مارك أوين جونز: الانتخابات البحرينية: أزواج وهواتف ووظائف

2014-11-29 - 10:13 م


على الرغم من إصلاحات الحكومة الجزئية في الانتخابات، أضرت مقاطعة المعارضة، والدعايات الانتخابية المريبة، والمرشحون المثيرون للجدل، أضرت بانتخابات البحرين.

مارك أوين جونز، موقع ميدل إيست آي
ترجمة مرآة البحرين

حظيت الانتخابات البرلمانية الرابعة في البحرين منذ العام 2002 ببداية مريبة. وقد أعلن تحالف جماعات المعارضة، بمن في ذلك الوفاق، وهي أكبر جمعية معارضة في البحرين، أنهم سيقاطعون الانتخابات، وهم الآن ينشرون هاشتاغ (#لا_تصويت_في_البحرين ..#No_Vote_BH.). فيما تحث الحكومة، من جهة أخرى، الشعب على المشاركة يوم السبت في الانتخابات، زاعمة أن "التصويت ضرورة وواجب وطني".

وفي ما يشكل تناقضًا، يشجع النظام المُتّهم بانتهاكات حقوق الإنسان الناس على المشاركة في الانتخابات الديمقراطية، وقد نشر ناشطون، منهم مريم الخواجة تغريدة على موقع تويتر، مفادها أنه "في الجو الحالي، لا يمكن الحصول على انتخابات حرة ونزيهة، حتى لو تم تنفيذ الجانب اللوجستي كما يجب"

الحملة الانتخابية الحالية

في الحقيقة، تبدو الخيارات المتاحة أمام المواطنين أقل إغراءً. فقد زعم الشيخ علي سلمان، الأمين العام لجمعية الوفاق، مؤخرًا أن لا أحد يأخذ هذه الانتخابات على محمل الجد، وأنها تشكل موضوعًا للنكات. وليس من الصعب رؤية ما كان يقصده.

على سبيل المثال، أثار أحمد عرّاد السخرية عبر استخدامه شعار «سنعمل على قضايا الفتيات غير المتزوجات». وعرّاد هو أحد مرشحي تجمع الوحدة الوطني، وهو تحالف كبير ذي غالبية سنية ظهر بعد انتفاضة العام 2011. وقد صورت امرأة ردها السريع بالفيديو قائلة: : ستجد حلًا للفتيات غير المتزوجات، هل ستبحث عن رجال لهن؟ هل أنت قوّاد؟"

ولم تتوقف السخافة عند هذا الحد، فقد أثيرت مشكلة تجنيس الأجانب الحالية في البلاد، عندما تم تصوير نايف الجاسم، وهو مُرشح عن الدائرة الخامسة في المحافظة الجنوبية، وهو يخاطب جمهورًا من الناخبين المحتملين، من خلال مترجم للغة الأوردو. وقد صرّح بأن كل شخص يحمل جواز سفر أحمر هو بحريني. وقد دافع الجاسم، الذي يُطلَق عليه تهكمًا لقب "المرشح الباكستاني" عن موقفه، قائلًا إن "الباكستانيين واليمنيين المُجَنّسين يعرضون حياتهم للخطر من أجل البحرينيين". ولطالما اتُّهِمت الحكومة البحرينية بالهندسة الديموغرافية وبتجنيس مواطنين أجانب سُنّة، على حساب الأغلبية الشيعية في البلاد.

توجه الحكومة

وقد كافحت الحكومة البحرينية من جهتها، الدعاية الانتخابية المفرضة وأيضًا اللامبالاة السياسية. وعلى الرّغم من أنه كان قد توجب عليها تذكير المواطنين باتباع المبادئ التوجيهية في الانتخابات، إلا أنها لم تفعل شيئًا يُذكَر لكبح جماح أولئك الذين يحاولون إفساد العلاقات بين السنة البحرينيين والمجموعات الشيعية. وعندما صرّح خالد بورشيد، وهو مرشح عن الدائرة الثامنة في المحافظة الشمالية، بأن "سكان البحرين الأصليين أي البحارنة لا أصل لهم، لم تفعل السلطات أي شيء.

وقد أثار هذا الأمر بعض الجدل، حين قبضت وزارة الداخلية بشكل سريع على مواطن نعت المرشحين بـ "الخنازير" و"الأغبياء". وقد اتُّهِمت الحكومة أيضًا بانعدام الكفاءة واللباقة لديها إذ أرسلت رسائل تحث فيها الناس على التصويت، بمن في ذلك الكثيرين ممن قُتِلوا في الانتفاضة أو أولئك المسجونين أو حتى أولئك الذين سُحِبت جنسياتهم بحجة الإرهاب. وكان ابراهيم شريف، الأمين العام لجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) والمسجون في العام 2011، من بين الذين تلقوا رسالة تطلب منهم التصويت.

ويبدو أن انعدام الكفاءة هذا تفاقم من خلال ما صنفه بعض المحامين بأنه حثّ غير قانوني من قبل الحكومة على التصويت. وقد تكلمت الأيام، وهي صحيفة محلية، مع مصدر في الحكومة قال إنه سيتم تقديم أولئك الذين يشاركون في الانتخابات، على مستوى التوظيف وتقديم الخدمات العامة. وتم تداول صورة على تويتر أيضًا مفادها أن أولئك الذين صوتوا في جامعة البحرين قد يربحون هاتف آيفون 6.

آلاء الشهابي: الحكومة تستخدم الجزرة والعصا في وقت واحد. ها هم يقدمون سحبًا على هاتف آيفون 6 إلى الناخبين#boycott #bahrain #البحرين_تقاطع

وقد دفعت تصرفات مماثلة الناشط البحريني من أجل حقوق الإنسان سيد يوسف المحافظة إلى انتقاد ماكنة الانتخابات. وقال إنه "علينا احترام خيار الشعب بمقاطعة الانتخابات أو المشاركة فيها، وتهديد الناس لدفعهم إلى التصويت هو انتهاك لحقهم".

السياق السياسي

تأتي الانتخابات الأخيرة في وقت تعاني فيه شرعية الحكومة من أزمة شديدة. في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، أي بعد مرور تسعة أشهر تقريبًا على بدء الانتفاضة البحرينية، أنجز فريق من الخبراء تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، وذكروا فيه أن قوات الأمن تورطت في "ممارسة منهجية لإساءة المعاملة الجسدية والنفسية، بلغت في عدة حالات حد التعذيب".

ومع بقاء مئات المحتجزين والمعتقلين سياسيًا في السجن، تُثار أسئلة جدية حول رغبة الحكومة في الإصلاح. وقد وصف المحقق الرئيسي شريف بسيوني تنفيذ الإصلاحات بأنه يجري بشكل بطيء. وقد تحوّلت هذه المخاوف إلى واقع مؤخرًا، حين تعرّض حسن الشيخ، وهو سجين يبلغ من العمر 36 عامًا، إلى الضرب حتى الموت على يد ثلاثة من موظفي وزارة الداخلية. وعلى الرغم من زعم وزارة الداخلية البحرينية بأن هذا كان "عملًا فرديا"، فإن حقيقة موت أكثر من 10 سجناء في الحجز منذ فبراير/شباط من العام 2011 يسلط الضوء على قضية أعمق، ويؤكد ربما عدم ثقة المعارضة بالعملية الانتخابية.

المناخ السياسي

أكثر عمليات القمع مؤخّرا كانت ردًا على احتجاجات قادها متظاهرون، مطالبين بإصلاح سياسي على مستوى النظام في البحرين. وعلى الرغم من التغييرات السياسية التنازلية في العام 2001، والتي أعادت تأسيس برلمان في البحرين، ظلّت العيوب تشوب النظام الديمقراطي. وكانت الاتهامات بالتزوير مبررة جيدًا، وقد رسمت الدوائر، في نظام البحرين الانتخابي الذي يفرز عضوا واحدا عن كل دائرة، لتقليل أثر التصويت الشيعي. وبعض الدوائر الانتخابية ذات الأغلبية السنية ضمّت 4,000 ناخبًا، في ما احتوت الدوائر الأخرى ذات الأغلبية الشيعية ما بين 12,000 إلى 14,000 ناخبًا. لقد كانت النسبة منحرفة جدا، إذ عنى هذا التفاوت في حجم الدوائر الانتخابية أنه في الانتخابات النيابية في العام 2010، "كان لدى أكبر دائرة انتخابية (الأولى الشمالية) أكثر من 21 ضعف عدد الناخبين المؤهلين في أصغر دائرة (السادسة الجنوبية).

وردًا على احتجاجات المعارضة، أعادت الحكومة رسم الدوائر الانتخابية، وسوت بين أعداد الناخبين فيها. ومع ذلك، أصرت الوفاق على أن هذا الأمر "وزع" المعارضة على الدوائر ذات الأغلبية الموالية، وأضافت أن 22 مقعدًا من أصل 40 في البرلملن ستذهب إلى مرشحين موالين للحكومة مهما كان الأمر.

لماذا قد يقاطع الشعب البحريني#Bahrain الانتخابات المقبلة؟ #No_Vote_BH

ووفقًا للجمعية، من المهم أن نتذكر أنه في العام 2010، "كان عدد الناخبين المؤهلين في الدوائر التي فازت فيها الوفاق 181,238"، وهو ما تجسد في 18 مقعدًا نيابيًا، في ما كان العدد الذي فاز عبره الآخرون في الدوائر ذاتها 137,430"، وهو ما تجسد في 22 نائبًا موالين للحكومة. علاوة على ذلك، فإن التغييرات الجديدة لا تصلح واقعًا مفاده أن البرلمان المنتخب هو، بشكل رئيسي، أداة للبصم على قرارات مجلس الوزراء والشورى المعينين. وكما حاجج يوسف، "ليست مسألة برلمان، نحن نطالب بحكومة منتخبة وبنقل السلطة إلى الشعب".

ومن السهل رؤية السبب الذي دفع جمعية الوفاق وتحالف المعارضة إلى مقاطعة الانتخابات، غير أن انسحابهم سيجعلنا في الغالب نشهد سيطرة الأحزاب السنية اليمينية والمستقلين الموالين للحكومة على البرلمان.

ومع ذلك، توجد أيضًا أدلة تشير إلى أن الرسم الجديد للدوائر الانتخابية سيضعف الجماعات السنية، ومنها جمعية الأصالة السلفية، ويشكل هذا مؤشرًا على تجاوب البحرين مع الضغط الأمريكي للسيطرة على التطرف المتنامي في المنطقة.

وقد سلط انسحاب عادل المعاودة الضوء على هذه القضية. والمعاودة نائب سابق عن جمعية الأصالة،ـ وقد التقطت صورة فوتوغرافية له في العام 2012 مع أفراد من الجيش السوري الحر.

ما هو واضح رغم ذلك، هو أن البحرين لن تحصل بالتأكيد على برلمان يمثل الرأي العام. ووفقًا لجستين غينغلر، وهو باحث أول في جامعة قطر، فإنه "ستتم خدمة البحرين بشكل أفضل في حال تضمن البرلمان أطياف الرأي الممثلين في المجتمع، والتي يتم اليوم استئصال أكثرها تحررًّا من خلال النظام الانتخابي نفسه".

21 نوفمبر/تشرين الثاني 2014
النص الأصلي


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus