افتتاحية مرآة البحرين.. طوق الكرامة
2011-09-21 - 11:11 ص
تملك كل مدينة تاريخ كرامة، ترويه لأبنائها ليكون طوقا يجمّل أعناقهم المرفوعة بالحرية، وتستحق المنامة أن يكون لها تاريخ كرامة في ربيع ثورات الكرامة العربي، يبدأ مع 14فبراير.
ما يجعل المدينة جميلة، كرامتها. ستكون المنامة أجمل بطوق كرامتها، الكرامة ليست هي الحرية، لكنها شرط الحرية. ليس لمدينة في العالم أن تكون حرة من غير كرامة. والمواطن، يكتسب انتماءه للمدينة، من طوق كرامتها. هل كثير على المنامة أن نمنحها طوق كرامة؟ الجواب اليوم ليس في اللسان، بل في الأرض التي هي موطن الإنسان.
طوق الكرامة، هي أذرع البحرينين الممتدة فداء لكرامة منامتهم.ليس أجمل من يد الإنسان الممتدة لحفظ كرامة مدينته، وليس أقبح من يد الإنسان تتسول مكرمة. الكرامة تمنح المدينة طاقة تُمكّنها من اكتساب حريتها، وطاقتها للحفاظ على حريتها حين تفقدها في لحظة تاريخية غادرة. والمدينة تمنح مواطنيها حريتهم، بقدر ما يهبونها من كرامة، وبقدر ما يحافظون على كرامتها.
تستحق الكرامة ثورة، ويكفي فقد الكرامة سبباً لقيام ثورة، وأخطأت السلطة حين جعلت من الإذلال الذي هو نقيض الكرامة، هدفاً لحملتها الانتقامية من 14 فبراير، هي لم تفعل شيئا سوى أنها جعلت سبب الثورة واضحاً أكثر ومقنعاً أكثر ومحل إجماع أكثر.
المواطن البحريني الذي انتهكت كرامته وهو في حالة ثورة، لم تستطع أن تذله أجهزة الدولة بأدوات حربها وتعذيبها وتجويعها، لأنه بقي محتفطاً بداخله بطوق كرامته، نجا من موت هذا الإذلال، بفضل هذا الطوق. وهو لن يبخل على مدينته من أن يجعل كله: جسده وصوته وصورته وروحه وقلبه ومستقبله، طوقا لهذه المدينة. ودولته المدنية لن تتحقق من غير كرامة مدينته.
طوق الكرامة، هو طوق ضد كل ما يعيق الإنسان من أن يمارس حقه، ويختار حكومته، ويقرر مصيره، ويكتب دستوره، ويقر بحقه في المساوة، ويعترف بسيادته.هكذا نحمي كرامة المنامة.
الحكومة التي لا تحفظ كرامة المدينة وكرامة مواطنيها، تفقد شرعيتها، الحكومة التي تحط من قدر مواطنيها ومدنيتها تستحق ثورة ضدها. الحكومة التي يرعبها طوق كرامة تكشف قبحها.
المدينة التي لا تكتب دستورها، ولا تفصل سلطاتها، ولا تنتخب حكومتها، ولا تختار ممثليها، ولا تقاضي مفسديها، مدينة بلا كرامة ولا طوق ولا إنسان.
«كرامة الإنسان هي إدراك الحقيقة» لكن أي حقيقة يحقق إدراكها كرامتنا؟ إنها حقيقة مال المواطن العام، وحقوقه العامة، وشؤون سياسته العامة، وحقيقة مساواته العامة ببقية مكونات شعبه.
نريد نحن المواطنين معرفة حقيقة ما يجري في الدولة: حقيقة إدارتها، حقيقة فسادها، حقيقة رجالها، حقيقة كنهها، حقيقة استقلالها، حقيقة ممانعتها للديمقراطية، حقيقة انتهاكها لكرامتنا.
لكل ذلك نريد أن نطوّقها...