التعليق السياسي: رسالة روديارد كيبلينغ إلى الشيخ علي سلمان: لك الأرض وما عليها

2015-01-08 - 12:08 ص

مرآة البحرين (خاص): أعرف أنك لا تحمل اسم قبيلة بدوية ولا اسم عائلة نافذة، لكنك تحمل اسم شعب جدير بأن يجعلك في مصاف القادة التاريخيين، وطنك، ليس كبيرا بما يكفي، ليكون على مقاس قامتك، لكنه يحمل تاريخاً عميقاً بما يكفي لتكون جزءا من تاريخه الغني.

أنا الأديب والكاتب البريطاني روديارد كيبلينغ، لدي قصيدة أهديها لك، كتبتها في القرن التاسع عشر، قبل نيلي جائزة نوبل في العام 1906، حينها كانت بلادي إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس، كنت في الهند، حيث ولدت. وكنت أظن أن عظمة بريطانيا أقوى من إرادة المهاتما (غاندي)، لم أكن أعرف أن صوته السلمي الهادئ يمكن أن يحجب أشعة الشمس عن إمبراطوريتنا في وطنه، غرور القوة أعمى بصيرتي الأدبية والإنسانية.

أعرف أن غريزة الاستحواذ التي دفعتنا لاحتلال العالم، هي نفسها التي تحرك سياسة بلادي اليوم، لتكون الداعم الأكبر لدكتاتور بلادك، أعرف بينهما تاريخ صداقة لا إنساني طويل. أيها الشيخ، أعتذر لك عن ذلك بهذه القصيدة (إذا) التي أجدك فيها:

"إذا استطعت أن تحتفظ برباطة جأشك عندما يفقد الجميع من حولك
رباطة جأشهم ويلومونك بسببها؛
ستكون رجلاً، يا بني"

أعرف أنك تحملت كثيراً من اللوم، لأنك لم تفقد يوماً السيطرة على خطابك الذي ظل رابط الجأش، لم تفقد منذ لحظة شبابك وشباب خطابك حيث عقد التسعينيات المر. الخطاب هو الرجل، وأنت لم تفقد رجولتك ولا مرة واحدة، الحماقات حولك كثيرة والحمقى يتفشون اليوم في خطابك عن قبحهم الذي لم تجامل فيه عيوبهم.

" إذا استطعت أن تثق بنفسك حينما يشكك فيك كل الذين من حولك،
إذا استطعت الانتظار ولم تمل الانتظار،
أو، أن تكون ممن يُفترى عليه ، لا تتاجر في الأكاذيب،
أو أن تكون ممن يُحقد عليه لا تستسلم للحقد"

أعرف أن لك الصبر الطويل على (تجار الأكاذيب) هؤلاء هم (أشباه الرجال) أظنك تعرفهم جيداً، فتاريخكم خبرهم، وهم ما زالوا يَمْتَحون من هذا التاريخ ما يجعلهم أشباه الكذابين أنفسهم.يكررون الفريات نفسها، وتكرر أنت نماذج الرجولة نفسها التي واجهتهم.طوال هذا التاريخ، أبناء الكذابين هم أنفسهم أبناء الحاقدين وأبناء المفترين، تجارتهم في الكذب تقابلها تجارتك في الانتظار والتحمل وكل ما يجعل منك رجلاً ويجعل منهم أشباه رجال.

"إذا استطعت أن تقابل النصر والكارثة
وتعاملت مع هذين الدجالين على نفس القدر من المساواة.. ستكون رجلاً"

الكارثة التي ألمت بشعبك منذ 2011، استطعت برباطة جأشك أن تحولها إلى مدرسة في الرجولة.علمت شعبك كيف يحول المحنة إلى طاقة تحمل، وكيف يحول بين الظلم والكراهية، وجدت في خطابك حساً مسؤلاً، كنت رافعة لشعبك، كي لا يقع في غرائز الحقد والكراهية والانتقام. لقد قابلت الكارثة باقتدار، وستقابل النصر باستحقاق.

"إذا استطعت احتمال سماع الحقيقة كما نطقتها
وقد لويت من قبل الأوغاد لينصبوا فخاخاً للمغفلين.. ستكون رجلاً"

مازال رجل الأمن يفتش في الحقائق التي نطقتها في خطاباتك، يفتش عن عفريت دجال، يصطاده لسيده الدكتاتور، يلوي الوغد كلماتك، وحين تعجزه الحيلة يختلق كلمات يصطاد بها المغلفين الذين صنعهم الدكتاتور بمكارمه وعطاياه الشحيحة.

أقول لك: إذا استطعت أن تجبر قلبك و أعصابك و أوتارك
من أجل خدمة أغراضك بعد أن يكونوا قد قضوا منذ أمد طويل
تستمر عندما لا يوجد فيك شيء
سوى الإرادة التي تقول لهم: " استمروا"

صدقني، هم لا يبحثون في خطاباتك إلا عن هذه الإرادة التي تحرك بها جماهيرك، يريدون أن يكسروها،وأنت اليوم من سجنك، وجهت لهم صفعة من دون أن يرف وتر من أوتار قلبك بغير "استمروا" ولم ينطق عصب من أعصابك بغير "امضوا إلى صناعة التاريخ الذي بدأناه في 14 فبراير".

لم يكن في صوتك اليوم وأنت تتصل شيء سوى "قولوا لهم إني أقبل أيديكم ورؤوسكم، أنتم تاج رأسي وأفتخر بكم وأعتز بمواقفكم المشرفة وأفديكم بنفسي وروحي يا أشرف الناس وأعز الناس وأغلى الناس"

أخيرا أقول لك "إذا استطعت أن تملأ الدقيقة الغاضبة
التي لا تغفر لأحد
بما يعادل ستين ثانية من السعي ركضاً
فلك الأرض وما عليها
وأنت ... فوق ذلك كله
ستكون رجلاً ... يا بُني"

الدقيقة الغاضبة في ساعتك، هي الدقيقة التي تصرخ فيها في وجه الدكتاتور، تنازعه استفراده بالأرض ومن عليها، أثق أن الأرض المملؤة بغضب أمثالك، لا يمكنها إلا أن تكون حرة، ولك في أرض الهند التي ظننا ألا تغيب عنها شمس المستعمرين، تجربة حرة.

لا شيء في قصيدتي أكثر شبهاًً بك من هذه الجملة "لك الأرض وما عليها وأنت ... فوق ذلك كله ستكون رجلاً ".

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus