» رأي
جبهة الوحدة الوطنية.. رؤية على خطى الثورة
إيمان شمس الدين - 2011-09-22 - 12:02 م
إيمان شمس الدين*
استخدمت السلطة في البحرين وبمساعدة نظرائها في الخليج كل الوسائل المتاحة من أجل صبغ الحراك بصبغة مذهبية، كي يتسنى لها بعد ذلك الانقضاض على مقومات الثورة ومطالب الجمعيات التي تمس وجودهم وسلطتهم ولو بشكل غير مباشر.
ولعل قبول السلطة البحرينية بالديموقراطية الشكلية، كان لامتصاص غضب المعارضين ودمجهم في مشروعها ومن ثم إغراقهم بالنفوذ وشراء ولاءاتهم ومن ثم الانقلاب حتى على هذه الديموقراطية الشكلية وفي نفس الوقت تجنيس عدد كبير من دول مجاورة لها ثقافات مغايرة عن أهل البلد الحقيقيين، كي تغير التركيبة الديموغرافية للبحرين، فتضمن تقليص المكون الرئيسي الذي كان يشكل أغلبية عددية ما اعتبرته السلطة وفق رؤيتها القبلية المذهبية يشكل خطرا على وجودها، فدأبت في تكريس النفس المذهبي خاصة في الآونة الأخيرة خلال أحداث الثورة وعمقت الهوة بين أبناء الشعب البحريني الذي عرف عنه التعايش كجزء من ثقافتهم.
طبعا استخدمت كل الوسائل المتاحة من أجل إثارة الفروقات المذهبية، وعل دخول درع الجزيرة كان أبرز وأبلغ رسالة في تعميق الهوة المذهبية في الداخل البحريني بل المنطقة برمتها.
واليوم حيث باتت تستشعر أمريكا خطر الانفجار المذهبي في البحرين والذي من المؤكد بات يشكل خطرا على مصالحها،إضافة إلى معرفتها أن القمع لن يولد إلا الإصرار، وفي حال لم تتدخل قد يؤدي ذلك إلى لجوء المعارضين ذي الأغلبية الشيعية إلى أحضان إيران وهو ما تعتبره أمريكا يشكل خطرا على مصالحها في المنطقة فهي تنظر إلى البحرين على أنها تحتل موقعاً استراتيجياً في الخليج في مواجهة إيران، وهي مقر لقاعدة بحرية تضم الأسطول الأمريكي الخامس، كما أنها تشكّل حلقة ربط حاسمة في الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة منذ عقود لتأمين وصول الغرب لنفط الخليج.
إلا أن كل محاولات أمريكا باءت بالفشل في إقناع رئيس الوزراء البحريني بالتنحي خاصة مع اختلاف المعارضة بين مطلب الملكية الدستورية وإسقاط النظام الذي دفع الصقور في بيت الحكم البحريني للجوء لدرع الجزيرة لقمع الاحتجاجات.
فقيام ملكية دستورية في البحرين ليس شأنا بحرينيا بل له حساباته في عقلية الأنظمة الحاكمة في الخليج ، لذلك اجتمعت هذه الأنظمة لدعم النظام البحريني ضد شعبه ومطالباته المحقة، بل لمسنا توجهات قمعية وإن كانت أقل حدة وبوجوه مختلفة في دول خليجية مجاورة كانت تمثل رسائل واضحة لشعوب تلك المنطقة، واكتفت هذه الدول بممارسة دورها الرعوي في عمل إصلاحات شكلية تمثلت بزيادات مالية وإصلاحات معيشية طفيفة ظنا منها أنها بذلك تسكت الأفواه وتخرس الألسن المطالبة بحقوقها في التمثيل الديموقراطي وقيام دولة مدنية يحكمها الدستور والقانون وتديرها المؤسسات وتكون فيها السلطة يد معينه للدولة وليست الدولة بذاتها.
واليوم حيث اجتمعت الأنظمة الاستبدادية ضد شعوبها وتحالفت بقواها كي تمارس بطشها ومؤامراتها إما من خلال الالتفاف على الثورات التي نجحت في إسقاط رؤوسها المستبدة أو من خلال قمع تلك التي مازالت تناضل لأجل مزيد من المكتسبات والإصلاحات السياسية لقيام دولة مدنية حديثة، بات لزاما القيام بتحالف الشعوب ضد هذه الأنظمة والتآمر ضد مؤامراتها لإكمال مسيرة ترسيخ البنى الديموقراطية السليمة في العالم العربي بشكل عام وفي الخليج بشكل خاص، حيث يشكل الخليج الحاضنة النفطية التي تتمركز فيها المصالح الأمريكية ومنها تنطلق المؤمرات الكبرى على قضايا الأمة وأولوياتها وتضرب كل محاولة لمقاومة المشروع الصهيو-أمريكي في المنطقة، لذا تعتبر عملية التغيير في الخليج من خلال نجاح المعارضة البحرينية في تحقيق مطالبها مطلب ملح وأساسي لأنها ستعد الانطلاقة نحو التغيير في بقية البلدان الخليجية خاصة في دول الجوار البحريني.
ولا يمكن ذلك إلا من خلال التخلص من وصمة المذهبية التي وصمتها السلطة البحرينية ودول الجوار للحراك المطلبي البحريني، وكي تخرج المعارضة البحرينية من عنق الزجاجة المذهبية أعتقد تحتاج لمبادرة عملية في تشكيل لجنة تنسيقية تضم النخب والمعارضين في دول الثورات كاليمن ومصر وتونس والأردن وسوريا وليبيا والمغرب وكل دولة يتحرك فيها المخلصون المعارضون، لأجل تحقيق مطلب قيام دولة مدنية حديثة ويكون ذلك بتقديم مشروع تنسيقي يحاول فيه كل من موقعه وأد محاولات الالتفاف والتآمر ضد الشعوب من قبل الأنظمة.
أعرف أنها مسألة شاقة ولكن الأهداف المرجوة من تحقيقها تستحق العناء والسعي لأجل خروج الحراك البحريني من عنق المذهبية من جهة والتفاف الشعوب حول قيادات صالحة وصادقة لوأد مؤامرات الأنظمة المستبدة ضد شعوبها والحراكات المطلبية التي تهدد استمراريتها في الحكم.
فهل يمكننا البدء في خطوات كبيرة كهذه كي نحقق مطالب كبيرة تتجاوز الجغرافيا الحدودية إلى جغرافيا الشعوب؟
سؤال رهن إجابة المعارضات الحرة في كل بلد ثائر.
Chamseddin72@gmail.com
*كاتبة كويتية