التعليق السياسي: بعد وثيقة الأعيان جمعية الأعيان للانتخابات

2014-10-02 - 12:51 ص

مرآة البحرين (خاص): على غرار سميّتها صحيفة "الوطن" المملوكة للديوان الملكي، يأتي اليوم إعلان تأسيس جمعية "الوطن" التي ينفي مؤسسها النائب أحمد الساعاتي تبعيتها للديوان الملكي، فيما تؤكد المصادر المقرّبة والمطلعة ذلك، بل تؤكد تلقيه مائتي ألف دينار، ووعودا بالدعم للمنافسة في الانتخابات.

قد لا يبدو من الحصافة للجمعية قيد التأسيس، ظاهراً على الأقل، أن تتخذ ذات الاسم، الذي لوثته - بأكثر مما يكفي- سابقتها صحيفة "الوطن". تلك الصحيفة الساقطة شعبياً ومهنياً وأخلاقياً، والتي عملت منذ بدء تأسيسها في 2001 على تفتتيت عضد الوطن، باسم "الوطن" وباسم صحيفة كل "الوطن"، وبرزرت بأبشع تجليات وظيفتها التفتيتية خلال أحداث 2011 ولا تزال. جمعية "الوطن" قيد التأسيس، وباختيارها للاسم ذاته، تجعل كل من يأتي على اسمها يستحضر اسم "الفتن" التي صار الناس يطلقونها على تلك الصحيفة بدلاً من "الوطن".

لقد كرّر الساعاتي وباقي الأعضاء المؤسسين كثيراً عبارات مثل: "إيماناً بأهمية تعدد الأصوات والآراء والتوجهات"، "نحن المؤسسون لهذه الجمعية من المواطنين المنتمين لمختلف شرائح المجتمع"، " اخترنا لها اسم «الوطن» لنؤكد أنها تستوعب الجميع من دون استثناء". لكننا نعلم بالخبرة والتجربة الحيّة أن استخدام اسم "الوطن"، وإطلاق عبارات فضفاضة مثل "لكل الوطن"، صارت رداءً مستهلكاً عند السلطة واتباعها الذين يعملون ضد "كل الوطن"، ومن أجل "السلطة" فقط. وقد رأينا كيف استخدمت كل من صحيفة "الوطن"، وتجمع "الوحدة الوطنية" رداء الوطن والوحدة، في إشعال الفتن بين مكونات المجتمع، وتأليبها ضد بعضها بعضا، وإذكاء جراحات الشعب والرقص عليها، فضلاً عن تثبيت استبداد السلطة وتسلطها على رقاب الشعب، والنطق بلسان السلطة والتحرك من خلالها.

ليس خافياً على أحد، التوجه الحكومي الذي تنطق من خلاله جمعية "الوطن"، يكفي لمعرفة ذلك، فضلاً عن الأسماء المؤسسة المعروفة بتبعيتها للنظام، متابعة احتفاء جميع الصحف الرسمية بها، وفردها مساحات ترويجية لها، كذلك ترحيب شبكات الموالاة في مواقع التواصل الاجتماعي بها.

كما ليس خافياً على أحد أيضاً، أنها تأسست في هذا الوقت بالذات، قبل أقل من شهر على فتح باب الترشح لانتخابات 2014، أنها أُسست لغرض انتخابي بحت، يهدف إلى سدّ الفراغ الانتخابي الذي ستتركه الجمعيات المعارضة في حال مقاطعتها، واختراق شارع الوفاق والمعارضة وتوسيع دائرة المشاركة في الانتخابات من الشيعة تحديداً. فرغم أنها تضم خليطا من تجار ومثقفين وصحافين من الطائفتين إلا أنه من المقرر وفقا لتوجيهات من الديوان الملكي، الذي يدعمها، أن يشكل الشيعة أغلبية الأعضاء.

الجمعية لن تُخفِي، وليس لديها الوقت كي تُخفي، هدفها الذي أُسست لأجله في هذا الوقت بالذات وبهذه العجالة: الدخول في الانتخابات. بادرت وقبل إكمال إجراءاتها القانونية إلى تحديد عدد مرشحيها. أفاد الساعاتي لصحيفة الأيام إلى ان المرشحين المؤكدين للجمعية حتى الآن 10 مرشحين موزعين على المحافظات الخمس، التوزيع يتمثل في «4 مرشحين في محافظة العاصمة، و4 مرشحين في المحافظة الشمالية، ومرشحان في المحافظة الجنوبية، وآخران بمحافظة المحرق».

ولن يخفي الساعاتي أيضاً، أنه بجمعيته سيكون الوجه الكمّل للدور الذي حرّكه ولي العهد بدعوة الأعيان المباغتة وخطف توقيعاتهم. فهو يؤكد لصحيفة الأيام على ضرورة "أن ننطلق في عملنا من النقاط الخمس التي أعلنها ولي العهد حول نتائج حوار التوافق الوطني".

ليس هناك ما تخفيه جمعية "الوطن" من هدف تأسيسها، أنها بنت السلطة، وجاءت لتزييف إرادة الشعب وتمييع الأزمة السياسية الضاربة في البحرين، والقفز على الوضع السياسي المأزوم بوجاهات زائفة مترفة لا تعرف عن أوجاع الشارع ومعاناته شيئاً، ولن تكون يوماً معادلة في النزول إليه أو تلمّس ما يعانيه. لقد جاءت هذه الجمعية لتصل (مرتاحة) إلى البرلمان على أكتاف الشعب الذي ضحّى وعانى من أجل برلمان كامل الصلاحيات يُعطى للشعب بلا منحة ولا منّة. لقد جاءت لتقطف الوجاهة التي يوفرها لها برلمان عاجز، لكنه لن يكون عاجزاً عن منحها وجاهة مادية وصورية ترتضيها.

إنها الوجه الآخر لوثيقة "الأعيان"، ربما كان أنسب لها لو أطلقت على نفسها جمعية "الأعيان"، تيمناً بوثيقة "الأعيان"، بدلاً من استخدامها اسم "الوطن" المستهلك بالفتن.

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus