من يضرب من؟

هدير البدر - 2011-09-11 - 1:43 م




هدير البدر*

هناك أجندة خارجية تحاول ضرب كلّ محاولة لإصلاح الداخل الكويتي بكل أداة متاحة ينفذها عدد من المندسين السياسيين الذين يحاولون الالتفاف على القانون والدستور، فكلّ تلك المحاولات لإسقاط رئيس مجلس الوزراء الكويتي تقف أمام دفاعهم المستميت عن رئيس مجلس الوزراء البحريني، يجعلنا نتساءل عن ماهية السموم التي يحاولون بثها في دولة الكويت ومملكة البحرين والخليج بعامة.

الذي يدفعني لرفع هذه المقارنة بين دولة الكويت ومملكة البحرين هو أن النموذج الكويتي البحريني متقارب في خطوط عديدة، وهي: الدستور، ،الممارسة الديموقراطية والترحيب بالاختلاف المذهبي والنوعي بين أطياف المجتمع من جهة، ومن جهة أخرى التصعيد المتكرر إزاء وجود أطماع خارجية تهدد البلدين خاصة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

عُلقت كافة الأخطاء السياسية على الجارة إيران منذ الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات، فصدَّق عدد كبير من أبناء الخليج هذه الكذبة واللعبة حتى تتنصل الدول الكبرى من اللوم والنظر إلى سياساتها العدائية تجاه الآخر، في حين هي نفسها تمارس القمع والتنكيل بشعوبها وتمنعهم من ممارسة مواطنتهم إلا بالنهج الذي ترتضيه؛ لتبرهن على أنها تعاني من الاختلاف ليل نهار ممّا سيؤدي إلى تدهور الوضع الأمني، وتفجره فيها؛ لذلك وجب عليها حقن الدم الديموقراطي؛ حتى لا يتسرب إلى شؤونها الداخلية .


ولم تكتف الدول القمعية بتعليق أخطائها المتعمدة على الشماعة الإيرانية التي من المفترض أن يهشّمها معول الزمن، بل قامت بصنع هوامش لأجندات وهمية تماشيا مع السياسة الصهيونية الأمريكية في منطقة الخليج التي تدر النّفط كما تدرّ البقر الحليب. وتمّت الاستفادة من الأجندات الوهمية لصنع أدوات قمعية بحجة إخافة المجتمعات الخليجية والعربية المغلقة والمسيرة من الآخر، وتصويره على أنّه شرّ مطلق، فصنعت هاجس المد الشيعي القادم من إيران " مجددا " بإدارة شيخ دين تبعه على هذا النهج مشايخ عديدون وصنع زوبعة أخذت فترة من الزمن، هذا السيناريو مشابه تماما لذات التهمة التي وصموها بالحراك الشعبي المسالم في البحرين، ولاحظ أين يمكن أن يخيفوا البشر ومن ماذا؟ التشيع، فلم يجب أن يخاف الناس من التشيع، ويتركوا الصهيونية تنخر في أجسادهم؟

إن كان هناك خطر يهدد جغرافيتنا الخليجية من جهة إيران رغم لا وجود لأدلة يقدمها الدعاة ومؤججو ومعظمو ذلك الخطر، فإننا في المقابل نملك دليلًا على خطر إسرائيلي محدق بهذه الجغرافية فما الواجب الحقيقي المطلوب منا للحفاظ على هذه الجغرافية؟ هل نتحالف مع اللوبي الصهيوأميريكي لردع المد الشيعي إنْ وجد؟ هل نتحالف مع إيران المتمثلة بالمد الشيعي إن وجد ضد اللوبي الصهيوأميريكي، أم نقتل شعوبنا بحجة طلبهم لإصلاحات سياسية، ونتهمهم بالعمالة لاحقا لخدمة المد والخطر الشيعي القادم من إيران؟

إنّ تقارب النموذج الكويتي البحريني وصغر جغرافيتهما يجعلان منهما أولى ضحايا هذا الاقتتال البارد ممّا تبقّى من الحرب الباردة، والذي أتى متأخرا في هذه المنطقة القبلية، والتي استنشقت هواء الديموقراطيّة للتو بعد انتشار نسمات الربيع العربي في هذا الوطن، وإن كان ولابد لهاتين الصغيرتين أن تحلما بمستقبل جديد بعيدا عن قيود الدول القمعية التي ترفض خروجهما من بوتقتها، فعليهما أنْ يدفعا ثمن ذلك غاليا، بدءا بأبنائهما وانتهاء بسيادتهما.

*كاتبة الكويتية
 

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus