«كريستوفر ديفيدسون» في حوار مع «مرآة البحرين»: متيقّن من حدوث تغييرات مع العام 2018 وقوى الغرب سريعة في تبديل مواقفها

كريستوفر ديفيدسون
كريستوفر ديفيدسون

2014-12-02 - 4:07 ص

مرآة البحرين (خاص): قال مؤلف كتاب "مابعد الشيوخ"، البروفيسور البريطاني كريستوفر ديفيدسون، إنه لم يكن مفاجئاً له أن تقدم جهة بحرينية على إصدار الترجمة العربية لكتابه، مشيرا إلى أن حيوية هذا الشعب، وثقافته، وفضوله، دائما ما تثيره.

وأجرت "مرآة البحرين" حوارا مع ديفيدسون، بمناسبة تدشين النسخة العربية من كتابه "ما بعد الشيوخ: الانهيار المقبل للممالك الخليجية"، والذي يصدر عن مركز "أوال" للدراسات والتوثيق.
و ديفيدسون، هو أستاذ التاريخ والعلوم السياسية والعلاقات الدولية، المتخصص في دراسات الشرق الأوسط بجامعة درهام بالمملكة المتحدة، وكان كتابه الذي صدرت الطبعة الأولى له أوائل العام 2013، هو أول عمل أكاديمي يتوقّع انهيار الأنظمة السياسية الملكية في الخليج، ما جعله أحد أكثر المؤلّفات البحثية إثارة للجدل في العالم.

وقال ديفيدسون لـ"مرآة البحرين "إنّه "متيقّن إلى حدٍّ ما من حدوث تغييرات مهمّة جدًّا بحلول العام 2018"، وأوضح أنه من المرجّح أنّ مثالا إيجابيا لدولة دستورية في الكويت أو عمان، قد يشعل سلسلة من تطوّرات مشابهة في دولٍ أخرى.

ويرى ديفيدسون أن دولا مثل هذه لا تبدو قادرة على اعتماد إجراءات ضرورية لمعالجة الانهيار المحدق للاقتصاد الريعي المعتمد على إيرادات النفط، كفرض الضرائب أو إلغاء الإعانات المالية.

ورغم انتقاده موقف بلاده (بريطانيا) من الحراك في البحرين، قال ديفيدسون إن الأسر الحاكمة في الخليج لا ينبغي أن يتوقعوا الكثير من صداقاتهم مع الغرب، إذ أنّ قوى الغرب سريعة في تبديل مواقفها والمضي قُدمًا، إذا تطلب الأمر، حسب تعبيره.

وفيما يلي نص الحوار الذي أجرته "مرآة البحرين" مع البروفيسور "كريستوفر ديفيدسون":

«مرآة البحرين»: كيف نشأت علاقتك الأكاديمية بموضوع الخليج؟

ديفيدسون: بما أنّني سكنت في دول الخليج وعملت فيها، حيث كتبت أطروحة الدكتوراه عن الاقتصاد السياسي في الإمارات العربية المتّحدة ومن ثمّ عملت بدوامٍ كامل ضمن طاقم عمل جامعة في أبوظبي، تنامى اهتمامي في البحث، الذي كان نابعًا من ولعي بدراسة سياسة القبائل، والدين الإسلامي، واللّغة العربية.

المرآة: هل تجد أن هناك دلالة ما في أن تكون الجهة التي ترجمت كتابك ترجمة معتمدة لأول مرة هي جهة بحرينية؟

ديفيدسون: لم يكن مفاجئًا بالنسبة إلي أن تقدم جهة بحرينية على إصدار ترجمة كاملة لكتاب ما بعد الشيوخ. زرت المنامة مرّاتٍ كثيرة، وفي كل مرّة كات تبهرني حيوية هذا الشعب، وثقافته، وفضوله.

المرآة: كيف تتوقع تلقي كتابك ونحن ندشن اليوم الطبعة العربية منه؟

ديفيدسون: أتوقع أن تلاقي الطبعة العربية استحسانًا. في الواقع استرعت الطبعة الإنكليزية اهتمام جمهور واسع، بما فيهم أعضاء رئيسيين في حكومات دول الخليج، وناشطين في مجال حقوق الإنسان، وشخصيات معارضة، وحتّى أفراد رفيعي المستوى من الأسرة الحاكمة. أضع هذا الكتاب وقفًا لحرية التعبير، ولإيماني بأنّ التشجيع على الجدال المنفتح والمنصف أمرٌ أساسي لتقدّم المجتمع.

المرآة: تقول في كتابك "بدأت البحث في كتابة (ما بعد الشيوخ) في صيف 2009"، وفرضية بحثك تقول إن انهيار الممالك الخليجية سيكون خلال 5 سنوات. كيف تراها الآن وقد مضت 5 سنوات فعلا؟

ديفيدسون: في الطبعة الأصلية للكتاب، التي نُشرت في مطلع العام 2013، توقّعت أنّ انهيار نظام حكومات الممالك الخليجية الحالي سيكون خلال 5 سنوات. وبالتالي، إنّني متيقّن إلى حدٍّ ما من حدوث تغييرات مهمّة جدًّا بحلول العام 2018. ولا أقصد هنا حدوث ثورات، كالتي شهدناها في مناطق أخرى من العالم العربي، بل على الأرجح حصول تحرّكات لانتخاب رؤساء الحكومات، وحصر صلاحيات الشيوخ المستبدين وما إلى ذلك. ولكن المحزن في الأمر أنّه من المحتمل أيضًا تفاقم القمع ضد المواطنين، وقد تُسبب السياسات الخارجية الخطرة التي تتّبعها الممالك الخليجية زعزعة الاستقرار في المنطقة ممّا يؤدّي إلى عواقب أقل إيجابية.

المرآة: هل سيكون الانهيار الذي تتحدث عنه شبيه بانهيار جمهوريات الاتحاد السوفيتي؟

ديفيدسون: لا أظن أنّنا سنشهد "موجة رابعة من نشوء أنظمة ديمقراطية" كما حدث بُعيْد انهيار جمهوريات الاتحاد السوفيتي. ويعود جزء من الأسباب إلى وجود اختلاف شديد بين الممالك الخليجية، ولا تزال تبدو الديمقراطية بعيدة المنال ولكنها ليست مستحيلة. غير أنّه من المرجّح أنّ مثالا إيجابيا لدولة دستورية في الكويت أو عمان على سبيل المثال، قد تشعل سلسلة من تطوّرات مشابهة في دولٍ أخرى. وللأسف، من الممكن أيضًا أن موجة من الأحداث العنيفة والمواجهات في السعودية أو البحرين على سبيل المثال، قد تسبّب سلسلة من الاضطرابات في الممالك الخليجية الأخرى كذلك.

المرآة: يغرق القارئ لكتابك ما بعد الشيوخ في تفاصيل معلوماتية وخبرية كثيرة، هل كان يمكنك اختصار كل هذه التفاصيل المعلوماتية؟

ديفيدسون: حاولت أن أستعين بأكثر قدر ممكن من التفاصيل والمعلومات والحقائق لدعم حججي. وهذا يفسّر وجود مجموعة كبيرة من المراجع المفصّلة مكدّسة في كتابٍ مؤلّفٍ من 300 صفحة.

المرآة: ركزت كثيراً على الاقتصاد الريعي، ودوره في بقاء هذه الممالك، ومنحها الشرعية. ما الشرعية التي يمكن أن تحفظ استقرار الخليج في حال انهيار شرعية الاقتصاد الريعي؟ وهل يمكن أن تكون للمعارضة الناشئة في هذه الممالك قدرة على ضمان استقرار المنطقة بدون (ريع) اقتصادي ضامن؟

ديفيدسون: للأسف، في ظل أنظمة الحكم المطلق، لا أرى حلولا فعّالة في الأفق لمعالجة الانهيار المحدق للدول القائمة على الاقتصاد الريعي، المعتمد على إيرادات النفط. لا يبدو أن دولا كهذه قادرة على اعتماد إجراءات ضرورية كفرض الضرائب أو إلغاء الإعانات المالية. في الحقيقة، إن تمّ اعتماد إجراءاتٍ كهذه، فإنّ ذلك سيضر كثيرًا بشرعية الأسر الحاكمة. لذا، لا بد أن تصب الحركات المعارضة والحكومات المستقبلية تركيزها على اعتماد النزاهة والصراحة بدلًا من ذلك- فكلما كان إعلام الشعوب بالمشاكل الاقتصادية القادمة ونوع الإجراءات التي لا بد من اتّخاذها من أجل حفظ الاستقرار بوقت أبكر، كان أفضل. ولا يعد هذا الأمر مهمّة سهلة، ولكن باتّباع استراتيجيّاتٍ مناسبة، أظن أنّه لا يزال ممكنًا.

المرآة: تقول في كتابك "لكن معارضة ما بعد 2011 كانت مختلفة بشكل واضح". فيم تختلف؟

ديفيدسون: منذ العام 2011، يبدو أنّ الحركات المعارضة أصبحت منظّمة بشكل أفضل وأمست أكثر تركيزًا وإصرارًا. لقد كانت الحركات الناجحة في بلدانٍ أخرى في المنطقة نماذج يحتذى بها، وقد أمدّت أساليب التواصل الجديدة والأكثر حداثة (خاصّةً مواقع التواصل الاجتماعي) حركات المعارضة بقدرٍ كبير من القوّة والعزيمة. وبالإضافة إلى ذلك، تبدو الحركات المعارضة على وعي أكبر بالاستراتيجيات والحيل التي تستخدمها الأنظمة المستبدة لإضعافها.

المرآة: تذهب في كتابك إلى أن الأنظمة الخليجية نجحت في إقناع الغرب بأنها الضامن لاستقرار منطقة الخليج، وأن هذه القناعة آخذة في الاهتزاز. ما نراه الآن في البحرين على وجه التحديد لا يؤيد ذلك، فبريطانيا على سبيل المثال، ما زالت تدعم بشكل سافر بقاء السلطة في البحرين كما هي بدون أي إصلاحات سياسية، كيف تفسّر الأمر من زاوية الدعم الغربي؟ وهل سيسمح بانهيار هذه الممالك؟

ديفيدسون: من وجهة نظر الغرب، لم يتغيّر الوضع كثيرًا للأسف منذ عهد الرئيس كينيدي والحرب الباردة. إذ يبدو أنّ الاعتقاد بأنّ الحكومات القاسية والقمعية قادرة أن تكون "راعية للتحديث" وأن تضمن عدم حدوث الثورات، لا يزال قائمًا حتى اليوم. وفي هذا السياق، لا يختلف دعم بريطانيا المتواصل لحكومة البحرين القمعية كثيرًا عن دعم حكومة كينيدي للنظام البعثي الوحشي عام 1963 أو تغطية حكومة بوش على دور السعودية المرجّح في هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001. ولكن، لا ينبغي أن يتوقّع أفراد الأسر الحاكمة والمستبدون الكثير من صداقاتهم مع الغرب، فإنّ قوى الغرب تكون سريعة في تبديل مواقفها والمضي قُدمًا، إذا تطلب الأمر ذلك. وإن كان ثمّة حسّ بأنّ الأسر الحاكمة لم تعد تتمتّع بالشرعية أو قد أثارت الكثير من الغضب عند شعوبها، سيصبح من الصعب على حكومات الغرب أكثر فأكثر التظاهر بأنّها تتّبع سياسات خارجية متوازنة ومستدامة. وفي عصر جديد فيه فائض من النفط، تقل أرجحية تحمّل الغرب، لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية، للتحالفات والعلاقات المثيرة للمشاكل مع دولٍ كالسعودية.

*ملاحظة: يتوفر الكتاب للشراء على متجر أمازون

كما أنه يباع حاليا في معرض بيروت الدولي للكتاب، جناح مركز أوال للدراسات والتوثيق (جناح رقم i4)


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus