"هيومن رايتس ووتش": الحكم بإعدام الشيخ النمر يزيد من الشقاق الطائفي والاضطرابات ويجب على السعودية وضع حد للتمييز ضد الشيعة

2014-10-16 - 8:47 م

مرآة البحرين (خاص): قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن الحكم بالإعدام على رجل الدين الشيعي البارز الشيخ نمر النمر من قبل محكمة سعودية أمس يقوم على "اتهامات غامضة مبنية على انتقادات سلمية وجهها للمسؤولين في السعودية".

وأضافت بأن الشيخ النمر هو "أحد الذين يمتلكون شعبية في المنطقة الشرقية بالسعودية التي يعيش فيها غالبية الأقلية الشيعية".

وأوضحت في بيان لها اليوم الخميس 16 أكتوبر/تشرين الأول أن التهم تضمنّت "نقض بيعة الحاكم، تأجيج الفتنة الطائفية ودعم أعمال الشغب وتخريب الممتلكات العامة" أثناء الاحتجاجات التي قامت بها الأقلية الشيعية في القرى والمدن خلال 2011 و 2012، مضيفةً أن "الشيخ النمر اتهم بمقاومة الاعتقال باستخدام وسائل العنف في يوليو/تموز 2012، لكن المنظمة لم تتمكن من التأكد من صحة التهم التي أدين على أساسها والتي أنكرها النمر".

ورأت "هيومن رايتس ووتش" أن "الإجراءات التي اتبعتها المحكمة الجنائية الخاصة في السعودية والتي تضمنت 13 جلسة في عام ونصف تثير الخوف والقلق الشديدين في عدالة المحاكمة".

وقال جو ستورك نائب رئيس المنظمة في الشرق الأوسط إن "المعاملة القاسية لرجل الدين الشيعي تزيد من الاضطرابات والشقاق الطائفي"، مضيفاً أن "مسار المملكة العربية السعودية في تحقيق الاستقرار في المنطقة الشرقية يكمن في وضع حد للتمييز المنهجي ضد المواطنين الشيعة، وليس في أحكام الإعدام".

وأضافت المنظمة أن السلطات اعتقلت المحامي القانوني وشقيق الشيخ النمر محمد النمر في قاعة المحكمة بعد إعلانه حكم الإعدام الصادر بحق شقيق عبر حسابه في "تويتر"" ولم تستطع المنظمة تحديد أسباب الاعتقال لكن ناشطين محليين أكدوا لها اعتقادهم بأن سبب الاعتقال كان "التحدث إلى وسائل الإعلام عن المحاكمة".

وقال شقيق النمر في تغريدته عبر "تويتر" إن المحكمة رفضت طلب الادعاء العام بعقوبة "حد الحرابة" وهي أقسى عقوبات الإعدام في السعودية حيث يتم قطع رأس الشخص المدان وتقطيع جثّته وعرضها في ساحة عامّة أمام الناس.

وبيّنت المنظمة أن الشيخ نمر النمر قد اعتقل في يوليو/تموز 2012 وتم احتجازه لمدة ثمانية شهور دون توجيه أي اتهام رسمي له، ومع ذلك فقد وصفت الداخلية السعودية النمر بـ"المحرض على الفتنة والشغب" بعد اعتقاله. وأضافت ان "السلطات ادّعت أن الشيخ النمر قد قاوم الاعتقال وصدم سيارة تابعة لقوات الأمن ما أدى إلى تبادل إطلاق أصيب فيه النمر، وأظهرت صور تم نشرها في وسائل إعلام محلية الشيخ النمر ملقى على المقعد الخلفي في السيارة ويرتدي ثوب أبيض ملطخ بالدماء". لكن أحد أبناء عائلة النمر قال للمنظمة أن "الشيخ النمر لم يكن يحمل سلاحاً وإن السلطات روجت لمزاعم مقاومته للاعتقال".

وأضافت المنظمة على لسان أحد أبناء عائلة النمر وهو ناشط محلي إن "الشيخ النمر دعم الاحتجاجات السلمية وتحاشى الدعوة للعنف من قبل المعارضة ضد الحكومة، واقتبست البي بي سي في تقرير لها في 2011 عن النمر قوله.. زئير الكلمة أقوى في مواجهة أزيز الرصاص لأن الحكومة ستستفيد من معركة السلاح". وفي مقطع له على يوتيوب قال النمر إنه "لايجوز استعمال الأسلحة ونشر الفساد في المجتمع".

وقال ناشط محلي للمنظمة إن السلطات احتجزت النمر في زنزانة انفرادية في سجن المستشفى العسكري في الرياض أغلب فترة سجنه، فيما قالت عائلة النمر إنه "معتقل في زنزانه 4*4 متر وبدون نافذة، والسلطات لم تسمح له بالتحدث بحرية مع عائلته في الأربعة الأشهر الأولى من اعتقاله"، لكن منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2013 استطاعت العائلة أن تلتقيه في زنزانته لمدة ساعة في زيارة محددة في كل أسبوعين.

وقالت المنظمة إن السلطات السعودية "تمارس التمييز بشكل ممنج ضد الشيعة الذين يشكلون 10 - 15 بالمئة من السكان، وهذا التمييز يقلل من فرص الشيعة في تلقي التعليم الحكومي والتوظيف في مؤسسات الدولة، كما أن الشيعة لا يتم التعامل معهم بمساواة أمام القانون خصوصاً فيما يتعلق بحريتهم الدينية وحرية المعتقد، فهم يحصلون بشكل نادر على ترخيص لبناء المساجد ولا يتقلون أي دعم حكومي لأنشطتهم الدينية كما هو حاصل مع نظرائهم السنّة".

ونقلت المنظمة عن ناشط سعودي طلب عدم ذكر اسمه خوفاً من الاعتقال، قوله إن "الشيخ النمر له مؤيدون كثر خصوصاً عند فئة الشباب في الطائفة الشيعية بسبب انتقاداته الحادّة والجريئة تجاه سياسات الحكومة ودفاعه عن حقوق الشيعة، وفي مارس/ آذار 2009 قال النمر إن على الشيعة أن يفكّروا جدياً في الانفصال عن المملكة السعودية إذا ما استمرت الحكومة في إنكارها لحقوقهم، وقد حاولت السلطات الأمنية اعتقاله لكنه توارى عن الأنظار".

وعن جرأة نمر النمر في خطاباته السياسية تقول المنظمة أنه في يونيو/حزيران 2012 قبل أقل من شهر من اعتقاله، وفي إحدى خطب الجمعة أمام مؤيديه بعد موت الأمير نايف (وزير الداخلية السابق) تساءل "أين جيش نايف؟ هل يستطيعون أن يمنعو عنه الموت؟ أين مخابراته؟ أين ضبّاطه؟ هل يستطيعون أن يبعدوه عن الموت كي لا تلتهمه نار جهنّم؟".

وعن محاكمة رجال الدين الشيعة في السعودية أضافت المنظمة أن الشيخ النمر هو "آخر رجل دين شيعي بارز يتلقى حكماً قاسياً من المحكمة الجنائية المتخصصة، حيث أن المحكمة في أغسطس/آب الماضي أدانت توفيق النمر بسبب دعوته العلنية لإصلاحات دستورية وحكمت عليه بالسجن 8 سنوات والمنع من السفر وإلقاء الخطب الدينية لمدة 10 سنوات".

وكان قد حكم على توفيق النمر في ديسمبر/كانون الأول 2012 بالسجن 3 سنوات لكن محكمة الاستئناف رفضت الحكم واعتبرته متساهلاً أكثر من اللازم.

وطالبت المنظمة سابقاً من السلطات السعودية بإلغاء المحكمة الجنائية المتخصصة التي أدانت الشيخ النمر حيث أن الحكومة انشأتها في 2008 للنظر في قضايا الإرهاب لكنها استخدمت لمحاكمة المعارضين السلميين لأهداف سياسية وهي تنتهك حق الإنسان في الحصول على محاكمة عادلة.

وكشف تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش في سبتمبر/أيلول الماضي عن مخاوف جدية للإجراءات القانونية اللازمة لأربع محاكمات لمحتجين شيعة أمام المحكمة الجنائية المختصة، وشملت الاتهامات تهما كيدية مزيفة والتي لا يمكن تصنيفها كجرائم معترف بها، كما حرم المتهمون من الاتصال بالمحامين أثناء الاعتقال والاحتجاز السابق للمحاكمة، كما أسقطت المحكمة بشكل سريع مزاعم التعذيب بدون إجراء تحقيق، والقبول باعترافات المتهمين الذين قالوا أنها انتزعت منهم بالإكراه دون التحقيق في مزاعمهم.

وقال ستورك "المحاكمات الغير العادلة للشيعة ليست أكثر من قمة الجليد للقمع الذي تمارسه الدولة بحق المطالبين بوقف التمييز ضدهم منذ زمن طويل"، مضيفاً إن على "المجلس القضائي في السعودية إعادة النظر في الحُكم الصادر بحق الشيخ النمر وإلغائه إذا تمعنوا قليلاً في الخروقات الفاقعة لإجراءات المحاكمة".


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus