعراقيين أمر تحديد مستقبلهم بموجب دستورهم الخاص، لكننا نشعر بتشجيع كبير مع بدء النقاش الجدي بشأن هذا المستقبل. وفيما يواصل العراقيون إحراز تقدم، نحن مستعدون لمواصلة تعزيز دعمنا للعراق في وجه داعش، وندعو المجتمع الدولي إلى الانضمام إلى كندا وأستراليا وحلفائنا الأوروبيين في القيام بالأمر ذاته.

إن داعش بعيدة كل البعد عن كونها لا تقهر. ويرفض أغلب العراقيين إيديولوجيتها. إنها تقيم نظامها على أساس الخوف لا على أساس القبول. لقد دمرت داعش مواقع دينية قديمة واستعبدت النساء والفتيات وأعدمت بوحشية عددًا من السنة الذين تزعم أنها تتحدث باسمهم. فداعش لا قضية شرعية ولا ظلامة لديها. وكما رأينا في سد الموصل، حين تتآكل قوتها القتالية، يمكن للقوات المحلية توجيهها من دون تدخل القوات الأمريكية.

إنها معركة يستطيع العراق، بمساعدة أمريكا والعالم، الفوز بها، وعليه فعل ذلك. نواجه جميعًا مخاطر في دعم القوى المعتدلة في العراق لمنع تجذر دولة إرهابية في قلب الشرق الأوسط. والتهديد لا يقتصر بطبيعة الحال على العراق. ويتطلب تقويمه دعمًا متواصلًا لحلفائنا في الأردن ولبنان والمعارضة السورية وغيرهم لمواجهة داعش ومعالجة تدفق المقاتلين الأجانب من وإلى ميدان المعركة.

وفي الوقت الذي يبدأ فيه العراقيون الاتحاد في عزمهم على مواجهة داعش، يجب أن نكون مستعدين للقيام بالأمر ذاته. وسنستمر في التشاور مع الكونغرس بشأن استراتيجيتنا في العراق والمنطقة عندما يتعلق الأمر بداعش وأمن شعبنا. سيشكل هذا تحديًا على المدى الطويل. وهو تحدٍ لا يستطيع حلفاؤنا في العالم، بمساعدتنا إلا قبوله والفوز فيه، بدءًا من العراق.

22 أغسطس/آب 2014

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus