الدار المستباحة: لماذا لا ينام أطفال جليلة السلمان؟

2011-10-21 - 7:02 ص



مرآة البحرين (خاص): دخلوا غرفتي، كانوا بين أربعين إلى خمسين شخصا... بعضهم باللباس العسكري وبعضهم كان مقنعا، يحملون أنواعا مختلفة من الأسلحة، أنا لا أعرف البنادق. إنهم يحملون تلك العصي الخشبية التي يضربون بها الناس. سحبوني هكذا من رقبتي، وكان السلاح موجها إلى رأسي وكان يطلب مني ألا أخاف، وهو يقول نحن الشرطة. ماذا أفعل في ذلك الوقت؟ هل يجب عليّ أن أكون فرحة، وهم يفعلون بي كل هذا؟"

إنها جليلة السلمان، تروي قصة اعتقالها في المرة الأولى  في مارس الماضي، لم تكن تتوقع أن المشهد ذاته سيتكرر، أكثر من ثلاثين رجل أمن اقتحموا غرفتها للمرة الثانية صبيحة الثلاثاء 18 أكتوبر، ودون سابق إنذار، ليكرروا مشهد الرعب لها ولعائلتها حسب ما قالته منظمة العفو الدولية.

لم تكن نائب رئيس جمعية المعلمين جليلة السلمان ترغب في تكرار المشهد، حفاظاً على مشاعر أبنائها.هل يمكن لأطفال جليلة الآن أن يناموا، وهناك من يختطف أمهم من غرفة نومها؟ هذا ما كانت قلقة عليه: "لا أريد أن يعيش أطفالي التجربة المؤلمة مرة أخرى" ولم تكن تتوقع أن يحدث ذلك فعلا.

وحده (مارك لاماكو) من منظمة هيومن رايتس فيرست الأميركية الذي توقع أن يحدث ذلك. في نهاية برنامج إذاعي لموقع المنظمة، تحدث فيه إلى رئيس جمعية الممرضين (رولا الصفار) بالإضافة إلى جليلة السلمان، قال مارك: إن الاثنتين قد تواجهان الاعتقال في أي وقت.

لم تكن إلا أياما قليلة من تسجيل برنامج "فيرست كاست" الإذاعي، حتى تمّ اقتحام منزل السلمان مجددا، وأبدت منظمة العفو خشيتها من أن يكون اعتقالها على خلفية فضح ما تعرضت له من سوء معاملة في السجن. فقد شاركت السلمان في ندوة بشأن أوضاع المرأة البحرينية في جمعية الوفاق، الأحد الماضي، وطالبت المعلمين والمعلمات بأن يرفعوا صوتهم عاليا لفضح الانتهاكات التي تعرضوا لها، أسوة بالأطباء.

ومن بين المواقع التي تحدثت إليها السلمان، كان برنامج (فيرست كاست) لمارك لاماكو الذي تبثه هيومن فيرست الأميركية، وكان موجها لإيقاف صفقة الأسلحة التي تنوي الولايات المتحدة إبرامها مع البحرين بقيمة 53 مليون دولار، بالضغط عليها عبر استعراض انتهاكات حقوق الإنسان.
وتنشر (مرآة البحرين) الفقرات الخاصة بحديث السلمان عن معاناتها في المعتقل الذي امتد لحوالي 149 يوما.


مارك لاماكو: على الرغم من أن المعلمين لم يعطوا زخما إعلاميا عالميا كبيرا مثل الأطباء والكادر الطبي إلا أنهم استهدفوا جسديا، لقد تحدثنا مع جليلة السلمان معلمة بحرينية ونائبة رئيس جمعية المعلمين البحرينية وكانت أيضا مع رولا الصفار في نفس الزنزانة. جليلة اعتقلت في مارس لدورها في تنسيق إضراب للمعلمين في مارس الماضي بسبب ما حدث في فبراير من أحداث، أكثر من أربعين رجلا من رجال الأمن دخلوا بيت جليلة في أواخر مارس واعتقلوها أمام مرأى أبنائها الثلاثة، وهنا تصف مشهد اعتقالها.

جليلة: دخلوا غرفتي، كانوا بين أربعين إلى خمسين شخصا... بعضهم باللباس العسكري وبعضهم كان مقنعا، يحملون أنواعا مختلفة من الأسلحة، أنا لا أعرف البنادق. إنهم يحملون تلك العصي الخشبية التي يضربون بها الناس. سحبوني هكذا من رقبتي، وكان السلاح موجها إلى رأسي وكان يطلب مني ألا أخاف، وهو يقول نحن الشرطة. ماذا أفعل في ذلك الوقت؟ هل يجب عليّ أن أكون فرحة، وهم يفعلون بي كل هذا؟

مارك لاماكو: الكثير من المعلمين تعرضوا إلى اعتقال وحشي، محاكمات عسكرية، تعذيب وتعليق بسبب مساندتهم إلى المظاهرات السلمية، خلال هذه الحملة قامت وزارة التنمية الاجتماعية بحل جمعية المعلمين البحرينية باعتبارها نقابة المعلمين، بعدما حظرت الحكومة جميع النقابات في القطاع العام في عام 2003، التعليم الدولي والاتحاد العالمي لنقابات المعلمين انتقد الحكومة البحرينية لإحالة قادتها إلى المحكمة العسكرية واعتبروها انتهاكا خطيرا لحقوق المعلمين.

جليلة: عندما أخرجوني من المنزل وضعوني في باص صغير (مني باص) وما ان أغلقوا الباب حتى بدأوا بالصراخ علي والتلفظ بكلمات قذرة جدا، وأنه ليس باستطاعة أحد مساعدتي، أو حتى أن يتذكرني، لا أدري لماذا حصل هذا بهذه الطريقة، حين سألتهم عن وجود أوراق رسمية تسمح لهم باعتقالي، لم يكن بحوزتهم أي شي قانوني، لم يكن عندهم أي شيء، أخذوني إلى مبنى التحقيقات وبالطبع لم يتيحوا لي الفرصة أن أودع أبنائي، سحبوني أمام عائلتي، أولادي، زوجي، والدي، كلهم كانوا يرون، لكن لا أحد يستطيع أن يفعل أي شي.
 
كنت خائفة جدا، فالفكرة السائدة مرعبة عن  (مبنى التحقيقات) قادوني إلى هناك، وعندما وصلنا طلبوا مني النزول من الباص، وأخذوني إلى غرفة صغيرة جدا بها باب واحد، باب خشبي صغير جدا، كان المكان قذرا للغاية، وكانت الجدران مليئة بالدم الجاف، والغرفة مليئة بالمقابس الكهربائية، الأجواء توحي بأنهم يريدون تعذيبي، أمروني بأن أقابل الجدار وأنا واقفة وظلت هذه حالتي لمدة عشرة أيام.

عشرة أيام واقفة في مواجهة الجدار، ولم يسمحوا لي لمدة طويلة باستخدام الحمام، ولم يعطوني ماء أو طعاما، أخبرتهم بأني أخضع لعلاج فلدي مشاكل صحية كثيرة، أعاني من الديسك وضغط الدم، طلبت منهم أن يتصلوا بعائلتي، لكي يحضروا لي أدويتي، لم يعطوني أي دواء، أعطوني الدواء بعد خمسة أيام، عندما كانت حالتي سيئة جدا، ولم يسمحوا لي بالصلاة، وحتى في منتصف الليل كانوا يأتون بأهواز بلاستيكية، يطرقون الباب بها ويفتحونه بها، ويهدونني بالضرب والاغتصاب، وعندما سألتهم لماذا لا تسمحون لي بالاغتسال أو الصلاة؟ قالوا لي هناك أوامر هناك أوامر، عليك أن تكوني هكذا، لا حمام، لا ماء، لا اغتسال، لا نوم. العشرة أيام التي قضيتها في التحقيقات، أصابتني بالجنون بسبب قلة النوم، لم يكن مسموحا لي أن أنام.

مارك لاماكو: جليلة مثل (رولا) والكثير الذين احتجزوا ووقعوا اعترافات تحت التعذيب بدون علم، علام كنتم  توقعون؟

جليلة: خلال الأيام الأولى لم يكن واضحا ماذا يريدون، الشيء الواضح بالنسبة لي كان أنني (نائبة رئيس جمعية المعلمين البحرينية) سمعت هذا كثيرا عندما كانوا يحققون معي، كانوا يسألونني عن زملائي، ماذا كانوا يفعلون، من فعل هذا من فعل ذاك.
 
طلبت محامي في البداية وقلت لهم : أنتم تحققون معي الآن، احتاج إلى محامي المحامي الخاص بي يجب أن يكون متواجدا، فضحكوا علي وقالوا: من قال إنك ستحصلين علي محامي هنا؟ نحن فقط، فقط نحن، أنت ونحن ولدينا الصلاحية، بأن نفعل بك أي شيء لنأخذ الشهادة التي نريد.
 
لقد قيل لي هذا الكلام بكل وضوح، بهذه الكلمات نستطيع أن نفعل بك أي شيء... أي شيء، لقد أعطاني إشارة، حتى الاغتصاب سيكون من ضمن الأمور التي سأواجهها، لذا كان الأمر في غاية السوء بالنسبة لي، كنت أحاول الإجابة على الأسئلة، لكن لم يكونوا يريدون ذلك، لا يريدون إجابتي، كانوا يصرخون في وجهي فقط. قلت لهم: كنتم تسألونني وكنت أجيبكم، ثم بدأوا بضربي والصراخ، كانوا يريدونني أن أقول ما يدور في رأسهم وما يريدون كتابته.
 
لم يسمحوا لي بالنظر إلى الأوراق، كان علي التوقيع فحسب، حتى لو لم أكن معصوبة العينين، لن يسمحوا لي بقراءة محتوى الأوراق، كان يجب علي التوقيع فقط. لا أعلم على ماذا وقعت، أرجعوني إلى الزنزانة، ووضعوني هناك لمدة أربعة أو خمسة أيام أخرى.
 
مارك لاماكو: جليلة كانت في الحبس الانفرادي لمدة ثمانية عشر يوما متواصلة، وعشرة أيام في مبنى التحقيقات، وثمانية أيام في زنزانة أخرى، بعد عشرين يوم سمحوا لها أن تتصل بعائلتها وأخيرا بعد أربعة وأربعين يوما، خضعت لمحكمة عسكرية لأول مرة.

جليلة : أخذوني إلى الاضطهاد العسكري بعد أربعة وأربعين يوما من اعتقالي، وهذا هو القانون في البحرين، اضطهاد يتبعه اضطهاد. التحقيق يجب أن يكون خلال عشرة أيام طبقا للقانون، إلا أن ما تعرضت له خارج عن القانون، لأنني تعرضت للتحقيق لمدة أربعة وأربعين يوما.

مارك لاماكو: (رولا) و(جليلة) كانا محتجزتين لمدة خمسة أشهر، فهي أطول فترة احتجاز لكل النساء الذين احتجزوا بسبب تحركاتهم نحو الديمقراطية، في 2 أغسطس كلتاهما بدأتا إضرابا عن الطعام احتجاجا على ما تعرضتا له من معاملة سيئة، وبعد ذلك أطلق سراحهم في 21 أغسطس والآن تنتظران محاكمة مدنية، ومع الأسف من الممكن اعتقالهم في أي وقت.
 
هوامش

1. الوصلة الخاصة بالمقابلة الصوتية كاملة
2. بيان منظمة العفو الدولية بشأن اعتقال السلمان

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus