النائب في مجلس العموم البريطاني "جيريمي كوربين": العلاقة الوثيقة بين المملكة المتحدة والبحرين تبرز النّفاق البريطاني

2015-01-13 - 8:07 م

جيريمي كوربين، موقع مورنينغ ستار 

ترجمة: مرآة البحرين 

قدّمتُ، نهار الاثنين، مقترحًا للبرلمان مفاده " أنّ هذا المجلس مصدوم  بسبب انتهاكات حقوق الإنسان الأخيرة في البحرين، وأبرزها الاتهامات المتعددة الّتي وجّهت ضد زعيم جمعية الوفاق البحرينية المعارضة الشيخ علي سلمان..."

مستويات اللا-تعليق على هذا الاعتقال لدى بريطانيا وغيرها من أعضاء مجلس الأمن غير اعتيادية. وتأتي على خلفية عقود من قمع المعارضة المشروعة في البحرين والاعتداءات الروتينية على السجناء، وأيضًا، وبشكل مأساوي على خلفية عدد من الوفيات، مع سعي قوات الأمن البحرينية للسيطرة على تظاهرات المعارضة.

ويبدو أنّ العلاقة بين البحرين وبريطانيا خاضعة غالبًا لمبيعات الأسلحة واسترضاء المملكة العربية السعودية والرغبة بالحفاظ على الوجود العسكري البريطاني في المملكة.

بدأت الحكومة حملة القمع في البحرين في أوائل فبراير/شباط من العام 2011 وقد فصّلت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق التعذيب الممنهج والقتل خارج نطاق القانون وأعمال العنف من قبل قوات الأمن.

وقد أوضحت وثيقة موجزة خاصة بالبحرين، أصدرتها منظمة هيومن رايتس ووتش خطورة الوضع على النحو التالي:

" منذ بدء حملة القمع في البحرين، قتل أكثر من 130 شخصًا.

" أكثر من 50  شخص قتلوا بعد صدور تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، والذي وافقت عليه الحكومة وملك البحرين.

" أكثر من 3500 شخصًا اعتقلوا تعسفيًا كسجناء سياسيين وسجناء رأي.

" تتزايد حالات التعذيب والاختفاء القسري وما زال أعضاء المعارضة البارزون يقضون عقوبات السجن التعسفي.

" يتم احتجاز الأطفال ،أيضًا، بشكل روتيني وتعريضهم لسوء المعاملة والتعذيب. وقد تُرِكَت وصايا تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق جانبًأ، مع عدم تنفيذ فعلي لتوصياته."

لقد أثرت القضية في مجلس العموم في جلسة النقاش الأخيرة قبل عيد الميلاد، ولفتّ الانتباه أيضًا إلى الخطاب الغريب الّذي أدلى به السفير البريطاني في البحرين في الأيام التي تلت الإعلان عن القاعدة البريطانية الجديدة، والّذي ادّعى فيه أنّ بريطانيا اختارت العمل هناك بسبب الاهتمام الذي أظهرته البحرين بحقوق الإنسان والديمقراطية.

والحقيقة أنّ هذا التصرف يبرز أعلى درجات نفاق الحكومة البريطانية ويظهر اهتمامًا أكبر بالرغبات الاستراتيجية للولايات المتحدة ومجلس التعاون الخليجي في تطوير قاعدة عسكرية، على الرّغم من أنّ وزارة الخارجية بنفسها أعربت في الوقت ذاته عن قلقها إزاء انتهاكات حقوق الإنسان، وقد ضغطت لجنة وزارة الخارجية لالتزام أكبر في المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان.

للأسف، فإن المتحدثين المعارضين لحزب العمل في لجنة الشؤون الخارجية والدفاع دعموا القاعدة العسكرية، على الرغم من إظهارهم مخاوف بشأن حقوق الإنسان في البحرين.

والحقيقة أنّ مبيعات الأسلحة، والحسابات العسكرية والنفط، إلى جانب سوق ضخم للأسلحة في المملكة العربية السعوديةـ هي عوامل تغلّبت على أي مخاوف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان.

عندما رُفِعَ المجلس لعطلة الميلاد، سأل النائب ريتشارد بوردن وزير الخارجية:

"ما التقدم الذي أحرزته وزارته بشأن الموافقة على اللغة التي سيتم استخدامها في مسودة قرار مجلس الأمن الدولي لتحديد مبادئ تسوية سلمية بين إسرائيل وفلسطين."

من دون  أي علامات واضحة  تدل على الاستهزاء أو السخرية، أجاب وزير الخارجية توبياس الوود:

"لم يُعتَمد مشروع قرار تسوية مجلس الأمن لأنه فشل في الحصول على العدد اللازم من الأصوات المؤيدة."

يجب الحصول على  تسعة أصوات لموافقة مجلس الأمن، وبغياب أي نقض (فيتو)، كان الاعتراف الكامل يجري لمنحه لفلسطين، مع حصولها على ثمانية أصوات مؤيدة.

كانت الكرة في ملعب بريطانيا لتحديد مصير هذا القرار.

الامتناع البريطاني ضَمِن إيداع القرار مزبلة التاريخ، كما حصل لعدد من المحاولات لإشراك الأمم المتحدة في الاعتراف بالشعب الفلسطيني.

كانت الولايات المتحدة قد أشارت بالفعل إلى استعدادها لاستخدام حق النقض (الفيتو)، وردّ الوفد الفلسطيني بالطريقة القانونية الوحيدة المتاحة أمامه.

لقد قدموا طلبًا، كما يحق لهم تمامًا أن يفعلوا، للتوقيع على نظام روما الأساسي وبالتالي أصبحوا طرفًا في المحكمة الجنائية الدولية.

وقد لاقى هذا الأمر أكثر إدانة غاضبة من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (في الصورة) والإدارة الأميركية، اللذين وصفوا هذا العمل بالاستفزازي على  مستويات مختلفة وبالمضر بعملية السلام.

من الصعب فهم هذه التصريحات مع  اتخاذ الأطراف الفلسطينية، كلها، قرار الشروع بعملية دبلوماسية وقانونية للإعتراف بفلسطين كوسيلة لإحداث نوع من السلام طويل الأمد في الشرق الأوسط.

قد يعتقد المرء أنّ من شأن هذا الأمر أن يلقى ترحيبًا من كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين تدعيان باستمرار أنهما ترغبان بعملية سلام.

وبما أنّ أيًا منهما لم تنضم إلى العضوية الكاملة لنظام روما الأساسي وليستا عضوين في المحكمة الجنائية الدولية، من الصعب جدًا فهم الحق الذي تمتلكانه لإدانة سعي دولة أخرى للانضمام.

وقد تمادت الحكومة الإسرائيلية بنفاقها وحجبت عائدات الضرائب عن السلطة الفلسطينية، والتي تشكل حوالى ثلثي مدخول هذه الأخيرة.

وقال الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي إنّ "ما تفعله إسرائيل هو سرقة وقرصنة وهو غير قانوني. ليس لدى تل أبيب حق حجب أموال دُفِعَتْ من عرق ودم الشعب الفلسطيني."

ودعا إلى فرض عقوبات على إسرائيل بسبب  انتهاكاتها الفاضحة.

وتمكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بساكي من دمج اتجاهين مختلفين تمامًا في بيان واحد، والذي، على ما يبدو، نقلت فيه الولايات المتحدة إلى إسرائيل رأيها بأن عائدات الضرائب لا ينبغي أن تُحْجَب، ثم أكملت لتقول أنّ الولايات المتحدة ستخفّض المساعدات للسلطة الفلسطينية بنحو 440 مليون دولار بسبب طلبها العضوية للمحكمة الدولية.

صوّت البرلمان البريطاني في سبتمبر/أيلول الماضي للاعتراف بفلسطين بقرار غير ملزم، وقد صوت 12 فقط ضده.

وقام البرلمان الفرنسي بخطوة مماثلة،  وأظهر الوفد الفرنسي لدى الأمم المتحدة احترامه لموقف برلمانه حسب الأصول.

للأسف، أظهرت الحكومة البريطانية قليلاً من الاحترام للبرلمان وليس ذلك لأنّها لم تتخذ موقفه في الأمم المتحدة بل لأنّ ديفيد كاميرون قرر مهاجمة إد ميليباند لانضمامه إلى البرلمانيين من دون مناصب حكومية في دعمه الاعتراف بفلسطين.

يبدو أنّ رئيس الوزراء قد نسي أنّه أيضًا عضو في البرلمان،ولو رغب بذلك، لكان  حضر جلسة النقاش وصوّت، لكنه بدلًا من ذلك اختار البقاء بعيدًا آملًا أن يكون هناك بعض الإشهار البسيط لهذا التحول الخطير في الرأي السياسي البريطاني.

للأسف، إنّ نتائج عملية الحافة الواقية كلّها واضحة جدًا للعيان، مع بقاء الأبنية المدمّرة من دون إصلاح ولعب الأطفال على الأنقاض، في البرد،  وقيام مصر بالمزايدة على إسرائيل وإقفال معبر رفح وتفجير الأنفاق والمباني المحاذية للحدود مع غزة.

اعتراف العالم بفلسطين لا يتطلب عملًا سياسيًا واقتصاديًا قويًا لإنهاء الحصار والاحتلال.

هذا هو الطريق الذي سيحقق السلام، عن طريق تحقيق العدالة للفلسطينيين.

*جيريمي كوربين هو نائب حزب العمال البريطاني عن شمال إزلينغتون.

7 يناير/كانون الثاني 2015

النص الأصلي

 


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus