براين دولي: على أوباما الضغط على الحكومة البحرينية، لا منحها الشّرعية

2014-09-29 - 6:19 م

براين دولي، موقع ديفنس وان

ترجمة: مرآة البحرين

في خطوة فاجأت البعض، شارك سلاح الجو البحريني ذو الإمكانيات المحدودة في الغارات الجوّية التي استهدفت مسلّحي داعش (أي ما يُسمّى بالدّولة الإسلامية في العراق والشّام) في سورية هذا الأسبوع.

وتملك البحرين أضعف قوّة جوّيّة في المنطقة، لا يمكنها توفير قوّة نارية كبيرة، وقد كانت حليفةً للولايات المتّحدة، ولكن غير جديرةٍ بالثقة في الأشهر الأخيرة.ويُسيطر على البحرين أيضًا نظامٌ ديكتاتوري بامتياز. والآن، تقدّم حكومة أوباما بعض الدّعم لهذا النّظام من خلال تشريع تدخّله العسكري في الائتلاف ضد داعش. ولكن لا بدّ من أن يضغط مسؤولو الدّولة على البحرين لتُغيّر أساليبها وأن يُشكّكوا في علاقة الجيش الأميركي بها، والتي دامت على مر ستّين عامًا.

فقد وفرت البحرين لواشنطن أكثر من سبب للشعور بالذّعر في السّنوات الأخيرة، بدءًا من قمعها لناشطي حقوق الإنسان إلى قهرها للحركة الدّيمقراطية التي أزهرت في الرّبيع العربي هناك. ولكن لا بدّ من أن يُثير أسلوب تعاملها مع المسؤولين الأميركيين مؤخّرًا ومُفاتحاتها مع موسكو قلق واشنطن بشكل خاص، في وقت يحتاج فيه البنتاغون إلى معرفة إن كان بإمكانهم الاعتماد على حلفائهم في الخليج. وتُشير أعمال البحرين في السّنوات الأخيرة إلى أنّها ليست إلّا صديقةً، ولكن لا يمكن الاعتماد عليها.

فبينما تفرض الولايات المتّحدة عقوبات على روسيا نتيجةً للأزمة الأوكرانية، تطلب حليفة واشنطن الأساس خارج تحالف النّاتو، البحرين، أسلحة جديدة من شركة "روسبورن اكسبورت" (Rosobornexport) الروسية الحكومية المصدّرة للأسلحة. وقد تم اقتراح اسم هذه الشّركة في تشريعٍ قُدّم إلى مجلس الشّيوخ الأميركي هذا الأسبوع، كهدف للعقوبات. وكانت "روسبورن اكسبورت" مورد السّلاح الأوّل لقوّات بشّار الأسد العسكرية، وتُعد تجارتها مع البحرين شطرًا من علاقة جديدة بين روسيا والمملكة الخليجية الصغيرة.

وفي الشّهر الماضي، تم ترسيخ التّعاون بين البحرين وروسيا في أعقاب زيارة ولي العهد البحريني سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة للعاصمة موسكو في شهر أبريل/نيسان. وفي الأسابيع القليلة الماضية، كانت البحرين أولى الدّول التي ابتاعت صواريخ "روسبورن اكسبورت" المضادّة للدّروع من طراز "كورنيت إي أم" (Kornet-EM)، استنادًا إلى وكالة الأنباء الرّوسية، تاس (TASS). وما يُثير قلق الذين تُهمّهم قضية قمع المملكة للمعارضة السّياسية، أيضًا: زيارة السّفير الرّوسي، فيكتور سميرنوف، للمنامة في العاشر من شهر سبتمبر/يوليو، والتي حثّ فيها الحكومة البحرينية على المطالبة "بتبادل الخبرة والتجارب بين البلدين في قطاع حقوق الانسان."

وقد تحدّت البحرين الولايات المتّحدة أيضًا بشكل مباشر في خطوة اتّخذتها في شهر يوليو/تمّوز، حينما طردت السّلطات البحرينية المسؤول الدبلوماسي الكبير، توم مالينوسكي، بعد اجتماعه بقادة جماعة سياسية مسالمة من المعارضين. وفي الشهر التّالي، رفضت السّماح لعضو الكونغرس الأمريكي، جيم ماكغفرن، الذي كان من منتقدي النّظام، بزيارة البلاد. وقد رفض مسؤولو النّظام دخول خبراء دوليّين في حقوق الإنسان لسنواتٍ عدّة، ولكنّ معاملة المسؤولين الأميركيين بهذه الطّريقة يُثير تساؤلات في واشنطن حول مستقبل العلاقة العسكرية بين البلدين. وفي الوقت الحالي، تستضيف البحرين الأسطول البحري الخامس للولايات المتّحدة الأميركية وقوّات المارينز المنتشرة على الخطوط الأمامية تحت إمرة القيادة المركزية. وحوالى 90 في المائة من عتاد قوى الدّفاع البحرينية العسكري مصدرها أمريكي.

وكانت الولايات المتحدة قد أوقفت بعض شحنات الأسلحة إلى البحرين منذ منتصف العام 2011، ردًّا على قمعها للاحتجاجات السّلمية وانتهاكها لحقوق الإنسان، ولكن استمرت غالبيتها. وقد جعل فشل البحرين في تقديم إصلاحات ذات معنًى -عقب توسّع نطاق الاحتجاجات في أوائل العام -2011 منها "حليفةً" متقلّبةً في مواقفها، وعلى ما يبدو، عدائيّةً بشكل متزايد. إذ كان سفير الولايات المتّحدة في البحرين، توماس كراجيسكي، في السّنوات الثلاث الأخيرة هدفًا ثابتًا للتّشهير من قِبل الصّحافة والحكومة في البحرين بسبب "تدخّله في الشؤؤون الدّاخلية"-أي بسبب انتقاده، بشكل غير مباشر، لانتهاكات البحرين لحقوق الإنسان.

وتحكم البحرين جماعة غير منتخبة تسيطر عليها الأسرة الحاكمة في البلاد. ويشغل عمّ الملك منصب رئيس الوزراء منذ حكومة نيكسون الأولى، ووفقًا لوزارة الخارجية الأميركية، يتألّف نصف الحكومة تقريبًا من أفرادٍ من العائلة الحاكمة. وتشتهر البحرين باعتقالها كل مَن ينتقد الملك على تويتر وبتعذيب عشرات الأطبّاء لمعالجتهم المحتجّين المصابين في خلال التّظاهرات في العام 2011. وقد أعلن الملك هذا الأسبوع أنّ الانتخابات النّيابية لمجلس العموم (وهو الذي يُعيّن مجلس الأعيان) ستُجرى في 22 نوفمبر/تشرين الثّاني، غير أنّ المعارضة ستُقاطعها على الأرجح احتجاجًا على غياب الإصلاح وبقاء قادة التّظاهرات السّلمية وراء القضبان لفترات طويلة لمطالبتهم بالديمقراطية.

ويحاول الموالون للنظام في البحرين عادة تصوير المعارضين على أنّهم عملاء لإيران، بينما الحقيقة بعيدة كل البعد عن هذا الأمر، إذ مع استمرار الوضع من دون تحقيق أي إصلاح ديمقراطي، ستكسب إيران، على الأرجح، موطئ قدم مهم لها في البحرين. لذا يشكل تحقيق إصلاح حقيقي والتّخلّص من الشّكاوى الشّعبية التي يمكن أن تستغلّها طهران أفضل طريقة للتصدّي للتأثير الإيراني في البحرين.

وبينما لا تُعد البحرين الحليفة الوحيدة ذات النظام القمعي للولايات المتّحدة، يبدو أنّها الأكثر تقلّبًا. فعلى الرّغم من دورها في شنّ الغارات على مواقع داعش، فإنّ تنامي علاقاتها مع الكرملين وعداءها الشديد لمسؤولي الحكومة الأميركية يجعلان منها صديقًا مشكوكًا في أمره. لذلك، لا بدّ للولايات المتّحدة من إجراء مراجعة شاملة لعلاقتها مع أصغر دولة في الشّرق الأوسط قبل أن تسوء الأمور بشكل خطير.

25 سبتمبر/أيلول 2014 

النص الأصلي 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus