ميدل إيست آي: البحرينيّون يعبّرون عن خيبة أملهم من برلمان "بلا أسنان"

2014-11-29 - 2:45 ص

روري دوناغي، ميدل إيست آي

ترجمة: مرآة البحرين

عبّر أفراد من المجتمع السنّي في البحرين عن خيبة أملهم من انتخابات يوم السبت وعدم اكتراثهم لها، مشتكين من برلمانٍ "بلا أسنان" غير قادر إطلاقًا على تحريك تغيير حقيقي في الدولة الخليجية المنقسمة.

وبما أنّ المعارضة البحرينية التي يقودها الشّيعة تقاطع الانتخابات-معتبرةً أنّ لا طائل من الاقتراع- سيترك إلى حد بعيد للمجتمع السنّي انتخاب 40 ممثلًا برلمانيًا و30 ممثلاً للبلديات من أصل ما يفوق الـ 400 مرشح.

سيختار المواطنون من يمثّلهم في الغرفة الدنيا من البرلمان، إذ يشغل الـ 40 مقعدًا في الغرفة العليا أشخاص تمّ تعيينهم من قبل الملك حمد بن عيسى آل خليفة. تشكّل الغرفتان معًا ما يُعرف بالمجلس الوطني، غير أنّ الغرفة العليا لديها سلطة على الغرفة الدنيا في ما يخص الأمور التشريعية.

تمّ استئناف الانتخابات في عام 2002 عقب انقطاعٍ دام 30 عامًا، ولكن النتيجة المتأتية عن ذلك كانت مخيّبة للآمال في ظل غياب سلطة تشريعية لممثلين يختارهم الشّعب. وقد تفاقم الوضع منذ العام 2011 مع استمرار الأزمة السياسية التي شهدت قمعًا شرسً امن قبل السلطات، للانتفاضة المطالبة بالديمقراطية .

وقد أفادت الأستاذة المساعدة في أخلاقيات نظم العلومات في جامعة البحرين، سعاد الملّا، أنّه "يوجد خيبة أمل عامّة من أداء البرلمان في السابق وقدرته على إحداث تغيير حقيقي". وأضافت أنّ "الكثير من النّاس، وأنا من ضمنهم، يتساءلون عن المغزى من التصويت".

وعلى الرّغم من أنّها تشعر بخيبة أمل من عدم تمتّع البرلمان بنفوذ حقيقية، قالت العلّا إنّها ستُدلي بصوتها وإنّها لا تؤيّد حركة 14 فبراير المعارضة التي أدّت إلى نشوب احتجاجاتٍ على مر السنوات الثلاث الأخيرة في البحرين.

كما قالت: "أظن أننّي سأشارك في نهاية المطاف، لأنّ البرلمان يمثّل الطريقة المناسبة الوحيدة والمدنية لتحقيق التّغيير. لا أؤمن بالفوضوية ولا أؤمن بالاحتجاج إلّا إن أقيم بطريقة سلميّة فعلا".

ويبدو الاستياء من الطريقة التي عمل بها البرلمان قضية متفاقمة في أوساط المجتمع السنّي في البحرين، الذي يرى كثيرون أنّه متعاطف مع الحكم، ويرغب كثيرون بحصول النوّاب على المزيد من الصلاحيات التشريعية.

وقال العضو في ائتلاف شباب الفاتح، يعقوب سليس، الذي يؤيّد الإصلاح السياسي والقضائي في البحرين ولكنّه يدعم الحكم الملكي الحالي أيضًا، إنّ "البرلمان الحالي هو برلمانٌ بلا أسنان". وأضاف سليس أنّه "لا بدّ من أن يمنح البرلمان المزيد من السلطات في ما يخص تشريع القوانين ومراقبة عمل الحكومة".

غير أنّ سليس قال إنّ حزبه حاليًّا لا يؤيّد حكومة منتخبة بالكامل في البحرين، موضحًا أنّه "يوجد الكثير من المخاوف-لا سيّما في أوساط المجتمع السنّي-من أن يؤدّي هذا الأمر إلى أكثرية شيعية على رأس السلطة".

وأكّد قائلًا إنّ "هذا سيكون كارثيًّا. لا يريد السنّة تكرارًا لما يحدث في العراق-حيث كان المالكي يمسك بالسّلطة وينفّذ أجندة طائفية".

إنّ الحركة البحرينية المطالبة بالديمقراطية، التي يقودها المجتمع الشيعي، تقيم احتجاجات يوميًّا من أجل تحقيق إصلاحات ديمقراطية ويطالب كثيرون أيضًا بإسقاط نظام آل خليفة الملكي. وقد نفت الحركة مرارًا وتكرارًا الادّعاءات التي تقول إنّها تطالب بحقوق الشيعة حصرًا وأكّدت أنّ غايتها هي أن يصبح بإمكان جميع البحرينيين اختيار رؤسائهم بحرّيّة.

ولطالما اشتكى المجتمع الشيعي من التّمييز الذي تمارسه الحكومة-داعمًا ادّعاءه هذا بتقارير منظمة هيومان رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية- بيد أنّ النّاشط الشبابي سليس قال إنّه يوجد مشاكل يواجهها جميع البحرينيين معًا.

وأضاف أنّ: "ثمّة أسباب تدفع المجتمع الشيعي للشعور بأنّ التّمييز يمارس ضدّه بشكل خاص، ولكن البحرينيين جميعًا يواجهون المشاكل نفسها. فالمشكلة ليست شيعية بحتة، خاصّةً في ما يتعلّق بالقضايا الاجتماعية-الاقتصادية. كلنا يعاني من مشكلة تأمين المساكن، والوظائف، وتمثيل أفضل في البرلمان".

عشرات الآلاف من الناس على لوائح الانتظار للإسكان الحكومي، ولا تزال نسبة توظيف الشباب حوالى 20% في الحد الأقصى.

ولكن، على الرغم من عدم قدرة البرلمان على معالجة المشاكل التي يواجهها البحرينيّون-ونزول الآلاف من الغالبية الشيعية في البلاد إلى الشوارع والاحتجاج يوميًّا- لا زال صوت الذين يشجّعون النّاس على المشاركة في الانتخابات المقررة يوم السبت، صادعًا وقويًّا.

وقال محمّد السيد، وهو عضو في حركة مواطنين من أجل البحرين، التي تسمي نفسها جماعة من البحرينيين "المعتدلين" الذين يؤمنون بـ "الإصلاح، لا الثّورة": "أؤمن بضرورة المشاركة في عملية صنع القرار أإنّ هذه الانتخابات امتيازٌ تمّ منحه لنا".

وأضاف السيد: "إن أردنا الديمقراطية، فلا بدّ من اختبارها".

وقال السيد إنّ اعتبار البرلمان يمثّل فشلاً أمرٌ "خاطئ" وأشاد ببعض نجاحاته غير المعروفة.

كما أفاد أنّ: "البرلمان حقّق أمورًا ذات فائدة على المستوى المحلّي-بما في ذلك إقرار قانون أحكام الأسرة الذي ينظّم إجراءات الطّلاق والزّواج. وللأسف لم يصادق عليه لكلتا الطّائفتين، ولكن نجح في إقرار قوانين أخرى لتنظيم السير".

وأردف قائلًا إنّ: "النّاس قد لا يرون أنّ هذه القوانين مهمّة ولكنّها كذلك. الفشل كان في عدم الإعلان عن هذه الإنجازات".

ولكن لا يزال يبرز في المجتمع السنّي نقّاد شرسون للبرلمان.

سامي عزيز هو قائد حركة عمّالية طُرد من وظيفته في شركة غلوبال يوكوجاوا-وهي شركة إلكترونيات يابانية- في مارس/آذار عام 2013 بعد خلاف مطوّل على دوره في المطالبة بالمزيد من حقوق العمّال في البحرين.

وقد قال إنّ: " الحركة النقابية في البحرين تُعتبر معارضة للحكومة. ففي عام 2011، دعا الاتّحاد العام لنقابات عمال البحرين إلى إضرابٍ ممّا أدّى إلى إدراجه على اللّوائح السوداء في كل الأجهزة الحكومية".

وصرّح عزيز أنّ طرده كان بسبب قدرة المصالح التجارية الكبيرة على التّأثير على السّلطات البحرينية، القضية التي أكّد أنّ النواب لا يجرؤون على طرحها في البرلمان.

إذ قال إنّ: "هؤلاء الأشخاص الذين سيصبحون أعضاء في المجلس النيابي لا يطرحون القضايا المتعلّقة بالعمل أو الفساد في البرلمان. إنّهم يعتبرون أنّ الحديث عنها لا يُعجب الحكومة".

"أنت إمّا مع الحكومة أو ضدّها. لا مجال لاختلاف الآراء-ولذلك لا طائل من هذه الانتخابات".

لذا أدّى عجز البرلمان عن التأثير في ما يخص القضايا الرئيسية إلى حدوث شرخٍ بين أفراد المجتمع السنّي، الذين وفّروا دعمًا كبيرًا للحكومة منذ انطلاق الانتفاضة عام 2011.

وقال النّاشط الشّبابي يعقوب سليس إنّه: "بطبيعة الحال، تعتقد شريحة كبيرة من المجتمع السنّي أنّ التّصويت في الانتخابات عملٌ قومي وواجبٌ وطني. ولكن في الوقت نفسه ثمة خيبة أمل كبيرة من أداء البرلمان".

وأضاف أنّ: "شريحة كبيرة من المجتمع السنّي تقول: لماذا نزعج أنفسنا بالتّصويت؟ سينتهي بنا الأمر ببرلمانٍ آخر "بلا أسنان"".

وقد شكّك سليس بجدارة المرشحين في الانتخابات، موضحًا أنّ الخطاب السياسي كان محدودًا للغاية في نطاقها.

وقال إنّ: "معظم المرشحين يظنّون أنّ إطلاق الحملات الانتخابية يعني طبع لوحات إعلانية كبيرة وفتح حساب على موقع الإنستغرام. وقد تضمنت البيانات الانتخابية الكثير من الوعود التي يستحيل الالتزام بها-فقد أكّد المرشحون أنّ الجميع سيحصل على مسكنٍ ووظيفة".

وبما أنّ النائب يُمنح راتبا سنويا بقيمة 150,000 دولار أمريكي- بالإضافة إلى خطّة تقاعد سخية وسيارة فخمة- يرى بعض المعلّيون أنّ ما يستميل المرشحين، بدرجة كبرى، ليس التّمثيل السياسي بل الحافز المالي.

ليس جليًّا حجم تأثير عدم الاكتراث بالتصويت ومقاطعة المعارضة الكبيرة على نسبة المشاركة، إذ لم يتم إجراء أي استطلاعٍ للرأي في البلاد.

غير أنّ الحكومة فعلت كل ما في وسعها لجعل أكبر عدد ممكن من النّاس يقدم على التّصويت. فقد ظهرت تقارير تفيد بأنّ السّلطات عرضت على المقترعين فرصة الفوز بهاتف آيفون وعلى ما يظهر هدّدت الذين لا يشاركون في التّصويت بأنّهم لن يستفيدوا من خدمات الحكومة بشكل فعّال.

ستجرى الانتخابات بين الساعة 0800 [0500 بتوقيت غرينيتش] والساعة 1800 [1500 بتوقيت غرينيتش] من يوم السبت، مع توقّع ظهور النّتائج الأسبوع المقبل.

 

22 نوفمبر/تشرين الثاني 2014
النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus