افتتاحية الواشنطن بوست: حلفاء أمريكا في الشّرق الأوسط تشوبهم العيوب

2014-09-30 - 9:55 م

هيئة التحرير، صحيفة الواشنطن بوست

ترجمة: مرآة البحرين

حثّ الرّئيس الأمريكي أوباما خطاه لتعزيز علاقات الولايات المتّحدة بالدّول العربية، من خلال حشدِ ائتلافٍ لمحاربة تنظيم داعش. وقد لاقت جهوده نجاحًا باهرًا: فبتحفيزٍ من التّحوّل المُفاجئ في سياسة أوباما السابقة في النّأي عن هذه المنطقة، شاركت السعودية، والأردن، وثلاث دول أخرى من الخليج العربي في الحملة الجوّيّة في العراق وسورية، بينما قدّمت الحكومات الأخرى استخباراتها أو دعمها السّياسي. ويُعتبر هذا التّضامن مهمًا على المستوى السّياسي، لا سيّما أنّه يتخطّى الصّراع المذهبي الذي يُقسّم منطقة الشّرق الأوسط إلى محاورٍ. وتحكم حكومات سنية الدّول الحليفة التي تُظهر جهوزيتها لمحاربة المتطرّفين السّنّة، حتّى لو كانت دولة إيران الشّيعية ونظام بشّار الأسد العلوي في سورية من المنتفعين.

غير أنّه لدعوى أوباما هذه ثمن -ويتضمن جزء من هذا الثمن تخفيف ضغط الولايات المتّحدة على الأنظمة التي لجأت إلى القمع الوحشي في الرد على مطالبة الرّبيع العربي بالتغيير الديمقراطي. ومن أبرزها مصر، التي التقى رئيسها المدعوم عسكريًّا بالرّئيس أوباما في أحد اجتماعاته المباشرة التي عقدها في الأمم المتّحدة الأسبوع الفائت، والبحرين، التي سُمِح لها بالانضمام إلى الحلف العسكري على الرّغم من رفضها السّافر لجهود الولايات المتّحدة الأخيرة المبذولة في دعوتها لإجراء حوارٍ وطني سياسي. ولم تكن المكافآت الممنوحة سياسيّة فحسب: إذ أخبر وزير الدّفاع الأميركي تشاك هيغل نظيره المصري بأنّ الولايات المتّحدة ستُرسل 10 مروحيات أباتشي كانت محتجزة بسبب قلق الولايات المتّحدة من انتهاكات مصر لحقوق الإنسان، على الرّغم من عدم مشاركة القاهرة في الغارات الجوّية.

وقد أثار قرار أوباما بالاجتماع مع الفريق عبد الفتّاح السّيسي خوفًا يمكن تفهّمه بين الخبراء في السّياسة الأميركية الخارجية وحقوق الإنسان في الفريق المختص بدولة مصر، والذين قالوا في رسالة بعثوها للرّئيس "إنّ أي مساندة يمكن للرئيس السيسي توفيرها أو لا في الحرب ضدّ التّطرّف العنيف في المنطقة، يغلب عليها التّطرّف وعدم الاستقرار اللّذين يُنّميهما في مصر كل يوم من خلال سياساته القمعية." وفي بيان آخر، أشار براين دولي، وهو عضو في "هيومن رايتس فيرست" إلى "أنّ حكومة أوباما تدعم "النّظام في البحرين بعد فترة وجيزة من طرده لأحد كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية، الذي اجتمع بقادة جمعية معارضة شرعية، ومنع دخول عضو الكونغرس الأمريكي جيم ماكغفرن إلى البلاد واعتقال النّاشطة في حقوق الإنسان مريم الخواجة، والتي مُنِحَت جوائز من منظّمتين أميركيّتين لحقوق الإنسان.

وفي خطاب ألقاه في "مبادرة كلينتون العالمية" الأسبوع الماضي، اعترف الرّئيس أوباما بوجود مشادة بين الأهداف الأمنية الوطنية وحقوق الإنسان، وتعهّد بأن "لا تتوقّف الولايات المتّحدة عن...دفع الحكومات إلى الحفاظ على تلك الحقوق والحرّيّات، على الرّغم من أنّ ذلك يُسبّب احتكاكًا في بعض الأحيان." وشمل هذا الخطاب ذكر مصر، في عدّة مواضع، منها ذكر النّاشط المعتقل أحمد ماهر. وقد ذكر بيان للبيت الأبيض حول الاجتماع اللاحق لأوباما بالسّيسي أنّه "تحدّث عن مخاوفنا المستمرّة من مسار مصر السّياسي، وأعرب عن عدد من المخاوف في ما يخص حقوق الإنسان،" بما في ذلك اعتقالها لعدة صحافيين.

ويحمل هذا النوع من الضّغط على المستوى الرّئاسي أهمّية، ومن الممكن أن يُحدث فرقًا- إذ تشهد على هذا الأمر حادثة الإفراج عن معتقلين سياسيين مصريين بضغطٍ من حكومة جورج بوش الابن. ولكن لا بُدّ من أن يعي الرّئيس أوباما أيضًا الدّرس الذي تعلّمه الرّئيس بوش عقب هجمات الحادي عشر من شهر سبتمبر/أيلول: على الرّغم من أنّ حملات كهذه على داعش قد تكون مفيدة من الجانب التّكتيكي، فإنّ التّحالف مع الأنظمة العربية القمعية يأتي بالضرر أكثر من النّفع على مصالح الولايات المتّحدة الاستراتيجية في نهاية المطاف.

 

27 سبتمبر/أيلول 2014

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus