الهافينغتون بوست: حقوق الإنسان ليست للبيع: لماذا يجب على المملكة المتّحدة إيقاف تسليحها البحرين؟

2014-10-22 - 12:53 ص

أندرو سميث، صحيفة الهافينغتون بوست
ترجمة: مرآة البحرين

سيشهد هذا الأحد محاكمة نبيل رجب، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، الذي يواجه حكمًا بالسّجن يصل إلى ثلاث سنوات بتهمة إهانة"مؤسّسة رسميّة" على موقع تويتر. قد يبدو هذا الأمر استثنائيًّا، ولكنّه فقط المثال الأخير على قمع السلطات البحرينية المروّع لحقوق الإنسان. ويأتي اعتقال رجب بعد خمسة أشهر فقط من إطلاق سراحه عقب إمضائه حكمًا بالسّجن لمدّة سنتين لمشاركته في التّظاهرات.

وشهدت الأسابيع القليلة الماضية أيضًا اعتقال النّاشطة في مجال حقوق الإنسان زينب الخواجة، لتمزيقها صورة الملك، كما تمّ اعتقال المعارضة مريم الخواجة الشهر الفائت بناءً على اتّهامات سياسيّة، عند عودتها إلى البحرين لزيارة والدها في السّجن. وللأسف، ليس اعتقال السّلطات البحرينية للشخصيّات المعارضة البارزة إلّا جزءًا من مشهد أعظم حيث تمّ التّهجّم على الصحافيين، والفنّانين وأعضاء في الأحزاب المعارضة.

وفي الشهر الماضي، أضرب 50 معتقلًا عن الطّعام لمدّة 30 يومًا احتجاجًا على أعمال التّعذيب التي تمارسها الحكومة. وأصدر المعتقلون بيانًا اتّهموا فيه السّلطات بممارسة عدّة انتهاكات خطيرة؛ بما فيها الضّرب، وتوجيه الإهانات، والتّعذيب، والحبس الانفرادي، وإجبارهم على الوقوف لساعاتٍ طويلة.

وقد تفاقم الوضع منذ فترة من الزّمن. ففي وقتٍ سابق من هذا العام، عزّز الملك سلطته بإعلان قانونٍ جديد يقضي بالحكم على كل من يهينه علنًا بالسّجن لمدّة تصل إلى سبع سنوات.

كما تداعت محادثات التّسوية الرّسمية، عقب ثلاث سنوات من الجمود السّياسي. ودعت الجمعيّات المعارضة إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة المفترض إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثّاني. وقد كان تدهور وضع حقوق الإنسان والقلق من إجراء الانتخابات بشكل غير عادل بهدف ترسيخ سلطة الحكومة، السبب الرئيسي للمقاطعة.

وأدين النظام من كل من منظّمةُ العفو الدّولية، ومؤشر الديمقراطية للإيكونوميست، ومنظّمة بيت الحرّيّة، وغيرها، ولكنّ كل هذا لم يمنع الحكومة البريطانية من توطيد علاقتها بالبحرين. وأدانت منظّمة هيومن ريتس ووتش نظام العدالة الجنائية في البحرين بسبب فشلها في تحقيق المستوى الأدنى من المساءلة والعدالة النزيهة، واصفة إياه بأنّه "نظام قمعي ظالم للغاية".

وبالإضافة إلى الإعلان عن اتّفاقات تجارية جديدة، صنّفت وزارة الأعمال والتجديد والمهارات البريطانية البحرين ك "سوق ذات أولوية" لصفقات الأسلحة، وقد استثمرت الحكومة الكثير من وقتها ومالها ورأسمالها السّياسي في دعمها العلني جدًا للسّلطات البحرينية في محاولة للتودّد إليها من أجل إتمام صفقة بيع طائرات ال"يوروفايتر".

وقد حلّت الأسرة البحرينية الحاكمة هذا الصيّف ضيفة على المملكة المتّحدة في حملة مبهرجة ومُكلِفة لجذب الرّأي العام، إذ رأيناها، جنبًا إلى جنب مع الملكة البريطانية، خلال مهرجان ويندسور الملكي للفروسية كما عقدت مؤتمرًا خاصًا في قلب مدينة وستمنستر.

لم يكن هذا إلّا أحد مظاهر الدّعم العلنية فيما بات يشكّل علاقة تملّق متبادلة بينهما. ذلك حدث عقب زيارة رفيعة المستوى للأمير شارلز إلى البحرين، وعقب إقامة "الأسبوع البريطاني العظيم" -وهو معرض تجاري للأسلحة، مبهج ومفعم بالألوان يمثل تحية تقدير لكل الأشياء البريطانية في المنامة في يناير/كانون الثّاني، وقد زاره كل من وزير الدفاع وقتها فيليب هاموند والأمير أندرو.

وكان من المفترض أن تشهد انتفاضة عام 2011 إعادة تقييم لأسلوب عمل المملكة المتّحدة في المنطقة، ولكنّ بريطانيا رخّصت تصدير ما قيمته 25 مليون جنيه أسترليني من العتاد العسكري للبحرين منذ ذلك الوقت. وتضمّنت الصّفقة تراخيص لأسلحة رشّاشة، وبنادق قنص، وموجّهات رماية، وذخائر، ودروع مكافحة الشغب، والتي يمكن استخدامها كلّها في القمع الدّاخلي.

ومن الغايات المضمرة من مبيعات الأسلحة دعم النّظام سياسيًّا وتوجيه رسالة إلى النّشطاء المطالبين بالديمقراطية وأولئك الذين يقاومون القمع، مفادها أنّ آمالهم في الحصول على حقوق الإنسان والحرّيّات المدنيّة أقل أهمّية من الأرباح المترتّبة عن تّجارة الأسلحة.

وقد تمّ التّأكيد على هذه النّقطة في تقرير لجنة الشّؤون الخارجية لعام 2013 حول العلاقات مع البحرين والسّعودية، إذ خلصت اللّجنة إلى أنّ: "كلًا من الحكومة والمعارضة في البحرين يرى أنّ صفقات بيع أسلحة الدّفاع البريطانية إشارةٌ على الدّعم البريطاني للحكومة." وقد حثّت اللّجنة ذاتها الحكومة على اعتبار البحرين من بين "الدول المثيرة للقلق" في تقريرها السّنوي حول حقوق الإنسان والديمقراطية.

وليس غريبًا أن يتم تجاهل طلبهم، إذ أورد التّقرير الأخير لائحة ضمت 28 دولة واختار حذف البحرين. وبدلًا من ذلك، وبخلاف الأدّلة المقدمة من الجمعيّات المعارضة، خلص التّقرير إلى أنّ "المسار العام لحقوق الإنسان (في البحرين) سيكون إيجابيًّا." وقد تمّ تحديث التّقرير هذا الأسبوع، ولكن كاد ذكر آثار القمع يغيب عنه، وبدلاً من ذلك خلص إلى أنّه "توجد أدّلة على بذل جهودٍ حقيقية في المجالات التي لا يزال فيها مخاوف من انتهاك حقوق الإنسان."

ولا تشكّل صفقات بيع الأسلحة أعمالًا غير سياسية. فمن جهة، تدعم الطّرف المشتري من خلال منحه تأييدًا بريطانيًّا ينم عن احترامٍ ظاهري، ولكنّ المشترين يبتاعون أيضًا دعم الحكومة البريطانية السّياسي وإذعانها. ومع استمرار تفاقم أعمال القمع، تتجلى أكثر فأكثر العواقب الوخيمة للقرارات الدّاعمة لصفقات بيع الأسلحة على ضحايا القمع الحكومي.

17 أكتوبر/تشرين الأوّل، 2014
النّصّ الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus