شاكوري-مشيمع: الرواية السعودية 1-3

2011-10-26 - 2:33 م


مرآة البحرين (خاص): لم يكن مفاجئا أن يظهر خبر شاكوري-مشيمع بالمانشيت العريض في صدر افتتاحيات الصحف الرسمية في البحرين "نقلا عن صحف أمريكية". وفي مفارقة غريبة ومثيرة أرجعت وكالة أنباء البحرين، مصدر هذه التقارير إلى مسئولين أميركيين، أو "مصادر غربية" كما تنقل هذه الصحف وتقتفي أثرها صفحة العربية.نت. في حين أن الرواية بقضها وقضيضها سعودية بامتياز. هي رواية واحد (السعودية)، وبحسب تعبير علماء الجرح والتعديل، هي حديث آحد، والسلفيون يأخذون بحديث الآحد ولا يأخذون بحديث العقل.
 
لحظة نشرها، تابعت (مرآة البحرين) هذه التقارير، لكنها قررت التريث لمتابعة مسار القصة الجديدة، وكيف ستتلقاها وسائل الإعلام المحلية، وإلى أين ستصل؟
 
ستتتبع(مرآة البحرين) الحراك المرتبك للدبلوماسية البحرينية والسعودية في واشنطن ضد المعارضة، وأصداء فشلها المهين في محاولة قلب الطاولة!

ستروي (مرآة البحرين) قصة مشيمع-شاكوري بشخوصها الحقيقية: ديفيد إغناتيوس ونواف عبيد ووزير الخارجية البحريني خالد آل خليفة، بالإضافة إلى رئيس المخابرات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل!
 
شاكوري (العربية نت)

 
نقلا عن صحف أمريكية، يزعم موقع قناة العربية نت، والصحف الموالية للنظام في البحرين، أنه كشف اسم الشخص الذي دبر أحداث 14 فبراير في البحرين وخطط لها وصممها، كما انكشفت بظهوره حقيقة العلاقة بين هذه الأحداث وإيران، بعد أن كان التدخل الإيراني لدى الغرب وأمريكا مجرد زعم دون إثباتات حسبما بينت رسائل ويكيليكس.
اسم إيراني أخيرا! إنه علي غلام شاكوري، الضابط في فيلق القدس ضمن قوات الحرس الثوري الإيراني، الشخص نفسه الذي خطط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن، باستخدام المتهم الأول منصور أربابسيار.
 
اكتملت القصة للتو، وظهر الرابط المجهول، بين المعارضة السياسية في البحرين، والنظام الإيراني، همزة الوصل إذن كانت علي غلام شاكوري، من كان على اتصال مباشر بالناشط السياسي حسن مشيمع (المتهم رقم 2 في المخطط الانقلابي-قضية الرموز)
 
الشيء الغريب فقط، هو أننا تصفحنا وثيقة الحكم الصادر بحق المتهمين 21 في قضية المخطط الانقلابي بحثاً عن اسم "شاكوري" وتفاجأنا بأنه لم يرد لا في تحقيقات النيابة العسكرية، ولا في البينات التي اطمأن لها وجدان المحكمة!
 
الشخص الأهم في حركة فبراير والدليل المباشر والواضح على تهمة التخابر مع دولة أجنبية للإطاحة بنظام الحكم، ورغم معرفة المخابرات البحرينية و"السعودية" به إلا أن اسمه...لا يرد... في وثيقة الحكم المكونة من 43 صفحة والصادرة بحق المتهمين من قبل محكمة السلامة الوطنية اعتمادا على استخبارات ضباط جهاز الأمن الوطني وتحقيقات النيابة العامة العسكرية.
 
في صدر وثيقة الاتهام (صفحة 3 و8) وبناء على ما دعته المحكمة "واقعات الدعوى" أشارت الوثيقة إلى أن المتهمين وعلى الأخص حسن مشيمع "تخابروا مع عناصر إيرانية" وسعوا "بأنفسهم" إلى حزب الله و"بعض العناصر من إيران" يستعدونهم ضد مملكة البحرين، ليكون رد هذه الجهات بحسب "الحكم" أنها "شنت عبر قنواتها الفضائية الحرب العوان ضد مملكة البحرين"!!
 
إلا أن تفاصيل هذا الحكم والبينات التي قدمتها التحقيقات وشهادات ضباط الأمن الوطني وتقارير المخبرين واعترافات المتهمين، والتي فصلت في الصفحات اللاحقة من الوثيقة تجاهلت تماما أي إشارة أخرى لمن سمتهم للتو "عناصر إيرانية" ولم تذكر أدنى معلومات أو أدلة عنها، أو حتى عن ظروف الاتصال بها، أو من هي؟ بل لم تذكرها نهائياً[1] على خلاف "مسئولي حزب الله" الذين سمتهم التحقيقات والمحكمة وذكرت تفاصيل الاتصال بهم (في لندن ولبنان) وما دار معهم بالتفصيل: حاتم الريس، حسن حمادة، والأمين العام للحزب حسن نصر الله! (صفحة 23،22،11)
 
إذن...كيف ظهر علي غلام شاكوري في قضية البحرين؟
 
ديفيد إغناتيوس: المخابرات البحرينية تساعد في حل لغز مؤامرة الاغتيال
 

"هذا أمر خطير حقا. إنها تأتي إلى ضفتكم الآن" وزير الخارجية البحريني للكاتب في صحيفة واشنطن بوست "ديفيد إغناتيوس"

خلاصة الرسالة التي أراد وزير الخارجية البحريني أن يوصلها للرئيس أوباما، من خلال هذا الكاتب الأمريكي في مقاله المنشور بتاريخ 18 أكتوبر الجاري.[2] هي: إيران، وعبر حرسها الثوري، والضابط علي غلام شاكوري تحديداً، تدخل أراضيكم، بعد أن دخلت أراضينا، يا سيادة الرئيس...

يختار وزير الخارجية التحدث عن هواجسه للكاتب ديفيد إغناتيوس[3]، صاحب المقالين السابقين في 12 و13 أكتوبر عن الموضوع نفسه ليؤكد روايته حول دور شاكوري في البحرين- وهو من نقلت عنه صحف البحرين "الحكومية" في صدر صفحاتها الأولى دون الإشارة إلى اسم المقال أو مؤلفه أو حتى الرابط-

ستحاول (مرآة البحرين) قراءة مقال ديفيد في 12 أكتوبر[4]، الذي نشره بعد يوم واحد من الإعلان عن المخطط المزعوم.
يحاول "ديفيد إغناتيوس" أن يحل اللغز الذي اعترى رواية الحكومة الأمريكية لمؤامرة الاغتيال، ويورد قضية البحرين كدليل ضمن هذه المعالجة!

جواب ديفيد يقدمه كبار المسئولين الأمريكيين عبر اتصالاته بهم شخصياً حسبما قال: "عمليات فيلق القدس أصبحت أكثر عدوانية في مسارح عدة : في سوريا ، العراق، أفغانستان، أذربيجان.... وفي البحرين، حيث عملت عناصرها على دعم الانتفاضة الأخيرة ضد حكومة آل خليفة والتلاعب بها في الربيع الماضي"

إلى هنا ينتهي ما ادعى ديفيد أنه كلام مسئولين رسميين في الحكومة الأمريكية، ومن هنا أيضاً تبدأ حكاية البحرين ضمن مؤامرة اغتيال السفير السعودي! ولمزيد من التوضيح وإضافة المعنى -المطلوب لمثال البحرين فقط- يضيف الكاتب جملة واحدة أخيرة ختم بها الفقرة السابقة ووضعها بين معقوفتين: (يقال أن شاكوري ساعد في تخطيط عمليات فيلق القدس في البحرين)!

علامات استفهام كثيرة تقف في وجه ما عبر عنه الكاتب أنه (قيل)، أهمها ما إذا كان هذا الذي (قيل) هو على لسان مسئول أمريكي أيضاً أم أن مصدره آخرون؟

لكي تتحرى الدقة، بعثت (مرآة البحرين) بريدا إليكترونيا إلى كاتب المقال ديفيد إغناتيوس، للاستيضاح منه حول هذه النقطة تحديدا، وسألته عن مصدر هذا الادعاء المتعلق بشاكوري والبحرين، وما إذا كان نقلا عن مسئولين أميريكيين أيضاً، فأجاب باقتضاب "مسئولون أمريكيون و"سعوديون" كلاهما قالا لي إنهم يعتقدون أن شاكوري أجرى اتصالات باسم فيلق القدس مع العناصر الموالية لإيران من بين المعارضة البحرينية"!!!

مزيد من الأدلة عبر مسئولين "سعوديين" وأمريكيين... ومخابرات باكستان


 
في 13 أكتوبر[5]، أي بعد يوم واحد من المقال السابق، يكتب ديفيد "مسئولون –أمريكيون- وسعوديون يضيفون مزيداً من الأدلة" لكنه ينقل فقط عن "مسئول سعودي" اتصل به عبر الهاتف ليقول له: إن بلاده والولايات المتحدة تتفقان على تورط فيلق القدس الإيراني في قتل الدبلوماسي السعودي حسن القحطاني في باكستان مايو الماضي، بناء على معلومات زعم هذا المسئول أنه حصل عليها من المخابرات الباكستانية.

فيلق القدس على صلة وثيقة أيضا بأحد مسئولي حزب الله المتهمين بقتل الحريري، بحسب "المسئول السعودي" وقد أكد هذا المسؤول لديفيد إنها معلومات من "محللين أمريكيين في مجال محاربة الإرهاب".

وهكذا وفي السياق نفسه، يكشف المسئول السعودي للكاتب سرا جديدا آخر يكمل فيه سيناريو فيلق القدس المرعب "علي غلام شاكوري، هو ضابط القضايا المهمة في فيلق القدس، وهو من ساعد في تنظيم المتظاهرين الشيعة المتشددين في البحرين" وكما ينقل الكاتب "وفقا للمسئول السعودي" فإن شاكوري هو من بين "الإيرانيين" الذين التقوا حسن مشيمع، وذلك خلال توقفه في بيروت في فبراير/شباط الماضي.

يوجه دفيد (ملاحظة تحذيرية) في ختام مقاله: "هذه كلها مجرد ادعاءات" لكنه يستدرك "إلا أنها وكأدلة إضافية قد تعين وتعزز في حل التساؤل المركزي حول لغز مؤامرة الاغتيال، لتجيب عليه بمنطق أنهم: فعلوا ذلك من قبل!" هذا ما كان يشغل ديفيد ويهمه فقط!

سيلاحظ القارئ ربما ما لاحظته (مرآة البحرين) وهو أن مصدر هذه المعلومات المفصلة كلها  و(الجديدة) في المقال الثاني لدفيد مسئول سعودي بحت، مع ذلك، فهذا المسئول حصل على هذه المعلومات (حسبما جاء في المقال) إما من استخبارات باكستانية، أو أمريكية، وإما... بطرقه الخاصة، كما هو الحال مع البحرين!

من هو هذا المسئول السعودي؟ وهل حقا تحدث ديفيد لغيره؟




  • الهوامش

  1. إلا أن تكون هذه العناصر هي "المرجعيات الدينية" التي ثبت "الحكم" اتصال المتهم السادس (الشيخ عبد الجليل المقداد) بها، بما فيها مكتب مرشد الجمهورية علي خامنئي، أو أن تكون القنوات الفضائية الإيرانية كقناة الكوثر، العالم، بريس تي في!
     
  2.  Bahrain to U.S. : Stand up to Iran
     
  3.  ديفيد إغناتيوس، هو كاتب وروائي أمريكي/يهودي، خريج جامعة هارفرد. أدار ندوة الحوار المعروفة في منتدى دافوس بين الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز والرئيس التركي رجب طيب أردوجان والتي أثارت ضجة كبيرة بعد أن انسحب منها الأخير وغادرها احتجاجاً على عدم السماح له بإكمال حديثه. ورغم أن كتابات ديفيد توصف بالمحايدة، إلا أن النقاد الأمريكيين يصفونه بالمتحدث باسم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA وطبالها، وأنه من المحافظين الجدد ومروجي البروباجندا الأمريكية، كما يعرف بمرضه وهوسه بالمعلومات الاستخباراتية والجاسوسية ونظريات المؤامرة (إلى درجة أنه يقول أن له مكتبا سري لكتابة الروايات، حتى زوجته لا تعرف أين هو) وهو مؤلف رواية (جهاز الأكاذيب  (Body of Lies والتي تحولت إلى فيلم مشهور يحكي قصة من قصص المخابرات الأميركية في العراق. في مايو الماضي حذر ديفيد من محاكمة الرئيس المصري السابق محاكمة انتقامية، وأشاد في مقال آخر بسياسة أوباما في توخي الحذر بشأن التحول في سوريا. يكتب ديفيد بشأن السياسة الخارجية لأمريكا مع تركيز دائم على الأوضاع السياسية في الشرق الأوسط، وقد التقى عدة رؤساء وكتب عنهم، بينهم الرئيس الإيراني أحمدي نجاد.
     
  4.  Those Keystone Iranians

  5.  Intelligence links Iran to Saudi diplomat’s murder
 

التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus