الانتخابات التكميلية: لعبة المنشار!

2011-09-22 - 1:23 م


عن فيلم "المنشار" (SAW)
ولكن بعد يوم سيثور غبار كثيف في البحرين بين إرادة نظام قروسطي وبين إرادة شعب




مرآة البحرين (خاص): الانتخابات التكميلية التي يلهث النظام البحريني لاتمامها يوم السبت المقبل ليست حدثاً ديمقراطياً، هي تحاول أن تواري سوأة السلطة إزاء مئات الأحداث التي  تزخر بها الساحة البحرينية، الانتخابات على الهامش، فما سيحصل أن الانتخابات ستكمل مجلس موالاة ثان، ليصبح شبيها بتوأمه السيامي مجلس الشورى المعين من قبل الملك. لذا لم يشر رئيس الولايات المتحدة الأميركية باراك أوباما خلال حديثه عن البحرين في معرض كلمته في الأمم المتحدة أمس الأربعاء إلى الانتخابات التكميلية، بدا واضحاً أن وزارة العدل وهيئة الشؤؤن القانونية يضيعان الوقت في تنظيم لعبة لا تجدي ولا تقنع أحداً.

لم ينظم أي مترشح في 18 دائرة استقال نوابها الوفاقيون، لقاءً واحداً مع الأهالي منذ بداية انطلاق الحملات الانتخابية حتى اليوم الخميس 22 سبتمبر، وهو أمر يوحي بمدى يأس أي مترشح من الحصول على قبول الأهالي، وعدم قدرة أي أحد منهم على تقديم جواب ليس مقنعاً بل حتى مقبول لمشاركته في هذه الانتخابات، ضمن نظام قتل 41 مواطناً، استشهدوا وهم يناضلون من أجل تغيير سياسي حقيقي في البحرين.

الحدث في هذه العملية الباردة التي تقاطعها كل أطياف المعارضة،  هو المال ثم المال، المال الذي شجع 84  شخصاً من المجهولين في المجتمع البحريني على الترشح للانتخابات التكميلية، والمال الذي أقنع 22 مترشحاً بالانسحاب لصالح أربعة مرشحين، أربعة مرشحين فازوا بالتزكية بعد انسحاب منافسيهم، مقابل مال أخذوا دفعته الأولى عند الترشح ومقداره خمسون ألف دينار، وبعضهم حصل على أكثر نتيجة تفاوضه الجيد مع السلطة بأجنحتها الثلاثة (الديوان الملكي، ورئاسة الوزراء، وديوان ولي العهد).
 بأجنحة  بعض عصافيرها السماسرة،  تحفر هذه الأطراف في التراب لتحصل على نائب يتكلم في البرلمان باسمها، تقاتلت الأجنحة الثلاثة على 18 مقعداً فاقدة للكرامة بعد أن تركها مستحقوها ممثلو الشعب الحقيقيون. مقاعد فاقدة لقوتها التمثيلية، لا تحمل حيوية هذا الشعب وحياته السياسية المتحركة، مقاعد ميتة، أصبحت كالجيف بعد أن لفظها الشعب وزهد في مجلسها المزيف، الجيفة  لا تأكلها  إلا الضباع فقط، وهي تأكل الإنسان أيضا.

عدد من المترشحين الذين تسولتهم السلطة لترشحهم، حصلو على خمسين ألف دينار بحريني لقاء قبولهم الترشح، بينما فاوض آخرون ورفعوا المبلغ فحصل بعضهم على مئة ألف دينار.

بعد ترشحهم عاد الحكم يضغط على 22 مترشحاً للانسحاب لصالح أربعة في دوائر، تيقن الحكم أنه سينفضح  بأصفارها أمام عدسات الإعلام العالمي.

قلة من المترشحين انسحبوا من تلقاء أنفسهم، وبعض المترشحين المنسحبين وافق، وحصل على وعود ومبالغ ترضية، لكن بعضهم أجاد اللعبة وخاض مفاوضات شاقة وحصل على مبالغ ضخمة، ويكفي أن مرشحاً ستراوياً عن جمعية سياسية، صدم جمعيته التي ترشّح باسمها بعد أن قبض  100 ألف دينار عداً ونقداً وسمع (وعداً) لقاء انسحابه، ليتيح ل(عمامة) تغطية سياسة السلطة الطائفية الممنهجة. هي طريقة المنشار الذي يأكل في الخشب (رايح جاي).

انسحب 22 مترشحاً، والمحصلة فوز بالتزكية لكل من: علي أحمد الدرازي بالدائرة الثالثة في الشمالية التي تضم الدراز وبني جمرة والمرخ والقريّة، وجواد عبدالله حسين في سادسة الوسطى التي تضم جزيرة سترة أرض الشهداء، وأيضاً عباس عيسى الماضي عن سادسة المحرق التي تضم  منطقتي الدير وسماهيج، كما فازت سوسن تقوي بمقعد ثانية الشمالية التي تضم مناطق كرانة، وأبوصيبع، والحجر، وقرية القلعة، والمقشع. وبدا ملحوظاً أن فوز (سوسن تقوي) أفرح عدداً من كبار الشخصيات، أبرزهم فواز بن محمد رئيس هيئة شؤون الاعلام.

كان عدد الناخبين الذين (يفترض) أنهم سيدلون بأصواتهم 187080 ناخباً وناخبة، هبط هذا العدد إلى 144513 ناخباً وناخبة بعد فوز أربعة مترشحين بالتزكية.إضافة إلى مفارقة العدد، هناك مفارقة الإجراء، في الانتخابات السابقة، كان وزير العدل يتريث إعلان فوز التزكية كي يتيح تقديم الطعون، لكنه في هذه الانتخابات، كان يتعجل الإعلان، وكأنه يواري فضيحة تكشف فساد النظام السياسي المطعون فيه.

في لعبة الانتخبات التكميلية، يبرز وليد الصدفة المدلل (تجمع الفاتح) فقد عرض الديوان الملكي  على التجمع دوائر متعددة تصل إلى 7، ولكن (المارد) رفض، فهو لا يرضيه أن يكون بحجم الأصالة أو المنبر في البرلمان. وكان من بين مرشحيه العقيد الفار عادل فليفل، عن الدائرة الثانية في المحافظة  الشمالية.

تكشف هذه اللعبة عن طبيعة الوظيفة المقررة للمجلس الجديد، وهي  إقرار تعديلات دستورية شحيحة  يريدها الديوان فقط، وهي لا تغطي حتى مرئيات جثة ما أسمته الحكومة (حوار التوافق الوطني). واللعبة تقتضي أن يحل المجلس لاحقاً، وتجرى انتخابات مع حلحلة سياسية شكلية ‪  في مستوى تعديلات محدودة في الدوائر الانتخابية، وبهذا يمكن إفساح المجال للتجمع  للدخول في اللعبة السياسية عبر مؤسساتها التمثيلية، كي لا يتفكك وتذهب ريحه، فهو من الهشاشة بزمان لا يحتمل البقاء في الخارج مدة 3 سنوات.

المؤشرات تشير إلى أن الانتخابات التكميلية التي ستجري في 14 دائرة انتخابية، ستشهد مقاطعة شعبية كبيرة جداً، ولا يعرف أحد ما الذي سيفعله النظام، هل سيعلن الحقيقة للعالم، بأن مشروعه السياسي فشل فشلاً ذريعاً وفق ما ستظهره ضخامة المقاطعة، أم أنه سيرقعها بطريقته الخاصة. المعارضة أعلنت في  تجمع الوحدة الوطنية في مهرجان توبلي، أن السبت يوم حداد على الديمقراطية، وستطفأ الأنوار مساء بين التاسعة والتاسعة والنصف.

لعبة لم تعد تجدي، لعبة لا تجد جمهوراً، ولا حتى إعلاماً دولياً يركز عليها، معظم الإعلام الأجنبي جاء لتغطية طوق الكرامة الذي نجح الشعب البحريني في الحصول على براءة اختراعه وتنفيذه بنجاح، وتغطية فعالية العودة لميدن الشهداء حيث موقع دوار اللؤلؤة يومي الجمعة والسبت المقبلين 23 و24 سبتمبر الجاري.
 
بعد يوم سيثور غبار كثيف في البحرين بين إرادة نظام قروسطي وبين إرادة شعب يريد دولة مدنية حديثة، فكيف هو سيبدو المشهد الذي سينجلي عنه الغبار؟

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus